11/11 .. سيناريو «جمعة الغضب» يؤرق حكم الجنرالات في مصر

الجمعة 21 أكتوبر 2016 07:10 ص

يترقب المصريون، بشغف وحذر كبيرين، ما يمكن أن تسفر عنه مظاهرات 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، والمعروفة إعلاميا بـ«ثورة الغلابة»، وسط ترقب لدلالات ومآلات خطة الـ«6 ساعات» وسيناريو «معسكرات اللاجئين»، كرسالتي تهديد بعث بهما النظام المصري الحاكم، في محاولة مسبقة لإجهاض تظاهرات «الغلاء» و«الجوع».

قد تكون تظاهرات محدودة، لكن تزامن التاريخ المحدد للتظاهرات المرتقبة مع يوم «جمعة»، يعطي إشارة حمراء على إمكانية تحرك الحشود من المساجد باتجاه الميادين العامة، في محاولة لاستعادة أجواء ثورة يناير، الأمر الذي يبعث على القلق لدى النظام المصري، خشية تكرار سيناريو «جمعة الغضب» 28 يناير/كانون الثاني 2011.

وعلى الرغم من الزخم الإعلامي الذي نالته دعوات 11/11، فإن القوى السياسية المصرية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين التي أطيح بها من الحكم في انقلاب عسكري نفذه الجيش المصري في 3 يوليو/ تموز 2013، لم تعلن تبنيها لتلك التظاهرات، أو الدعوة للمشاركة فيها.

وفي تصريح لافت، نفى «شريف الروبي، القيادي بحركة شباب 6 إبريل، نية الحركة المشاركة في «ثورة الغلابة»، معتبرا أنها «مجهولة الهدف والهوية»، على حد تعبيره.

وأضاف «الروبي»، أن «هذه الدعوات ورائها مجموعة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المتواجدة خارج البلاد وخاصة تركيا»، مشيرا إلى أن «حركة 6 إبريل ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ولكنها لن تشارك في دعوات قادمة من الخارج»، وفق بوابة «مصر العربية» الإلكترونية.

وأمام إحجام القوى السياسية والحزبية في مصر، عن تبني «ثورة الغلابة»، ربما تحسبا لفشلها، أو خشية تحمل كلفة نتائجها الأمنية والسياسية، ظهرت حركة مجهولة تدعى «ضنك» تدعو لمظاهرات الغلابة، وتقول إن أعضائها لا يوجد لهم أي توجه سياسي أو أيدولوجي، وأن شعارهم هو «لا للفقر، لا للجوع، لا للمرض، لا للظلم».

لكن النائب العام المصري «نبيل صادق» رد عليهم بحبس 13 من أعضاء الحركة 15 يوما احتياطيا، على ذمة التحقيقات التى تجريها النيابة العامة فى الاتهامات الموجهة إليهم بالتظاهر فى منطقة العجوزة بالعاصمة القاهرة، ضمن فعاليات «ثورة الغلابة».

  سخط شعبي

دعوات التظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تحت شعار «ثورة الغلابة»، اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعي منصة لها، تحت مسميات عديدة منها «ثورة الغلابة»، «حركة غلابة»، «دموع الناس الغلابة»، و«احنا الناس الغلابة»، و«الغلابة يا حكومة» و«11/11»، و«الغلابة هتكسر العصابة».

وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع داخل مصر، بوسترات تدعو للمشاركة تحت عنوان «اغضب.. انزل.. احشد.. شارك»، مصحوبة بفيديوهات غاضبة حققت ملايين المشاهدات على موقع «يوتيوب»، منها فيديو سائق «التوك توك» الذي انتقد الأوضاع المعيشية بطريقة عفوية مؤثرة، وفيديو «شرشوبي همام» الذي حمل الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» مسئولية تفاقم الفقر في البلاد، وفيديو «بوعزيزي الإسكندرية» الذي أشعل النار في نفسه، وصرخة سيدة مسنة في برنامج «العاشرة مساء» والذي يقدمه الاعلامي المصري «وائل الابراشي» عبر قناة «دريم» الفضائية، قائلة «واللي لو السيسي يقتلني أرحم من إني أجوع وأموت من الجوع بسبب العيشة اللي عايشينها».

ويمكن التأكيد على أن الاضطرابات الاقتصادية، وتردي الأوضاع المعيشية، لم تؤثر على الفقراء فقط بل امتدت إلى الطبقة الوسطى، والأثرياء أيضا إلى حد ما، وفق وكالة «رويترز».

«لا يمكننا العثور على السكر والأرز والعديد من المواد التموينية الأخرى»، هكذا قال أحمد سليمان، صانع أحذية، بحسب تقرير أعدته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الأربعاء الماضي، عن تزايد السخط الشعبي في الشارع المصري تجاه سياسات «السيسي».

وأضاف «حتى عندما نجدها (المواد التموينية) لا يمكننا تحمل الأسعار. لذلك نحن لا تشتري كما كنا نفعل من قبل»، وتابع «كلما زاد الضغط كان الانفجار أقوى»، حسب قوله.

وقال أحمد محمد (29 عاما)، صاحب أسطول شاحنات «اعتدت على تحميل سلع على أربع شاحنات لنقلها إلى الصعيد والمناطق الريفية. ولكن حاليا يمكننا بالكاد تحميل نصف شاحنة. الناس لا يستطيعون شراء أي شيء».

وقال صاحب متجر لبيع الذهب «الناس هنا غير مهتمة بمن هو الرئيس. هم مهتمون بأن يستطيعوا العمل وتحقيق مكسب بغض النظر عمن في السلطة. لقد كنت أحقق أرباحاً أكثر بكثير منذ ثلاث سنوات».

وتساءل «من يستطيع تحمل تكلفة شراء مجوهرات ذهبية الآن؟ الناس بالكاد تشتري طعاماً»، وفق «واشنطن بوست».

وفي حي الجمالية الذي يقطنه فقراء وآخرون من الطبقة الوسطى بالقاهرة، حيث ترعرع «السيسي»، يتصاعد الإحباط، وفي السوق بوسط الجمالية، شكا المواطنون من ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز مع بقاء رواتبهم على حالها.

  حملة اعتقالات

حتى الآن، لم تتمكن الجهات الأمنية في مصر من تحديد الجهة الداعية لمظاهرات يوم الجمعة 11/11، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية، وارتفاع الأسعار، واختفاء بعض السلع الاستراتيجية، وانهيار سعر الجنيه أمام الدولار، وارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والغاز، بشكل جنوني.

ويجري «الأمن الوطني» (جهاز استخبارات داخلية) تحقيقات مكثفة لمعرفة من يقف خلف صفحة «ثورة الغلابة» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ويروج للدعوة لتلك التظاهرات، وفق صحف مصرية.

وتشن قوات الأمن المصرية حملة اعتقالات تستهدف تضييق الخناق على من يشتبه في مشاركته الدعوة لتظاهرات «الغلابة».

واقتحمت، قوات من جهاز «الأمن الوطني» المصرية، أمس الخميس، مقر «المفوضية المصرية للحقوق والحريات»، تحسباً لمساندة المفوضية لتظاهرات 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وجاءت خطوة اقتحام «المفوضية»، وهي مؤسسة حقوقية مستقلة، ردا على بيان تضامن مع متظاهري «بورسعيد»، أصدرته على صفحتها بـ«فيسبوك»، بعنوان: «متظاهرو الإسكان الاجتماعي في بورسعيد بين مطرقة القمع السياسي وسندان القهر الاقتصادي».

واعتقل 25 من المتظاهرين، بينهم 5 نساء، وأصيبت سيدة بجروح وكسور، على خليفة فض مظاهرات محافظة «بورسعيد» شمال شرق القاهرة، الأربعاء الماضي، والمطالبة برحيل المحافظ اللواء «عادل الغضبان»، وذلك بسبب رفع سعر الإسكان الحكومى، وتم تحرير محاضر لهم، واتهامهم بإثارة الشغب، وتكدير الرأى العام.

كما قررت نيابة شمال بنها الكلية شمال القاهرة، الأربعاء الماضي، حبس 17 شخصا من عناصر جماعة الإخوان 15 يوما على ذمة التحقيق؛ لاتهامهم بتكوين خلية «وحدة الأزمة» التي تدعو للتظاهر يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويوم الاثنين الماضي، قررت نيابة شرق القاهرة الكلية، حبس ستة متهمين 15 يوما على ذمة التحقيق، على خلفية اتهامهم بالدعوة للتظاهرة يوم 11/11.

وكانت النيابة قررت مساء الأحد الماضي، حبس ثمانية أشخاص 15 يوما على ذمة التحقيقات في ذات القضية.

وذكرت تحقيقات النيابة في القضية أن «المتهمين كانوا يحشدون ليوم 11 نوفمبر المقبل من خلال طبع وحيازة منشورات تحريضية وتوزيعها على المواطنين في الشوارع والميادين وإلصاقها على حوائط المنازل، مستغلين عدم استقرار الأسعار بالنسبة لكثير من السلع الغذائية في الوقت الراهن».

  رسائل تهديد

من رسائل «ما فيش.. معنديش.. مش قادر أديك.. هتاكلوا مصر يعني.. لازم نجوع.. لوعاوزين استقلال بجد.. متاكلوش ولا تناموش»، والتي كانت أبرز ملامح خطابات الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، جاءت رسالته الأقوى والأخطر في سيتمبر/آيلول الماضي، والتي قال خلالها «الجيش يقدر ينتشر في كل حتة بمصر في 6 ساعات فقط»، والتي اعتبرت مؤشرا على تنامي القلق من الاحتجاجات، والتهديد باستخدام ورقة الجيش للسيطرة على البلاد، حال انفلات الأوضاع، على غرار ما حدث في جمعة الغضب 28 يناير/كانون الثاني 2011 ، ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وحذر «السيسي» الأسبوع الماضي، من محاولات إدخال مصر إلى دوامة الضياع، متوقعا الفشل لتلك التظاهرات، لكن في محاولة لتخفيف حدة الاحتقان في الشارع المصري، دفع بالحكومة المصرية، أمس الخميس، إلى إتخاذ إجراءات عاجلة بخفض وتشريد النفقات بنسبة 20%، وكذلك خفض البعثات الدبلوماسية في الخارج بنسبة 50%، والإعلان عن زيادة دعم المخصصات التموينية.

لكن رسالة التهديد الثانية، التي عبرت عن خوف متزايد لدى النظام المصري، جاءت من  وزير التموين المصري، «محمد علي مصيلحي»، والذي حذر الداعين إلى تظاهرات 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، من الذهاب إلى «معسكرات اللاجئين»، داعيا المصريين إلى التحمل من أجل الإصلاح، على حد قوله.

وقال «مصيلحي»، الذي كان رئيسا لهيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، ثم رئيسا لجهاز الخدمة العامة التابع للجيش المصري، إنه «لا يجوز أن نتنازل أبدا عن الأمن والاستقرار الذي وصلنا له حاليا»، وفق «أصوات مصرية».

وأضاف خلال مؤتمر صحفي في مقر الوزارة الأربعاء الماضي، إن «المصريين لا يقبلون أن يهجروا من بيوتهم ويذهبوا إلى معسكرات اللاجئين في دول أخرى»، وفق تصريحاته.

وكان تقرير أمني، حذر «السيسي»، مما أسماه «ثورة جياع» إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في الانحدار خلال الأشهر المقبلة، راصداً للمرة الأولى تراجعاً في شعبيته إلى أقل من 50%، بحسب ما نقلت صحيفة «الأخبار» اللبنانية.

وقال التقرير، الذي شاركت في إعداده المخابرات العامة والمخابرات الحربية وجهاز «الأمن الوطني» (جهاز استخبارات داخلية)، وتم رفعه إلى مستشار الرئيس للشؤون الأمنية، «أحمد جمال الدين»، الذي قدّم ملخّصاً عنه إلى «السيسي»، إن «ارتفاع الأسعار هو السبب الرئيسي للاحتقان، إضافة إلى امتداد الغضب صوب قطاعات شعبية مؤثرة بسبب تدنّي رواتبها».

«الواضح الآن أن الإحباط الموجه لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتصاعد من كل ركن في المجتمع»، وفق تقرير «واشنطن بوست» الأمريكية.

«ارحل.. هو يمشي.. مش حنمشي» في إشارة إلى «السيسي»، شعار عاد للظهور على ألسنة المصريين، بعدما رددوه خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، والتي أطاحت بحكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.

وعلى الهواء مباشرة، الأربعاء الماضي، في برنامج «حوار جريء»، على فضائية «الحدث اليوم»، قال الناشط الحقوقي المصري «يسقط يسقط حكم العسكر»، في دلالة لافتة على إمكانية أن تطال شرارة الغضب من جديد حكم الجنرالات في مصر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مظاهرات 11/11 مصر عبدالفتاح السيسي ثورة الغلابة ارتفاع الأسعار ضنك أزمة الدولار