«مهند مات».. مصريون وخليجيون ينعون أحد رموز الثورة وأحدث ضحايا سجون «السيسي»

الاثنين 3 أكتوبر 2016 04:10 ص

«مهند مات»، بهذا الهاشتاغ نعى نشطاء ومرتادو مواقع التواصل الاجتماعي من المصريين والخليجيين الشاب المصري «مهند إيهاب»، عقب وفاته في أحد مستشفيات الولايات المتحدة نتيجة إصابته بسرطان الدم في سجون «عبد الفتاح السيسي» وتردي صحته نتيجة الإهمال الطبي وأنواع التعذيب الذي لاقاها، وسافر بعد خروجه من المعتقل لتلقي العلاج في نيويورك.

وعبر الناشطون عن حزنهم لوفاة مهند مثل العديد من الشباب الذين قتلوا على أيدي الانقلاب العسكري منذ أكثر من 3 أعوام، مبدين في الوقت نفسه غضبهم إزاء ممارسات وزارة الداخلية ضد الشعب المصري من اعتقال وتعذيب حتى الوصول للموت.

وقال الإعلامى المصري المعارض «معتز مطر» عبر حسابه على «تويتر» عن «مهند» إنه «من 4 أيام كمل 19 سنة.. اعتقل 3 مرات وجاله سرطان فى المعتقل ولم يعالجوه..ودخل العناية المركزة..وبعدين مهند مات..مصر قالتله كفاية عليك كده».

وكتب «أحمد البقري» نائب رئيس اتحاد طلاب مصر، تغريدة عبر فيها عن حزنه، قائلا: «فارقت يا صغيري دولة الظلم إلى رب عدل رحيم تشكو إليه ظلم طاغوتها وحاشيته».

وقال د.«مصطفى شعراوي» في تغريدته «هيا دي حقوق الإنسان اللي بيتكلم عنها السيسي!».

أما «خالد أبو شادي» فقال «حي عند ربه انتهت آلامه إلى الأبد. تحرر من أسر الدنيا إلى جنة الآخرة. وتطهر من آثامه بآلامه، فلقي ربه أطهر ما يكون».

وقال الناشط «محمود فتحي» «مهند حقيقة لم يمت بسرطان الدم .. #مهند_مات بسرطان حكم طواغيت العسكر في مصر وواجبنا أن نقتلع هذا السرطان الخبيث وبكل قوة»

وغردت «آية»‏ بالقول إن «مهند مات بسبب الظلم والإهمال مثله مثل الكثير من المصريين الذين يعانون من المآسي المتعددة في البلاد».

وكتبت «رغد» فى حسابها على «تويتر» أن «مهند شاب مثل أى شاب لم يرتكب ذنبا غير أنه ولد فى مصر دولة الظلم والاستبداد، دوله المفروض اللي يدخلها آمن بس للأسف كل اللي فيها معتقل».

وقالت هيا» «مهند اللي موتوه العسكر مات في سجونهم من قبل ما يموت دلوقتي منهم لله اللهم عليك بالسيسي اللهم خذه أخذ عزيز مقتدر يارب»

أما «أبو عمر» فقال «مهند حي في قلوب ووجدان الثوار، والقتلة المجرمون أموات رغم نبض الروح النجسة في صدورهم».

مهند النحلة

وشارك «مهند» المولود في 28 سبتمبر/أيلول 1996 بمحافظة الإسكندرية في ثورة 25 يناير 2011 وهو في عمر الخامسة عشر، فانطلق كالنحلة بين أنشطتها المختلفة خلال الـ 18 يوماً.

وبعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز  2013 شارك «مهند» في الاحتجاجات والاعتصامات الرافضة للانقلاب.

وفي يوم 27 ديسمبر/كانون أول 2013، كان «مهند» على موعد مع حدث لم يكن يتصور أن يقع له، حيث كان الفتى السكندري يصور إحدى المظاهرات بكاميرته عندما تم اعتقاله من قبل قوات الأمن، وكان عمره آنذاك 17 عاما، فأودع إصلاحية الأحداث، ثم صدر الحكم بسجنه 5 سنوات تم تخفيفها في الاستئناف إلى 3 أشهر، خرج بعدها مصراً على استكمال دوره في توثيق الأحداث الفارقة الذي يمر بها وطنه عبر عدسة كاميرته.

وفي 21 يناير/كانون الثاني 2015، تم القبض على «مهند» مرة أخرى وسجنه بنفس التهمة تصوير مظاهرة، وأودع سجن برج العرب في شهر مارس/آذار 2015، ولم يمر سوى شهرين فقط حتى بدأت حكاية مهند تأخذ منعطفاً أكبر من مجرد الاعتقال.

وعن هذه اللحظات كتب على صفحته الشخصية في «فيسبوك»«بدأت أشعر بالمرض مع استمرار عمليات القيئ، وعدم قدرتي على تناول الطعام، ثم بدأت أنزف الدم من أنفي ولا أستطيع الحديث أو إمساك الأشياء أو دخول الحمام، وعندما ذهبت لمستشفى السجن بعد رفض الإدارة لمدة 3 أسابيع قالوا لي إنني مصاب بالأنيميا دون توقيع الكشف الطبي علي، ثم قالوا تايفود، ثم قيل لي فيروس في الكبد، ثم نقلوني إلى مستشفى الحميات، ولم يستطيعوا تشخيص المرض، حتى سمحوا لوالدي بأخذ عينة دم من جسدي ليحللها بالخارج ويكتشف تمكن مرض السرطان من دمي بنسبة 93%».

وبعد شهرين كاملين دون علاج قامت إدارة السجن بنقل «مهند» لإحدى المستشفيات العامة التي تزدحم بالمرضى الفقراء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات العلاج بالمستشفيات الخاصة، وتم وضعه في عنبر الشيخوخة نظراً لاكتظاظ عنبر أمراض الدم بالنزلاء.

ورغم أنهم بدأوا يقدمون له العلاج الكيماوي كسجين تحت المراقبة في هذا المشفى الحكومي، إلا أن المفاجأة كانت أن والد مهند لم يجرؤ أن يخبر نجله الوحيد بحقيقة مرضه حتى ذاك الوقت.

ويروي «نحلة» عن تلك اللحظة التي عرف فيها بحقيقة مرضه قائلاً في منشور على فيسبوك "لم أكن أعلم حقيقة مرضي رغم كل ما حدث مع إدارة السجن، وأول مرة أعرف بها عندما ذهبت إلى جلسة تجديد الحبس الاحتياطي، ومع هزالة جسدي وبدء تساقط شعري وجدت المحامي يخبر القاضي بمرضي وإصابتي بالسرطان، بعدها صدر قرار الإفراج عني على ذمة القضية لأخرج وأسافر في رحلة علاجي إلى أمريكا».

وبعد عدة أشهر من محاولات العلاج، اتضح أنه لا يوجد دواء مجد من العلاجات المعتمدة، فوافق مهند أن يتطوع ليتم تجربة أدوية جديدة عليه لعلها تجدي، وفي 28 يوليو/تموز 2016 كتب «أنا فعلًا بقالي فترة طويلة تعبان جدًا ومافيش لحد دلوقتي ولا مرة نتيجة تحليل أو أي حاجة طلعت أفضل من اللي قبلها والوضع كل يوم بيزداد سوء، والمرض فعلًا اشتد عليّا جدا والألم لا يطاق وكل يوم بيحصل شيء جديد يسوء الموضوع ويصعب المسألة».

«كل تجربة عملتها فشلت ووصلت لدرجة من فقد الأمل ماتوقعتش إني ممكن أوصلها وبقيت مدرك خلاص إني مش هخف»، أضاف «مهند»، قبل أن يختتم تدوينته بطلب الدعاء له.

رغم الوهن الشديد الذي اعترى جسده من اعتقال القضبان لسجن المرض، حرص على أن يقدم أوراقه للالتحاق بكلية التجارة جامعة الإسكندرية للعام الدراسي 2015/2016، وعندما لم يتح له المرض المداومة في دراسته، أصر على استكمال طريقه، وتمرد على قيود المرض.. وغادر فراشه لينضم للاحتجاجات التي أقيمت أمام الأمم المتحدة العام الجاري للتنديد بأوضاع حقوق الإنسان في مصر.

حفلات تعذيب

كما أجرى عدداً من الحوارات والمقابلات التلفزيونية للحديث عن الموضوع ذاته من خلال تجربته الشخصية، والتي رغم قسوتها يراها أفضل كثيراً من أحوال نحو 60 ألف معتقل في سجون مصر.

وكان الطالب الراحل قد صرح خلال ندوة نظمها مركز الشهاب لحقوق الإنسان بالإسكندرية، 26 أبريل/نيسان الماضي: تعرضت خلال فترة اعتقالي التي بدأت يوم 27 ديسمبر الماضي وحتى إطلاق سراحي يوم 2 إبريل الماضي، إلى حفلات تعذيب وانتهاكات على يد قوات الشرطة، بدءا من احتجازنا في الدور الرابع بمديرية أمن الإسكندرية، حيث التحقيق يجرى بمعرفه ضباط أمن الدولة، الذين يستخدمون الصعق الكهربائي والضرب بطرق موجعه لا تترك آثرا في الجسد، ونحن معصوبي العينين واحتجزوني ضمن 30 شابا في غرفة ضيقه للغاية لم نكن نستطيع التنفس فيها، وكنا ننام في تلك الغرفة بالتناوب لضيق المكان».

وفي الرابع والعشرين من الشهر ذاته، كتب «مهند» آخر كلماته على فيسبوك قائلاً.. قبل أن يتوقف عن الكتابة للأبد.. «اليوم هبدأ نوع علاج جديد وهيكون صعب جداً وآثاره الجانبية خطيرة جداً، فضلاً وليس أمراً أي حد يشوف الكلام ده يدعيلي دعوة حلوة بالله عليكم».

ويتعرض آلاف المعتقلين لأساليب تعذيب بشعة وانتهاكات كبيرة داخل السجون فضلا عن الإهمال الطبي الذي تسبب في موت أكثر من 100 معتقل خلال الفترة الماضية لافتقارهم للرعاية الطبية الملائمة.

كما صدرت أحكام على مئات المعارضين والمنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بالإعدام، معظمهم بعد محاكمات جماعية غير عادلة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي مهند سجون

على غرار الأسرى الإسرائيليين.. المصريون يأملون بالتوصل لاتفاق يطلق سراح سجناء السيسي