«الأزهر» ينتقد فيلم «مولانا» ويطالب بوقف عرضه.. والنقاد: جسد الواقع

الأربعاء 11 يناير 2017 07:01 ص

منذ اليوم الأول لعرضه، بل ومع بدء تصويره، يواجه فيلم «مولانا»، انتقادات لاذعة في مصر، انتهت بالمطالبة بوقف عرضه في دور السينما.

المعترضون على الفيلم، يتهمون القائمين عليه بتشويه صورة علماء الدين، معتبرين أن الفيلم تجاوز الخطوط الحمراء، وأن الرموز الدينية لا يجب أن يتم تناولها بهذا الشكل الذي يظهر العالم الأزهري في صورة نمطية مهلهلة.

في الوقت الذي يدافع النقاد عن العمل، مشيرين إلى أنه يجسد واقعا تحياه الأمة، مشيرين إلى أن الفيلم فتح الأبواب المغلقة في الأوساط الدينية التي ظلت منغلقة على نفسها، مؤكدين على أن الأعمال السينمائية لها أحقية تناول وتجسيد المشاكل المجتمعية، وأنه بالمثل يحق تجسيد الشخصية الدينية في الأعمال الدرامية كما الرموز الوطنية.

أين الإيجابيات؟

الدكتور «محمود مهنا» عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قال في تصريحات صحفية، إنه لا يوافق على أي أعمال درامية تظهر علماء الدين بصورة مشوهة، وأنهم يلهثون خلف المغريات، ويتركون ميدان الدعوة الدينية، أو الأعمال التت يشوه صورة مرجعية الإسلام الأولى الأزهر الشريف.

وأكد أنه لا يمانع من وجود أعمال سينمائية تجسد قامات وعلماء الأزهر الشريف بصورة طيبة تظهر حقيقة علمهم وقاماتهم الدينية، كتجسيد سيرة الراحل الدكتور «جاد الحق» شيخ الأزهر الراحل، أو الشيخ «عبد الحليم محمود» وتتناول سيرتهم الحياتية.

وقال عضو هيئة كبار العلماء: «لم نمنع في الأزهر الشريف حق تجسيد العلماء، كالأنبياء فحاشانا الله تعالى عن ذلك، ولكن نرحب بأي عمل يظهر الصورة طيبة لعلماء الأزهر، وتعكس مدى احترام المجتمع لهم، ومكانتهم لدى الناس».

وأضاف: «بدلا من التركيز على السلبيات، لنركز على الإيجابيات للعلماء»، مبينا أنه «يستحيل أن يتاثر عالم الأزهر بغير الفكر الأزهري الوسطي الصحيح، لأن علماء الأزهر يعرفون منهج الإسلام الوسطي، ويدرسونه بين أروقة جامعته طوال فترة حياتهم الأولى، ليستقوا علما صحيحا بدون تشدد».

بينما قال الدتور «عبد المنعم فؤاد» عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين عضو المجلس التنفيذى لبيت العائلة المصرية، إنه «لم أشاهد الفيلم، واعتقد أن عدم دخولنا في نقاش لفيلم عيسى صاحب المواقف المعروفة من الأزهر وعلمائه سيواري التراب على جثته قريبا».

وأضاف مستنكرا: «يكفي عيسى فخرا أنه لأول مرة في تاريخ علماء الأزهر، يجرؤ واحد بمنهجه المعروف تجاه الأزهر وشيوخه وعلمائه وطلابه ومناهجه، ليعلق الصور لشيخ أزهري يقلده ممثل في الميادين العامة وعلى نواصي الشوارع لا لبيان مواقف علماء الأزهر الوطنية».

وتابع: «جميع مواقف علماء الأزهر مثبته في التاريخ ويشهد لها الجميع، ولكن ان يكون الأزهري في فيلم فرجة للناس بدور السينما والمسارح والملاهي الليلة تحت مظلة حرية الرأي والتعبير، فهذا أمر غير مقبول».

وأشار إلى أنه لا يعتقد أن الفيلم قد عرض على أصحاب الشأن أو لواحد من مجمع البحوث الإسلامية أو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، للاطلاع عليه قبل تصويره وعرضه.

مطالبة بوقفه

بينما طالب الدكتور «منصور مندور» كبير الأئمة بوزارة الأوقاف، بوقف عرض الفيلم، لافتا إلى أن مؤلف الرواية «نصّب من نفسه عالما بالدين، وتطرق إلى قضايا لا يعرف عنها شيئًا»، على حد تعبيره.

وطالب بعرض الأفلام التي تتناول الشؤون الدينية على المؤسسات الدينية المختصة، حتى تخضع للمراجعة قبل عرضها بوسائل الإعلام.

واتفق معه النائب البرلماني اللواء «شكري الجندي»،  عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، الذي طالب في تصريحات صحفية، بمنع الفيلم، موضحا أنه «لا يجوز تشويه صورة الأئمة بأي طريقة أيا كانت».

كما طالب عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، بعرض نصوص الدراما الدينية على الجهات المتخصصة من المؤسسات الدينية، كي تخضع لرقابة العقلاء مما يحبون الدين والوطن، وليس لرقابة أصحاب الأهواء من المصالح الشخصية وتحقيق المصلحة المادية وإعلائها على صالح الدين والوطن.

وتابع «الجندى»: «الأئمة والدعاة مثل أعلى، والسواد الأعظم منهم يتميز بخلقه وبأخلاقه الدينية، ولا يجوز الإساءة لهم بأي شكل من الأشكال، ومثل هذه الأفلام ستكون سببا في خلق جيل لا يحترم هذه الطائفة، وبذلك نخسر جميعا فئة لها كامل الوقار داخل نفس كل مؤمن، وكل من يتقى الله ورسوله».

تشويه

كما انتقد «محمد دحروج»، الداعية بالأوقاف، فيلم «مولانا»، وقال إن «الفيلم يشكك في علماء الأزهر، ويهز صورتهم في عيون المجتمع المصري، في وقت يتعرض فيه الإسلام لهجمة شرسة من العالم كله».

ولفت إلى أنه شاهد الفيلم بعد أن تم عرضه على صفحات الإنترنت واليوتيوب، ويمكنه أن ينقد جميع جوانب الفيلم وجميع مشاهده.

وأضاف «دحروج»، أن الفيلم يركز على السلبيات والتجاوزات من بعض الأئمة رغم وجود أئمة ودعاة عظام في تاريخ الأزهر لم يتم النظر إليهم.

وسبق للدكتور «على محمد الأزهرى» مدرس بجامعة الأزهر، قد قال في تقرير أعده عن رواية الفيلم، وقدمه إلى مشيخة الأزهر، إن المؤلف يحاول تشويه «الزى الأزهرى» ورجاله، حيث تهدف الرواية إلى التشويه المتعمد، وهو ما دأب عليه المؤلف الذى يتغنى ليل نهار بتجديد التراث الديني، ضارباً بـ«السنة» عرض الحائط، لا يقتنع إلا بالقرآن فحسب وهذا ما يمثله بطل الرواية المزعومة «حاتم المنشاوى».

وأشار التقرير إلى أن الرواية احتوت على العديد من المخالفات، وأبرزها إظهار عالم الدين على أنه تابع للسلطة يحكم بهواها، وليس على أساس من الشرع، والطعن فى صحيح البخارى، خاصة، وباقى كتب السنة عامة، والاستهزاء بالصلاة، وجعل الدعوة إلى الله تجارة مادية رائجة.

وأضاف التقرير أن بطل العمل أو رجل الدعوة يعمل لصالح جهاز الأمن، ما يجعله يعمل تبعاً لما يملونه عليه، مشيرا إلى أن المؤلف تعمد تشويه صورة رجال الدعوة، ووصفهم بأنهم أصحاب نهم فى الأكل.

وكشف التقرير أن الرواية تتضمن التهكم على طلاب الأزهر، خاصة «أهل الصعيد» واتهامه لهم بـ«الوضاعة والفقر»، كما عمد المؤلف، بحسب التقرير، إلى تصوير جامعة الأزهر بأنها جامعة أمنية يحكمها الأمن عن طريق عساكره، وليس رئيسها.

تجسيد واقع

ويرى النقاد أن الفيلم جسد واقعا يعاني منه المجتمع معاناة شديدة، تتجسد في تحول علماء الدين من العمل الدعوي بين عشية وضحاها، ليجد نفسه محاطا بشهرة وأموال، وصراعات مختلفة واستقطابات من جهات عديدة وإغراءات شديدة تحول مساره من داعية دينية، إلى داعية سياسية، مؤكدين أنه لدى المجتمع نماذج عديدة.

فقال الناقد الفني «طارق الشناوي» إن فيلم «مولانا»، يعزف علي جرح في العالم العربي بأكمله.

وأضاف «الشناوي» أننا «من الضروروي أن نعبر عن رأينا ولا نخاف، والفيلم لا يصطدم مع الأزهر»، وتابع أنه «لا يوجد عمل فني فوق مستوي النقد».

واتفق معه النائب «يوسف القعيد»، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، الذي قال إن «الإسلام لم يعرف رجل الدين على الإطلاق»، مشيرا إلى أنه «ضد فكرة المطالبة بمنع الفيلم من دور العرض لأن هذا يعد خطأ كبير، فالفيلم عمل فني يجب أن يأخذ فرصته كاملة».

وأشار إلى أن رواية «مولانا» ليست دينية، فبطل الفيلم رجل معمم يقدم برنامج في الشؤون الدين على إحدى القنوات الفضائية فقط.

وقال «القعيد»، في بيان له، إن المطالبة بمنع عرض الفيلم نوعاً من الحصانة لوزارة الأوقاف والأئمة مرفوضة تماماً، لأن هذا يعنى أن أي فئة في المجتمع ستمنع عرض أي فيلم يتناول حياتهم ويتكلم عنهم.

وأضاف: «الفن رسالة مهمة في المجتمع ويمكن له أن يجدد الخطاب الديني وأن يؤثر على الجميع أكثر من الأئمة أنفسهم، حيث إن الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف بدأ ناقداً أدبياً قبل أن يصبح وزيراً للأوقاف وله عدة أعمال أدبية ناقدة عن الأدب والفن والشعر والرواية، وأحد أعماله كتاب عن الشاعر العراقي محمد مهدى الجوهري».

أما الناقدة السينمائية «ماجدة موريس»، فقالت إن «الفيلم يرصد مشاكل مجتمعية كانت من أبرزها ظهور دعاة على الفضائيات وتحولوا من مجال الدعوة إلى مجال العمل الإعلامي، ومنهم من كان متأثرا بالعديد من الأفكار والايدولوجيات الأخرى».

وأضافت: «كما كشف الفيلم عن حجم هذا التحول، وفتح الأبواب المغلقة، وكشف حجم بيزنس الدعوة، والذي مورس خلال الفترة الماضية بشكل كبير».

لا وصاية

من جانبه، عبر مخرج الفيلم «مجدي أحمد علي» عن اندهاشه من تلك المطالبات، خاصة أن القائمين على الفيلم سلكوا كافة الطرق القانونية من أجل الحصول على ترخيص عرض العمل، و«بالتالي تعتبر تلك المطالبات مخالفة للقانون، إلا إن كان الرافض سيقوم بتحريك دعوى قضائية».

وأضاف: «أما المطالبة بعرض الفيلم على لجنة متخصصة بالأزهر، فهذا أمر أرفضه تماما»، مشيرا إلى أن المصريين بأكملهم يرفضون هذا الأمر، معربا عن اندهاشه ممن لم يرى الفيلم ويطالب بوقف عرضه.

تسريب

إلى ذلك، لم تتوقف العراقيل على المطالبات بوقف العرض، بل تعرض العمل إلى القرصنة، بعدما سربت نسخة من الفيلم عبر الإنترنت.

فيما اعتبر المنتج «محمد العدل» الذي شارك في إنتاج الفيلم، أن «ما يحدث بمثابة حرب فعلية، حيث نشر ما يقارب 50 موقعا إلكترونيا الفيلم».

وأضاف أنه «تم حذف أكثر من 150 فيديو للفيلم عبر (يوتيوب)، كما تواصل القائمون مع إدارة (فيسبوك)، للتعامل مع الروابط التي تم رصدها للفيلم عبر الموقع الاجتماعي».

ونشر «العدل» عبر حسابه على «فيسبوك» صورة لمنشور كتبه أحد الأشخاص، يشير فيه إلى كونه قام بسرقة فيلم «مولانا» وسيقوم بنشره، خاصة أن هذا سيؤدي إلى خسارة مؤلفه «إبراهيم عيسى».

قصة الفيلم

وتدور أحداث فيلم «مولانا»، حول قصة عالم أزهري شاب، يعمل إماما بأحد المساجد الحكومية، ويتحول في أيام معدودة من إمام إلى داعية تليفزيوني شهير، يملك حق الفتوى والوعظ والتحدث باسم الدين، ويصبح له مريدين وأتباع ومحبين بالملايين، معجبين بجرأته ومحاولاته للخروج عن مألوف الحديث الديني السائد فى المجتمع.

حيث تكون فتاوى هذا العالم متأثرة بفكر التشدد السلفي، ويجد بطل الفيلم المسمى بـ«الشيخ حاتم» نفسه في شبكة من الصراعات، منها المجتمعية متمثلة في إغراءات العنصر النسائي، وصراعات أمنية، حيث تسعى مؤسسات أمنية للسيطرة على الشيخ وتوريطه واستغلاله وتوجيهه لتحقيق أهدافها، وصراعات سياسية، حيث قيادة سياسية عليا تسعى لاستقطابه بهدف توظيفه في حل مشاكل أسرية، وينتهي الفيلم بحيرة العالم الأزهري والذي وجد نفسه محاطا بصراعات عديدة حتى تضطره وتدفعه إلى فكرة الهروب من المجتمع وأعباء الحياة ويتمنى أن يعود كما كان إماما بأحد المساجد.

ويشارك في البطولة الفنان «عمرو سعد»، و«ريهام حجاج»، و«بيومي فؤاد»، و«صبري فواز»، و«لطفي لبيب»، و«أحمد راتب».

الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب الصحفي «إبراهيم عيسي» المعروف بإثارته للجدل، ويحمل نفس اسم الرواية، وقد شارك الكاتب «عيسى» فى صياغة السيناريو والحوار مع المخرج «مجدى أحمد علي».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيلم الأزهر انتقادات تشويه مولان