انتقد أعضاء «مجلس الشورى السعودي» أداء وزارتي «العمل» و«الشؤون الاجتماعية» خلال جلسة أول أمس الإثنين، مستدلين بشواهد عدة تثبت فشل الوزارتين في أداء دورهما المطلوب للقضاء على البطالة والفقر، وما تسببتا فيه من إحباط وغبن للمواطنين، وما قد ينجم عن ذلك من زعزعة الاستقرار والولاء في المملكة، بحسب الأعضاء.
واختصرت مداخلتان للعضوتان الأميرة «موضي بنت خالد» والدكتورة «حنان الأحمدي» حال عجز وزارة «الشؤون الاجتماعية»، إذ أكدت الأولى خبرتها في مجال الشؤون على مدى 37 عاما، وأنها لم تسمع ولم تلمس أثرا لمبادرات الوزارة البراقة أو بلايين الريالات المعلنة في تقريرها.
واستغربت «موضي» مواراة الوزارة لمصطلح «الفقر» تحت مسميات من دون أن تنجح في تحجيمه أو الحد منه، في الوقت الذي أعلن فيه العاهل السعودي الملك «عبدالله بن عبدالعزيز» من خلال زيارته الشهيرة لأحياء الفقر في الرياض نهاية التسعينات الميلادية من القرن الماضي، وأنه سمّى الأشياء بأسمائها واستعمل مصطلح الفقر ولم يواره مثلما فعلت الوزارة.
وأضافت: «إذا تمكنت الوزارة من تحجيم الفقر وتمكين مؤسسات المجتمع المدني فستنقذ نفسها من الفشل ومن تندر الإعلام».
وبالرغم من سقوط توصيات أعضاء «شورى» على تقرير وزارة العمل الحالي الذي نوقش في الجلسة، إلا أن مقدمي التوصيات أرسلوا إشارات خطرة عن وضع البطالة وأبرز المتسببين فيها، ومنها ما ذكره الدكتور «أحمد الغامدي» بأنها تسببت في إحباط العاطلين، وما نجم عنه من حالات انتحار، وحرق للشهادات والتشكيك في نزاهة المسؤولين، مشددا على أن التوطين مطلب أساسي لتعزيز الاستقرار والولاء للوطن.
واستمر الأعضاء في التحذير من قهر المواطنين، بحسب رأي الدكتور «عبدالله الجغيمان» بأن السبب الأبرز في ذلك توظيفهم برواتب متدنية في الشركات الكبيرة، فيما شكك العضو «فهد بن جمعة» فيمن لم يدعم توصيته في شأن تحديد فترة بقاء العامل الأجنبي بأربعة أعوام، بأنه ممن لا يدعم توظيف السعوديين، ويرغب في أن يبقى وضع سوق العمل على ما هو عليه.
واستغرب ابن جمعة من ردي وزارة العمل «بأنها حاولت في الماضي مرارا تحديد إقامة الأجنبي ولم تستطع بسبب ضغوط أصحاب المنافع»، ولجنة الشورى حين رفضت التوصية بحجة أن الموضوع «حساس»، مضيفا: «المواطن يشاهد الأجنبي يعمل وهو عاطل، وهذا خطر يهدد الاقتصاد والمجتمع».
من جانبها أقرت وزارة العمل السعودية في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي تحديثا جديدا لبرنامج تحفيز المنشآت لتوطين الوظائف «نطاقات»، تضمن استحداث أنشطة اقتصادية جديدة، إضافة إلى تعديلات في نسب التوطين في بعض الأنشطة الحالية.
فيما أعلنت الوزارة بدء تطبيق المرحلة الرابعة من برنامج حماية الأجور للمنشآت التي يبلغ عدد العاملين لديها 500 عاملا فأكثر، ابتداء من الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وأوضح وكيل الوزارة للسياسات العمالية «أحمد الحميدان»، في تصريح، أن 86% من المنشآت حققت النسب الدنيا المطلوبة منها للبقاء في النطاقات الآمنة، بينما تخلفت 14% فقط من المنشآت وبقيت في النطاقات غير الآمنة والتي تحرمها من خدمات الوزارة، في مقابل 50% من المنشآت في النطاقات الآمنة، و50% في النطاقات غير الآمنة، عند إطلاق البرنامج.
وقد أظهر الإحصاء الخاص بوزارة العمل أن معدلات البطالة كانت قد سجلت 11.2% في العام 2007 قبل أن تنخفض في العام الذي يليه إلى 10%، لكن هذه المعدلات ارتفعت بعد ذلك لتصل إلى 12.1% في العام 2012، إلا أنها انخفضت مجدداً في العام الماضي إلى 11.7%.
وأطلقت وزارة العمل السعودية منذ بداية القرن الجديد عدة محاولات ومبادرات للسيطرة على معدلات البطالة المرتفعة وإعراض الشركات والمؤسسات العاملة في القطاع الخاص عن توظيف السعوديين والسعوديات، وبدأ الأمر أولا مع نظام «السعودة» الذي عرف دعما شعبيا في حينه، لكنه لم يحقق أهدافه.
ومنذ عامين، بدأت وزارة العمل في تشريع قوانين صارمة لجهة إرغام الشركات والمؤسسات الخاصة على توظيف السعوديين والسعوديات عبر إطلاق برنامج «نطاقات»، ووضع حد أدنى للأجور يصل إلى نحو 3000 ريال قبل أن تدعم قوانينها الجديدة بإطلاق نظام «ساند» مع «المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية» لإعطاء أمان وظيفي أكبر للسعوديين الذين تصل معدلات البطالة بينهم لدى الذكور 6%، ولدى الإناث 33%.