تحرير سعر صرف الجنيه يأكل «تحويشة» المصريين ويزيد أسعار السلع

الخميس 3 نوفمبر 2016 10:11 ص

أعلن البنك المركزي المصري اليوم الخميس، تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الرئيسية، وفق آليات العرض والطلب في السوق المحلية، وذلك بعد أشهر من الترقب في الأسواق للقرار.

ويعني تحرير سعر الصرف أو «تعويم العملة» أن سعر الجنيه سيتغير أمام العملات الأجنبية حسب العرض والطلب، دون تدخل من الدولة التي تضع في بداية الأمر سعراً مبدئياً تنطلق البنوك من خلاله.

وجاء هذا القرار، بعد دعوات لمديرة صندوق النقد الدولي «كريستين لاغارد» في أكثر من مناسبة الشهر الماضي، بضرورة تنفيذ مصر إجراءات لجعل أسعار الصرف أكثر مرونة، قبل الموافقة على قرض حصلت القاهرة على موافقة مبدئية عليه، بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.

وقالت «لاغارد» الشهر الماضي لقناة (CNN عربية)، إن مصر اقتربت جداً من الحصول على قرض صندوق النقد في غضون أسابيع، مؤكدة أنه تبقى بعض الخطوات الواجب اتباعها، أهمها إعطاء مرونة لأسعار صرف العملة المحلية.

ووضع البنك المركزي المصري اليوم، نطاق 13 جنيهاً للدولار الواحد اليوم، بما لايزيد أو ينقص عن 10% إلى حين طرحه لعطاء دولاري استثنائي اليوم، وصل 100 مليون دولار فقط بعد حديث عن أنه سيبلغ 4 مليارات دولار.

ويعني تحديد سعر 13 جنيهاً، أن قيمة العملة المحلية تراجعت بنسبة 46% عن السعر الرسمي السابق، والذي كان مطبقاً حتى صباح اليوم الخميس، هبوطاً من 8.88 جنيهات/ دولار واحد.

وحتى صباح اليوم الخميس، كان الجنيه المصري مربوطاً بالدولار الأمريكي في السوق الرسمية، عند سعر صرف 8.88 جنيهات/ دولار واحد، بينما صعد في السوق الموازية الإثنين الماضي إلى 18 جنيهاً قبل ان ينخفض أمس بشكل فجائي إلى حدود 13.

ويدفع خفض الجنيه المصري، إلى ارتفاع قيمة الواردات من الخارج، خاصة تلك المقومة بالدولار الأمريكي، وينعكس هذا الارتفاع على سعر السلعة النهائي الموجه للمستهلك المصري، أو ما يعرف بـ«التضخم».

وقفز معدل التضخم السنوي إلى 16.4% خلال أغسطس/آب الماضي، مقابل 14.8% في الشهر السابق عليه، ما يعد أعلى معدل ارتفاع منذ عام 2008، وسط توقعات بارتفاع نسب التضخم أكثر في أكتوبر/ تشرين أول بسبب فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 13%.

وتعتمد مصر على الواردات بشكل أساسي لتغطية احتياجاتها المحلية من السلع، وهذا ما أظهرته بيانات الميزان التجاري المصري (الفرق بين قيمة الصادرات والواردات) للأعوام الماضية.

وقال البنك المركزي في سبتمبر/ أيلول الماضي، إن العجز التجاري المصري بلغ 37.6 مليار دولار خلال السنة المالية الماضية 2015/2016، بإجمالي صادرات بلغت 18.7 مليار دولار، وواردات قيمتها 56.3 مليار دولار.

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفق قانون الموازنة المصرية.

إلى جانب التضخم، فإن خفض قيمة الجنيه سيعني بالنسبة للمواطن المصري، تآكل قيمة أجوره ومرتباته في حال تم تحويلها إلى الدولار الأمريكي، إلى جانب تآكله تحت وطأة وتيرة التضخم المرتفعة.

وسيدفع خفض الجنيه المصري أمام الدولار، إلى ارتفاع تكلفة الديون المستحقة على المواطن المصري والحكومة على حد سواء المقومة بالدولار الأمريكي، والفوائد المستحقة على تلك الديون.

وستبقى سلبيات القرار بادية على الاقتصاد المحلي وجيوب المواطنين، إلى حين تحقيق الهدف من القرار الصادر اليوم، وهو إعادة نشاط تداول النقد الأجنبي في البنوك، وإضعاف السوق السوداء.

وبحسب مراقبين، فإن الاستثمارات الأجنبية المحتملة في السوق المصرية، ستنتظر لحين استقرار أسعار الصرف الحالية، حتى لا تكون مشكلة شح الدولار عائقاً أمامها للاستيراد أو لنقل الأرباح إلى الخارج مع نهاية السنة المالية لها.

في المقابل، تلجأ الدول إلى قرار التعويم، لتعديل الموازين العاجزة خاصة التجارية منها، بهدف رفع قيمة المنتجات المستوردة، وبالتالي تشجيع المنتج المحلي.

وفي الحالة المصرية فإن هدفاً آخر إلى جانب تعديل موازين التجارة الخارجية، يتمثل في القضاء على السوق السوداء التي أرهقت الجهاز المصرفي المصري.

وأدى وجود السوق السوداء، إلى توجه المتعاملين لتداول الدولار فيها بعيداً عن أعين البنك المركزي والمصارف، لأنها تحقق أرباحاً في الصرف أعلى من تلك المقدمة لدى البنوك.

ولدى مصر العديد من الأهداف التي تسعى لتحقيقها مع قرار الخفض، منها تشجيع الإنتاج المحلي الذي يعتمد بدرجة أكبر على العملة المحلية لشراء المواد الخام، باستثناء تلك المدخلات التي تورد بعملة الدولار أو اليورو.

وتدفع زيادة الإنتاج إلى تشجيع الاستثمار في السوق المحلية، وتوفير أيدي عاملة مستحدثة في سوق تعاني من بطالة نسبتها تفوق 12%، والمحصلة تحسن في نسب النمو الاقتصادي.

ويعاني الاقتصاد المصري من تداعيات عدم الاستقرار السياسي وأعمال عنف تشهدها البلاد، منذ استيلاء الجيش على السلطة والانقلاب على الرئيس «محمد مرسي» أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد، في 3 يوليو/تموز 2013.

وتنفذ الحكومة المصرية سلسلة إصلاحات واشترطات قبل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي.

وأقر البرلمان المصري في أواخر أغسطس/آب الماضي، قانون ضريبة القيمة المضافة، بهدف الحصول على أموال إضافية؛ لمواجهة تداعيات نقص الدولار وتراجع القطاع السياحي والاستثمارات الأجنبية.

وعرضت الحكومة المصرية على الصندوق برنامجا للاصلاح الاقتصادي يستهدف خفض عجز الموازنة العامة للدولة الذي يقترب من 13% من إجمالي الناتج الداخلي، وتحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، وإصلاح منظومة دعم الطاقة، وزيادة ايرادات الدولة من خلال فرض ضريبة للقيمة المضافة وطرح شركات مملوكة للدولة للبيع في البورصة.

  كلمات مفتاحية

تحرير سعر الصرف الجنيه الدولار السوق السوداء

بعد تعويم الجنيه.. مصدر حكومي مصري يؤكد خفض دعم الوقود خلال أيام

بورصة مصر ترتفع مع تداولات قياسية وأداء سوق السعودية دون نظيراتها بالمنطقة

«بلومبيرغ»: مصر تسمح للشركات الأجنبية بشراء الدولار لتحويل أرباحها خارج البلاد

شاب مصري يبتكر «غرفة الغضب» للتخلص من ضغوط الحياة بـ«التكسير»