نتناوله بعد أيام على طرحه..«مولانا» فيلم يدعم الشيعة ضد السلفية والأزهر والثورة المصرية!

الاثنين 16 يناير 2017 12:01 م

مختصر الفيلم كله جملة قالها بطله: (الجنَّة سيدخلها جميع الناس من مسلمين ومسيحيين وملاحدة وأولاد هرمة)

صور الفيلم الحياة في مصر على أنها صراع بين المسلمين والمسيحيين لا صراع بينهما وبين النظام العسكري الحالي

تجديد الفكر الديني في عهد «السيسي» ينتقل من الأزهر إلى السينما المصرية

قصة مهلهلة وافتعال لأكبر كم ممكن من الجيوب الدرامية لتبرير فخ السقوط الفني قصصياً وسينمائياً

كَتَبَ «إبراهيم عيسى» نفسه بجدارة عبر السيناريو ليجيء خطبة سياسية بامتياز

(مولانا) صار في مواجهة (عمنا) المرمز إليه بمقام الحسين في القاهرة

فيلم «مولانا» للمخرج «مجدي أحمد علي»، يُعد فيلم 2017 المصري، رغم بدء عرضه في الأسبوع الأول من العام (4 من يناير/كانون الثاني)، لولا أن الساحة السياسية المصرية مليئة بالمفآجأت المُنتظرة.

تردد بقوة أن الفيلم تم منعه بقرار من رئيس النظام المصري، «عبد الفتاح السيسي»، شخصياً، لمدة عام كامل، ليسمح به في بداية العام الجاري، ربما ليتوافق مع أغراض النظام السياسية، ليحقق في أسبوعه الأول زيادة عن 4 ملايين جنيه (زيادة عن 222 ألف دولار)، ويتم عرضه في مهرجان «دبي» الدولي قبل عرضه في دور العرض، ليخرج منه خالي الوفاض بلا جوائز، أو مجرد إشادة، ويعرض الفيلم في دور العرض «كعب داير» هو وبطلع، بحسب جريدة «النبأ» المصرية المُنتمية إلى النظام، والأهم أن الفيلم آثار زلزالاً، مقصوداً، في الحياة السياسية المصرية، حتى أن كبير الائمة في وزارة الأوقاف الدكتور «منصور مندور» طالب بمنعه من العرض وأداً للفتنة، وهو الطرح الذي تندرتْ به القنوات الفضائية المُختلفة لبساطته، رغم صراحة موقف صاحبه، في خضم الأهداف التي أرادها الفيلم.

الكيان الموازي المصري

القصة عن رواية للكاتب الصحفي الذي يعكف النظام على طرده حالياً، ولو مرحلياً، من حظيرة المُقربين إليه، وأحد المعارضين الظاهريين لنظام «حسني مبارك»، والذي أُدين في قضية نشر إشاعة عن صحة الرئيس المخلوع «مبارك» في سبتمبر/أيلول 2009، والتأثير على البورصة، وهو الأمر الذي انتهى على خير وفق ما فُسرَ حينها بأن «إبراهيم عيسى»، الكاتب الذي تردد بقوة أنه منتمٍ للنظام الشيعي الإيراني، أخذ ضوءً أخضر من نظام المخلوع لنقده، وافتعال اشتغالة لإلهاء الرأي العام، وهو ما نجح فيه وقتها، ومن يومها وهو مدمن للاشتغالات!

رواية «مولانا إبراهيم عيسى» المكتوبة منذ 4 سنوات، باختصار تمت إعادة كتابتها من قبل صاحبها نفسه، عبر الحوار، وهو ما لم يفعله كبار الأدباء في السينما المصرية بخاصة الروائيين، ففي حين كان الراحل «نجيب محفوظ» يكتب سيناريوهات مختلفة لمؤسسة السينما الحكومية المصرية، كانت سيناريوهات أفلامه وحواراتها يكتبها آخرون، وهو ما اشتكى منه الراحل «ثروت أباظة» في إحدى ندوات معرض الكتاب عام 1989 في إجابة عن سؤال لكاتب الكلمات حول كم الخروج في أفلام مأخوذة عن أعمال له ولأقرانه.

تحالفت كتابة «إبراهيم عيسى» لنفسه، بحسب «الجزيرة نت»، عبر الحوار، مع كتابة «مجدي أحمد علي» المخرج للسيناريو والصورة، ليكشف عن توجهاتهما ضد الدين الإسلامي، وانحيازهما للمسيحية في صورتها المتطرفة، والشيعة، والعلمانية، المهم أن كل هذه الخلطة تقف ضد الإسلام.

على أنه قبل عرض قصة الفيلم، والتداعيات التي أثارها، يهمُّنا توضيح أن الفيلم جاء ناجحاً في طرح عالم موازٍ أو كيان موازٍ للواقع الحياتي المعاش اليوم في مصر.

كتب «عيسى» الرواية بعد الثورة، وأعاد كتابتها للفيلم لينجح في طرح مؤلم الأحداث الأخيرة التي اجتاحت البلاد في إطار رمادي من خلق أجواء مزيفة عن الواقع الدامي، ونزيف الدماء، وفتح المعتقلات، ومطاردات مئات الآلاف من الثوار، بسحب الأنظار إلى واقع محبي أهل البيت في مصر (الشيخ مختار أو الممثل الذي يظهر للمرة الأولى بعد عمره الطويل زين العدل)، ومحاولات الجماهير قتله وحرق أتباعه (في إشارة لمقتل الشيخ حسن شحاتة الشيعي الأبرز في مصر في 24 من يونيو/حزيران 2013)، وبالتالي تبسيط الأمور، وزيادة تدليسها.

فبدلاً من معركة النظام المصري مع الثوار، تم تزييف الأمور، فمحبو أهل البيت، هم المطاردون من قبل نظام مصري، والسلفيين المدعومين من السعودية.

وفي هذا العالم الموازي، الأشبه بخطب «عيسى» السياسية على الورق وفي التلفزيون، تتم الإساءة لنصوص القرآن الكريم، عبر عدم النطق الصحيح لها، وفهم على النقيض من معناها بداية من الآية الكريمة: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا)، سورة الأحزاب الآية 37، إذ ينطق بطل الفيلم عمرو سعد اللفظ الكريم (أَمْسِكْ) بالألف لا الهمزة، كما أساء لتفسير الآية عبر إقرار (اشتهاء) الرسول، صلى الله عليه وسلم، والعياذ بالله، للسيدة «زينب بنت جحش»، رضي الله عنها، قبل زواجه بها.

بالإضافة إلى الادعاء بأن صحيحي «البخاري ومسلم» مليئا بآلاف الأحاديث غير الصحيحة، والمزورة، فضلاً عن القول بأن الصحابيين الجليلين «أبو بكر» و«عمر» منعا كتابة السنة، لعدم ثقتهما في الصحابة، وبعد ذلك تم تدوين عشرات الآلاف الأحاديث المُزورة لحساب الأمويين والعباسيين، والحقيقة أن الصحابيين منعا تدوين الأحاديث، بخاصة سيدنا «عمر» حتى يستقر القرآن الكريم في الأذهان، وعقب هذا أقر أمير المؤمنين «عمر بن الخطاب» تدوين الأحاديث.

لم يجرؤ «عيسى» على مواجهة قضايا مصر الحقيقية من جبروت نظام «السيسي» فسب الإسلام في صورة إلتواء فهمه لنصوصه، وافتعال أكبر كم ممكن من الأحداث لتبرير ذلك،  فقوله تعالى، السابق، عن السيدة «زينب بنت جحش» له تفسير لدى المفسرين يخص رغبة الرسول العظيم في إخلاف العادة الجاهلية بعدم زواج من زوجات الأبناء بالتبني بعد طلاقهن، مع إبطال التبني نفسه، وهو ما  فعله الرسول مع الصحابي «زيد بن ثابت».

لم يقو «عيسى» على مواجهة انفلات النظام وتجبره في القتل والتنكيل للمناهضين له، فتفرغ للإساءة إلى آي الذكر الحكيم فالآية الكريمة: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) من سورة «آل عمران»، صارت و(من يتبع) في الفيلم، في تزوير للنطق وتحريف للتفسير معاً، وادعاء أن الآية تخص يوم القيامة لا الدنيا، مع أن جميع طاقم الفيلم لم يتعرض للسيسي أو أصغر منه ببنت شفة لا كلمة أو صورة فضلاً عن مشهد.

أما أسوأ جمل الفيلم ادعاء على الله، ومحاولة لمسايرة التجديد الديني التي نادى «السيسي» بها أن الجنة (سيدخلها جميع الناس من مسلمين ومسيحيين وملاحدة بل أولاد هرمة)، بحسب جملة البطل «عمرو سعد» الفريدة من نوعها، مع اعترافه في سياق آخر لما يتحدث مع صيدلي أرشد مسيحية إلى الإسلام بأن دوره اختراع دواء علمي يشفي المسلمين بدلاً من احتكار الملاحدة للدواء، وهكذا الدين تجارة في الفيلم لا أكثر يباع بحسب المشاهد.

الشيخ «الشعراوي» مع «السادات»

قال الناقد «طارق الشناوي» عن بطل الفيلم «عمرو سعد»، وهو للحقيقة أحد نكرات السينما المصرية، أنه يذكره بـ«أحمد زكي» في فيلم «السادات»، أما ما لم يذكره «الشناوي» ومالم يجرؤ على ذكره، فهو أن «سعد» كان يقلد في الفيلم الشيخ «الشعراوي»، رحمه الله، في لهجته، ونبرة صوته، وقفشاته، واستدلالاته، وكونه الداعية الأول في مصر، في حياته، رحمه الله، وهو ما جهر الفيلم به فبطله الداعية الأول في مصر.

انشغل النقاد باسم بطل الفيلم «حاتم الشناوي»، وهل هو يساوي الشيخ «خالد الجندي» وقناة «أزهري»، وتغاضوا عن إساءة الفيلم لكل جميل ونبيل في مصر بداية من «الأزهر»، ونهاية بـ«الإسلاميين والمسيحيين» معاً، عبر تصوير الحياة في مصر على أنها صراع بينهما على الدخول في الإسلام والتنصير، وافتعال أن المعارك الحقيقية لبناء الوطن كانت في أيام «أمن الدولة أيام مبارك».

داعية مدلس

يدور الفيلم حول الشيخ «حاتم» المتزوج من أميمة» (المُمثلة درة) السيدة البسيطة، فيما لا ينجبان، وهو إمام مسجد مُنكر، لكنه يعرف طريقه إلى الفضائيات، وعالم المال والأعمال، وينجب غفلة بعد 7 سنوات، «عُمر» الابن الذي يمثل الصدق في حياة أبيه، حتى أنه في جملة أكثر من دالة يقول له الصغير (أنا لو تهت هأقول إنك أبويا)، فيرد عليه (ده أنا إللي لو تهت هأقول إن أنت ابني)، البحث المضني عن الجذور أقلق البطل عبر هذه الكلمات، ولم يجد الفيلم تكثيف ذلك، إن لم يكن تنصل منه.

وفي المقابل يأخذه الشيخ «مختار» الشيعي لمقام «الحسين» في مصر، عقب غيبوبة «عُمّر» الابن، في صياغة مفتعلة كمقالات «عيسى» الكاتب وصاحب الحوار، يأخذ الشيخ «مختار» البطل إلى مقام الحسين ليطلب منه أو من (عمنا) كما في الفيلم، شفاء البطل، ليعود إلى الحياة الإعلامية بزيفها وقوادتها ونخاستها، لتستدرجه ممثلة إلى موقف خارج جنسيًا، ويصوره «أمن الدولة» في عهد «مبارك»، فالكاتب تم قطع لسانه فلم يعد يتحدث عن عهد «السيسي»، ووضع جل همه في زمن المخلوع.

في المقابل، وفي خيط درامي آخر، تتعرض اسرة المخلوع لموقف محاولة زوج ابنة الوريث «جمال مبارك» أو «جلال» كما في الفيلم، إبقاء على خيط رفيع مع أهل الرئيس المخلوع، فلربما يحتاج المخرج والمؤلف إلى أفضالهما من جديد، يتعرض نجل الرئيس لمحاولة تنصر شقيق زوجته، وهو الخط الدرامي الذي فتله الفيلم لينتصر إلى المسيحية المظلومة، برأي صناع الفيلم، ويصور تفجير كنيسة القديسين المعروف على أنه تم بيد شقيق زوجة «جمال مبارك» في خيال مريض للغاية، وفشل في إبراز معادل فني محبوك، وانتصار لمظلومية المسيحيين.

وفي المنتصف يقر البطل بإسلام الشيعة، ويشكك في إسلام أهل مصر والسلفيين أي السعوديين، بخاصة لما يعيدوا الشيخ «مختار» وأسرته إلى أمن الدولة في مصر، وكان سافر لائذاً بالمملكة، منتصراً للمتصوفة جاعلاً منهم رمزاً للشيعة في افتئات عليهم هم الآخرون.

صناعة واهية

كما جاء فيلم «الجزيرة» في جزئه الثاني عقب الثورة ترجمة لرغبة النظام السياسي الانقلابي المصريفي تبرير انقلابه على الشرعية، جاء فيلم «مولانا» للانتصار للرغبة السياسية المصرية في التفلت والانقلاب على الدين، ومن هنا جاءت المعلومات الدينية في الفيلم بالغة الضحالة، مع الانتصار إلى كل يسىء إلى الثوابت في ظل مظلة الحماية التي يوفرها «السيسي» للخارجين على الدين، وبالتالي فصراع السنة مع الشيعة صراع سياسي، والاختلاف مع الملاحدة وغيرهم مع الإسلام هو اختلاف سياسي، والكل سيدخل الجنة بحسن النية.

لسنا بإزاء فيلم حقيقي بل مجموعة من النصائح الزاعقة، يراها «عيسى» و«مجدي»، الصواب، عبر قصة مهلهلة، وثقوب منتشرة هنا وهناك في الحبكة الدرامية، وتقبيح لنظام «مبارك»، الذي سقط بفعل الثورة، التي انقلب عليها «عيسى» ليبقيه النظام الانقلابي إلى جواره، وهو ما فشل حتى فيه، كما فشل مع المخرج في تقديم فيلم بلغة السينما، فقدما خطبة ضد الإسلام، وقال المخرج في تصريحات للرد على مناوئي الفيلم، إنها الحرية، وتجب مواجهة أعدائها، برأيه.

المصدر | الخليج الجـديد

  كلمات مفتاحية

مولان فيلم مصري دعم الشيعة نظام مبارك الشيعة الثورة المصرية

فيلم مسروق يخدم السيسي.. صاحب المقام يهدم ثوابت الدين