سجن العقرب المصري: السجناء يموتون بسبب نقص الرعاية الطبية

الخميس 29 سبتمبر 2016 11:09 ص

«يبدو الغرض من المكان ليس أكثر من رمي معارضي النظام فيه ثم نسيانهم».

قالت هيومن رايتس ووتش أنّ الاعتداء الروتيني على السجناء السياسيين في مصر في السجن الأكثر شهرة هناك قد أدى لوفاة بعض المعتقلين.

وقالت المنظمة الحقوقية في آخر تقرير لها، أنّ إدارة سجن طرة شديد الحراسة بالقاهرة، المعروف باسم العقرب، فضلًا عن اعتدائهم المستمر على السجناء، قد رفضوا السماح لهم برؤية المحامين والأهل، وأبقتهم في زنازين انفرادية مكدسة. ومات بعض السجناء بعد منعهم من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

وقال «جو ستورك»، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، أنّ هذا السجن قد ضمن ترك هؤلاء المساجين «بدون صوت ولا أمل. ويبدو الغرض من المكان ليس أكثر من رمي معارضي النظام فيه ثم نسيانهم».

وقال التقرير الذي صدر بعنوان «نحن في المقابر: الانتهاكات في سجن العقرب المصري» أنّ معاملة إدارة السجن للمساجين ترقى إلى حد التعذيب في بعض الحالات وتنتهك المبادئ الدولية الأساسية لمعاملة السجناء.

لماذا ينتهي المطاف بكثير من الناس في السجن؟

لقد ألقت السلطات المصرية القبض على 41 ألف معارض سياسي على الأقل منذ اعتلاء «عبد الفتاح السيسي» للسلطة في يوليو/ تموز عام 2013 وحتى نهاية عام 2014، وفق مجموعة ويكي ثورة المستقلة للإحصائيات. ويمتلئ سجن العقرب الآن بألف سجين من بينهم قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، وأعضاء مزعومين بتنظيم الدولة الإسلامية، ومعارضين لحكومة «السيسي».

وقال أقارب السجناء أن ظروف العقرب قد ساءت لاسيما منذ تولي «مجدي عبد الغفار» وزارة الداخلية في مارس/أذار 2015. ولمدة 5 أشهر منذ توليه الوزارة، منعت الزيارات للسجن عن طريق المحامين أو الأهالي، كما تم منع وصول الطعام والأدوية الأساسية إلى السجن، والذي لا يشمل رعاية طبية عادية ولا حتى مستشفى.

ومات 6 معتقلين في الفترة ما بين مايو/ أيار، وديسمبر/ كانون الأول عام 2015، وفقًا للتقرير، عانى اثنان منهم من السرطان وواحد من مرض السكري. وقال أقارب هؤلاء للمنظمة أنّ انعدام الرعاية الطبية وعدم السماح بإطلاق سراحهم أدى لوفاتهم.

وكان السجن قد رفض دخول علاج السكري للمعتقل «عصام دربالة»، العضو القيادي البارز بالجماعة الإسلامية، على الرغم من السماح له بذلك من قبل القاضي والنائب العام، وفق رواية أخيه ومحاميه. وتوفي «دربالة» بعد ساعات من جلسة محكمة في 15 أغسطس/ آب عام 2015، التي كان يهتز فيها وكان شبه واع.

وتوفي «فريد إسماعيل»، عضو البرلمان السابق عن جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، في مايو/ أيار 2015، بعد معاناته من غيبوبة كبد في السجن. وعانى «فريد إسماعيل» من الالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي)، وعدما سأل أصدقاؤه في السجن عن سبب غيابه عن قائمة المطلوبين لأحد الجلسات، قيل لهم «هذا ليس شأنكم»، ووجد في اليوم التالي فاقدًا للوعي في زنزانته، ومات بعدها بأسبوع في مستشفى خارج العقرب.

قال «ستورك»: «يكتظ نظام الاحتجاز في مصر بمنتقدي الحكومة. وإنهاء الانتهاكات في العقرب هي خطوة صغيرة نحو تحسين الظروف القاسية في كل أنحاء البلاد».

وقد تم إلغاء الحظر الشامل على الزيارات في طرة الآن، على الرغم من منع الزائرين من رؤية السجناء في بعض الأحيان. ولا توجد أي خصوصية للمحامين أثناء رؤيتهم للمعتقلين.

وكان اللواء «إبراهيم عبد الغفار»، مأمور السجن السابق، قد أخبر الإعلام في عام 2012 متحدثًا عن سجن العقرب ما يلي: «لقد صمم السجن، الذي تم بناءه في عام 1993، من أجل احتجاز المعتقلين في قضايا أمن الدولة». لكنه أضاف في معرض حديثه: «لقد صمم من أجل ضمان أن من يدخله، لا يخرج منه ثانية حتى وفاته».

الاعتداء الجنسي على السجناء بالمواسير والخراطيم

وبصرف النظر عن تقرير هيومان رايتس ووتش، ظهرت سلسلة طويلة من التقارير حول الأوضاع في سجن العقرب خلال السنوات القليلة الماضية.

وفي أغسطس/ آب، أعلنت مجموعة من منظمات حقوق الإنسان أن 264 سجينا سياسيًا مصريًا على الأقل قد توفوا في الاعتقال منذ يوليو/ تموز 2013، وكثير منهم كانوا في العقرب.

وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي 2015، أطلق أسر السجناء وناشطون حملة بعد أن اشتكى السجناء من عدم حصولهم على ملابس مناسبة تقيهم من البرد.

وفي رسالة لمركز النديم لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، تمت مشاركتها مع (ميدل إيست آي)، وصف رجل يدعى «حسن علي أحمد» كيف أنه تم إرغامه على شرب «خليط من الماء والزيت والملح ومسحوق الغسيل والحليب والتبغ» إلى حد التقيؤ لعدة أيام متتالية، وكيف تم الاعتداء الجنسي على السجناء بواسطة الأنابيب والخراطيم، وكيف تم صعقهم بالكهرباء عن طريق السجناء الجنائيين بأمر من الحراس وتعليقهم من أكتافهم عراة مع الضحك والسخرية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 2014، وصف المصور الصحفي «محمود أبو زيد» كيف كانت ظروف احتجازه لمدة 22 ساعة يوميًا في زنزانة لا تتعدى 3 أو 4 أمتار يشاركه فيها 12 شخصًا آخرين. وأضاف أن أهله كانوا يضطرون للانتظار 7 أو 8 ساعات في كل زيارة أسبوعية، فضلًا عما كانوا يواجهونه من «إهانات، ومعاملة مذلة».

هيومان رايتس ووتش: المطلوب من مصر

دعت منظمة هيومان رايتس ووتش الآن وزارة الداخلية المصرية لإنهاء الحظر التعسفي للزيارات، وضمان حصول السجناء على الرعاية الطبية اللازمة بما في ذلك وجود أطباء، وضمان حد أدنى من أدوات النظافة والراحة.

وطالبت المنظمة بتدابير أخرى تشمل السماح لزيارات من قبل مراقبين دوليين، وتقديم نظام للشكاوى، والتحقيق في حالة الوفاة أثناء الاحتجاز.

وكانت المنظمة قد تقابلت مع 20 من أهالي المعتقلين بالعقرب، واثنين من المحامين، وسجين سابق من أجل إعداد التقرير، كما راجعت ملفات طبية وصورًا لسجناء مرضى ومتوفين.

المصدر | ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

مصر انتهاكات سجن العقرب هيومن رايتس ووتش