عادوا بخفي حنين.. إعلاميون خدموا «السيسي» وكان جزاؤهم «قعدة البيت»

الأربعاء 4 يناير 2017 08:01 ص

«عادوا بخفي حنين» أو «آخرة خدمة الغز علقة».. مقولات تناقلتها الأخيال المتعاقبة تحكي قصص سابقة عن الفشل في تحقيق الهدف، أو نكران الجميل.

إعلاميون مصريون ينطبق عليهم المقولتين، فمنهم من عاد إلى بيته يحمل إمام قرارا بوقف برنامجه أو قرارا بمنعه من الظهور، ومنهم من خرج من مصر هاربا أو مرحلا.

و«الغز» لفظ مصري عامي اقتبسه المصريين من لفظ الغزاة، في إشارة إلى المماليك وجنودهم الذين عثوا في مصر فسادًا خلال حكمهم.

وهذا ينطبق أيضا على ما جرى لعدد من الإعلاميين المصريين، الذين ضاق النظام المصري بهم ذرعا، بسبب انتقاداتهم، ليجدوا أنفسهم مطرودين من الشاشة، وجالسين في بيوتهم، وممنوعين من الظهور.

لم يشفع لهؤلاء الإعلاميين، ما قاموا به قبيل الانقلاب على «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب، كما لم يشفع منهم تأييدهم للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» إبان انتخابات الرئاسة.

كان قرار طرد هؤلاء الإعلاميين، وإجلاسهم في بيوتهم، لا رجعة فيه، بعد انتقادات وجهوها للنظام وسياساته.

باسم يوسف

كان أول المطرودين من الإعلام، هو الساخر «باسم يوسف»، الذي أعلن في 2 يونيو/ حزيران 2014، وقف برنامجه «البرنامج» بسبب «ضغوط كبيرة» قال إنه تعرض لها، وذلك عشية إعلان فوز قائد الانقلاب في مصر «عبد الفتاح السيسي» بالرئاسة.

وكان برنامج «يوسف» الذي اشتهر بسخريته الحادة من كل السياسيين منذ ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق «حسني مبارك»، جرى إيقافه من قبل قناة «MBC مصر» السعودية بشكل موقت، وذلك «لعدم التأثير على الناخبين» قبل الانتخابات الرئاسية، ولم يعد مرة اخرى، بإعلان مقدمه وقف البرنامج.

وقال «يوسف» في مؤتمر صحفي حينها على مسرح «راديو» الذي يستضيف تصوير برنامجه: «لا أقدر أن ألوم القناة على الذي حصل.. الظروف والضغوط كانت أكبر من أي أحد»، مشيرا إلى ضغوط مورست على القناة لوقف «البرنامج».

وشكر «يوسف» القناة السعودية على تحمل الضغوط، وقال «هم حاربوا كثيرا من أجل البرنامج».

وأضاف: «فضلنا أن يتوقف البرنامج على أن نهين البرنامج»، من دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل عن هذه الضغوط أو مصدرها.

وأوضح «يوسف» الذي ظهر وسط فريق عمله أن الحلقة التي أعدها تمهيدا لاستئناف بث «البرنامج» قد منعت من قبل السلطات، وقال إن «قرار المنع جاء قبل أن يشاهد المسؤول عن المنع الحلقة»، متابعا «البرنامج بشكله الحالي لن يسمح له بأن يستأنف سواء على قناة مصرية أو غير مصرية».

وحول الرسالة التي يمكن أن يوجهها للشخص أو الجهة التي تقف خلف قرار منع البرنامج، قال «يوسف»: «لماذا أنت خائف؟».

ولم تكن حلقة «البرنامج» قد سجلت عند صدور قرار المنع، بحسب «يوسف» الذي رفض أيضا الكشف عن محتواها.

وفي مجمل تفسيره لقرار التوقف، قال «يوسف»: «تعبت من المعافرة والقلق والخوف على سلامتي الشخصية وسلامة أسرتي»، مضيفا: «أنا لست مناضلا أو محاربا، أنا كنت أقول رأيي ساعة في الأسبوع».

وعقب ذلك، سافر «يوسف»، خارج البلاد، ويصدر بحقه حكما قضائيا، ويوضع على قوائم ترقب الوصول، بع عة بلاغات قدمت ضده، بسبب هجومه على النظام الحالي و«السيسي».

يسري فودة

صديق «يوسف»، الإعلامي «يسري فودة»، كان أول اللاحقين به، عندما أعلن في 22 سبتمبر/ أيلول 2014، توقف برنامجه «آخر كلام»، الذي كان يذاع على فضائية «أون تي في».

ولم يوضح «فودة»، حينها أسباب توقف البرنامج، لكنه أشار إلى انتهاء عقده لهذا العام.

وعقب ذلك بأيام، اعترف رجل الأعمال المصري «نجيب ساويرس» مالك القناة حينها، بالأسباب الحقيقية وراء توقف برنامج «فودة»، وقال إنه تعرض لضغوط كبيرة لإيقاف «آخر كلام» من فلول نظام «مبارك»، منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، مروراً بعهد المجلس العسكري وحكم «محمد مرسي» وصولاً إلى النظام الحالي.

وعقب ذلك، قال «فودة»: «العام الأخير من برنامجي كان يسير على حد السكين، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكانت رغبتي الشخصية ألا نكمل، وعندها قمت بجمع فريق العمل، وأجرينا تصويت على استكمال البرنامج عامًا آخر أم سنتوقف ليس فقط من الناحية السياسية بل ومن الناحية الوطنية أيضًا، وهل لو استمر البرنامج سنكون جزء من مشهد لن نقدر نغير به ونصبغ شرعية على مشهد لنا تحفظات عليه، وفي المقابل إذا استمررنا هل نقدر نعمل فارق أم لا؟».

وبعد ذلك، شن «فودة» هجوما ضاريا على «السيسي» ونظامه، وقال: «تعرضت للنفي إعلاميا، هناك مصادرة مباشرة للمجال العام كله من قبل الحكومة والنظام، وعلى رأسها السيسي.. بمنتهى البساطة والمباشرة هذا نظام يعمل على خنق الحياة السياسية، ونفى تام للمجتمع المدني.. وحتى مجلس النواب كلنا عرفنا كيف تشكل ليخرج خطاب بأي نوع».

وتابع: «كنت أتمنى أن يظل صوتي يصدر من مصر، ولكن الأوضاع الحالية أصبحت صعبة بسبب التضييق على الحريات، ولم يعد أحد قادر على قول ما لديه».

وعاد «فودة» بعد ذلك، للإعلام عبر برنامج «السلطة الخامسة» على قناة «دويتشه فيلله»، وقال عن هذه العودة إنها تعد «إدانة للمشهد الإعلامي العربي، حاولت أرجع وعندي الحد الأدنى من القدرة على احترام الذات، مازالت المنابر الموجودة فى العالم العربي أصبحت ضيقة الأفق إلى حد بعيد.. أؤكد احترامي للجميع اللى بيحاول يقدم إعلام محترم في ظروف قاسية، لكن الصورة مش فيها استقطاب بس، لكن عكس كل ما يقوله كل كتاب.. قعدت سنة ونص آمل أن يصل صوتي للناس من خلال كتابة المقالات بعد وقف برنامجي».

ريم ماجد

الصديقة الثالثة للثنائي «يوسف» و«فودة»، كانت الإعلامية «ريم ماجد» التي ظلت تقدم برنامجها «بلدنا بالمصري» طوال عامين ونصف العام تقريبا بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، دون توقف، خاضت خلالها الكثير من المعارك كان أبرزها الحلقة التى حاورت فيها عقب سقوط «مبارك» مباشرة، الفريق «أحمد شفيق» رئيس الوزراء فى هذا الوقت، وبمشاركة زميلها «فودة» والروائي «علاء الأسواني» واجهته بكل ما يدور فى الشارع، فاضطر للاستقالة في اليوم التالى للحلقة مباشرة.

إلا أنها احتجبت بعد الانقلاب مباشرة، خصوصا أنها كانت من الداعين لمظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013 والمشاركين فيها، ومن المؤيدين من اللحظة الأولى للتمرد ضد «مرسي»، واستمر غيابها لفترة طويلة حتى تحدثت لأول مرة على صفحات جريدة «الشروق» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 لتكشف أسباب غيابها، وتؤكد أنها اتخذت قرارا بعدم العودة للشاشة بعد أن غيرت قناة «أون تي في» توجهاتها بشكل يتعارض مع قناعاتها الشخصية، فاختارت أن «تحتجب وتغيب عن الشاشة على ألا تكون جزءا من القناة في تلك اللحظة».

استمر ابتعاد «ريم» عن الشاشة وسط اتهامات تطاردها بـ«الخيانة والعمالة والطابور الخامس»، إلى أن اختارت العودة منتصف 2015 من خلال برنامج نسائي أسبوعي تحت اسم «جمع مؤنث سالم»، الذي أنتج بالاشتراك بين مؤسسة «دويتشه فيله» الألمانية، لكنها لم تقدم سوى حلقتين فقط، أعلن بعدها إيقاف البرنامج.

«ريم»، قالت: «أبلغوني في إدارة القناة أن جهات سيادية أمرت بوقف برنامجي (جمع مؤنث سالم)، لم أصدق وضحكت، لكني اكتشفت بعدها أن الأمر حقيقي»، وتابعت: «مفيش سبب واضح لوقف البرنامج، ومحدش قال أي حاجة أو تعليق على محتوى البرنامج، كما أنه ليس مقبولًا منع برنامج اجتماعي أو سياسي طالما يراعي الضوابط».

واستطردت حينها: «لم أتلق أي تعليقات سلبية على مضمون الحلقات مؤخرا، واعتراض الجهات السيادية لم يوضح سبب وقف البرنامج»، مشيرة إلى أن «الوصاية الحقيقية عند المنع تفرض على المشاهدين أكثر من الإعلامي، فهو بمثابة اعتداء على حق المواطنين في المعرفة والاختيار، وعلى الجهة صاحبة القرار مطالبة بتوضيح أسباب القرار».

بيد أن مصادر إعلامية، قالت إن كنّ الجهات السياديّة المرتبطة بالرئاسة أو بجهاز المخابرات، اعتبرت الحلقة الأخيرة للبرنامج الذي تحدّث عن المشاكل التي يتعرّض لها الصحفيون المصوّرون، وتطرّقت إلى حريّة التعبير، كما نقلت مشاهدات من الثورة، عبر تجربة مُصوّرة غطّت أحداثاً سياسيّة مختلفة منذ الثورة، هي السبب».

وعقب ذلك بشهور، قالت «ريم» إنها ممنوعة من الظهور على أي قناة مصرية، موضحة أنها توقفت عن العمل لأنها تعتبر أن «نصف الحقيقة كذب».

محمود سعد

وفي مساء 24 ديسمبر/ كانون الأول 2015، قال الإعلامي «محمود سعد»، إنه سيترك فضائية «النهار» خلال أيام، وأن الخبر الذي تم تداوله بعض المواقع الإخبارية بأنه لن يكمل مشواره مع القناة صحيح.

وأضاف «سعد»، مبررا قراره أن برنامجه «آخر النهار»، تمتع فيه بحرية كبيرة إلا أن «ضغوطا تعرض لها وتعرض معه فيها عمرو الكحكي العضو المنتدب لشبكة القنوات النهار، بسببه».

ولم يكشف «سعد»، عن طبيعة هذه الضغوط، إلا أن مصادر إعلامية قالت إن هذه الضغوط جاءت بعد أن شهدت الفترة الأخيرة لـ«سعد» في القناة، هجوما منه على النظام، واتهامات وجهها للسلطة بتعمد وضع الشباب في السجون.

وكان «سعد»، نشر صورة لـ«السيسي» إبان توليه وزيرًا للدفاع، في فترة حكم المجلس العسكري (فبراير/ شباط 2011- يونيو/ حزيران 2012) ومعه عدد من الشباب، وعلق على الصورة قائلاً: «السيسي أصبح رئيس والشباب في السجون».

وعقب انسحاب «سعد» بشهور، ظهر في مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قائلا إنه «غير راض عن الحالة التى يعيشها الآن، ولكنه ومع كل هذا يشعر بالراحة النفسية والسعادة»، مضيفا أن «جميع المشاهدين يعلمون تماما الأسباب الحقيقية وراء عدم ظهوره على شاشات الفضائيات».

وأشار «سعد»، إلى أنه «مر بتجربة اعلامية قام من خلالها بكافة الجهود الممكنة لتوضيح الرؤية للشعب المصرى وتوصيل صوت البسطاء من أبناء الوطن إلى المسئولين»، لافتا إلى أنه «راض تماما عما قام به خلال هذه المرحلة من أعمال لصالح مصر والشعب المصرى فقط».

وقال: «أنا فى الوضع اللى أنا فيه دة مش مبسوط لكنى مستريح.. أنتم شايفين الشاشة عاملة إزاى والدنيا عاملة إزاى.. أنا مش هعلق أنا قعدت ليه ورحت فين، وجيت منين، هذه أمور أنتوا تقدروا تستنتجوها زى ما أنتوا عايزين.. إنما أنا بكلمكم أنتم (بس)، وأنا مش عايز أطلع فى التلفزيون ومش حابب أطلع في أي حتة، ويمكن بعضكم يفهم إيه المغزى من الكلام، لكن أنا مش هتكلم خالص واللي حصل حصل».

ليليان داوود

لم يشفع للمذيعة اللبنانية «ليليان داود» أنها كانت أول من استضاف حملة «تمرد» في برنامجها «الصورة الكاملة»، على فضائية «أون تي في»، منتقدة «مرسي» وجماعة الإخوان المسلمين، وتعبيرها عن فرحتها بالانقلاب، من وقف برنامجها، وترحيلها من مصر.

«ليليان» التي قالت لحظة الانقلاب: «هذه هي المرة الثانية التي أكون فيها على الهواء لإعلان سقوط دكتاتور عربي بعد مبارك»، عارضت فض اعتصام رابعة والنهضة، وانتقدت التعامل الأمني مع الصحفيين والنشطاء بعد الانقلاب.

وسبق لـ«ليليان» أن تناولت في إحدى حلقات برنامجها «كيف تبني دولة الاستبداد من خلال تغييب الحقائق وإرهاب الناس؟»، واستضافت ثلاثة أشخاص معروف عنهم معارضتهم للنظام.

وبحسب تقارير إعلامية مصرية فإن «ليليان» تضامنت مع منظمي وقفة ضد قانون التظاهر، كما أنها هاجمت النظام المصري بمقدمة وصفت بالنارية في إحدى حلقات برنامجها، واصفة الوضع القائم بـ«الدولة الغائبة».

وعقب ذلك، تعرضت لحملة إعلامية عام 2016 من قبل إعلاميين من أنصار «السيسي»، وكذلك من مؤيديه على شبكات التواصل الاجتماعي الذين كانوا يطالبون بترحيلها ويتهمونها بمعارضة النظام.

وأُثيرت تلك الانتقادات بسبب تغطية البرنامج المثيرة للجدل للقضايا السياسية المصرية التي نادرا ما تتناولها برامج التلفزيون الموالية للحكومة، كان نتيجتها أن تم إنهاء تعاقدها مع القناة، خصاة بعد أن اشتراها رجل الأعمال «أحمد أبو هشيمة» المعروف بولائه الكبير لـ«لسيسي».

وبعد ساعات من توقيعها على إنهاء تعاقدها مع القناة، في 26 يونيو/ حزيران 2016، وعودتها إلى بيتها، اقتحم 8 عناصر أمنية من مباحث الجوازات المنزل، وأجبروها على الخروج معهم لترحيلها من مصر.

وصرحت «ليليان» بعدها أن الاقتحام تم بعد ساعة واحدة من الإعلان عن إنهاء عقدها مع القناة.

وأوضحت أنها باعتبارها أمّا لفتاة مصرية، وكانت متزوجة من مواطن مصري، وحاملة لجواز سفر بريطاني، كانت تتوقع معاملة أفضل خاصة وأنها كانت مستقرة بمصر ولديها ممتلكاتها.

وأكدت «ليليان» أنها لم تنتقد أو تتهجم قط على «السيسي»، مبرزة أنها كانت تتناول القضايا العامة التنفيذية وفق القواعد المهنية المعمول بها.

وقالت إنها تأسف لانحدار سقف الحريات في مصر إلى درجة لم تكن حتى في «عهد حكم الإخوان»، قائلة: «السلطات في مصر لا تتحمل أي رأي مغاير، لم نكن نتخيل أن سقف الحريات سينزل لهذا المستوى مقارنة مع خمس سنوات مرت، للأسف -حتى إني مضطرة أقولها- في سنة حكم الإخوان لم نشهد ما شهدناه في هذا الوقت».

مجدي الجلاد

«أنا صرصار».. كان وصف الإعلامي «مجدي الجلاد» حال المصريين خلال حكم «السيسي»، خلال مقال نشره في 2 يوليو/ تموز 2015، بصحيفة «الوطن» الذي كان يترأس تحريرها، والذي كان يتضمن هجوما شديد على السلطة القائمة في مصر.

وقد كان هذا المقال، سببا رئيسيا في اختفاء «الجلاد» من المشهد الصحفي والإعلامي بأوامر سيادية وجهات عليا في الدولة.

فبعد ذلك المقال وخاصة في 3 أغسطس/آب 2015، أعلن «محمد الأمين» رئيس مجلس إدارة صحيفة «الوطن» الإطاحة بـ«الجلاد» من رئاسة التحرير.

زتزامنا مع ذلك، اختفى «الجلاد» لفترة عن برنامجه «لازم نفهم» الذي يذاع على فضائية «سي بي سي»، قبل أن يعود مجددا بعد أن خفت بريقه.

توفيق عكاشة

«يقيم الآن بمزرعة للخيول يمتلكها ويرفض لقاء أي أحد، رغبة منه في التخلص من الضغوط العصبية والنفسية التي لازمته خلال الفترة الأخيرة وما صاحبها من هجوم عليه من الجميع سواء وسائل الإعلام أو السياسيين أو زملائه في البرلمان».. هكذا تحدث البرلماني المصري «إلهامي عجينة» صديق النائب والإعلامي المثير للجدل «توفيق عكاشة»، عن حال الأخير عقب إسقاط عضويته البرلمانية بسبب لقائه سفير (إسرائيل) واختفائه عن الأنظار، وتوقف برنامجه والقناة التي يمتلكها.

ففي مارس/ آذار الماضي، قرر مجلس النواب المصري، إسقاط العضوية عن «توفيق عكاشة»، بأغلبية 465 صوتا، على خلفية لقائه السفير الإسرائيلي «حاييم كوريين»، وحديثه معه عن أمور تتعلق بالأمن القومي وفق رئيس المجلس «علي عبدالعال».

إلا أن «عكاشة»، قال إن اللقاء تم بعلم من المخابرات المصرية.

وفي ذات الشهر، أعلنت قناة «الفراعين» التي كان يديرها «عكاشة»، ويخرج عبرها في برنامج يومي، إنها قررت التوقف عن العمل، وعرضها للبيع.

إبراهيم عيسى

أما «إبراهيم عيسى»، فكان آخر المطردوين من جنة إعلام النظام، عندما أعلنت فضائية «القاهرة والناس»، وقف برنامجه، مشيرة إلى أنه تقدم باعتذار إلى إدارة القناة، معربـًا عن رغبته في عدم الاستمرار في تقديم برنامجه التليفزيوني على شاشتها.

وبحسب بيان القناة، فإن «عيسى قدم لإدارة القناة أسباب قراره ودوافعه ومسوغاته، وتطلعه إلى التخفف من بعض أعباء العمل، للتفرغ والتركيز على مشروعاته الكتابية والإبداعية في الفترة المقبلة».

بيد أن «عيسى»، أصدر بيانا أعلن فيه وقف برنامجه، وألمح إلى تعرضه لضغوط قادت إلى قراره بالتوقف عن الظهور في البرنامج الذي كان يرفع شعار «كلام ممنوع تسمعه».

وقال «عيسى» في بيانه إن البرنامج كان «على درجة من التأثير الذي عبر حدود تأثير مجرد برنامج تليفزيوني مما ألقي عليه أعباء وتعرض معه لأنواء وأحيط بالضغوط ففي الوقت الذي ساهم فيه في اتساع عقول تسبب كذلك في ضيق صدور».

وأضاف: «بكل تفهم لمن أثقل البرنامج قلبه بالغضب والكراهية فإنني أتقبل أن تكون هذه اللحظة مناسبة للتوقف عن تقديم البرنامج حيث أظن أن مجريات الوقائع وطبائع المقادير تقود لأن أترك مساحة التعبير التليفزيوني لمرحلة أخري ووقت لعله يأتي»، بحسب صحف مصرية.

أخطاء مهنية

إن كان الإعلاميون السابقون، طردوا لأخطاء متعلقة بانتقاد النظام، فهناك آخرون، طردوا لأخطاء مهنية في برامجهم.

الإعلامية «أماني الخياط» توقف برنامجها «صباح أون» الذي كانت تقدمه على قناة «أون تي في»، في يوليو/ تموز 2014، وذلك بعد أن وقعت في خطأ كاد أن يتسبب في أزمة دبلوماسية بين مصر والمغرب، عندما صرحت أن «اقتصاد دولة المغرب قائم على عائدات الدعارة، وفيروس الإيدز ينتشر هناك».

كما ان الإعلامية «رانيا بدوي»، هي الأخرى وقعت في خطأ شبيه بالذي وقعت فيه زميلتها «الخياط»، عندما تحدثت في يونيو/ حزيران 2014، عبر برنامجها «الميدان» الذي كان يذاع على شاشة قناة «التحرير»، وأغلقت الهاتف في وجه السفير الإثيوبي بالقاهرة «محمود دردير»، وقالت له: «إنت تجاوزت حدودك»، ردًا على قوله: «إنتي لا تفهمين في السدود»، ليتقدم بعد ذلك السفير بشكوى ضدها، يتوقف على إثرها البرنامج.

قناة «التحرير» لها أيضا تجربة أخرى مع إيقاف البرامج، وذلك عندما أوقفت إدارة القناة برنامج «الرئيس السابع»، التي كانت تقدمه الإعلامية «مها بهنسي»، وذلك بعد أن ظهرت على الشاشة، أثناء الاحتفال بذكرى ثورة يناير/ كانون الثاني في 2014، لتعلق على واقعة التحرش بفتاة، قائلة: «مبسوطين بقى.. خلي الشعب يهيص»، بعدما أفادت المراسلة بأن هناك حوادث تحرش، وهو ما أثار موجة من الهجوم والانتقاد ضدها في ذلك الوقت.

وفي أغسطس/ آب 2014، أعلنت الإعلامية «نائلة عمارة»، توقف برنامجها الذي كانت تبثه قناة «القاهرة والناس»، تحت اسم «حزب الكنبة»، من قبل إدارة القناة، دون أن توضح أي أسباب للإيقاف.

القناة نفسها أيضًا أوقفت برنامجًا آخر في ذات الشهر، وكان يقدمه الإعلامي «عبدالرحيم علي»، وهو برنامج «الصندوق الأسود»، بعدما قطعت البث المباشر عن الإعلامي أثناء تقديم برنامجه، حيث علق «علي»، قائلًا: «القناة قامت بقطع البث المباشر أثناء تقديم برنامج الصندوق الأسود»، وذلك على خلفية إذاعة تسريبات تخص رجل الأعمال «نجيب ساويرس».

فيما قالت إدارة القناة وقتها في بيان: «حرصًا من إدارة القناة على إيقاف الصراعات التي قد تهدم ولا تبني، وتشتت ولا تجمع والتي لا يحتاجها الوطن الآن في خضم معركته لبناء المستقبل ومحاربة الإرهاب، تم إيقاف البرنامج».

انتقادات

القرارات المتتالية لوقف البرامج، والتي كان آخرها برنامج «عيسى»، دفع عدد من الإعلاميين للحديث، منتقدين ما حدث، فأعربت الإعلامية «لميس الحديدي»، عن ضيقها الشديد بسبب توقف برنامج «عيسى»، قائلة: «ما حدث لإبراهيم عيسى مزعج للغاية».

وأضافت «الحديدي»، خلال برنامجها «هنا العاصمة»، المذاع عبر فضائية «سي بي سي»، مساء الاثنين، أن «عيسى»، صحفي محترم وكان أحد أقطاب ثورة 30 يونيو، وكان يحاول القيام بدوره، وأنه من حق أي شخص الاختلاف مع الحكومات، مستطردة: «إذا لم نتحدث عن إبراهيم سيُطاح برؤوسنا، وأنا مجهزة البيان بتاعي في حال حدث أي شيء وأبلغت رؤسائي بذلك».

وتابعت: «لدي إحساس بأننا نرغب في سماع صوت واحد، وأن يتكلم الإعلاميين بطريقة واحدة، وهذا لن يُجدي ولن يتم، من الممكن إغلاق البرامج واستبدالها بالمسلسلات لتسلية المواطنين، وفي هذه الحالة لا نقول إن الإعلام لم يؤدي دوره، لا بد من سماع الأصوات؛ لأن الرأي الواحد من الممكن أن يغير المسار».

وأوضحت أن شعور الإعلاميين بالتضييق أصبح كبيرًا، وهم لديهم رغبة في استكمال مهمتهم ودورهم، قائلة: «لازم تتسع صدورنا للرأي الآخر، وهي المعارضة إيه غير رأي مخالف، أرجوكم اسمعوا الأصوات المتعددة، لا تجعلوها بلد الصوت الواحد لأنها لا تبقى طويلًا اسمعوا الأصوات فهى أحيانًا مفيدة ونافعة، وسأنتظر عودة إبراهيم عيسى».

الإعلامي «خيري رمضان»، انتقد هو الآخر، إلغاء برنامج «عيسى»، معلنًا تضامنه مع زميله.

وقال «رمضان» عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «غياب إبراهيم عيسي عن الشاشة خسارة كبيرة للإعلام ومؤشر سلبي لمستقبل الحرية فى مصر.. متضامن مع ابراهيم حتى لو اختلفت مع بعض آرائه.. خسارة (أبو يحيى)».

كما قال الإعلامي «جابر القرموطي»، إنه «ليس مع أي شيء تم اتخاذه ضد هذا الزميل».

وأضاف خلال برنامجه: «هناك ضرورة لأن يعود إبراهيم عيسى إلى برنامجه»، متسائلا: «هل هناك ضغوط على مالك القناة طارق نور لإيقاف البرنامج؟، هل إلغاء معرض (لو مارشيه) له علاقة بهذا الأمر؟، أم أن طارق نور شعر بوجود عقاب له نتيجة فتح منبره للإعلامي إبراهيم عيسى؟».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إعلام مصر انتقادات وقف برنامج إنهاء عقد ترحيل السيسي الانقلاب مرسي