«فوربس»: اتفاق أوبك لن يجلب الاستقرار لسوق الطاقة.. وهذه هي الأسباب

الخميس 8 ديسمبر 2016 06:12 ص

الأربعاء الماضي، أشعلت السعودية الفتيل أخيرًا. أكبر مصدّر للطاقة في العالم والزعيم الفعلي لأوبك، قادت قرار الـ 14 دولة في أوبك للموافقة على أول قرار بتخفيض الإنتاج منذ عام 2008.

سبق أن قيل الكثير عن هذا الاتفاق منذ التوصل إليه، في حين كان ردّ فعل السوق بالابتهاج. حيث انتعش سعر النفط في جلسات التداول الثلاثة التي تلت اتفاق أوبك بتخفيض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثّل 1% من الإنتاج العالمي، وارتفعت أسعار كل من النفط الخام العالمي وخام برنت المتداول في لندن ونظيره في الولايات المتحدة وخام نايمكس إلى مستويات لم نشهدها منذ منتصف عام 2015، حيث ارتفعت بنحو 15%.

ويوم الثلاثاء، تراجعت الأسواق بفعل جني الأرباح لبعض المتداولين. حيث انخفض خام برنت بـ 0.1% إلى 54.93 دولارا للبرميل، بينما تم تداول خام نايمكس متراجعًا بـ 0.4% عند 51.59 دولارا للبرميل.

وبدأت الشكوك أيضًا بالظهور حول قدرة أوبك على إلزام أعضائها فعليًا بخفض الإنتاج لتلبية بنود الاتفاق، والذي من المفترض أن يبدأ تنفيذه في يناير/ كانون الثاني. فأعضاء أوبك لديهم تاريخ متقلب فيما يتعلق بالامتثال لاتفاقات خفض الإنتاج.

وأيضًا، يتبقى كثير من العمل. سيجتمع أعضاء من خارج أوبك، بما في ذلك روسيا أكبر منتج للنفط في العالم والتي وصلت إلى 11.2 مليون برميل يوميًا في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو أعلى مستوىً لها في 30 عامًا، مع السعودية وباقي أعضاء أوبك في فيينا يوم السبت للتحدّث حول تفاصيل الاتفاق.

وتعهدت كل من روسيا وعمان والبحرين وأذربيجان بالفعل بحضور الاجتماع، في حين أنّ المكسيك وكازاخستان من المرجح أن تحضر، بحسب ما قاله مسؤولو أوبك. وهذه هي المرة الأولى التي تتعهّد روسيا بالانضمام لأوبك في اتفاق لخفض الإنتاج.

هل تلعب روسيا دور المفسد؟

مع ذلك، هناك حديث حول إمكانية إفساد الاتفاق. إذا لم يلتزم الأعضاء من خارج أوبك، لاسيما روسيا، بالاتفاق، ستنخفض قيمة اتفاق أوبك ويتراجع السوق عن الابتهاج، ليتم محو مكاسب الأيام السابقة. وسيشير ذلك أيضًا إلى أنّ تأثير أوبك على الأسواق على المدى المتوسط والطويل قد تقلّص إلى حدٍّ كبير.

هل ستمتثل روسيا؟ هذا يعتمد على من تسأل. قال «كريس ويفر»، الشريك البارز بماركو للاستشارات، لقناة سي إن بي سي، إنّ روسيا لن تلتزم باتفاقها مع أوبك، ولن تقوم بتخفيض حصّتها من الاتفاق بـ 300 ألف برميل يوميًا. وقال أنّ روسيا من الممكن ببساطة أن تتحجج بـ «المشاكل الفنية» لكي لا تلتزم بالجزء الخاص بها من الاتفاق.

وحتّى إن جلست روسيا على الطاولة، فهناك بعض المشاكل المحدّدة أمام رغبات السعودية (أوبك) لاستعادة التوازن في سوق النفط، بعد أسوأ انهيار لسوق النفط . وهذه بعض الأسباب القليلة لذلك:

أولًا: اتفاق تقليص إنتاج النفط محدد بمدة 6 أشهر، ثمّ سيتطلب التجديد مرّة أخرى. من الممكن ألّا يمثل ذلك مشكلة، لكن مع تاريخ أوبك، من الممكن أن يثير ذلك مشكلة إذا ما قرّر الأعضاء إعادة النظر في مواقفهم وخاصةً إيران والعراق.

ثانيًا: استند اتفاق أوبك على أرقام الإنتاج الخاصة بشهر أكتوبر/ تشرين الأول، حين كان الإنتاج الإجمالي لأوبك يسجل مستوىً قياسيًا بـ 33.54 مليون برميل يوميًا، وكان الشهر الخامس على التوالي الذي يحقق زيادة في الإنتاج. علاوة على ذلك، رغم أنّ السعوديين قد وافقوا على خفض إنتاجهم بـمقدار 486 ألف برميل يوميًا، ليصل إلى 10.058 مليون برميل يوميًا، سيكون ذلك أقل بشكل هامشي من إنتاج المملكة في يناير/ كانون الثاني هذا العام والذي سجّل 10.25 مليون برميل يوميًا.

وبنظرة سريعة إلى الوراء في يناير/ كانون الثاني، نتذكّر إغراقًا لسوق النفط من المعروض، واحتمالات لانخفاض سعر النفط أسفل 20 دولارا للبرميل، وتسريح للعمّال في المجالات الصناعية، وتطورات كئيبة، ولم تكن الأجواء مريحة ذلك الوقت.

وما يزيد الطين بلة، هو فرص الإنتاج القوي للنفط الأمريكي. فكما أرادت السعودية الوصول لاتفاق مع روسيا، كان عليها بقدر أكبر محاولة الوصول إلى اتفاق مع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة. بالطبع تسبب القرار السعودي بالاستمرار في زيادة الإنتاج العامين الماضيين في خروج كثير من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة عن العمل، لكنّ إنتاج النفط الصخري الأمريكي كان قد بدأ في العودة قبل وصول أوبك إلى اتفاقها، وسيستمر ذلك مع ارتفاع الأسعار الذي حدث الأسبوع الماضي.

وفي سبتمبر/ أيلول، تنبأت جولدمان ساكس بأنّ النفط الصخري الأمريكي سيزداد بنحو 600 ألف إلى 700 ألف برميل يوميًا إلى نهاية عام 2017، وهي كمية مساوية للكمية التي تريد أوبك من الدول خارجها أن تلتزم بخفضها، وهو أمر غير مريح كليًا حتّى وإن اتسمت توقعات جولدمان بالتفاؤل.

والولايات المتحدة هي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم. وسيصل متوسط إنتاجها عام 2016 إلى 8.9 مليون برميل يوميًا، وذلك أقل من متوسط عام 2015 الذي سجّل 9.4 مليون برميل يوميًا، بحسب ما صرّحت به إدارة الطاقة الأمريكية في تقرير لتوقّعات الطاقة يوم الثلاثاء.

وبعد يومٍ واحد من اتفاق خفض الإنتاج الخاص بأوبك، قال مزود بيانات السلع العالمية بلاتس أنّ التحليلات توقّعت أنّ إنتاج النفط الأمريكي سيبدأ في الاعتدال إذا وصلت الأسعار ما بين 50 إلى 60 دولارا للبرميل.

وحتّى مع الصعود الأخير في أسعار النفط بعد اتفاق أوبك، يسمّي البعض ذلك بـ «التعافي الدعائي». فحتّى مع خفض إنتاج أوبك بأكثر من مليون برميل يوميًا، سيتطلب الأمر عام ونصف العام لكي تستقر مستويات مخزونات أوبك، الأمر الذي لا يعطي انطباعًا جيدًا مرة أخرى.

وفي حين أنّه من السابق لأوانه أن نصف اتفاق أوبك بالفشل، وخاصةً مع احتمالية التزام روسيا والأعضاء من خارج أوبك بالاتفاق، فمن العادل أيضًا بالنظر إلى العوامل التي تمّت مناقشتها، أن نقول أنّ اتفاق تقليص الإنتاج الخاص بأوبك ليس كافيًا. وأفضل ما يمكنه تحقيقه هو خلق اتجاه صاعد للأسعار على المدى القصير، وربما يستمر حتّى وقت التفاوض من جديد بعد 6 أشهر على أمل إنشاء أرضية سعرية مطلوبة بشدّة فوق الـ 40 دولارا للبرميل.

المصدر | فوربس

  كلمات مفتاحية

أوبك روسيا اتفاق النفط السعودية أسعار النفط