«حفتر».. رقم غامض في تحركات الجزائر لحل الأزمة الليبية

الخميس 1 ديسمبر 2016 10:12 ص

منذ عامين، وبوتيرة شبه متواصلة، تستقبل الجزائر وفودا رسمية وسياسية ليبية من مختلف التوجهات والانتماءات والمناطق، لكن يبقى لافتا عدم زيارة المشير الليبي، «خليفة حفتر»، للجارة الجزائر، التي تعتبر الشأن الليبي ضمن نطاق أمنها القومي، ومن ثم تبذل جهودا لحل الأزمة الليبية دون إقصاء لأي طرف، وفقا لتصريحات رسمية متواترة.

ومنذ سقوط نظام العقيد الليبي، «معمر القذافي»، عام 2011 إثر ثورة شعبية، تعاني ليبيا من انفلات أمني وانتشار السلاح، فضلا عن أزمة سياسية تتجسد حاليا في وجود ثلاث حكومات متصارعة، اثنتان منها في العاصمة طرابلس، وهما حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من المجتمع الدولي، وحكومة الإنقاذ، إضافة إلى حكومة ثالثة، وهي الحكومة المؤقتة بمدينة البيضاء، والتي انبثقت عن مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق).

ويوم الإثنين الماضي، أنهى رئيس مجلس النواب الليبي، «عقيلة صالح»، المنتمي لتحالف يضم «حفتر»، زيارة للجزائر دامت يومين بحث خلالهما الوضع في بلده، على أن تستقبل الجزائر خلال الأيام المقبلة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، «فايز السراج»، المدعوم من المجتمع الدولي وأحد خصوم «حفتر»، ثم وفودا ليبية أخرى ضمن مباحثات لحلحلة الأزمة الليبية.

كل المسؤولين الجزائريين الذين أجروا مباحثات مع «عقيلة صالح»، وبينهم الوزير الجزائري للشؤون المغاربية والإفريقية والعربية، «عبد القادر مساهل»، التقت تصريحاتهم على ضرورة إجراء حوار ليبي – ليبي شامل يقود إلى مصالحة ليبية دون تدخل خارجي، ودون إقصاء لأي طرف ليبي، من أجل بناء مؤسسات جديدة والحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا، معتبرين أن التدخل الخارجي هو السبب في أحداث الفوضى المستمرة منذ 2011.

وضمن مساعي منظمة الأمم المتحدة لإنهاء الانقسام الليبي جرى التوصل إلى اتفاق في مدينة الصخيرات المغربية، يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015، نص على تشكيل مجلس رئاسي (برئاسة فايز السراج) مكلف بتشكيل حكومة تحصل على موافقة مجلس النواب، في طبرق، لكن المجلس رفض أكثر من تشكيلة لحكومة الوفاق.

تعثر اتفاق الصخيرات أرجعه عبد السلام كاجمان، نائب رئيس المجلس الرئاسي، في تصريحات سابقة للأناضول، إلى ما قال إنها أطراف محلية تغلب مصالحها الشخصية على مصلحة ليبيا، وأطراف إقليمية تعمل على ضرب استقرار البلد، إضافة إلى أطراف دولية تمتلك مواقف متناقضة.

ومع إخفاق كافة المساعي حتى الآن في إنهاء الأزمة الليبية، تتحدث تسريبات إعلامية عن الإعداد لمؤتمر لحوار ليبي– ليبي في الجزائر، برعاية الأمم المتحدة، لكن دون تأكيد ولا نفي جزائري رسمي لهذه التسريبات.

ومع تصاعد التحركات الليبية نحو الجزائر، يعد «حفتر» قائد القوات المحسوبة على مجلس النواب في طبرق، أبرز شخصية ليبية لم تزر الجزائر حتى الآن في إطار مساع الوساطة الجارية من شهور.

وتتحفظ الأوساط الرسمية الجزائرية عن الحديث عن علاقاتها بـ«حفتر»، وببقى الغموض قائما بشأن احتمال وجود اتصالات معه، حيث لا يؤكد المسؤولون الجزائريون ولا ينفون وجود مثل هذه الاتصالات.

ووفقا للدكتور «أحمد ميزاب»، رئيس «اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة» (غير حكومية)، «تعمل الجزائر طيلة الأزمة الليبية على المحافظة على مسافة متساوية من كافة الأطراف الليبية حتى تكون لها قاعدة صلبة تمهد لمصالحة ليبية».

وبشأن احتمال وجود فتور في العلاقة بين الجزائر و«حفتر»، المدعوم من دول إقليمية، أعرب «ميزاب»، عن اعتقاده بأن «الجزائر ليست لها مواقف من أشخاص في ليبيا، وإنما مع مؤسسات.. الجزائر تتعامل مع كل طرف يمكنه المساهمة في حل الأزمة الليبية».

و«حفتر»، بحسب «ميزاب»، «يمثل رقما مهما في معادلة الحل في ليبيا بفضل خبرته وموقعه ودوره في المعادلة الأمنية.. ولا يمكن تصور إمكانية إقصائه من أي مساعي جزائرية لحل الأزمة، فالجزائر تنظر إليه كرجل يمكنه تقديم الكثير» من أجل المصالحة.

مستبعدا هو الآخر وجود قرار جزائري بإقصاء «حفتر»، قال «عبد السلام سكية»، الصحفي بالقسم الدولي في صحيفة «الشروق» (خاصة)، إن «الجزائر تتخذ موقفا معتدلا ومتساويا من كافة أطراف الأزمة الليبية؛ لذلك لم ولن تقصي أي طرف».

ورغم تعامل الجزائر مع كافة الأطراف الليبية، إلا أنها، بحسب «سكية» «لم تتعامل مباشرة مع القادة العسكريين الليبيين، فلم يتم استقبال قائد عمليات فجر ليبيا، اللواء عبد السلام جاد الله، وفي الطرف الآخر لم يتم التعامل أو استقبال المشير حفتر».

لكنه استدرك بأن «القرب المكاني للجزائر مع الطرف (الليبي) المسيطر على غرب البلد (قرب الحدود مع البلدين) يبدو أنه فرض على السلطات الجزائرية التعامل مع هذا الطرف العسكري في مسألة ضبط الحدود ومحاربة التهريب».

وهو أمر، وفقا للصحفي الجزائري، «لم يرق لحفتر.. وقد تجلى ذلك في حوار أجراه حفتر قبل شهور مع صحفية مصرية واعتبر فيه الجزائر دولة غير شقيقة، واتهمها بالتعامل وتيسير العمل لحكومة طرابلس».

وتتصارع الحكومة المؤقتة مع حكومة الوفاق، المدعومة من المجتمع الدولي والتي تتخذ من طرابلس مقرا لها، وقد انبثقت الحكومة المؤقتة عن مجلس النواب في طبرق، الذي تتبع له القوات العسكرية، التي يقودها حفتر وتثير تحركاتها تنديدا من المجتمع الدولي.

  كلمات مفتاحية

حفتر الجزائر ليبيا العلاقات الجزائرية الليبية

مؤشرات تعزز إقامة روسيا قاعدة عسكرية في ليبيا مقابل دعم «حفتر»

«لافروف» يلتقي «حفتر» في روسيا بعيدا عن وسائل الإعلام

«حفتر» يسيطر على معظم الشرق الليبي ويتطلع إلى طرابلس