تقرير: تنامي سيطرة الجيش على الاقتصاد في مصر تثير مخاوف القطاع الخاص

السبت 8 أكتوبر 2016 01:10 ص

أوضح تقرير صحفي أن الدور المتزايد للقوات المسلحة في الاقتصاد المصري يثير المخاوف من تأثيره المحتمل على قدرة القطاع الخاص على المنافسة.

وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، فإن هذه المخاوف تأتي في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» نموا اقتصاديا ضعيفا وتراجعا في ثقة المستثمرين وفقرا متزايدا.

وبحسب التقرير، أعلن الجيش خلال العام الماضي سلسلة من المشروعات التي أمن من خلالها عقودا للحكومة أو أطلقها بنفسه، في مجالات إنتاج الأسمنت، وإمداد المستشفيات بمستلزمات طبية، وإدارة الكروت الذكية الحكومية الخاصة بتوزيع السلع المدعمة، وإنشاء المزارع السمكية وتصنيع مقاييس المياه.

وأصدر «السيسي» في العام الماضي قانونا يسمح للقوات المسلحة بإنشاء شركات مشتركة مع مساهمين محليين أو أجانب.

ويرجع الدور الاقتصادي للجيش تاريخيا إلى حاجته لتوفير الإمدادات للقوات في سنوات الحروب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، إلا أنه بعد اتفاقية السلام مع «إسرائيل» عام 1979 دخل الجيش في قطاعات أكثر مدنية، مثل مشروعات البنية التحتية، لكن نطاق نشاطه زاد تحت حكم «السيسي»، مع تعمق أزمة مصر الاقتصادية.

وأوضح التقرير أن إقبال المستثمرين بشكل كبير على مصر بعد ثورة 2011 تراجع، كما تراجع عدد السياح القادمين إليها نتيجة للهجمات الإرهابية، وأصبح المستثمرون وأنشطتهم يكافحون من أجل الاستمرار في مواجهة أزمة نقص حاد للعملة الأجنبية.

وأثار تدخل الجيش مؤخرا لعلاج أزمة نقص لبن الأطفال الجدل حول توسعه الاقتصادي، واحتمالات تضييقه على القطاع الخاص.

وقالت الصحيفة إنه بالنسبة لكثير من المصريين، الذين يعانون ارتفاعا حادا في معدلات زيادة أسعار المستهلكين، فإن الجيش الذي يستخدم مزارعه ومصانعه لضخ سلع رخيصة في الأسواق، لكن بعض رجال الأعمال يخافون من أنه سيكون من المستحيل منافسة مؤسسة لديها مثل تلك السطوة السياسية، ويحميها القانون من كشف حساباتها.

وقال أحد المحللين الاقتصاديين للجريدة البريطانية إن الجيش تدخل لحل أزمات ولإعطاء دفعة للاقتصاد، ولكن إذا كانت هناك شركة تستورد منتجا ودخل الجيش أمامها كمستورد، فإن الشركة لن تتمكن من المنافسة، وبالتالي أصبحت هناك منافسة مباشرة بين الجيش وبعض الشركات في عدد من القطاعات.

ووفق الصحيفة، فإن «السيسي» لا يرى ما يعيب في الدور الذي يلعبه الجيش، حيث قال في خطاب حديث له إن قيادات الجيش عندما طلبت منه الترشح للرئاسة أوائل عام 2014، اشترط عليها أن يساعده الجيش في جهوده لدفع الاقتصاد.

جمهورية العسكر

وتعول مصر على حزمة القروض التي توصلت إلى اتفاق مبدئي بشأنها مع «صندوق النقد الدولي» لإنعاش الاقتصاد الذي يواجه جملة من الأزمات تشمل معدلات بطالة وفقر عالية عند 40%، وعجزا في الميزانية، وتراجعا حادا لرصيد البلاد من العملة الأجنبية.

ويشمل برنامج الإصلاح الاقتصادي -الذي يفترض أن تنفذه الحكومة المصرية في مقابل قروض صندوق النقد- خفض عجز الموازنة، وخفض سعر الجنيه المصري، وفرض ضريبة جديدة للقيمة المضافة.

وتثير الإصلاحات المرتقبة مخاوف من أن تؤدي إلى مزيد من الإضرار بالفئات الاجتماعية الضعيفة عبر رفع الدعم وفرض مزيد من الضرائب.

ويتوقع الخبراء أن يؤدي برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد إلى ارتفاع في الأسعار وفي نسبة التضخم، ما سيؤثر خصوصا على أكثر من 40% من 90 مليون مصري يعيشون حول خط الفقر.

وأقحم الجيش نفسه في العديد من المشروعات في مجالات متنوعة بعضها يتعلق بإنتاج المواد الغذائية والإسكان والتعمير والكهرباء والحراسة، كما أسندت إليه مؤخرا مسؤولية منظومة بطاقات التموين الذكية وبطاقات الخبز، الأمر الذي لم يجد اعتراضا في الإعلام رغم أن هذه المشاريع من المفترض ن تخضع لمختلف الوزارات المدنية.

كما بدأت هيئات الجيش تنافس المؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى في تنفيذ مشروعاتها الخاصة، وطالت سياسات العسكرة في الفترة الأخيرة، مشاريع حراسة المستشفيات والمؤسسات المدنية، عبر شركة «كير سيرفس».

وتحصل كل مصانع الجيش وشركاته على إعفاء كامل من الضرائب والجمارك، بما يتضمن إعفاء منشآت الجيش الاقتصادية من الضرائب العقارية المفروضة على سائر المنشآت؛ الأمر الذي يسمح لها بتقديم المنتجات والخدمات بأسعار أقل من نظيرتها.

وخلال عامين من حكم «السيسي»، حصل الجيش رسميا على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاما، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخرا دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للجامعات.

وفي أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، تعالت الأصوات المطالبة بالحد من الأنشطة الاقتصادية للجيش، إلا أن هذه الأصوات بدأت تنخفض، ولا سيما مع سيطرة الدولة على الإعلام الذي يبرز الجيش في صورة المنقذ من الإسلاميين، دون أن ينتقد أحد سيطرته على كل هذه المشروعات أو يتحدث عن مهمته الأساسية في حماية البلاد وتأمين حدودها.

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي الجيش الاقتصاد

«فورين بوليسي»: ثورة الفقراء القادمة في مصر