رفع أسعار الأدوية في مصر بنسبة 25%.. خروج عن سيطرة الفقراء

الأربعاء 18 يناير 2017 08:01 ص

خرجت أسعار الدواء في مصر عن سيطرة قطاعات كبيرة في المجتمع، بعد ارتفاع أسعارها لأكثر من مرة، منذ قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.

وأدى قرار التعويم، إلى توقف شركات عديدة عن إنتاج أصناف دوائية أو استيرادها، بسبب ارتفاع تكلفتها وزيادة أسعارها للمستهلك النهائي.

وأعلنت مصر الخميس الماضي، عن زيادة أسعار 3 آلاف مستحضر، بينها نحو 300 مستحضراً معالجاً للأمراض المزمنة، بنسب تبدأ من 30% وتصل حتى 50%.

وقال وزير الصحة المصري «أحمد عماد» في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، إنه تم الاتفاق مع الشركات على تحريك أسعار 15% من الأدوية المحلية و20% من الأدوية الأجنبية (3 آلاف مستحضر)، من بين 12 ألف مستحضراً متداولاً في السوق.

وأكد الوزير أن «الدولة قررت محاسبة المتلاعبين في أسعار الدواء بعد إقرار التسعيرة الجديدة من خلال قانون التسعيرة الجبرية وقانون حماية المنافسة».

وأوضح أن العقوبة تصل إلى الحبس لمدة 5 سنوات، وغرامة تبدأ من 30 ألف جنيه (1550 دولار تقريباً) إلى 10 ملايين جنيهاً (550 ألف دولار تقريباً)، وتشمل العقوبة الممتنعين عن الإنتاج.

معاناة مرضى

قال «محمود فؤاد» مدير «المركز المصري للحق في الدواء» (غير حكومي)، إن «قرار رفع أسعار 25% من الأدوية بنسبة تصل إلى 50% قاس ومزعج وصارخ، ويؤثر على مبدأ الحق في الدواء أحد أهم استحقاقات العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة المصرية».

وأشار «فؤاد»، إلى أن المريض المصري عانى الفترة الماضية للبحث عن الأدوية، دون أن يجدها بسبب ارتفاع اسعار الدولار أمام الجنيه.. "واليوم أصحاب المعاشات المتدنية هم الفئة الأكثر تضرراً من هذه الزيادات، بخلاف أكثر من 40 مليون غير مؤمن عليهم صحيا".

كما انتقد «أسامة عبد العظيم»، عضو نقابة الصيادلة في مصر، قرار رفع أسعار الأدوية «بهذا الشكل المبالغ فيه والعشوائي، ويشكل عبئاً على المريض».

وأضاف، أن القرار «يصب في مصلحة الشركات الكبرى التي تحقق أرباحاً كبيرة، على حساب الصيدليات والمرضى في ذات الوقت»، بحسب «الأناضول».

وقال إن الوضع الأفضل أن «تقلل الشركات الكبيرة هامش الربحية، خاصة أن لديها مخزون كبير من الأدوية اشترته بسعر منخفض للدولار، مقابل أن تسمح للصيدليات أن تربح بشكل معقول، والحفاظ على استمراريتها والعمالة لديها، وتوفير الدواء بسعر مناسب للمريض».

أزمة شديدة

في حين، حذر «أسامة رستم»، من تعرض صناعة الأدوية في مصر، لأزمات شديدة بسبب ارتفاع الدولار وتعويم الجنيه، لاعتمادها على استيراد الكثير من المواد الخام المستوردة.

كانت شركات الأدوية العاملة في مصر، تحظى بأولوية قبل التعويم للحصول على الدولار من البنك المركزي بالسعر الرسمي، وهو ما كان يعني تمتعها بسعر منخفض نسبياً مقارنة بغيرها من السلع، التي يضطر مستوردوها لشراء الدولار من السوق السوداء.

وتقدّر فاتورة مصر لاستيراد الخامات والأدوية المصنعة، بنحو 2.6 مليار دولار سنوياً، وحجم مبيعات الدواء تبلغ 50 مليار جنيه في السنة (2.77 مليار دولار).

وتستحوذ الشركات الأجنبية على 47% من السوق و10% للشركات الحكومية، والنسبة الباقية للقطاع الاستثماري (الخاص).

وتبلغ المخصصات المقدرة لدعم الأدوية وألبان الأطفال في الموازنة العامة المصرية 600 مليون جنيه (33.3 مليون دولار) خلال العام المالي 2016/2017.

وقفز سعر صرف الدولار من نحو 8.88 جنيهات في المصارف قبل تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى ما يقارب 20 جنيهاً مطلع الأسبوع الحالي.

وبعدما دعا الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في نهاية العام 2016، جموع المصريين إلى الصبر لستة أشهر قادمة حتى تتحسن الأوضاع، أكد الأسبوع الجاري ضرورة تشديد الرقابة على الأسواق لضمان عدم المغالاة في أسعار الأدوية.

وأشار «السيسي» في بيان صادر عن الرئاسة، أن الدولة رفضت اقتراح زيادة جميع الأدوية دون استثناء، والاكتفاء بعد الاتفاق مع شركات الأدوية بتحريك أسعار حوالي 20% من أنواع الأدوية، وتنويع نسب الزيادات السعرية بحيث تتناسب مع الشرائح المختلفة لأسعار الأدوية.

ويقول خبراء اقتصاديون إن الأدوية لا تدخل ضمن المزيج السلعي الذي يستخدمه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، عند حساب التضخم الشهري أو السنوي.

وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى ثاني أعلى مستوى له منذ 1992، ليبلغ 24.3% في ديسمبر/ كانون الأول 2016، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي).

نقص أدوية

يأتي ذلك، في ظل معاناة وزارة الصحة والسكان من نقص ما يزيد علي 850 صنفا دوائيا من الأسواق، مما دفع الوزير بإصدار قرار زيادة قرابة ٧ آلاف مستحضر ما بين 2 إلي 6 جنيهات، لتوفير هذه النواقص التي توقفت الشركات من إنتاجها بحجة البيع بسعر أقل من التكلفة مما يكبدها خسائر كبيرة.

وفشل الوزير في توفير هذه النواقص رغم وعده مرارًا وتكرارًا بتوفير هذه الأدوية، وهدد شركات الأدوية بالتراجع عن قرار زيادة الأسعار خلال 3 أشهر في حالة عدم توفير النواقص، وذلك خلال شهر مايو الماضي.

ورغم مرور قرابة 7 أشهر لم يستطع الوزير توفير نواقص الأدوية بل ارتفعت لـ قرابة 2000 صنف دوائي، وأيضًا لم يستطع تنفيذ قراره بالتراجع عن الأسعار.

وتستورد مصر 90% من المواد المستخدمة في تصنيع الدواء من الخارج، بينما تفرض التسعيرة الجبرية في بيع الأدوية.

وتبلغ الاحتياجات الدولارية لشركات الأدوية في مصر سنوياً قرابة ملياري دولار، وفقاً لبيانات غرفة صناعة الدواء.

وطالب أعضاء الغرفة، بضرورة إجراء حوار مع المسؤولين عن ملف الدواء في البلاد، بهدف دراسة مقترحات لمواجهة أي تأثير سلبي متوقع لقرار تعويم الجنيه على القطاع.

ويبلغ عدد مصانع الأدوية العاملة في مصر، 150 مصنعاً بحجم استثمار يتجاوز 40 مليار جنيه (2.22 مليار دولار).

وعاشت مصر في السنوات القليلة الماضية، حالة تدهور اقتصادي، وسط تفاقم عجز الموازنة، وارتفاع التضخم، وتراجع إنتاج الشركات والمصانع، وشح شديد في العملة الصعبة، في ظل غياب السائحين، والمستثمرين الأجانب، وتراجع إيرادات قناة السويس.

ومن شأن تحرير العملة تشجيع الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات وتمكين الشركات من الحصول على الدولار من البنوك بأسعار السوق، مما يعيدها للإنتاج الكامل من جديد بعد خفض العمليات الإنتاجية خلال الفترة الماضية، بسبب عدم توافر الدولار اللازم لشراء المواد الخام.

  كلمات مفتاحية

الدواء مصر الدولار تعويم الجنيه ازمة نقص

«محمد صبحي» يتراجع: ليس من حقي المطالبة برفع رواتب أحد