«ستيفن كوك»: ماذا تفعل تركيا وروسيا في سوريا؟

الاثنين 26 ديسمبر 2016 06:12 ص

يقدّم «ستيفن كوك»، من مجلس العلاقات الخارجية، السياق الدرامي والقصة وراء اغتيال السفير الروسي في أنقرة.

عندما أطلق ضابط شرطة مفصول من الخدمة النار على السفير الروسي في تركيا يوم الاثنين، صرخ، كما ورد، قائلًا: «لا تنسوا حلب. لا تنسوا سوريا». وكانت روسيا قد استقطبت إدانة دولية واسعة لدورها في الحصار المستمر والقصف على الجيوب التي يسيطر عليها الثوّار في حلب، والتي سقطت في الأيام الأخيرة في يد قوّات الرئيس السوري «بشار الأسد» وحلفائه.

وكانت تركيا وروسيا على طرفي النقيض من الصراع، مع تسليح تركيا لمقاتلي المعارضة ضد «الأسد» حليف روسيا. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، أسقطت تركيا طائرة مقاتلة روسية قالت تركيا أنّها انتهكت مجالها الجوي، الأمر الذي أدّى إلى توتّر العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، وفي أعقاب محاولة انقلاب فاشلة ضده في الصيف، كانت الزيارة الخارجية الأولى للرئيس «رجب طيب أردوغان» بعد محاولة الانقلاب إلى موسكو، حيث تقابل مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» وبدآ في رأب الصدع. والأسبوع الماضي، توسطت تركيا وروسيا، في غياب الولايات المتّحدة، مع قوّات من المتمرّدين في سوريا لإجلاء المدنيين من حلب. ولا يزال من المقرر اجتماع وزراء الخارجية والدفاع من روسيا وتركيا وإيران في موسكو يوم الثلاثاء لمناقشة الوضع.

ووقع حادث الاثنين الماضي في سياق انتقال الصراع من سوريا إلى تركيا، حيث نفّذت «الدولة الإسلامية» العديد من الهجمات العام الماضي، إلى جانب قتال الحكومة التركية في معركة منفصلة ضد الانفصاليين الأكراد في الجنوب الشرقي على حدود سوريا. وفي أعقاب الهجوم، تحدّثت مع الباحث «ستيفن كوك» من مجلس العلاقات الخارجية حول خلفيته وآثاره المترتبة. وفيما يلي نص مكثف بعد التحرير للنقاش.

«كاثي غيلسينان»: ماذا تفعل تركيا مع روسيا في سوريا؟

«ستيفن كوك»: حسنًا، يعمل الأتراك على الأرجح مع الروس على إجلاء شرق حلب. ومن المثير للاهتمام، أنّ الأتراك والروس لم يلجؤوا للولايات المتّحدة للمشاركة في ذلك بأي شكل من الأشكال. وأعتقد أنّ هذا يشير إلى نوعية العلاقات بين الولايات المتّحدة وتركيا، وأيضًا إلى فكرة سعي الأتراك نحو علاقات أفضل مع الروس، حتّى مع كونهما كانا على طرفي النقيض في الصراع المرعب في سوريا.

«غيلسينان»: لقد كانا على طرفي النقيض، فما هي طبيعة تعاونهما؟

«كوك»: في الوقت الراهن، طبيعة العلاقة قيد التفاوض، فلم يوقع أي منهما حتّى الآن على أي نوع من الاتفاق، ولا نعرف ماذا سيحدث حقيقةً أو ما إذا كان هذا الالتزام بالتنسيق سيتحول إلى شيء في النهاية. نحن نرى الأسلوب الذي لعبت به روسيا هذه اللعبة من قبل، لكن مع ذلك أعتقد أنّ الأتراك لا يزالون مهتمّين بالعمل مع الروس لعدة أسباب، لأنّ الروس بشكل واضح يملكون التأثير في المساعدة في الإجلاء. والأتراك، وهذا شيء جدير بالثناء، من باب التضامن والرعب تجاه ما يجري في حلب، فتحوا طريقًا عبر الحدود لاستقبال 80 ألف شخص من حلب إلى تركيا للبحث عن الأمان هناك. لكن مدى التعاون الكامل بين الأتراك والروس في سوريا لا يزال، كما أعتقد، محدودًا إلى هذه اللحظة، وكذلك إعطاء الروس الإذن لتركيا للتحرك نحو سوريا أواخر أغسطس/ آب.

«غيلسينان»: هل يمكنك التحليق بنا بشكل موجز حول أهداف تركيا في سوريا؟ هل يسعون للإطاحة بـ«الأسد»؟

«كوك»: لقد كان ذلك ثابتًا منذ صيف عام 2011. وكانت هناك إشارات من قبل رئيس الوزراء التركي خلال الخريف أنّهم من ربما يبتعدون عن ذلك الهدف. لكنّه وضّح سريعًا وقال لا، سنبني علاقات مع سوريا بالطبع في حالة رحيل «الأسد» فقط. لذا، كان ذلك هدفهم الرئيسي.

وكان هدفهم الثانوي ضمان عدم تمكّن الأكراد من إنشاء أرض متصلة ومتاخمة للحدود التركية. ولقد أعلن الأكراد بالفعل كردستان الغربية، لكنّ الأتراك لا يريدون تمكينهم من كسب الأراضي تباعًا خوفًا من إنشاء ما يعتبره الأتراك دولةً إرهابية جنوب الحدود التركية. وينظر الأتراك للحزب الكردي السوري الرئيسي وقواته المقاتلة، وحدات حماية الشعب، والمعروفة باسم «بي واي جي»، وهو ما أظنّه صحيحًا للغاية، على أنهم لا يمكن تمييزهم إلى حد كبير عن منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية والتي تخوض حربًا مع تركيا منذ منتصف الثمانينات. وبهذا يوجد هدفين، «الأسد» يجب أن يرحل، ومنع السوريين الأكراد من بناء دولة يكون لها تبعاتها السيئة على أمن تركيا. ومن ثمّ أصبح هناك هدف ثالث، وهو مواجهة «الدولة الإسلامية»، لكنّه كان ذا أولوية متدنية خلف الهدفين الآخرين.

«غيلسينان»: إذا كانت نقطة الخلاف الجوهرية في المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا هي قضية «الأسد»، لماذا تمكّنت تركيا من التقدّم مع روسيا وليس الولايات المتحدة؟

«كوك»: أعتقد أنّ الأمر أكثر من مجرد تحقيق الأتراك تقدمًا مع روسيا، فبعد إسقاط الأتراك للمقاتلة الروسية في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015، شدّد الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» العقاب على الأتراك، فقطع كل أنواع التجارة والتي أضرّت قطاعات من الاقتصاد التركي، وسمح لأكراد سوريا بفتح مكتب لهم في موسكو. وكانت تدور شائعات حول تنسيق روسيا مع الأكراد في ساحة المعركة. وأثرّت هذه الأشياء بشكل عميق في الأتراك وأجبرت «أردوغان» على التراجع وأخذ خطوات للخلف والقيام بهذه الرحلة إلى موسكو الصيف الماضي، والسعي للتقارب مع الروس.

وكان الأتراك جيدين للغاية في هذا الأمر. لقد كانوا قادرين على تجزئة أهدافهم العامة في سوريا مع أولويات السياسة الخارجية. وهكذا عملوا مع الإيرانيين في مجموعة متنوعة من القضايا. لكن يبدو أنّ الأتراك الآن قد أدركوا أنّه من الواضح أنّ الولايات المتّحدة قد تمّ تهميشها في الصراع السوري. والروس هم صاحب اليد العليا في المكان. وإذا كان عليهم أن يبقوا الأكراد السوريون تحت السيطرة، وإذا كانوا يريدون تقديم الإغاثة للسوريين، فموسكو هي الوجهة لكل ذلك، وليست واشنطن.

«غيلسينان»: ماذا ينبغي علينا أن نفعل، إذا كان هناك شيء نفعله، إذا كان مطلق النار ضابط شرطة حقًا؟

«كوك»:لست متأكدًا إن كان ينبغي علينا فعل شيء لهذا. بعض أصدقائي الأتراك والذين هم خصوم لـ«أردوغان» يحاولون الاستفادة من ذلك. لكنّ الاستفادة الأكبر التي يحاولون إحرازها هي ربط «أردوغان» بجبهة النصرة. ولم يتم تأكيد أي من ذلك، على الرغم من أنّه لبعض المحاورين الأتراك، فإن هذا كل ما يحتاجون، ويمكن للمرء أن يتفهم ذلك، في ظل بيئة الأزمات التي يعيشون فيها في الوقت الراهن. لا أعتقد أنّنا ينبغي أن نرفض فكرة إمكانية ارتباط النصرة بالأمر، فبعد كل شيء، قد عمل الأتراك مع جماعات متشددة عديدة ومتنوعة من أجل إضعاف «الأسد»، وهذا ما يجعل الفكرة معقولة. لكن لا يوجد دليل مباشر حتّى الآن. وقد أطلق رجل شرطة النار على المعتدي وأرداه قتيلًا، لذا فمن الواضح عدم وجود فرصة لاستجوابه.

والاحتمال الآخر أنّه مجرّد فرد، مثل العديد من الأتراك، تلقّى العديد من الأخبار والقصص والصور المروّعة عبر الإنترنت عمّا يحدث في سوريا، وقد تمّ تحفيزه مع كل سكان تركيا معنويًا لتبنّي قضية سوريا من قبل الحكومة، حيث أرادت تركيا لعب هذا الدور الريادي في إسقاط «الأسد»، ولعبت دورًا غير عادي وجدير بالثناء للغاية في توفير الملاذ للسوريين الباحثين عن السلامة. ولا يعنيهم المنعطف الذي اتّخذه «أردوغان» نحو الروس في شيء. شخص ما يسعى للانتقام من جرائم الروس ضد الإنسانية، ويمكن للمرء تخيّل ذلك بسهولة. ولأكون صريحًا تمامًا، فأنا مندهش أنّه مع كل هذا العنف الذي سمحت به وارتكبته روسيا في سوريا، فإنّ الأمر قد استغرق وقتًا طويلًا قبل أن يبدأ الأفراد والجماعات في استهداف الروس مباشرةً. وبتعبير آخر، بالطبع كان الاغتيال صدمة، لكنّه ليس مستغربًا تمامًا.

«غيلسينان»: ما هي السيناريوهات المقبلة الممكنة من وجهة نظرك؟ وإلى أين نحن ذاهبون من هنا، إذا كنّا سنذهب إلى مكانٍ ما؟

«كوك»: أعتقد أنّ الأتراك مستمرّون في فعل ما يفعله الأتراك دائمًا تمامًا، كلّما تعرّضوا لهذا النوع من التهديد. سيحشدون الكثير والكثير والكثير من الناس. وسيتخذون قرارًا بشأن السرد الذي يخدم مصالحهم. وبالنظر إلى ما تمتلكه الحكومة من أدوات إعلامية، فإنّ هذا السرد هو ما سيتبناه الشعب، وستكون هذه هي القصّة. وسيكون من الصعب معرفة الحقيقة بدون استجواب المعتدي. وبالطبع، أنا متأكد أنّه سيكون هناك أطنان من الأدلة الجنائية وهلمّ جرا. لكن مرة أخرى، في بيئة مثل تركيا، حيث توجد ثقة قليلة جدًا في مؤسسات الدولة والحكومة، ومع وجود هذا النوع من وزارة الإعلام الافتراضية التي صنعها حزب أردوغان، العدالة والتنمية، فلدى الناس أسبابهم لكي يكونوا متشكّكين فيما يتعيّن على الحكومة قوله.

المصدر | كاثي غيلسينان - ديفينس وان

  كلمات مفتاحية

تركيا روسيا حلب بشار الأسد مقتل السفير العلاقات التركية الروسية