السعودية تكثف «توطين العمالة» لخفض بطالتها المرتفعة

الجمعة 14 أكتوبر 2016 02:10 ص

برزمة إجراءات وقوانين، كثفت السعودية، خلال العام الجاري، جهود خفض نسب البطالة المرتفعة في صفوف المواطنين، عبر توطين العمالة أو ما يعرف بـ«السعودة».

ونفذت المملكة في الأشهر الأخيرة، عدة برامج بهدف توطين العمالة في قطاعات محددة، وأنشأت هيئة توليد الوظائف لمواطنيها، واقتصرت العمل في قطاع الاتصالات لأسواق التجزئة على السعوديين، حسب تقرير لوكالة «الأناضول».

ومن المقترحات الأخرى التي أعلنت عنها العام الجاري، دراسة إغلاق المحلات الساعة الـ9 مساءً، لتقارب بين مزايا القطاعين العام والخاص، لجذب المواطنين للعمل بالقطاع الخاص.

وتُسابق السعودية الزمن لخفض معدل البطالة بين مواطنيها، إلى 9% بحلول 2020  و7% في 2030، وفق خطة الإصلاح التي وضعتها.

وارتفع عدد السعوديين العاطلين عن العمل إلى 658 ألف فرد حسب الهيئة العامة للإحصاء (حكومي)، خلال النصف الأول من العام الجاري، صعوداً من 647 ألفاً في نهاية العام الماضي.

ويرى الكاتب الاقتصادي السعودي، «فضل البوعينين»، أن محاولات بلاده لخفض نسب البطالة عبر تنفيذ رزمة من الخطوات، هو حق مشروع لها.

وأضاف: «ليس من المنطق أن تبلغ نسبة البطالة لدى السعوديين 11.6% في النصف الأول من العام الجاري (وفق أرقام الهيئة العامة للإحصاء)، بينما البطالة في المملكة بما فيهم الأجانب تبلغ 6.5% خلال نفس الفترة».

ويبلغ إجمالي القوة العاملة في المملكة، قرابة 12.5 مليون فرد، منهم نحو 5.6 ملايين عامل وموظف من السعوديين والبقية من الوافدين، وفق هيئة الإحصاء، حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري.

وبلغ عدد العاطلين عن العمل ككل في السوق السعودية، خلال نفس الفترة (يشمل السعوديين والوافدين)، نحو 690 ألفاً من إجمالي القوى العاملة.

وتسببت أزمة النفط الحالية في تعزيز السعودية لإجراءات توطين العمالة لديها، للإبقاء على نسبة الرفاهية من جهة، وقدرتهم على تلبية متطلبات المعيشة الآخذة بالارتفاع.

ورفعت السعودية من أسعار الخدمات الرئيسية (مياه، كهرباء، وقود بأنواعه)، إضافة إلى زيادة في رسوم تأشيرات السفر، وستطبق بمعية دول الخليج المنتجة للنفط في 2018 ضريبة القيمة المضافة على السلع.

وسجلت البلاد عجزاً فعلياً في ميزانيتها العام الماضي، بلغت قيمته 98 مليار دولار أمريكي، وتوقعت أن تبلغ نسبة العجز للعام الجاري 87 مليار دولار.

وأصدرت الهيئة العامة للاستثمار السعودية (حكومية) خلال الربع الأول من العام الجاري، ضوابط جديدة تلزم الشركات الأجنبية والمختلطة بألا تتجاوز نسبة العاملين الأجانب 25% من إجمالي العاملين.

«البوعينين» اعتبر أن الظروف الحالية للمملكة تحتم عليها توفير فرص عمل لمواطنيها «وفي ظل تراجع أسعار النفط الخام التي أثرت على قطاعات اقتصادية بأكملها، فإن إقرار قواعد لإحلال المواطنين في الوظائف صائباً».

فيما اعتبر اقتصادي سعودي (فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع)، أن «السعودة لم تتم بالشكل السليم، لعدم وجود رقابة حكومية تواكب تطور الموظف السعودي في أداء مهامه، وتحقيق الفائدة للمؤسسة التي يعمل بها».

وأضاف: «على الرغم من تطور جودة التعليم في السنوات الماضية، إلا أن الخريج السعودي ما يزال بحاجة إلى تدريب قبل دخوله سوق العمل».

وزاد: «حصول تطور في التعليم الأكاديمي الجامعي، لم يكن كافياً لاستمرار وجود فجوة بين الجامعة وسوق العمل.. هذا حال عديد دول الجوار».

وتسعى المملكة عبر خطة «التحول الوطني» إلى توفير 450 ألف وظيفة جديدة للسعوديين، وإحلال 1.2 مليون وظيفة للمواطنين بحلول 2020.

ويهدف برنامج التحول الوطني إلى رفع القوة العاملة النسائية من 23% حاليا إلى 28%، ورفع نسبة إقبال السعوديين على العمل في القطاع الخاص إلى 50%.

وفي تحليل له مؤخرا، لفت مركز «ستراتفور» البحثي الأمريكي إلى أن  بداية الحديث عن «السعودة» في المملكة بدأت في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، إلا أن أولى سياسات «السعودة» ظهرت في سبتمبر/أيلول 1994، وتم تعميم المخطط بعد ذلك في عام 2002، وتم تحسين نسخة جديدة منه في مارس/أذار، وأبريل/ نيسان 2006.

ورأى المركز البحثي أن الحكومة السعودية مضطرة للمضي قدمًا في هذه العملية؛ تظرًا للارتفاع الكبير في مستوى البطالة بين الشباب، مع تزايد السكان، وانخفاض مداخيل النفط.

وعلى الرغم من أنّ هذه المبادرة ربما تكون مثل سابقاتها بعيدة كل البعد عن تحقيق هدفها، إلا أنّ الخطة الجديدة للحكومة لديها بعض الأفضلية عن سابقاتها، وهي ناتجة عن الدروس المستفادة من فشل تلك التجارب.

إذ تحظى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بفرص أفضل للنجاح هذه المرة، كونها المسؤولة عن تنفيذ برنامج السعودة الشامل، وهو ما لم يكن متوفرًا في المحاولات السابقة التي كانت عبارة عن استراتيجيات منفصلة عن طريق عدد من الوزراء والوكالات.

وأشار «ستراتفور» إلى أنه وفق المخطط الجديد لـ«السعودة»، لن يتم استبعاد العمال الأجانب بأعداد كبيرة دفعة واحدة، لكن من المنتظر أت تواجه العديد من قطاعات البيع بالتجزئة، ولا سيما تلك المستهدفة بـ «السعودة الكاملة»، بعض الاضطرابات.

  كلمات مفتاحية

السعودية البطالة توطين العمالة السعودة