محللون: قلق «السيسي» من ظهور معارضة قوية وراء الحملة على «البرادعي»

الخميس 19 يناير 2017 08:01 ص

يرى محللون ونشطاء مصريون، أن عودة «محمد البرادعي» السياسي المصري البارز إلى الأضواء، بظهوره في أول لقاء تلفزيوني منذ ثلاث سنوات كانت هي العامل الذي أطلق شرارة حملة شرسة وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط الجنسية المصرية عنه.

ويقولون إن الهجوم على «البرادعي» يعكس قلقا متزايدا من جانب النظام وأنصاره من ظهور جبهة معارضة قوية أو منافسين محتملين للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» الذي تراجعت شعبيته في الشهور الأخيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية.

وكان «البرادعي»، الذي دعم الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013 ، ابتعد عن العمل السياسي طوعا في مصر بعد استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية المؤقت اعتراضا على أسلوب فض اعتصامين لأنصار الرئيس السابق «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب، ومقتل المئات من أنصاره.

وربط البعض بين ظهور «البرادعي» التلفزيوني واقتراب ذكرى انتفاضة 25 يناير/ كانون الثاني التي أطاحت بالرئيس الأسبق «حسني مبارك» عام 2011 بعد 30 عاما في الحكم، بحسب «رويترز».

لكن «البرادعي» الذي شغل منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية من 1997 حتى 2009 قال في بداية حوارات مع تلفزيون «العربي» ومقره لندن، إن «التوقيت ليس مقصودا».

نظام يشعر بالضعف

وقال «حسن نافعة» أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن «البرادعي له رمزية معينة وعندما تقترب (ذكرى) 25 يناير ويقرر البرادعي أن يتحدث في الإعلام فالنظام يفسر هذا على أنه رغبة من جانب البرادعي للعودة إلى الظهور ولا يستبعد أن يكون هو الرمز مرة أخرى لعملية تغيير مماثلة».

وكان «البرادعي» برز كمنافس لمبارك وأحدث ضجة كبيرة بعد عودته لمصر عام 2010 وقيادته لما كانت تعرف بالجمعية الوطنية للتغيير.

ورغم أن حوارات «البرادعي» الأسبوعية مع تلفزيون العربي لم تتطرق حتى الآن للأوضاع في مصر في عهد «السيسي»، الذي أعلن حين كان وزيرا للدفاع عزل «مرسي» فقد بدأ الهجوم عليه حتى قبل إذاعة الحلقات.

ويعاني قطاع كبير من المصريين في ظل تطبيق إصلاحات اقتصادية قاسية وارتفاعات حادة في الأسعار منذ قرار البنك المركزي المصري في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تعويم الجنيه حيث هوت العملة المحلية لأقل من نصف قيمتها وتجاوز التضخم الأساسي 25 بالمئة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية عام 2018 ولم يظهر حتى الآن على الساحة منافس قوي لـ«السيسي» في ظل ضعف واضح لقوى المعارضة.

ويقيم «البرادعي» في العاصمة النمساوية فيينا منذ استقالته من منصب نائب الرئيس.

ومنذ عزل «مرسي» شنت الحكومة حملة أمنية صارمة على جماعة الإخوان شهدت مقتل المئات وسجن آلاف آخرين. واتسعت هذه الحملة لتشمل نشطاء علمانيين وليبراليين تصدروا الانتفاضة على «مبارك».

ويستبعد نافعة أن يكون البرادعي قادرا على قيادة حركة تغيير جديدة لكنه لا يستبعد التفاف المعارضة حول شخص آخر.

وقال نافعة إن «البرادعي سقط سياسيا منذ فترة ولكن أنا لا استبعد أن يؤدي حمق النظام وغباؤه إلى التفاف كل التيارات السياسية حول رمز معين».

وتابع أن «انزعاج (النظام) هو انزعاج ضعف. نظام يشعر بالضعف ويشعر أن قوى المعارضة تتزايد».

وقال «شادي الغزالي حرب» أحد الوجوه الشبابية التي تصدرت المشهد خلال الانتفاضة على مبارك، إن «الإعلام المؤيد للحكومة انزعج من ظهور البرادعي لأن النظام هش وضعيف».

وأضاف أن «البرادعي لا يزال له تأثير مهم على قطاعات كبيرة ويملك الكثير من الأسرار عن الفترة التي تولى فيها كنائب رئيس».

واعتبر أن حملات الهجوم التي يتعرض لها البرادعي «تضيف لرصيده ولا تخصم منه وتجعل منه عاملا مهما ومؤثرا في المرحلة المقبلة».

مكالمات مسجلة

في نفس التوقيت الذي كانت تذاع فيه الحلقة الأولى من حوارات «البرادعي» يوم السابع من يناير/ كانون الثاني، كانت قناة مصرية خاصة مؤيدة لنظام الحكم تذيع تسجيلات لمكالمات تليفونية لـ«البرادعي» مع عدة شخصيات بينهم نشطاء.

وقال مقدم البرنامج الذي أذاع التسجيلات إن «المكالمات تظهر أن البرادعي كان سليط اللسان ويهاجم القوات المسلحة وكل السياسيين حتى من يدعمونه وأنه لا يصلح لقيادة مصر».

وقال «البراداعي» في تغريدة على «تويتر» ردا على هذه التسجيلات إن «تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية إنجاز فاشي مبهر للعالم. أشفق عليك يا وطني».

ولم يصدر أي تعليق من الحكومة أو الأجهزة الأمنية على هذه التسجيلات وقانونية تسجيلها وإذاعتها.

وعندما سألت «رويترز» السفير «أشرف سلطان» المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري عن الأمر، قال إن «الموضوع من اختصاص النائب العام».

وذكرت وسائل إعلام محلية أمس الأربعاء أن النائب العام أمر بإحالة بلاغ قدمه محاميان ضد مذيع البرنامج «أحمد موسى» بسبب إذاعة المكالمات إلى النيابة للتحقيق فيه.  

ويرى فريق أن تسجيل مكالمات الشخصيات السياسية والعامة التي يتحدثون فيها عن أمور سياسية لا يندرج تحت بند انتهاك الحياة الشخصية ودافع عن إذاعتها. لكن آخرين يقولون إنها تخالف الدستور والقانون إذا لم تكن بإذن قضائي.

ووصف الغزالي حرب التسجيلات بأنها «أسلوب رخيص تعودنا عليه من هذا النظام لكن يظهر لأي مستوى انهارت الدولة ويظهر أيضا كمية القلق والخوف من مجرد الإعلان عن أن البرادعي سيتكلم».

وندد «حافظ أبو سعدة» رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتسجيلات وقال «نحن بصدد جريمة... الدستور المصري أكد بشكل قاطع على أن الحياة الخاصة مصونة ولا يجوز التصنت إلا بإذن قضائي وبصدد التحقيق في قضية جنائية».

وانتقد الصمت الحكومي إزاء الأمر، وقال إن «الصمت هو صمت على جريمة مستمرة في الحقيقة».

وأضاف أن «صمت الحكومة وعدم تحريك الدعوى الجنائية في الحقيقة علامات استفهام لأن هذه الجريمة علنية يشاهدها المسؤولون والمصريون والجهات الرسمية دون فتح تحقيق».

وطالب «أبو سعدة» النائب العام بفتح تحقيق فوري وإلزام القناة بوقف بث بقية التسجيلات التي تعهد «موسى» بإذاعتها على مدار أسابيع.

وجمعت إحدى المكالمات المذاعة بين «البرادعي» والفريق «سامي عنان» رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق.

وقال «أبو سعدة»، «هذا اختراق لمكتب قائد عسكري وده معناه أن كل شيء كان يتم تسجيله مما يهدد الأمن القومي المصري».

اغتيال معنوي

لم يقف حد الهجوم على البرادعي عند إذاعة تسجيلات لمكالمات خاصة. فقد رفع محام دعوى قضائية تطالب بسحب قلادة النيل أرفع وسام مدني في مصر من «البرادعي» والتي منحه إياها «مبارك» بعد فوزه عام 2005 بجائزة نوبل للسلام مناصفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقدم الصحفي والنائب البرلماني المصري «مصطفى بكري» طلب إحاطة بمجلس النواب للمطالبة بإسقاط الجنسية عن «البرادعي» وسحب قلادة النيل منه.

وقال «بكري» إن «البرادعي يتآمر مع قوى خارجية ضد مصر ويحرض على مصر في الخارج والقانون ينص على سحب الجنسية ممن يضر بالأمن القومي».

ويرفض «البرادعي» دوما هذه الاتهامات التي وجهت له في عهد أنظمة مختلفة منذ إعلان معارضته لمبارك ويقول إنها تهدف لإسكاته.

وقال «بكري» إنه سيقدم للبرلمان «كل الأدلة من فيديوهات وتصريحات للبرادعي».

وأوضح أن إسقاط الجنسية من اختصاص مجلس الوزراء لكن يحق للبرلمان إصدار توصية بهذا الشأن أو إصدار قانون بسحب الجنسية.

ودافع «بكري» عن إذاعة مكالمات «البرادعي»، قائلا إنه «طالما لا تتعلق بأمور شخصية فانا أؤيدها».

وردا على المطالبات بإسقاط الجنسية عنه قال «البرادعي» في تغريدة على تويتر باللغة الإنجليزية إن «التحرك في البرلمان والدعاوى القضائية لتجريدي من الجنسية ردا على مقابلة تلفزيونية يفسر ماذا حدث.. تنامي الفاشية».

وقال الحقوقي «حافظ أبو سعدة» إن «هذه الإجراءات باطلة بطلانا مطلقا. لا يوجد أي سند قانوني يعطي لمن يتحدث بهذا الحق في سحب الجنسية من مواطن مصري لأنه اختلف مع القيادة السياسية أو اختلف في وجهة النظر مع نظام الحكم».

وأضاف «هي شكل من أشكال الضغط على الدكتور البرادعي ومحاولة إسكاته ومحاولة تهديده واغتيال شخصيته معنويا».

  كلمات مفتاحية

محمد البرادعي سامي عنان مبارك أحمد موسى مصطفى بكري مكالمات مسربة

مصادر: إذاعة مكالمات «البرادعي» و«عنان» تمت بتعليمات رسمية

«البرادعي» يعلن شهادته: فض «رابعة» بالقوة أجهض حلولا سياسية لاقت شبه اتفاق