مصر حقوقيا 2016.. موت بـ«التعذيب» وتنكيل بالصحفيين ومرتبة بـ«ذيل الحريات»

الخميس 22 ديسمبر 2016 02:12 ص

انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وعام مأساوي يضاف إلى الأجندة المصرية السوداء في السجل الحقوقي، خلال عهد الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، وسط انتقادات من منظمات محلية ودولية، صنفت مصر في المركز 146 في مجال الحريات الشخصية.

مصر حلت كأسوأ رابع دولة في مجال الحريات، ضمن «مؤشر الرفاهية» لعام 2016، الصادر عن معهد «ليجاتوم» البريطاني، من بين 149 دولة يتضمنها المؤشر، ولم تتقدم سوى على اليمن والسودان وأفغانستان.

وجاءت مصر في المرتبة 105 من 149 في عامل الجودة الاقتصادية والمركز 101 في بيئة العمل و117 في مؤشر الحكومة و92 في التعليم و88 في الصحة، و93 فى الأمن والأمان و146 في الحرية الشخصية.

كما حلت ضمن قائمة الدول الـ 16 السيئة السمعة، وفق التقرير السنوي الذي أصدره معهد «تقييم السمعة» الخاص بترتيب الدول في هذا المضمار وفق اعتبارات التسامح، الأمن، حقوق الإنسان، الرفاهية والشفافية السياسية والاقتصادية.

وحلت أيضا ضمن أسوأ 6 دول عربية فى حرية الإنترنت، وفقا لموقع «nytimes» الأمريكى، حيث جاءت فى المرتبة الـ 61 عالميا ويفصلها عن الترتيب المتوسط 3 دول فقط.

الموت بالتعذيب و«الهبوط»

في مصر، قد تلفظ أنفاسك تحت وطأة التعذيب في أقساط الشرطة، لكن تقرير الوفاة سيقول إن السبب «هبوط حاد في الدورة الدموية»، وهي التقارير التي اعتادت السلطات الأمنية في مصر على إخراجها بهذا الشكل لتجنب المساءلة القانونية.

«مجدي مكين» كان أول ضحية من الأقباط «الموالون للسيسي» على يد الأمن المصري، في نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، بفيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر آثار ضرب وتعذيب على جسده على يد ضباط وأمناء قسم شرطة «الأميرية»، وسط القاهرة.

وأظهر الفيديو إصابة المواطن «مجدي مكين خليل جرجس»، 52 سنة، بكدمات ووجود آثار دماء على مؤخرته وخلف أذنه، وزرقان قوي حول عينيه.

لكن وزارة «الداخلية» المصرية التي دأبت على تبرئة ضباطها وأفرادها من وقائع الانتهاكات والتجاوزات، خرجت برواية تقول إنه مات نتيجة «هبوط في الدورة الدموية».

بعد «مكين»، قتل مصري ثان على يد الشرطة تحت وطأة التعذيب، بعد ساعتين من اعتقاله وتعرضه للتعذيب.

ولفظ «ياسر صابر (37 عاما)، أنفاسه عقب ساعتين من القبض عليه، داخل قسم شرطة «أبو النمرس» جنوب الجيزة.

وأرجعت السلطات الأمنية سبب الوفاة إلى «إصابة المتهم بهبوط حاد في الدورة الدموية، وضيق شديد في التنفس تسبب في وفاته».

لكن رواية «الهبوط» لم تفلح في واقعة مقتل بائع متجول في مشاجرة وقعت خلال أبريل/ نيسان الماضي، وأثارت غضباً شعبيا كبيرا آنذاك.

وقضت محكمة مصرية، في 16 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، بسجن أمين الشرطة «السيد زينهم»، لمدة 25 عاما، بعد إدانته بقتل بائع متجول في مشاجرة بتهمتي قتل شخص والشروع في قتل اثنين آخرين.

وفي مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، قالت منظمة «هيومن رايتس مونيتور» (حقوقية غير حكومية)، إنها وثقت «مقتل 79 مدنيا خارج القانون، في مختلف محافظات مصر، خلال أغسطس/ آب الماضي».

ومنذ تولي  اللواء «مجدى عبد الغفار» وزارة الداخلية في مصر في مارس/آذار الماضي، زادت بشكل ملحوظ عمليات قتل مواطنين على يد أفراد وأمناء الشرطة، وحوادث التصفية التي تعلن عنها الوزارة، والتي شملت قيادات معروفة في جماعة «الإخوان المسلمين».

اقتحام نقابة الصحفيين

2016 كان عام التنكيل بالصحفيين في مصر، وصولا إلى اقتحام مقر نقابتهم وسط القاهرة، وحبس نقيبهم.

مطلع مايو/ أيار الماضي، نشبت أزمة حادةة بين النقابة ووزارة الداخلية، إثر اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين، وإلقاء القبض على الصحفيين «عمرو بدر»، و«محمود السقا»، من مقر النقابة، لاتهامهما بـ«خرق قانون التظاهر» في الاحتجاجات المتعلقة بجزيرتي «تيران» و«صنافير» المتنازل عنهما للسعودية.

وفي تداعيات دراماتيكية للأحداث، ردت نقابة الصحفيين بحظر نشر أخبار وزارة الداخلية، ونشر صور الوزير اللواء «مجدي عبدالغفار» نيجاتيف، الأمر الذي اعتبرته الوزارة إهانة لها، وردت بتحريك دعاوى قضائية ضد نقيب الصحفيين «يحيي قلاش»، وزميليه «خالد البلشي»، و«جمال عبد الرحيم»، عضوي مجلس نقابة الصحفيين؛ بتهمة «إيواء هاربين (صحفيين اثنين) من العدالة» في مبنى النقابة.

في يوم السبت 20 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، وفي حكم هو الأول في تاريخ نقابة الصحفيين المصريين، قضت محكمة مصرية، بالحبس عامين، وكفالة 10 آلاف جنيه (625 دولارا أمريكيا) لوقف التنفيذ، بحق كل من «قلاش»، و«البلشي»، و«عبد الرحيم».

وقبل أن يلملم العام 2016 أوراقه قررت لجنة حكومية، في 14 ديسمبر/ كانون أول، التحفظ على أموال الكاتب الصحفي «مصطفى صقر»، ورئيس مجلس إدارة شركة «بيزنس نيوز» ويصدر عنها صحيفتان هما «البورصة» المصرية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، وصحيفة «الديلي النيوز إيجيبت» التي تصدر باللغة الإنجليزية.

بناء سجون جديدة

في 14 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت السلطات المصرية، البدء في بناء سجن مركزي جديد بمحافظة «القليوبية» شمال القاهرة، ليكون السجن الحادي عشر، الذي يصدر قرار بتشييده، خلال أقل من ثلاث سنوات، والثالث خلال العام الجاري.

وأنشأت «الداخلية المصرية» خلال أقل من ثلاث سنوات، 10 سجون في أنحاء البلاد، هي: «ليمان جمصة (2013)، وليمان المنيا، وشديد الحراسة المنيا (2014)، والصالحية بالشرقية (2014)، والجيزة المركزي (2014)، والنهضة بالقاهرة (2015)، وسجن 15 مايو (2015)، وأسيوط (2015)، وسجن مركزي جديد، في محافظة البحيرة (2016)، وسجن مركزي بمديرية أمن القليوبية (2016)».

وتعج السجون المصريون بنحو 50 ألف معتقل وفق تقديرات حقوقية، أغلبهم من أنصار «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب في مصر، والذي أطيح به في انقلاب سكري في 3 يوليو/ تموز 2013.

في يوم واحد إبان مظاهرات 25 أبريل/ نيسان الماضي، فيما عرف إعلاميا بـ«جمعة الأرض» اعتقلت السلطات المصرية 423 شخصا، من بينهم أكثر من 40 صحفيا، وهي الاعتقالات الأكبر منذ فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة»، في 14 أغسطس/ آب 2013.

توالي المنع من السفر

عقب نشره فيديو «التوك توك» وتداوله على نطاق واسع محققا نحو 20 مليون مشاهدة، عاقبت السلطات المصرية في 24 نوفمبر/تشرين ثان الماضي الإعلامي المصري «عمرو الليثي»، بالمنع من السفر، بناء على قرار من النائب العام.

والشهر الماضي، أثار «الليثي»، مقدم برنامج «واحد من الناس»، على فضائية «الحياة» الجدل بمقطع فيديو لسائق «توك توك» ضمن تقرير عن أوضاع البلاد المعيشية، أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب النقد اللاذع الذى وجهه السائق ضد موجة الغلاء التي يعانى منها المصريون الآن.

بينما تم منع الناشطة والمحامية «عزة سليمان» من السفر إلى الأردن، يوم 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، وتم تجميد أرصدتها الشخصية وأرصدة المنظمة غير الحكومية التي ترأسها.

وتم منع الحقوقي المصري «محمد زارع» من السفر وهو في طريقه لحضور ورشة عمل في تونس في مايو/ أيار الماضي.

وقال «مالك عدلي» وهو محام حقوقي منع من السفر في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني، إنه لم يتلق تفسيرا لقرار منعه من مغادرة البلاد.

و«عدلي» هو أحد أعضاء فريق من المحامين يحاول أمام المحاكم إبطال اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية نقلت إلى المملكة تبعية جزيرتي «تيران» و«صنافير».

وصدرت قرارات بمنع سفر العديد من الناشطين أخيرا في مصر بينهم الناشطة المعروفة «إسراء عبد الفتاح» والحقوقية «مزن حسن» بحجة وجود تحقيقات جارية بحقهم.

وفي فبراير/تشرين ثان الماضي، منعت سلطات مطار القاهرة الدولي، الصحفي المصري، «حسام بهجت»، عضو المجلس العالمي للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، من السفر الى الأردن بناء على طلب من النائب العام.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، أيدت محكمة مصرية تجميد أصول خمسة نشطاء حقوقيين بارزين وثلاث منظمات غير حكومية لاتهامهم بتلقي أموال من الخارج.

وفي ديسمبر/كانون أول الجاري، اتهم الحقوقي المصري البارز «جمال عيد»، «جهة عليا تابعة لسلطات البلاد بإغلاق مكتبتين مملوكتين له».

واعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية أن حظر سفر الناشطين «يأتي ضمن حملة أوسع لقمع الاصوات المستقلة الناقدة داخل البلاد».

وكانت 16 منظمة حقوقية مصرية أرسلت في 9 مارس/ آذار الماضي، خطابا لـ«زيد رعد» المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حول حالة حقوق الإنسان في مصر، طالبت خلاله بتمكين منظمات المجتمع المدني في مصر من العمل بحرية في ظل إطار تشريعي يمتثل للمعايير الدولية، والحفظ الفوري لملف قضية التمويل الأجنبي سيئة السمعة التي تحمل رقم 173 لسنة 2011.

كما طالبت بتعديل قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 على نحو يتوافق مع الدستور المصري والتزامات مصر الدولية، وكذا تعديل تعريف التعذيب بالمادة 126 من قانون العقوبات المصري، لكي يتسق مع التعريف الأشمل الوارد باتفاقية مناهضة التعذيب، وتعديل المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 لكي يتسق مع المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الصادرة عن الأمم المتحدة، وإلغاء الحكومة المصرية والبرلمان المنتخب حديثا المادة 98 (و) من قانون العقوبات والمتعلقة بازدراء الأديان.

المطالب الحقوقية لم تجد صدى لدى أجهزة الدولة المصرية التي تتجه إلى مزيد من التضييق على الحريات، والقمع، وسط دعوات لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وفرض رقابة أكثر صرامة على شبكة الانترنت، والتنصت على الهواتف الشخصية. 

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي وزارة الداخلية المصرية السجون المصرية نقابة الصحفيين أوضاع حقوق الإنسان

القضاء المصري يقضي ببراءة الناشطة «آية حجازي» و6 آخرين

كندا تخفف إجراءات قبول المصريين كلاجئين.. ونشطاء: بقينا زي سوريا والعراق

حقوقي مصري «ممنوع من السفر» يفوز بجائزة دولية