إعدام «النمر».. القشة التي أشعلت نار الصراع بين السعودية وإيران خلال 2016

الثلاثاء 3 يناير 2017 07:01 ص

لم تكن بداية الصراع بين السعودية وإيران، مع إعدام رجل الدين السعودي والمرجع الشيعي «نمر النمر» في 2 يناير/ كانون الثاني 2016، وإنما كانت شرارة لاشتعال أزمة جديدة بين البلدين.

2016، كان عام الخلاف بين الرياض وطهران بامتياز، استخدمت فيه كل دولة، ما تملك من إمكانيات سياسية كانت أو دبلوماسية أو استخباراتية أو حتى اقتصادية للضرب في الأخرى، إلا انها لم تصل إلى التدخل العسكري.

عام كامل مر، على بداية أزمة جديدة بين البلدين، نستعرضها في التقرير التالي..

خلافات سابقة

العلاقات بين البلدين كانت، قد شهدت توترا ملحوظا خلال الفترة السابقة لإعدام «النمر» وآخرين، فمنذ تأسيس الحكومة المذهبية في إيران عقب الثورة الإيرانية عام 1979، اعتبرت السلطات السعودية، هذه الحكومة، منافسة جديدة لها في المنطقة، واستمرت العلاقات الثنائية بين البلدين، منذ ذلك الحين على هذا الأساس.

وققبل ذلك التاريخ، انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام 1943، بسبب إعدام السلطات السعودية أحد الحجاج الإيرانيين، وعادت بعد ذلك بسنوات.

وفي عام 1988، تمّ احتلال السفارة السعودية بطهران، وقتل أحد الدبلوماسيين السعوديين فيها، احتجاجا على مقتل 400 إيراني خلال موسم الحج فيما عرفت باسم «أحداث مكة 1987»، الأمر الذي أدّى إلى إعلان الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

واستمرت هذه القطيعة حتّى عام 1991.

على عكس فترة الثمانينات، توصف فترة التسعينات وبداية الألفية، بأنها فترة ذهبية في العلاقات الإيرانية السعودية وخاصة مع وصول رئيسين إصلاحيين مثل «هاشمي رفسنجاني» و«محمد خاتمي» الذي زار السعودية في عام 1997 في أرفع زيارة لمسؤول إيراني للسعودية منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، كما وقعت اتفاقية أمنية بين البلدين في العام 2001، ليتبعها بعد ذلك زيارة وزير الداخلية السعودي آنذاك الأمير «نايف بن عبدالعزيز» لإيران في أرفع زيارة لمسؤول سعودي لإيران منذ عقود.

إلا انه مع توالي الأحداث، وتسليم أمريكا إدارة العراق، عقب احتلاله في 2003، إلى جماعات شيعية والتعاظم الإيران في البلد المجاور للسعودية، والتفوق النفسي والسياسي النسبي، الذي حققه «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران، على (إسرائيل)، في حرب يوليو/ تموز 2006، ساعد على صعود الجيوسياسية الشيعية في المنطقة، عاد التوتر من جديد وزادت تخوف السعودية.

وفي العام 2009، واجهت السعودية، تسلل عناصر من الحوثيين المدعومين من إيران، للحدود السعودية، فيما عرفت باسم «حرب الخوبة»، إلا أنها سريعا ما انتهت بانسحاب الميليشيات الحوثية جراء القصف المدفعي والجوي السعودي عليهم.

أما في 2011، ومع تصاعد ثورات الربيع العربي، أرسلت السعودية وحدات عسكرية إلى البحرين، لإخماد المظاهرات التي نظمتها حركات شيعية مدعومة إيرانيًا، قبل ان يتم اعتقال شخصين يحملان الجنسية الإيرانية، عقب محاولتهما اغتيال السفير السعودي السابق لدى واشنطن، وزير الخارجية الحالي «عادل الجبير».

زاد من الأزمة في ذات العام، إعلان ظهران، و«حزب الله»، دعمهم الصريح نظام «بشار الأسد» في سوريا قبل ان يتدخلا فعليا من خلال إرسال قوات مقاتلة إلى جانب النظام، فيما تبنّت المملكة موقفًا داعمًا للمعارضة.

وفي العام 2015، زاد التوتر بين البلدين، عندما احتل الحوثيون المدعومون من إيران، أجزاء واسعة في اليمن، ولجأ الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي»، إثر ذلك إلى السعودية، حيث بدأت قوات التحالف العربي، الذي تشكل لاحقًا بقيادة المملكة، بقصف مواقع الحوثيين في اليمن.

كما كان الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوقيع عليه منتصف 2015، جرس إنذار لإعلان السعودية تخوفاتها وعدد من الدول الخليجية، من الامتداد الإيراني وتوسعه في المنطقة.

ومع أزمة الحج في العام 2015، وحادثة التدافع في منى، اتهمت السلطات الإيرانية، السعودية بالإهمال وإخفاء العدد الحقيقي لضحايا التدافع، الذي كان بينهم مئات الإيرانيين.

وعلى الرغم من عقد البلدين في ديسمبر/ كانون الأول 2015، اجتماعًا على مستوى نوّاب وزراء الخارجية، لتقييم العلاقات الثنائية بينهما، إلا أن إعدام «نمر» في 2 يناير/ كانون الثاني 2016، كانت قشة قصمت ظهر البعير بين البلدين.

شرارة الأزمة

في صباح 2 يناير/ كانون الثاني 2016، أعلنت السلطات السعودية، إعدام 47 شخصاً بتهم متعلقة بالإرهاب، معظمهم مرتبطون بتنظيم «القاعدة»، بينهم 4 من الشيعة أبرزهم «نمر النمر» وهو عالم دين شيعي سعودي ذو نشاط سياسي معارض، وله روابط بالنظام الإيراني.

وأثار إعدام «النمر» موجة ردود فعل بين الشيعة في الشرق الأوسط عموماً وفي إيران خصوصاً، حيث أدانت إيران عملية الإعدام، وتوعدت السعودية بأن تدفع الثمن غالياً، قبل ان يهاجم المئات من المتظاهرين الإيرانيين مبنى القنصلية السعودية في مدينة مشهد، وقاموا بإضرام النيران في أجزاء منها وإنزال العلم السعودي.

أما السفارة السعودية في العاصمة طهران، فقد تعرضت هي الأخرى لاقتحام من متظاهرين، وقاموا بتهشيم الأثاث وزجاج النوافذ، وقام بعضهم بنهب محتويات السفارة قبل أن تقوم الشرطة الإيرانية بتفريقهم.

وفي اليوم التالي، 3 يناير/ كانون الثاني 2016، أعلن وزير الخارجية السعودية «عادل الجبير» قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، وطالب أعضاء البعثة الدبلوماسية الإيرانية بمغادرة السعودية خلال 48 ساعة.

وبعد ذلك، تم إعلان قطع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وهو ما جرى مثله في عدد من الدول العربية والخليجية.

إلا أن الأمير «محمد بن سلمان»، ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، قال حينها في مقابلة مع صحيفة «ذي إيكونوميست» إن أي حرب بين بلاده وإيران هي «بداية لكارثة كبرى في المنطقة».

وتابع: «أي شخص يدفع للحرب بين إيران والمملكة العربية السعودية ليس في كامل قواه العقلية، لأن الحرب بين المملكة وإيران هي بداية لكارثة كبرى في المنطقة ... ونحن لن نسمح بالتأكيد بحصول أي شيء من هذا القبيل».

لبنان

بدأ الخلاف بين السعودية ولبنان، مع فبراير/ شباط، هاجم «حسن نصر الله» السعودية، واتهمها  بتسليم اليمن إلي تنظيم «الدولة الإسلامية»، مضيفا أن «المملكة تتآمر مع تركيا و(إسرائيل) لمساعدة الجماعات الإرهابية التابعة لهم في سوريا».

عدم رد الدولة اللبنانية على تصريحات «نصر الله»، دفعت السعودية إلى الإعلان في 19 فبراير/ شباط، وقف مساعداتها للجيش اللبناني، والتي تقدر بـ4 مليارات دولار تقدمها سنويًا لتسليح الجيش وقوة الأمن الداخلي اللبنانيين، بيد أن «حزب الله»، اعتبر القرار السعودي «ليس نهاية العالم بالنسبة للبنان».

زاد من الأزمة، إعلان الخارجية الإيرانية، استعداد طهران تقديم مساعدات للبنان لتعويضها عن انقطاع المساعدات السعودية، ورهنت تقديم المساعدة بطلب الحكومة في بيروت، قبل أن تطلق السعودية تحذيرا لمواطنيها من السفر إلي لبنان حرصًا على سلامتهم.

وفي 1 أبريل/ نيسان، دخلت وسائل الإعلام السعودية على خط الأزمة بين بيروت والرياض، فهاجم محتجون مكتب صحيفة «الشرق الأوسط»، ردًا على نشر الصحيفة لكاريكاتير ينتقد الدولة اللبنانية.

إلا أن التصريحات الرسمية الصادرة لاحقاً من لبنان، أكدت أهمية العلاقات مع السعودية، والتي كان أبرزها إعلان رئيس الوزراء اللبناني رغبة بلاده في الحفاظ على العلاقات مع الدول العربية لاسيما المملكة.

واستمر الوضع كما هو، حتى أكتوبر/ تشرين الأول، عندما أعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق «سعد الحريري»، المدعوم من السعودية، تأييده ترشيح خصمه «ميشال عون» المدعوم من «حزب الله» لرئاسة البلاد، مؤكدا أن قبوله بذلك هو «تسوية سياسية» خوفا على لبنان في ظل شلل الحكومة منذ بداية الحرب السورية، وهو ما عزز صعود حلفاء إيران وتراجع الدور السعودي في البلاد.

فمع إدراكها صعوبة هزيمة «حزب الله» فيما يبدو، فإن لبنان تراجع إلى قاع قائمة الأولويات الإقليمية للسعودية، بسبب انشغالها بمواجهة إيران في اليمن والبحرين وسوريا.

ودفع هذا حلفاء الرياض في لبنان لعقد صفقات جديدة من أجل الحفاظ على مصالحهم.

إلا أنه عقب قبيل انتخاب «عون»، زار «ثامر السبهان» وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، لبنان في زيارة هي الأولى لمسؤول رفيع المستوى منذ توتر العلاقات بين البلدين.

وعقب انتخاب «عون»، ترأس الأمير «خالد فيصل» أمير مكة، وفد رفيع المستوى، إلى لبنان، للتأكيد على عمق العلاقات.

فيما ينتظر أن يشهد الشهر الجاري، زيارة مرتقبة لرئيس الجمهورية اللبنانية «ميشال عون» إلى المملكة السعودية، هي الزيارة الأولى له خارج البلاد بعد انتخابه.

«حزب الله»

في 2 مارس/ آذار 2016، بدأ صراعا جديدا بين البلدين، بطله الابن الشرعي لإيران وهو تنظيم «حزب الله» اللبناني، عندما أعلن مجلس التعاون لدول الخليج، أن «مليشيا حزب الله، منظمة إرهابية، مع شمول التصنيف لكافة قادة الحزب، وفصائله، والتنظيمات التابعة له، والمنبثقة عنه»، وبعد ذلك بأيام وصف بيان ختامي صادر عن اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس الحزب بالإرهابي، كما قرر وزارء خارجية الدول العربية في اجتماعهم، إدراج «حزب الله» في قوائم التنظيمات الإرهابية.

وجاء القرار على خلفية اتهامات دول الخليج للحزب، بالضلوع في «إثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها»، بحسب البيان.

وبالطبع، دافعت طهران بشدة عن فتاها المدلل وذراعها اليمين بالمنطقة العربية «حزب الله»، ورفضت القرارات السابقة وصبت جم غضبها واتهاماتها دول الخليج، وهو ما لاقى ردود غاضبة أيضا من مسؤولين بتلك الدول.

وتفعيلاً للقرارات العربية باعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية، أعلنت وزارة الداخلية السعودية أن كل مواطن أو مقيم يؤيد أو يظهر الانتماء إلى «حزب الله»، سوف تطبق ضده عقوبات مشددة.

 أزمة الحجاج

وفي سبتمبر/ أيلول، تصاعد التوتر بين السعودية وإيران، استعداد لموسم الحج، الذي انتهى إلى غياب الحجاج الإيرانيين عنه هذا العام، بعد فشل المفاوضات بين مسؤولي الحج في السعودية وهيئة الحج الإيرانية لتنظيم سفر الحجاج الإيرانيين إلى المملكة.

وقالت وزارة الحج السعودية إن بعثة «منظمة الحج والزيارة الإيرانية، امتنعت عن توقيع محضر إنهاء ترتيبات قدوم الحجاج الإيرانيين لأداء فريضة الحج، وإن المملكة ترفض تسييس هذه الشعيرة أو المتاجرة بالدين».

أما هيئة الحج الإيرانية فقالت من جانبها إن السعودية وضعت شروطا لا يمكن للهيئة أن تقبلها، وقالت إن «الجانب السعودي أعلن عدم تقديمه ضمانات لسلامة الحجاج الإيرانيين».

واعتادت المملكة أن تصدر سنويا تحذيرا لحجاج إيران من إقامة مراسم تسمى بـ«البراءة من المشركين»، وتقول الرياض إن «تلك المراسم من شروط طهران هذا العام للسماح لمواطنيها بأداء الحج».

وإعلان «البراءة من المشركين» هو شعار ألزم به المرشد الإيراني الراحل «آية الله الخميني»، حجاج بيت الله الحرام من الإيرانيين برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات تتبرأ ممن يعتبرونهم مشركين، وترديد هتافات بهذا المعنى.

كما فشلت المفاوضات بين الجانبين عندما تم فتح موسم العمرة في نهاية العام.

«السبهان» والعراق

حلقة جديدة من حلقات التوتر هذا العام بين البلدين، كان بطلها «ثامر السبهان»، حين كان سفيرا للمملكة بالعراق.

«السبهان»، عين سفيرا في العراق في 2 يونيو/ حزيران 2015، ثم قدم أوراق اعتماده سفيرا جديدا للسعودية في العراق إلى الرئيس «فؤاد معصوم» في 18 يناير/ كانون الثاني 2016،

وذلك بعد قطيعة دبلوماسية بين البلدين دامت ربع قرن.

إلا أنه بعد أزمة طويلة بين «السبهان» والسعودية من جهة، والعراق المدعومة إيرانيا من جهة اخرى، تم تغييره، وتقرر تعيين «عبدالعزيز الشمري» قائماً بالأعمال في سفارة المملكة ببغداد.

ففي 28 سبتمبر/ أيلول، طلبت وزارة الخارجية العراقية من نظيرتها السعودية استبدال سفيرها في بغداد، بذريعة تدخله في الشؤون الداخلية العراقية، وهو ما أثار خلافات بين القوى الشيعية العراقية التي رحّبت بالقرار، والقوى السنية التي اعتبرته إرضاء لإيران.

وجاء الطلب العراقي باستبدال السفير السعودي، بعد حملة شنتها قوى عراقية حليفة لإيران ضد «السبهان» متهمين إياه بتهديد السلم الأهلي في البلاد، إثر إشارته إلى الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية ضد أهالي المناطق السنية التي يتم تحريرها من سيطرة «الدولة الإسلامية»، وهي انتهاكات أكدتها منظمتا «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش».

وقال حينها المعارض الإيراني «محمد مجيد الأحوازي»،  إن «قاسم سليماني» القيادي البارز في الحرس الثوري، هو من يقف خلف طلب العراق باستبدال السفير السعودي في العراق «السبهان»، وهو ما ساتجابت له السعودية في 16 أكتوبر/ تشرين الأول، عندما صدر أمراً ملكياً بتعيين «السبهان»، وزير دولة لشؤون الخليج العربي.

«سليماني» وسوريا

الحرب في سوريا، كانت أحد محطات الصراع أيضا بين البلدين، حيث اعتبر تحقيق قوات «بشار الأسد» المدعومة شيعيا من إيران وقوات الحرس الثوري و«حزب الله» وروسيا عبر طائرات ودعم لوجيستي، ومؤخرا مصريا عقب الخلاف مع السعودية، سيطرة على الأراضي التي كانت بحوزة المعارضة، انتكاسة للسعودية التي تدعم الفصائل المقاتلة.

فعلى الأرض، استطاعت المجموعات المسلحة الشيعية، بدعم إيراني أفغاني مصري وغطاء جوي روسي، مساندة قوات النظام السوري في السيطرة علي حلب، وخرجت قوات المعارضة والمدنيين من المدينة، بعد حصار طويل ضرب على المدينة، كان للميلشيات الشيعية، سواء الإيرانية أو اللبنانية، دور كبير فيه، واستخدمت في هذه الضربة كل الشعارات الطائفية وعلى رأسها حماية مقام «السيدة زينب».

النفوذ الإيراني تصاعدت معه مظاهر التشيع في دمشق، وظهر ذلك بشكل كبير، عندما أقيمت في ذكري عاشوراء لطميات داخل دمشق، كما أقيم عرض عسكري في صحن مقام السيدة زينب؛ تأبينًا لأحد قادة «حزب الله» في سوريا وهو «مصطفي بدر الدين».

هذا التفوق للميليشيات الشيعغية في سوريا، جرأ قادة الحرس الثوري الإيراني للتهديد من قرب التدخل في كل من البحرين واليمن، حيث قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء «حسين سلامي» إن «الانتصار في حلب مقدمة لتحرير البحرين، شعب البحرين سيحقق أمنيته، وسيسعد الشعب اليمني، وسيتذوق سكان الموصل طعم الانتصار»، مشيرًا إلى أن إيران تقدم دعمًا غير محدود لجماعة الحوثي في اليمن.

«التحالف» في اليمن

وعلى الرغم، من قيادة السعودية للتحالف العربي من أجل إعادة الشرعية في اليمن، بناء على طلب من الرئيس «عبد ربه منصور هادي»، إلى ان هذه الحرب لم تراوح مكانها طوال العام، سوى بتحرير بعض المدن من سيطرة الحوثيين.

في الوقت الذي تعتبر إيران، التي تدعم جماعة «الحوثي»، أن قبول السعودية لمبادرة وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» والمبعوث الأممي «إسماعيل ولد الشيخ أحمد»، انتصارا لها، على المملكة.

يأتي ذلك، في الوقت الذي قدمت السعودية مليارات الدولارات في الحرب، وتعهدت بصرف المزيد من أجل الدفاع عن حدودها وأراضيها، بحسب ما ذكر «محمد الجدعان» وزير المالية السعودي.

واكتفى «الجدعان»، في رده على سؤال حول تكلفة حرب اليمن، بالقول «إن المملكة ستدفع بكل قدراتها للدفاع عن ذلك»، غير أن شبكة «سي إن إن» الأمريكية، قالت في أبريل/ نيسان 2016، إن الجيش السعودي أنفق منذ اندلاع «عاصفة الحزم» باليمن، في 26 مارس/آذار 2015، نحو 5.3 مليار دولار.

تثبيت إنتاج النفط

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، اتفقت الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» على أول خفض لإنتاج النفط منذ عام 2008.

 وقال وزير النفط السعودي «خالد الفالح» بعد الاجتماع: «أعتقد أنه يوم سار لأسواق النفط.. ويجب أن يكون يوما سارا للاقتصاد العالمي».

وبموجب الاتفاق، تتحمل السعودية «حصة الأسد» من هذا التخفيض بواقع نصف مليون برميل يوميا، حيث تراهن على حدوث انتعاشٍ سريع في أسعار النفط يضمن لها الحفاظ على إيراداتها وعدم خسارة حصتها من سوق النفط لصالح موردين آخرين.

ووافق العراق المدعوم إيرانيا، على نحو غير متوقع على خفض إنتاجه بواقع 200 ألف برميل يوميا، بعدما كان يصر على حصة إنتاجية أعلى لتمويل حربه ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

أما إيران، فضحت بشكل أقل، اعتبرها معظم المحللين بمجال النفط إنَّها تنازلات محدودة لإتمام الاتفاق، تعد مجرد إجراءات تقنية لحفظ ماء الوجه واسترضاء للسعودية.

وجاءت تنازلات إيران، بعد أن أخفقت اجتماعات «أوبك» على مدار الشهور الأخيرة، نظرا للجدل بين السعودية القائد الفعلي للمنظمة، وإيران ثالث أكبر منتج للنفط في التكتل، ولطالما قالت طهران إن «أوبك» لا ينبغي لها أن تمنعها من استعادة مستويات الإنتاج التي فقدتها خلال سنوات العقوبات الغربية.

خلية التجسس

دانت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، في ديسمبر/ كانون الأول 2016، في حكم أولى قابل للطعن، 30 عضوًا من خلية التجسس الإيرانية، وقضت بإعدام 15 منهم (سعوديون)، والسجن لـ15 آخرين لمدد متفاوتة تبدأ من 6 أشهر إلى 25 عامًا، فيما برأت شخصين (سعودي وأفغاني).

وكانت المحكمة ذاتها شرعت في 21 فبراير/ شباط الماضي، النظر في قضية خلية متهمة بالتجسس لصالح إيران، تتكون من 32 شخصًا.

وتعود القضية إلى مارس/ أذار 2013، عندما أوقفت السلطات الأمنية في السعودية 18 شخصا (16 سعوديًا وآخران لبناني وإيراني) في أربع مناطق في المملكة، بتهمة «الانتماء إلى شبكة تجسس في المملكة وإقامة علاقات مباشرة مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية»، قبل أن تطلق سراح المتهم اللبناني الذي ثبت أنه ليس له صلة بالقضية، وبعد ذلك تم القبض على بقية عناصر الخلية.

يشار إلى أن من بين المدانين من يشغلون مناصب مرموقة في المجال الاقتصادي والمالي والأكاديمي، إضافة لوظائف أخرى.

وجاءت عملية اعتقالهم بتعاون بين رئاسة الاستخبارات العامة ووزارة الداخلية.

وكانت الداخلية كشفت تفاصيل الضبط في بيان لها، وقالت إنه تم القبض على المتهمين في عمليات أمنية منسقة ومتزامنة تمت في أربع مناطق من المملكة، هي مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، بالإضافة إلى المنطقة الشرقية.

وكشفت التسريبات الإعلامية عن التحقيقات، أن 2 من المتهمين التقوا المرشد الأعلى لإيران «علي خامنئي» خلال وجودهما في إيران، وأن المتهمين تنقلوا بين 16 دولة، وأرسلوا 124 تقريرا لطهران، قبل اعتقالهم.

حرب كلامية

علاوة على الأحداث الكبرى السابقة، شهد العام العديد من التصريحات الإيرانية وخاصة من جنرالات عسكريين، والذين هددوا دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وهي التصريحات التي كانت ترد عليها المملكة بالهجوم على طهرا، باعتبارهم «ليسوا مسلمين وإنما هم أبناء المجوس».

كما أنه لا يكاد يعقد اجتماع خليجي، إلا ويندد بالتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة وخاصة مجلس التعاون، كما صدرت العديد من المطالبات لطهران بضرورة احترام حسن الجوار، والتي كان آخرها خلال القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت الشهر الماضي.

كما تكررت التصريحات السعودية المطالبة من طهران، إعادة الجزر الإماراتية المحتلة، والداعمة للأحواز في غرب إيران.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران تجسس النفط سوريا حزب الله لبنان خلافات نمر النمر