مصر تهدد بـ«الدستورية» في أزمة «تيران وصنافير».. وسياسي: روادع تنتظر السعودية

الاثنين 26 ديسمبر 2016 09:12 ص

كشفت الحكومة المصرية، أنها ستلجأ إلى المحكمة الدستورية العليا، في حال صدور قرار نهائي من المحكمة الإدارية العليا بمصرية جزيرتي «تيرؤان وصنافير».

وقال المستشار «رفيق شريف» نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، المسئول الأول للدفاع عن الحكومة في تلك القضية، قوله إن قضية «تيران وصنافير» لن تنتهي حتى ولو خسرت الحكومة الجولة الثانية.

وأضاف: «في حال صدور حكم من الإدارية العليا، بتأييد حكم القضاء الإدارى، واعتبار الجزر مصرية، فإن الخطوة الأخيرة ستكون إقامة دعوى تنازع أحكام أمام المحكمة الدستورية العليا لوجود تناقض بين هذا الحكم، والحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة لصالح الحكومة».

وتابع «شريف»: «المعركة القانونية إذن ستكون كلمة النهاية فيها للمحكمة الدستورية العليا، وليس في الحكم الصادر من مجلس الدولة، في الوقت الذى سيظل فيه موقف مجلس النواب من التصديق على الاتفاقية معلقاً لحين انتهاء المعركة داخل ساحات المحاكم»، بحسب صحيفة «الوطن» المصرية.

وعن دور مجلس النواب، نقلت الصحيفة عن قانونيين، قولهم إنه في حال تأكيد المحكمة الدستورية مصرية الجزيرتين، سينتهى دور مجلس النواب، ولن يتم عرض الاتفاقية عليه.

وأضافوا أنه في حال الأخذ بأن الاتفاقية عمل سيادى، وأن مجلس النواب هو صاحب الكلمة النهائية فيها، سنكون أمام خيارين، الأول التصديق على الاتفاقية بسعودية الجزيرتين، أو رفض التصديق عليها.

وفي حال الرفض لن يكون أمام السعودية سوى اللجوء إلى سيناريو التحكيم الدولى لمقاضاة مصر والحصول على الجزر.

مسلسل التقاضي

وكانت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا بمصر، أعلنت في 19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، حكم أول درجة برفض استشكال الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية واستمرار مصرية جزيرتي «تيران وصنافير».

ويعتبر التقرير القانوني لهيئة المفوضين استشاري وغير ملزم للمحكمة الإدارية العليا، إلا أن المحكمة تسترشد به في قرارها.

وقدمت الحكومة المصرية، في الجلسة الأخيرة للقضية أمام المحكمة الغدارية، وثائق جديدة تقول إنها تثبت تبعية جزيرتي «تيران وصنافير» للمملكة العربية السعودية.

وانتهت الهيئة في تقريرها، الذي أودعته، أمام المحكمة، إلى الحكم برفض طعن هيئة قضايا الدولة (ممثل الحكومة) على حكم أول درجة وتأكيد صحته.

وكانت محكمة القضاء الإدراي قضت، الشهر الماضي، برفض استشكال هيئة قضايا الدولة، الجهة الممثلة للحكومة، الذي يطالب بوقف تنفيذ حكم بطلان اتفاقية «تيران وصنافير» لحين الفصل في طعن الدستورية، كما قضت بالاستمرار في تنفيذ الحكم، وتضمن الحكم أيضا تغريم الحكومة مبلغ 800 جنيه.

قرار المحكمة، دفع هيئة قضايا الدولة، للتقدم باستشكالين جديدين، لوقف حكم بطلان الاتفاقية، وذلك نيابة عن رئاسة الجمهورية ومجلس النواب.

ووفق تسلسل التقاضي في مصر، يحق لمحام الدولة والشعب الطعن على حكم القضاء الإداري، أمام المحكمة الإدارية العليا التي تعد أعلى درجات التقاضي في الشق الإداري.

ووفق القانون يظل الحكم المطعون من دون فصل نهائي حتي تفصل فيه المحكمة الإدارية العليا.

وكان «على أيوب»، المحامي وأحد المترافعين في الدعوى الذي صدر له ولآخرين الحكم السابق، قال وقتها إن حكم القضاء الإداري بالاستمرار في تنفيذ الحكم، ورفض استشكال الحكومة، يمنع مؤسسات الدولة من تطبيق الاتفاقية أو تعديلها.

وفي 21 يونيو/ حزيران الماضي، قضت محكمة القضاء الإداري برئاسة القاضي «يحيي الدكروري»، بإلغاء الاتفاقية التي وُقعت بين مصر والسعودية في 8 أبريل/ نيسان الماضي، واستمرار الجزيرتين ضمن السيادة المصرية.

وفي 23 من الشهر نفسه، طعنت الحكومة على الحكم، عن طريق القاضي، «رفيق عمر الشريف»، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، أمام المحكمة الإدارية العليا، بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ببطلان توقيع الاتفاقية.

وفي أغسطس/آب الماضي، أعلنت هيئة قضايا الدولة تقدمها بطلب لوقف تنفيذ (استشكال) حكم محكمة القضاء الإداري القاضي ببطلان الاتفاقية، قبل أن ترفضه المحكمة 8 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي.

وفي 25 أبريل/ نيسان الماضي، أقر مجلس الشورى السعودي (البرلمان) الاتفاقية بالإجماع، فيما لم يصدق عليها البرلمان المصري كشرط لتصبح نهائية وسارية.

وشهدت مصر، مظاهرات يومي 15، 25 أبريل/ نيسان الماضي؛ احتجاجًا على قرار الحكومة المصرية بـ«أحقية» السعودية في الجزيرتين بموجب اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود.

وردت الحكومة المصرية على الانتقادات، التي وجهت لها بعد توقيع الاتفاقية، بأن الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعت للإدارة المصرية عام 1967 بعد اتفاق ثنائي بين القاهرة والرياض بغرض حمايتها لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك وكذلك لتستخدمها مصر في حربها ضد (إسرائيل).

فيما قال الرئيس «عبد الفتاح السيسي»، في خطاب سابق، إن مصر تعاملت مع الجزيرتين بمنظور «فني وقانوني»، مؤكدا أن مصر «لم ولن تفرط في شبر في أراضيها».

تهديد سياسي

ونقلت الصحيفة، عن «طارق فهمي» أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأحد مستشاري الرئاسة المصرية، اتهامه للسعودية التصعيد ضد مصر، مشيرا إلى أن بلاده صابرة و«لكن إذا استمرت السعودية في التصعيد والعمل ضد مصالح مصر، فسيكون هناك روادع سياسية واستراتيجية ضدها».

وعلى الرغم من اعتراف «فهمي» أن الموقف السياسى لتلك القضية كانت له تداعيات كثيرة، بسبب المعالجة الخاطئة له من جانب النظام سواء فى تقديمه للرأى العام أو توقيت إعلانه خلال زيارة الملك «سلمان» لمصر، إلا أنه قال إن القضاء بيده كلمة الفصل.

وأضاف: «مصر خسرت سياسياً بسبب معالجتها هذا الملف سواء في توقيت إعلانه أو تقديمه للرأي العام، ولكنها سرعان ما تداركت أخطاءها بعد وصول الملف إلى ساحة القضاء، ليقول كلمة الفصل فيه، وحسناً فعلت مصر بعدم حسمها هذه الأزمة انتظاراً لحكم القضاء».

واعتبر «فهمي» الجزر، بمثابة ترمومتر في العلاقات السياسية بين مصر والسعودية، وتحول من ملف قانوني إلى ملف يتم استخدامه من قبل السعودية للضغط على مصر في ظل ما يروج له الأمير «محمد بن سلمان» ولى ولى العهد السعودى ووزير الدفاع، بأنه هو الذى استطاع استعادة الجزيرتين من مصر.

وزاد «فهمي» من تحميل تصاعد الأزمة السياسية بين البلدين للسعودية، حين قال: «بعيداً عن المعالجة الخاطئة من قبل الحكومة للأزمة منذ البداية، إلا أنه يحسب لها وللرئيس عبدالفتاح السيسي الاحتكام إلى القضاء، ورفض الاستجابة لضغوط المملكة»، لافتاً إلى أنه «يجب على السعودية أن تتفهم أن مصر دولة مؤسسات، وأن هذه القضية ما زالت أمام القضاء، وهو من سيقول كلمة الفصل فيها لفك مسارات الأزمة».

وأشار إلى أن «السعودية قامت بتسييس أزمة الجزيرتين، بعد الموقف المصرى في الأمم المتحدة تجاه سوريا، والذى كان معارضاً للموقف السعودي، فلجأت إلى وقف إمداد مصر بالبترول، وبدأت تصعد في علاقتها مع مصر خاصة بعد زيارة مستشار الملك سلمان لإثيوبيا وسد النهضة»، بحسب قوله.

وأضاف: «يجب أن تتفهم السعودية وتضع الأمور فى سياقها، لاسيما أن مصر حريصة على استمرار علاقة الأشقاء، ولم ترفض أى وساطة قامت بها الكويت والإمارات، ولم يهاجم الرئيس السيسي السعودية».

جزء من الأزمة

وتعد مسألة جزيرتي «تيران وصنافير»، جزءا من الأزمة القائمة بين مصر والسعودية حاليا، حيث تعتبر المملكة ما حدث خداعا متعمدا للملك «سلمان بن عبد العزيز»، الذي زار القاهرة مطلع أبريل/ نيسان الماضي، ووقع عددا من الاتفاقات التي كان في مقدمتها تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتي «تيران وصنافير»، في مقابل مساعدات اقتصادية سعودية.

وشملت المساعدات تزويد مصر بمشتقات بترولية، واستثمارات مباشرة، ووديعة في المصرف المركزي لدعم الاحتياطي النقدي، لكن مصر أوقفت تسليم الجزيرتين في أعقاب تظاهرات غاضبة، وتحركات قضائية قام بها معارضون مصريون أسفرت عن حكم قضائي بوقف الاتفاقية.

وهو ما دفع المملكة للتحرك جديا في قرار وقف إمدادات المشتقات البترولية عبر شركة «أرامكو»، التي يسيطر عليها الأمير «محمد بن سلمان» ولي ولي العهد السعودي.

وتمر العلاقات السعودية المصرية بأسوأ أطوارها منذ انقلاب يوليو/ تموز 2013 في مصر، إذ أخذ كل فريق بالتلويح بالأوراق البديلة التي يملكها في وجه الآخر، فيما باتت خريطة التقارب بين الدول الإقليمية الكبرى (مصر والسعودية وتركيا وإيران) آخذة في التشكل من جديد في ضوء المعطيات الجديدة.

ورجح مراقبون تصاعد التوتر في العلاقات الخليجية المصرية خلال الفترة المقبلة لاسيما أن الوزن الاستراتيجي للدول النفطية قد تراجع لدى القاهرة بعد الاتفاق النووي الغربي مع إيران وتوقيع «الكونغرس» قانون «جاستا» وانهيار أسعار النفط بشكل دفع مصر للبحث عن حلفاء جدد ربما تتوفر لديهم كميات من «الرز» قادرة على انتشال الاقتصاد المصري من أزمته.

ويرى محللون أن حكام الخليج تخلوا عن «السيسي» الذي لم ترضهم بوصلته أو عدم تحديد بوصلته بتعبير أدق، لذلك من الطبيعي أن تتوقف مساعدات مالية أو منتجات بترولية كانت تأتي في وقت ما من الرياض للقاهرة، خصوصا في ظل حكم براجماتي يمثله الملك «سلمان».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تيران صنافير مصر السعودية المحكمة الإدارية المحكمة الدستورية محكمة