«ستراتفور»: حصار «ولاية سيناء» يوجع حماس.. والحركة تدفع ثمن تحسن العلاقات مع مصر

السبت 7 يناير 2017 10:01 ص

تقع حماس في منطقة أكثر قسوة وشدّة من أي وقتٍ مضى. فعلى الرغم من أنّ الحركة الفلسطينية قد اعتادت التعامل مع القيود التي تحدّ من أنشطتها، ففي الشهر الماضي، أفاد التجار والمهرّبون في شمال شبه جزيرة سيناء عن توقّف في عملية التجارة والتهريب المعتادة إلى غزة التي تسيطر عليها حماس. ويقف أعضاء من ولاية سيناء التابعة للدولة الإسلامية وراء هذا الحصار الجديد، في محاولة لعقاب حماس على مقاومتها مزيد من التعاون مع الجماعة الإسلامية المتطرّفة، وبسبب إلقاء حماس القبض على أفراد تابعين للدولة الإسلامية في قطاع غزة، على ما يبدو بناءً على طلب مصر.

تحليل

ووفقًا لوسائل إعلام محلية ومصادر لـ«ستراتفور» بقطاع غزة، أضرّ الحصار بحماس بالفعل. تعاني الأسواق العامة من نقص السلع، وأدّت الإمدادات المحدودة من السلاح إلى رفع الأسعار على حماس. وصرّح قادة الحركة أنّ الحصار لن يكون له الكثير من التأثير إذا ما استطاعت الحركة إنتاج أسلحتها الخاصة. ومع ذلك، يعتمد استمرار الإنتاج على ثبات تدفّق الإمدادات من المواد الخام التي تصل إلى غزّة.

ومنذ انتصارها الحاسم في الانتخابات قبل عشرة أعوام، فقد حافظت حماس على شعبيتها بين أنصارها بوعود بتحرير الأراضي الفلسطينية من سيطرة (إسرائيل) وإنشاء دولة فلسطينية. ولكن لتحقيق أهدافها والاستمرار في الهيمنة على القطاع، تحتاج حماس إلى الإمدادات والحلفاء. والآن، في الوقت الذي ترتفع فيه التوتّرات مع حركة فتح، القطب السياسي المقابل في فلسطين، والتي أدّت إلى تأجيل الانتخابات المقرّرة هذا العام إلى أجل غير مسمى، تحتاج حماس كل المساعدة قد ما تستطيع الحصول عليه من أجل البقاء. وبالرغم من تاريخ علاقتها بالحكومة المصرية المليء بالمشاكل، والثمن الذي تدفعه الآن لتلبية طلبات مصر، لا يمكن لحماس المخاطرة بتحالفها الهش مع مصر.

فمصر أساس حيوي لبقاء حماس. وقد أرسى الإسلام السياسي في مصر القواعد الأساسية لحركة حماس، التي انبثقت من أفكار جماعة الإخوان المسلمين في مصر في الثمانينات، وتحكّم القاهرة في شبه جزيرة سيناء يعطيها تأثيرًا كبيرًا على حركة البضائع المنتقلة إلى غزة، سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة. لكنّهما متحالفين بالكاد. وفي عام 2015، اتّهمت القاهرة حماس بالمساعدة في اغتيال النائب العام المصري «هشام بركات»، ووصفت الحركة بالمنظمة الإرهابية. وتلقي مصر باللوم أيضًا على حماس لإغراقها شبه جزيرة سيناء بالمسلّحين.

عدو مشترك

على الرغم من الخلافات بينهما، وجدت حماس والقاهرة عدوًا مشتركًا في «الدولة الإسلامية»، وهدفًا مشتركًا في هزيمة التنظيم المتطرّف. ورغم المعروف عن حماس من استخدامها للعنف، إلّا أنّ روح القيادة في حماس والأهداف تختلف كثيرًا عن أسلوب وأهداف التنظيمات المتطرّفة مثل القاعدة والدولة الإسلامية. وكانت الحركة قد اضطرت إلى إبعاد الجماعات السلفية التي تهدّد هيمنتها على غزة. وعلاوة على ذلك، بسبب أنّ (إسرائيل) قد أوضحت أنّها ستردّ على الضربات التي تخرج من غزّة تحت سيطرة حماس، أصبحت مراقبة الجماعات السلفية والحركات الجهادية أولوية لدى حماس في غزة. وأصبحت «الدولة الإسلامية» شوكة مزعجة للقيادة السياسية في حماس منذ بدأت المجموعة استعراض عضلاتها في شبه جزيرة سيناء عام 2015. لكنّ حماس قد حجّمت وقيّدت نشاط «الدولة الإسلامية» في غزّة. ومع ذلك في الوقت نفسه، تمكّنت الجماعة المتطرّفة من السيطرة على أجزاء شاسعة من منطقة شمال سيناء ولا تزال مستمرة في استنزاف الجيش المصري بوتيرة تنذر بالخطر.

ومع جهود حماس في احتواء «الدولة الإسلامية» في غزة ومنع مسلّحيها من العبور إلى شبه جزيرة سيناء، تحسّنت العلاقة مع مصر في الآونة الأخيرة، لكنّ التعاون لا يزال محدودًا. وللحفاظ على اتفاقية السلام مع (إسرائيل)، يجب على القاهرة التعاون في عرقلة عمليات التهريب إلى غزة. ولن توافق مصر أبدًا على السماح بإمداد حماس بالأسلحة أو مواد تصنيعها، الأمر الذي يعني أنّ العلاقة مع الحركة الفلسطينية لن تتعدّى الشراكة البراغماتية من أجل المتطلبات الضرورية. وبعد معاناتها من تعاونها الأخير مع مصر (الحصار الذي تفرضه الدولة الإسلامية)، قد تعيد حماس تقييم العلاقة مع القاهرة.

ويعمل المسؤولون في الطرفين لإيجاد حل مقبول من الطرفين للمضي قدمًا.

في موقف حرج

بالنظر إلى عدم استطاعة مصر السيطرة بالكامل على الحدود بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزّة، فإنّها تحاول دفع حماس للقيام بهذا الدور. ويمكن للقاهرة محاولة استرضاء حماس بتمديد ساعات عمل العبور عبر معبر رفح التي تسيطر عليه. وفي الحقيقة، خلال الشهر الماضي، كان العبور مفتوحًا لعدد غير مسبوق من الأيام، مع السماح للناس والبضائع بالمرور بين سيناء وغزة.

لكن لا يمكن لمصر استعادة أنفاق التهريب المحظورة. فالدولة الإسلامية تسيطر على الأراضي التي تنشأ بها الأنفاق. (وبالمثل، لا تملك مصر السيطرة على الطرق البحرية التي يستخدمها صيادو غزة لإمداد حماس بالأسلحة المهربة، وهي الممرات التي ستشدّد إسرائيل الرقابة عليها بالتوازي مع الحصار الذي تفرضه الدولة الإسلامية). وفي الوقت نفسه، لن تكون الساعات الإضافية عبر معبر رفح كافية لضمان البقاء لحماس سياسيًا.

وبالقدر الذي تحتاج حماس به الإمدادات والأسلحة من أجل الحفاظ على نفوذها السياسي والعسكري، تحتاج أيضًا للبقاء في سلام مع مصر. وقد تكون الحركة في حاجة لإعادة تقييم أولوياتها، وفقًا لمدى استمرار الحصار. وبعد كل شيء، تقاوم الحركة فقدان قوّتها العسكرية بمساعدة مصر أو بدونها، الحقيقة التي قد تؤدّي بحماس للتراجع في جهودها ضد «الدولة الإسلامية». أضف إلى ذلك التعاطف الذي تحظى به الجماعة المتطرّفة بين أنصار حماس في قطاع غزّة. لذا من الواضح أنّ حماس ستسير على خيط دقيق خلال الأشهر المقبلة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

حماس ولاية سيناء (إسرائيل) مصر أنفاق التهريب