استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تونس.. ثورة الياسمين مرة أخرى!!

السبت 1 نوفمبر 2014 07:11 ص

ضمن تداعيات الثورات العربية أو «الربيع العربي»، انتشرت ظاهرة المقارنة بتونس إعلامياً. فكل حكومة عربية حاولت أن تقنع نفسها أولاً، ثم سوقت إعلامياً لمسألة أنها مختلفة عن تونس، من حيث القابلية للثورة. فمصر ليست تونس. وليبيا ليست تونس ومصر، وبعدها اليمن ليست تونس أو مصر أو ليبيا، أو غيرها.

الأيام أثبتت فعلاً أن تونس مختلفة، لكن لا بالطريقة التي قيلت آنذاك، التي يراد منها جعل تونس استثناء في القابلية للثورة، لكن بمآلات الثورة ونتائجها.

كل الدول العربية متشابهة من ناحية انتشار الفساد والاستبداد، أو القابلية للثورة، عبر سد الطريق أمام أي مشاركة شعبية بالحكم، وبالرأسمالية المشوهة التي عززت الفوارق الطبقية، إضافة إلى الميل نحو توريث الحكم في الدول ذات الأنظمة الجمهورية التي حكمها مستبدون بالحديد والنار. بهذا تتشابه الدول العربية، وهو ما جعل تداعيات ثورة تونس تشعل المنطقة بدرجات متباينة، لكن ردود الفعل على هذه الثورات هي ما صاغ اختلافاتها، علاوة على التمايزات في المكون الاجتماعي للدول العربية.

سؤال اختلاف تونس يطرح من جديد هذه الأيام، بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي حصد فيها حزب «نداء تونس» أكثرية في البرلمان، متفوقاً على حركة النهضة بفارق معتبر. أبرز تصريحين بعد إعلان نتائج الانتخابات كان إعلان الباجي قائد السبسي زعيم حزب «نداء تونس» أن الحزب لن يحكم وحيداً، ولن يُقصي أحداً من الساحة السياسية التونسية. بالسياق ذاته هنأ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة القائد السبسي بفوز حزبه بالانتخابات، وأعلن اعترافه بنتائجها، وبأخطاء ارتكبتها حركة النهضة قادت إلى تراجعها سياسياً.

ربما كان هذا المشهد استثنائياً جداً في السياسة العربية، الاعتراف بنتائج الانتخابات، والدعوات إلى حكم تعددي على رغم قبول الجميع بنتائج «الصندوق». من هنا جاءت العودة إلى فكرة استثنائية تونس. فمصر ما زالت مضطربة. وسورية تطحنها حرب أهلية، في مقابل أن ليبيا تعاني اضطرابات أمنية وسياسية، وشبح صراع أهلي مسلح يخاض ويخشى من تطوره لحرب أهلية شاملة. واليمن تحيط به انقسامات قبلية عميقة، ودعوات انفصالية في ظل فشل وشلل كامل للدولة، وتدخلات أطراف دولية وإقليمية.

يعيد بعضهم استثنائية تونس إلى حقبة «بورقيبة» التي امتدت إلى ثلاثة عقود، باعتبارها حقبة فرض فيها الزعيم الوطني الحبيب بورقيبة قيماً حداثية وليبرالية تقطف تونس ثمارها اليوم. هذه الرؤية تتجاهل أن استبداد وديكتاتورية بورقيبة هي من أنتج نظام زين العابدين بن علي، نقيض «ثورة الياسمين». فالثورة من أجل الحرية والاستبداد بهذا المعنى، هي ثورة ضد الحكم الفردي الذي صنعه بورقيبة ووطده بن علي. والفترة الانتقالية في تونس قادها ضحايا لنظام بن علي -وريث بورقيبة- أمثال راشد الغنوشي والمنصف المرزوقي. بهذا السياق لا يمكن فهم محاولة القفز على الواقع من أجل تجيير حرية وديموقراطية تونس لنظام بورقيبة القمعي.

بدلاً من البحث هناك في التاريخ لمعرفة سبب اختلاف تونس، يبدو أن نظرة لتداعيات الثورات العربية منذ 2011 أكثر أهمية، مع رؤية الفاعلين في المشهد السياسي التونسي اليوم.

ثورة تونس لم يقمعها العسكر، إذ أعلن الجيش الحياد في وجه بن علي. وما زال السياسيون يديرون دفة الحكم في تونس لا العسكر. عدم تدخل العسكر في السياسة، وعدم انجرارهم وراء المستبد وممارستهم لقمع الشعب أهم ما تميزت به تونس عن بقية دول الثورات، في مقابل أن أكثر الدول العربية قمعية «أنظمة القذافي والأسد» هي من أنتج حروباً وصراعات أهلية دامية. وكأن الشعوب المحكومة بالقمع وبالأنظمة الدموية هي الموعودة بالحروب الأهلية في حال انهيار النظام.

من أهم ما تميزت به تونس كذلك، إضافة إلى حياد العسكر، الطريقة التوافقية التي تمت بها إدارة الفترة الانتقالية حتى الآن؛ إذ لم يستفرد تيار أو حزب بالحكم، ولم تتم تصفية كل المحسوبين على النظام السابق. هذه الرؤية التوافقية حيدت المتطرفين من اليسار الماركسي، حتى أقصى اليمين السلفي. لتُحكَم تونس من سياسيين إسلاميين معتدلين (حركة النهضة)، بالتشارك مع ليبراليين وطنيين (حزب المؤتمر). هذه الرؤية التوافقية وعدم الخضوع لرغبة التحكم في كل شيء، جعلا نموذج تونس مختلفاً.

أهم نجاحات الحراك التونسي ظهور قابلية الإسلامية للدمقرطة، فمع تونس نكتشف أنه بإمكان الإسلاميين أن يكونوا أحزاباً سياسية وطنية، هدفها بناء الديموقراطية والتعددية، لا الانفراد بالحكم وفق معادلة «انتخابات لمرة واحدة». الإسلاميون من ضحايا قمع بن علي (وريث بورقيبة) الذين شُردوا عقوداً هم ممن قاد الفترة الانتقالية التوافقية في تونس بنجاح، أساهم بشكل عميق في استقرار تونس حتى الآن.

ربما ما يحتاج إلى قراءة أكثر عمقاً هو مسألة الهوية في تونس. فتركيبة المجتمع لم تنتج انقسامات طائفية أو قبلية. وحكم التجاذبات في تونس الأفكار لا الهويات، وهو ما جعل الصراع على المجتمع أقل مما هو عليه في بقية دول الثورات.

إذا كان الكثير من الصحافيين والمعلقين السياسيين ينظرون إلى تنظيم «داعش» نتاجاً للثورات العربية، بدمويته وعنفه، على رغم أنه أقرب إلى كونه نتاج الاحتلال الأميركي للعراق في 2003 منه إلى الثورات العربية 2011. يمكن على النقيض أن نبرز تونس كأهم نماذج الثورات العربية، ووجهها المشرق. تبرز تونس اليوم كدولة عربية تعيش فترة انتقالية مستقرة نحو الديموقراطية والتعددية. تونس التي لم يلوثها القمع، ولم يُدِرْ دفتها العسكر.

* بدر الراشد كاتب سعودي.

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

تونس الإخوان حركة النهضة نداء تونس السبسي الغنوشي

لماذا فشلت مصر ونجحت تونس؟

النتائج الرسمية النهائية للانتخابات التشريعية التونسية

انتخابات تونس

الأموال الخليجية حاضرة في انتخابات تونس

تحيا تونس

«فايننشال تايمز»: تونس آخر أمل للربيع العربي