بين تحديات الأمن والاقتصاد المتداعي.. عام المخاطر في سلطنة عمان

السبت 14 يناير 2017 09:01 ص

منذ اندلاع الربيع العربي والاضطرابات الإقليمية اللاحقة، وصفت عمان كجزيرة من الاستقرار. على الرغم من كونها مجاورة للحرب الأهلية في اليمن، سعت عمان للبقاء على الحياد، وذلك تمشيا مع جهود أكبر لتحقيق التوازن بين جارتها المملكة العربية السعودية وشريكتها على المدى البعيد إيران. وفي حين تمكنت عمان حتى الآن من الصمود في وجه عاصفة العنف وعدم الاستقرار التي تجتاح معظم أنحاء الشرق الأوسط، فإن عام 2017 سيقدم مجموعة من التحديات التي تعد تهديدا للبلاد.

وضع أمني أكثر تعقيدا

بدأ عام 2017 مع تحرك كبير من سلطنة عمان بالموافقة على الانضمام إلى قوات التحالف التي تقودها السعودية ضد الإرهاب. وهذا يشكل خروجا كبيرا عن موقف سلطنة عمان إلى حد كبير بعدم التدخل، فضلا عن تحول الاهتمام في ديناميكيات القوة الإقليمية، نظرا لعلاقة عمان طويلة الأمد مع إيران، وحقيقة أن الانضمام إلى الجهود التي تقودها السعودية هو أمر مهم، وتطور لابد أن يراقب عن كثب. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا مؤشرا لإعادة بناء تحالف جيوسياسي على المدى الطويل، أم هو بالأحرى زواج مصلحة نظرا لعدم الاستقرار.

في ضوء المخاوف الأمنية في سلطنة عمان، من المفهوم أن الحكومة ستأخذ دورا أكثر نشاطا في عام 2017. لم تتعرض عمان إلى حد كبير لتدفق اللاجئين مثل الأردن وتركيا، ويرجع ذلك لأن الحكومة عززت بشكل كبير مراقبة الحدود. وعلاوة على ذلك، فإنها كانت تتصرف كخط إمداد لحكومة «هادي»، وتقوم بإرسال المساعدات والسلع الاستهلاكية الضرورية عبر الحدود لدعم الجهود اليمنية، في مقابل عدم قبول اللاجئين.

تستفيد عمان أيضا من حقيقة أن معظم القتال يجري في غرب اليمن، أما المناطق على الحدود مع عمان فهي تحت سيطرة «هادي» وتبدو أكثر استقرارا. ونتيجة لذلك، دعمت عمان جهود اليمن في محافظة المهرة، وخلقت بذلك منطقة عازلة مع اليمن.

نظرا لاقتصاد الحرب في اليمن، فقد استفادت المناطق الحدودية في عمان من زيادة التجارة والتهريب، وأصبحت الموانئ العمانية الممر الرئيسي للحكومة اليمنية إلى العالم الأوسع، حيث أن الحدود مع السعودية، لا تزال مغلقة، والموانئ اليمنية هناك عرضة للتهديد.

ولكن المشكلة الرئيسية في عمان هي العامل الديموغرافي حيث يوجد 4.4 مليون من سكان البلاد، محاطين بـ 25 مليون يمني. وعدد سكان عمان الصغير يعني أن البلاد ستشهد تدفق لاجئين معتدل في ظل خدمات البنية التحتية القائمة خصوصا أن أجزاء كثيرة من غرب عمان لا تزال متخلفة. وعلاوة على ذلك، فإن دعم سلطنة عمان الصريح الآن للتحالف السعودي يضعها على قائمة الأهداف المحتملة. وفي حين أنها معزولة إلى حد كبير من أي تهديد حوثي، فإنها ستكون مهددة من أنصار الشريعة والقاعدة في جزيرة العرب.

تسيطر هذه المجموعات على أراض قريبة من عمان، وتمثل بالتالي خطرا على البلاد. وعلاوة على ذلك، فإن طبيعة هذه الجماعات مثل القاعدة في جزيرة العرب تجعلها تتبنى أفكار نحو شن هجمات داخل مناطق غرب عمان قليلة الكثافة السكانية الواقعة شرق اليمن، بالاعتماد على الدعم المحتمل من المجموعات القبلية المحلية، وهذا هو السيناريو الذي يقلق مسقط جديا. وعلاوة على ذلك، يمكن للقاعدة في جزيرة العرب أن تضر العمانيين من خلال تنفيذ هجمات «الذئب المنفرد».

التباطؤ الاقتصادي يقوض الإنفاق على الأمن

يأتي كل هذا في الوقت الذي تواجه عمان فيه صعوبات مالية. الجيش العماني أصغر من قوات المتمردين الحوثيين، ولكن نظرا لطبيعة أمن حدود عمان وموقعها في الشرق، فإن هذا العدد يكفي. حتى الآن لم تعاني عمان من أي انتقام من الحوثيين، وسوف يتطلب موقفها العلني ضد القاعدة في جزيرة العرب وآخرين زيادة الأمن على الحدود. والمشكلة هي أنه فضلا عن التكاليف التي تكبدتها من خلال الانضمام إلى الائتلاف، سوف تستمر تكاليف سلطنة عمان في الارتفاع. وهذه من المشاكل الهامة، في الوقت الذي يشكل فيه الإنفاق العسكري يمثل بالفعل 11.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

تواجه عمان زيادة التكاليف الأمنية في وقت تعلن فيه الحكومة حالة التقشف. ميزانية 2017 تبلغ 6.93 مليار دولار هي أقل بـ 10 ملايين من ميزانية عام 2016، وعلى الرغم من أن هذا قد لا يبدو نقصا كبيرا، فإن الشيء الرئيسي هو النظر في الكيفية التي يتم بها تخصيص هذه الأموال. والسبب في أن الميزانية ليست أقل هو أن الحكومة قررت عدم مس ميزانية البناء، والسماح للمشاريع القائمة بالاستمرار حتى تكتمل. والمشكلة هي أن هذا يجفف بشكل فعال تمويل أي مشاريع جديدة، ويعد بركود في المستقبل.

لا تزال عمان تعاني أيضا من تراجع أسعار النفط. وبينما ارتفعت الأسعار عن أدنى مستوى لها في عام 2015، فإن الاقتصاد الذي يعتمد على النفط في سلطنة عمان لا يزال مهددا. ويعتقد المراقبون أن سعر 70 دولار للبرميل سيؤدي لتحسن إلى حد كبير، وحتى حال الوصول إلى هذا السعر المستهدف في عام 2017، فإنه الحكومة ستكون تحت رحمة الأسواق.

الصادرات العمانية يهيمن عليها النفط

يمكن للمرء أن يشير إلى أن الاتفاق الأخير بين أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك على خفض الإنتاج أعطى بصيصا من الأمل في عمان. في حين أن هذا سيساعد على زيادة الأسعار، وافقت عمان أيضا على خفض الإنتاج بنسبة تتراوح بين خمسة وعشرة في المائة، ما يعني تقليص الإيرادات على المدى القصير.

وكمنتج أصغر، فقد تم تعويض خفض عمان بإنتاج ليبيا الذي ارتفع إلى 683 ألف برميل يوميا، من 600 ألف برميل يوميا من مستويات الإنتاج الحالية.

وعلاوة على ذلك، مع ارتفاع أسعار النفط فإن كبار المنتجين الآخرين مثل كندا قاموا بزيادة الإنتاج استجابة للضغوط المحلية وزيادة الاستثمار والربح. وستساهم هذه الخطط في تهديد حصة عمان في السوق ، والذي يبدو بالفعل رهينة لأهواء أوبك.

كعضو من خارج أوبك، تظل عمان تحت رحمة المنظمة، والتي قد تقرر زيادة الإنتاج في مرحلة ما. ومع إحاطة أعضاء أوبك بها، فإن عمان تخسر في مثل هذا السيناريو. وأخيرا، كان «دونالد ترامب» من دعاة الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.وسوف يؤدي المزيد من الزيادة في الإنتاج الأمريكي لإضعاف الجهود التي تبذلها منظمة أوبك لرفع الأسعار.

أزمة خلافة

العنصر الأخير في مشاكل سلطنة عمان في عام 2017 هو مسألة الاستقرار السياسي والخلافة. فقد حكم السلطان «قابوس» البلاد منذ عام 1970، ووضعه الصحي يتدهور حاليا، بل يزعم أنه خضع لعلاج السرطان في ألمانيا في عام 2015. في حين أن «قابوس» ليس لديه أطفال، فهذا يؤدي إلى مخاوف بشأن أزمة خلافته. إذا مات «قابوس» دون تسمية وريث، فإن القوانين تقول أن عم الراحل هو من سيعتلي العرش. والاحتمال الآخر هو أن يسلم العرش لوارث يتم الكشف عنه عقب افتتاح ظرف مختوم بعد وفاة السلطان. وقد يختار السلطان هذه الطريقة من أجل منع أي صراع وهو على قيد الحياة، ولكن في كل الأحوال فان عدم اليقين المحيط بخلافة «قابوس» آخذ في الازدياد.

آخر شيء هو أن سلطان عمان سيموت في حين تخوض بلده حربا خلال أزمة اقتصادية. سيموت الحاكم معلنا بذلك الحاكم الجديد الذي لن يرث مشاكل البلاد فقط ، ولكن أيضا من المحتمل أن لا يتمتع بالقدر ذاته من الإعجاب العام والقبول الذي حظي به «قابوس». ومن المحتمل أن نسبة كبيرة من الشباب العماني سيكون عاملا رئيسيا في أي أزمة خلافة و تحديدا بعد مرحلة ما بعد الربيع العربي في الشرق الأوسط، حيث ما زال العداء للأنظمة عنصرا رئيسيا بين الشباب في المنطقة.

  كلمات مفتاحية

عمان السعودية التحالف الإسلامي اليمن خلافة قابوس

«وول ستريت»: أولاد «طارق» هم الأقرب للحكم بعد السلطان «قابوس»