علم الأعصاب.. هل حوّلنا علما مسالما إلى سلاح قذر؟

الجمعة 9 ديسمبر 2016 08:12 ص

في كل يوم نسمع عن أشياء كانت خيالا علميا بحتا تصبح حقيقة في الحروب الآن. طائرات مسيّرة يمكن للبشر أن يتحكموا بها بأفكارهم فقط، أدوية تُنسي الجنود التجارب المؤلمة التي مروا بها، أو تساعد على الاعتراف أثناء الاستجواب، «رمل عصبي» ينتشر في الجو ويخفف التجارب المؤلمة أثناء الحرب، أشعة ميكروويف غير مرئية اختبرت على المساجين في الولايات المتحدة تولد إحساس الحرق عن بعد؛ كوابيس أفلام الخيال العلمي تتحقق، وما هو أسوأ.

كل ما تشترك فيه هذه التقنيات، هو في كونها جميعا اختراقات في علم الأعصاب ذات طبيعة عسكرية، تموّلها الحكومات في الولايات المتحدة وأوروبا. وبالرغم من كون الكثير من أسرار المخ ما تزال مخفية، إلا إن هذه الأبحاث حققت خطوات متقدمة في تكنولوجيا الأعصاب العسكرية.

تساؤلات أخلاقية

بغض النظر عن كون هذه الابتكارات مثيرة للدهشة أو للفضول، فإنها تثير تساؤلات أخلاقية غاية في الجدية، فما هو الدور المناسب لعلم الأعصاب في الدفاع أو في الهجوم أثناء الحروب؟ هذا المقال البحثي استهدف إيجاد أجوبة لهذه الأسئلة ضمن سياق أوسع لفهم الطريقة التي تؤثر بها التكنولوجيا الطبية والعلمية على العلاقات الدولية والحرب.

هل حوّلنا علما مسالما إلى سلاح قذر؟

لفهم العلاقة بين العلم عامة والحرب، فإن علماء الأخلاقية البيولوجية والصحفيين والمستشارين السياسيين، يعتمدون عادة في فهم ذلك على فكرة «الاستخدام المزدوج». كثير من التقنيات المفيدة للإنسان قد تستغل لأذيته، وتتخذ طابعاً عسكرياً. يتحول الاستخدام إلى مزدوج في اللحظة التي تتم فيها «عسكرة» هذا العلم. لكن، هل هذا يعني أن علم الأعصاب كان مسالماً في البداية، وتمت «عسكرته»؟

جذور علم الأعصاب مزدوجة .. مدنية وعسكرية

علم الأعصاب لم تتم «عسكرته» فجأة كما يُزعَم، لكن الحقيقة أن علم الأعصاب قد نما بشكل متوازي من معاهد مدنية وعسكرية في الوقت نفسه.

تأسس علم الأعصاب الحديث في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مثل العديد من التخصصات التي تأسست أو تطورت في هذه الحقبة، مثل الفيزياء والطب النووي وغيرها. وقد تأسس علم الأعصاب عن طريق تمويل عسكري في كل من المنظمات المدنية مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهارفارد، بالإضافة إلى معاهد بحثية عسكرية مثل معهد «Walter Reed Army» للأبحاث.

ونشأ قسم الأعصاب في هذا المعهد من فكرة أهمية دراسة الباحثين لمخ الإنسان وفيسيولوجيته، بالتزامن مع دراسة علم النفس أو الطب النفسي، وقد تم تمويل علم الأعصاب وتشكيله آنذاك حسب احتياجات الحرب وضرورات الأمن القومي.

لا نستطيع أن نقول أن علم الأعصاب قد تمت «عسكرته» لأن هذا يعني أنه كان مسالماً بطبيعته في البداية، وهذا ليس صحيحا تاريخيا.

لماذا نحتاج إلى هذا الفهم؟

تجذير الموضوع بشكل سليم، يساعدنا على التشخيص والعلاج الصحيح للمشكلة، ولا يجعلنا نقع في فخ تقليل أهمية المهمة السياسية لوضع اللجام على علم الأعصاب الحربي أخلاقيا وسياسيا، كما يساعدنا على إدراك التداخل بين عالمي الحرب والسلام في تطبيقات علم الأعصاب العملية.

المصدر | آي لوف ساينس

  كلمات مفتاحية

علم الأعصاب أسلحة عصبية تجارة الحروب