«ناشيونال إنترست»: التهديد الإيراني يقود السياسة الإقليمية السعودية وإيران توجه اهتمامها نحو الغرب

السبت 22 أكتوبر 2016 10:10 ص

كان هناك افتراض بأن كل من السعودية وإيران تتبادلان نفس المستوى من القلق. ويبدو أن التصريحات الأخيرة لمسؤولين إيرانيين تؤكد هذا، حيث الجهود الإيرانية الأخيرة منصبة على عرقلة النفوذ السعودي في المنطقة. ولكن في الواقع، لا تأتي السعودية في صدارة اهتمام السياسة الخارجية الإيرانية. وهذا التفاوت في تصورات التهديد يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.

المخاوف من الهيمنة الإقليمية الإيرانية طويلة الأمد وعميقة. وهي متعددة الطبقات: سياسية ودينية وثقافية وعرقية. وقد اعتبرت طهران دائما قوة لا يستهان بها في المنطقة، وهو الأمر الذي لا يتردد العرب في التذكير به. كما تستخدم إيران بشكل متزايد الجماعات الموالية لها لفرض نفسها في المنطقة، وهو الأمر الذي يقدمه السعوديون على أنه تدخل غير شرعي في الشؤون العربية.

بخصوص السعودية، فإن جوهر التهديد ليس هو الغزو الإيراني المحتمل، ولكن طهران تشكك باستمرار في الشرعية السياسية والإقليمية لآل سعود. على سبيل المثال، يشكك المسؤولون الإيرانيون في وصاية الرياض على المقدسات الإسلامية الأكثر أهمية. في الشهر الماضي، أشار المرشد الأعلى «آية الله خامنئي» إلى «آل سعود» بكلمة «الشياطين» ووصفهم بـ«السعوديين القتلة عديمي القلب». وتابع: «العالم الإسلامي يجب أن يعيد النظر جذريا في إدارتهم لاثنين من الأماكن المقدسة ومسألة الحج».

وردا على ذلك، اعتمدت المملكة العربية السعودية استراتيجية إقليمية أكثر حزما لمواجهة إيران. هذا يؤدي لتكثيف المنافسة وإلى فتح جبهات جديدة. في سوريا، تعارض الرياض أي خطة للحل تنطوي على الحفاظ على «نظام الأسد»، ربيب إيران. وتهدف حملة الرياض في اليمن لإضعاف الوجود الإيراني في فنائها الخلفي. تقوم الرياض أيضا بتكثيف وجودها في أفغانستان عن طريق دعم مجموعات مختلفة من شأنها تقويض النفوذ الإيراني. بعد كل شيء، تعد أفغانستان بالنسبة إلى إيران مثل اليمن بالنسبة إلى السعودية.

وعلى الرغم من الكثير من الخطاب الرسمي، كان تركيز إيران ينصب دائما على اللاعبين الرئيسيين: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين. وترى إيران نفسها كشريكة رائدة في جوارها، مع شعور قوي بأن الآخرين في المنطقة ينبغي أن يعاملوا مصالحها بطريقة مختلفة.

تعتقد إيران أنها تستمد شرعيتها من الداخل، من تاريخها وثقافتها، في حين أن دول الخليج العربية تستمد تلك الشرعية من موافقة الآخرين ومن ثرواتها المكتشفة حديثا. تنظر إيران إلى بيت آل سعود على أساس أنهم يفتقرون إلى التاريخ والقدرات المحلية، ولكنهم يقومون بالتعويض عن ذلك مع الكثير من المال. تعتقد إيران بعدم وجود القدرة المحلية لدى السعودية، وأنها تعتمد على الحماية الغربية والأسلحة مما يقوض مكانة المملكة العربية السعودية ويجعل الرياض خصما لا يستحق في أعين العيون الإيرانية.

ونتيجة لذلك، لا يتم بناء السياسة الخارجية الإقليمية الإيرانية حول التهديد السعودي المحتمل. وبدلا من ذلك، فإنها تهدف إلى اختراق أنظمة ضعيفة في المنطقة لتجعل من نفسها لا غنى عنها. إن إيران تشارك في كل ساحة في المنطقة حاليا، بغض النظر عن وجود الرياض. في سوريا، تعتقد إيران أن لها مصلحة حيوية في الحفاظ على هياكل النظام لتأمين ممر لحزب الله ولهزيمة الدولة الإسلامية. في العراق، تريد إيران تأمين حدودها، ومصالحها الاقتصادية، وتأثيرها على مختلف الفصائل، بما في ذلك الدائرة الانتخابية الشيعية الكبيرة. في أفغانستان، تهدف إيران لتأمين حدودها، والحفاظ على مستوى معين من الاستقرار لتجنب موجات من اللاجئين الأفغان القادمين إلى إيران ومنع ظهور الجماعات المتطرفة.

اليمن هو استثناء لهذه القاعدة. اليمن ليس له أهمية استراتيجية كبيرة لطهران. ولكن أهمية اليمن بالنسبة إلى السعودية يجعلها وسيلة منخفضة التكلفة وسهلة لضرب الرياض.

وفي حين أن التهديد الإيراني يقود السياسة الإقليمية في السعودية، فالرياض ليست سوى قطعة صغيرة في الحسابات الإيرانية. في ظل الظروف العادية، فإن الخبر السار هو وجوب تصور تطابق التهديد مما يجعل تسوية الخلافات أسهل. ولكن هذا هو الشرق الأوسط.

وقد أدى الشعور بالتهديد في المملكة العربية السعودية إلى الانخراط في تكثيف الصراعات. وأدى التدخل السعودي في اليمن إلى امتصاص الموارد وانقسامات مع حلفائها في الخليج والولايات المتحدة. طهران، من جانبها، تفاخر بفكرة تسخير الرياض لمواردها والإضرار بهيبتها وتحالفاتها، من أجل مواجهة إيران.

وفي الوقت نفسه، تستخدم طهران هذه المجالات باعتبارها فرصا سهلة لتقويض السعوديين، دون أي تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية الأوسع. وهي تقوم بذلك من خلال حملة علاقات عامة منخفضة التكلفة تنطوي على عدة مقالات رأي في الصحف الأمريكية، مما يدل على أن الجمهور ليس المنطقة بل الغرب. طهران تريد أن تشير إلى الغرب بأنها هي الحليف الطبيعي في المعركة ضد جماعات مثل تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية. كما أنها تريد تشويه سمعة الرياض، التي تتهمها أنها مصدر هذه الأيديولوجية المدمرة لهذه الجماعات.

نشأت تصورات التهديد الإيراني في السعودية بتشجيع من السياسات الإيرانية، التي زادت من زعزعة الاستقرار في المنطقة. اليوم، يمكننا أن نحصي في الشرق الأوسط عدة دول فاشلة تمثل أرضا خصبة للتطرف. في حين تلوم إيران أيديولوجية السعودية في نشر التطرف وتدعي أن السعودية خلقت بيئة خصبة لهذه الجماعات، التي تهدد أيضا الأمن القومي الإيراني.

الاعتقاد السائد هو أن إيران و السعودية تعتبران بعضهما البعض على قدم المساواة. في الواقع، فإن التركيز في المملكة العربية السعودية على مواجهة إيران واقع بالفعل، ولكن إيران تعد مواجهة السعودية مرحلة لاحقة. إن عدم التطابق في تصورات التهديد يمنع أي تقدم نحو الحوار بين البلدين، وهي خطوة أساسية نحو تخفيف حدة التوترات الإقليمية.

المصدر | ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران سوريا اليمن العلاقات السعودية الإيرانية