فيديو.. «الطلاق» يفجر ملفات الخلاف بين الرئاسة في مصر وشيخ الأزهر

الخميس 26 يناير 2017 08:01 ص

أجواء توتر واضحة للعيان بين الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، ومؤسسة الأزهر الشريف، بدت واضحة في عتاب وتوبيخ رئاسي صدر على الملأ باتجاه شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب».

«تعبتني والله فضيلتك».. كانت كفيلة بالكشف عن الخلافات بين الجانبين، بعد تطرق «السيسي»، خلال الاحتفال بعيد الشرطة المصرية، الثلاثاء الماضي، إلى مسألة الطلاق الشفهي، مطالبا بإصدار قانون يمنع الطلاق إلا أمام مأذون، وليس بالكلمة.

وقال «السيسي» خلال كلمته، إن «نسب الطلاق بين الشعب كبيرة جدا، وعلينا التعاون لمواجهة هذه الظاهرة»، بحسب صحيفة «الشروق».

وأضاف «السيسي»، «سألت رئيس الجهاز المركزي للتعبئة عن عدد حالات الزواج قالي 900 ألف و40% منهم بينفصلوا خلال الخمس سنين الأولى».

ووجه «السيسي»، عتابا إلى الدكتور «أحمد الطيب» شيخ الأزهر، قائلا: «عاوزين الطلاق يتوثق بحضور المأذون عشان يحاول يصلح بينهم، وما يبقاش الطلاق سهل وبكلمة يطلقها الرجل.. لازم نخليه بقانون ولا إيه يا فضيلة الإمام. تعبتني يا فضيلة الإمام»(فيديو).

هجمة شرسة

لم يكن هذا أول عتاب من نوعه، بل جاء استمرارا للسلوك ذاته في المناسبات المختلفة على مدار السنوات الثلاث الماضية. ففي أحد الاحتفالات بليلة القدر، وبينما كان «السيسي» يتحدث عن استشراء التطرف الاسلامي وأثره في العالم وعدم مراجعة علماء الأزهر لكتب التراث، التي رأى أن بعضا منها يحمل غلوا في التطرف، توجه بخطابه إلى شيخ الأزهر قائلا «سأحاججكم أمام الله»(فيديو).

بل وزاد عن ذلك في مناسبة أخرى حين خاطب شيخ الأزهر قائلا: «فضيلة الإمام كل ما أشوفه بقول له إنت بتعذبني»(فيديو).

فور صدور العتاب الرئاسي «تعبتني يا فضيلة الإمام»، شنت الإعلامية المصرية «لميس الحديدي»، هجوما عنيفا على شيخ الأزهر، متهمة إياه بالتقصير فى مسألة تجديد الخطاب الديني، وقالت: «إن تفسير كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي له (تعبتني يا فضيلة الإمام) والتى وجهها لشيخ الأزهر معناها أن الرئيس فاض به الكيل»، مضيفة: «مفيش أدب أكتر من كدة بصراحة».

وأضافت «لميس» خلال برنامجها «هنا العاصمة» على قناة «سي بي سي»، مساء الثلاثاء الماضي، أن «الرئيس طلب من شيخ الأزهر عقب توليه الرئاسة وإلى الآن لم يتم شيء.. فلم تطور المناهج الأزهرية حتى اليوم وكأننا أسرى التطرف»، على حد قولها.

وفي تهديد مبطن، ذهب الكاتب الصحفي المقرب من دوائر الحكم «محمود بكري»، إلى القول «بات من الواضح أن الحديث عن تجديد الخطاب الديني بدأ يخرج عن حدود المطالبات الهادئة إلى انتقادات واضحة، وهو أمر سوف يضع مشيخة الأزهر في موقف بالغ الصعوبة، فإما تتجاوب مع ما ذهب إليه الرئيس، أو أن تدخل علاقة الطرفين في طور أزمة بات بلوغها أقرب الاحتمالات»، وفق «روسيا اليوم».

اجتماع طارئ

الهجوم العنيف الذي تعرض له «الطيب» رئاسيا وإعلاميا، دفع هيئة كبار العلماء إلى الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ للهيئة لمناقشة التقرير النهائي بشأن الطلاق الشفهي والهجمة الإعلامية التي يتعرض لها الأزهر وإمامه الأكبر من قبل عدد من وسائل الإعلام، بحسب «بوابة الأهرام».

 وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هيئة كبار العلماء تبحث بالفعل قضية الطلاق الشفهي منذ عدة أشهر ضمن عدد من القضايا تبحثها اللجان المختصة، وذلك من أجل الوصول إلى رأي فقهي بشأنها.

ولا يتم الطلاق في مصر إلا بعد توثيقه رسميا أمام المأذون الشرعي بالفعل، ما أثار تساؤلات حول طبيعة هذا القانون المطلوب.

وقد بادر النائبان بمجلس النواب المصري، «عمر حمروش»، و«آمنة نصير» العميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، بإعلان تقديمهما مشروعا بالقانون للبرلمان، يهدف إلى تقنين الطلاق، بحسب «بوابة القاهرة».

وتبلورت فكرة تقنين الطلاق عام 2015 عبر دعوات للداعية المصري «خالد الجندي» طالب خلالها مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء بإصدار قرار بعدم الاعتراف بـ«الطلاق الشفهي»، وإلغائه، وألا يُعتدّ به إلا بعد إتمام الطلاق على يد مأذون شرعي.

ووصف «الجندي»، إلغاء الطلاق الشفوى بأنه «خطوة جيدة على طريق تجديد الخطاب الديني»، معربا عن ثقته التامة بالأزهر الشريف وشيخه وعلمائه، في سرعة الاستجابة لمبادرة الرئيس «عبد الفتاح السيسي»، بإلغاء الطلاق الشفوي، بحسب موقع «هافينغتون بوست عربي».

وفور طلب «السيسي» قانوناً لتنظيم الطلاق، أكد الدكتور «عباس شومان»، وكيل الأزهر الشريف والأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن الهيئة تعكف على دراسة العديد من القضايا المتعلقة بالطلاق؛ للحد من حالات الطلاق، ومنها عدم وقوع الطلاق إلا بالإشهاد وعن طريق القاضي.

خلافات حادة

العتاب الرئاسي لـ«الطيب» أظهر للعيان حجم الخلاف والفجوة بين المؤسستين، «الرئاسية» و«الدينية»، وأعاد للأذهان الجدل مجددا حول «محطات الصدام»، بين الطرفين.

ويعد «فض رابعة» الذي قتل فيه المئات من أنصار الرئيس «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب في 14 أغسطس/آب 2013، أول خلاف علني بين «السيسي» و«الطيب»، حين أصدر شيخ الأزهر بيانًا قال فيه: «إبراء للذمة أمام الله وأمام الوطن، يعلن الأزهر للمصريين جميعًا أنه لم يكن يعلم بإجراءات فض الاعتصام إلا عن طريق وسائل الإعلام، كما يطالب الجميع بعدم محاولة إقحام الأزهر فى الصراع السياسى»، بحسب صحيفة «الدستور».

وتابع: «يعلن الأزهر أسفه وحزنه لعدد من الضحايا ويترحم عليهم ويعزى أسرهم ويكرر الأزهر تحذيره من استخدام العنف وإراقة الدماء، ولا يزال الأزهر على موقفه بأن استخدام العنف لا يمكن أبدًا أن يكون بديلاً عن الحلول السياسية، وأن الحوار العاجل والجاد هو الحل الأوحد للخروج من الأزمة إذا صدقت النوايا».

ومن «فض رابعة» إلى مطالبات الرئيس المصري بضرورة تجديد الخطاب الدينى، حمل «السيسي» المؤسسات الدينية المسئولية الكبرى، قائلا إن «تجديد الخطاب الدينى مسئوليتكم أمام الله».

أمام «فتور» شيخ الأزهر تجاه مطالبات الرئاسة بالتجديد، أوكلت الرئاسة الملف إلى مستشار الرئيس للشئون الدينية الشيخ «أسامة الأزهرى»، والمعين في البرلمان المصري، كما دفعت بوزير الأوقاف المصري الدكتور «محمد مختار جمعة» إلى تبني فكرة خطبة الجمعة الموحدة، وإعداد خطة طويلة المدى تتضمن خطبا تكفي 5 سنوات مقبلة، دون الرجوع إلى الأزهر، وهو الأمر الذي اعتبر تهميشا لـ«الطيب»، في مواجهة تنامي دور «جمعة» و«الأزهري».

ولم يخف شيخ الأزهر حدته تجاه أعضاء لجنة «الشئون الدينية» فى البرلمان، والتى يشغل «الأزهرى» عضويتها، وتمسك بعدم مشاركتها فى الإشراف على تنقية كتب التراث وخطباء الجامع الأزهر وبرامج تدريب الوعاظ فى المشيخة، وتحفظ «الطيب» على دور وأداء اللجنة، ما جعل أعضاء يقدمون على تقبيل رأسه خلال الجلسة البرلمانية.

صراع «الطيب» و«جمعة»

وأثار «الطيب» أزمة كبيرة مع «الأوقاف» والحكومة بسبب خطة الوزارة للخطبة الموحدة، والتى نفذتها استجابة لمطالبات الرئاسة فى التحكم بمحتوى الخطاب الدينى بالمساجد التابعة لها، وعدم السماح لغير الأزهريين بإلقاء الخطب بالمساجد، فى محاولة لحصار «الخطاب المتطرف» وانتظام الخطاب الدينى بالمساجد.

ولم يرق الأمر لشيخ الأزهر، ورفضته هيئة كبار العلماء برئاسته، وأصدرت بيانًا بذلك، وهو ما كشف عن عدم وجود تلاقى بين الأزهر بوصفه المؤسسة الدينية الأولى فى مصر، وتوجهات المؤسسات التنفيذية بالدولة، وعلى رأسها الرئاسة والحكومة ووزارة الأوقاف، حتى تفاقمت الأزمة وانتهت بلقاء جمع بين «السيسى» و«الطيب» فى «الاتحادية»، أغسطس/آب الماضى، انتهت على أثره الأزمة.

لكن الأخطر والذي أزعج المؤسسة الرئاسية، الفتوى التي أصدرها الأزهر الشريف بأنه «لا يمكن تكفير مسلم مهما بلغت ذنوبه»، في إشارة إلى «تنظيم الدولة» والجماعات المسلحة في سيناء، وهو ما يعارض سياسات «السيسي» ويتناقض مع بيانات الجيش المصري التي دأبت على وصف معارضي السلطة بـ«التكفيريين»، لكن «الطيب» اعتبرهم من «مفسدي الأرض» رافضا تجريدهم من الإسلام وشهادة التوحيد، وفق فتواه.

وتقول مصادر إن «السيسي»، صب جم غضبه على عدم شن الأزهر حملة قوية على جماعات الإسلام السياسي وفي القلب منها جماعة «الإخوان»، و«تنظيم الدولة»، وإصراره على تبني موقف متطرف من الشيعة، متجاهلا مواقف النظام المتقاربة مع إيران والعراق والنظام السوري، بحسب صحيفة «المصريون».

ومن بين ما أغضب «السيسي» أيضا، وفق ذات المصادر، هو تبرؤ الأزهر من مؤتمر «غروزني» الذي أخرج التيار السلفي بين أهل السنة والجماعة، وتقديمه شبه اعتذار للسعودية ما زاد من الاستياء الرسمي من موقف شيخ الأزهر خصوصا أن علاقات القاهرة والرياض تمر بأزمة شديدة.

وعلى الرغم من أن «الطيب» كان احد أبرز الداعمين للانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، وشارك في البيان الذي ألقاه «السيسي» حينما كان وزيرا للدفاع آنذاك للإعلان عن خارطة الطريق، في مرحلة ما بعد «مرسي»، فإن حملات الهجوم الإعلامي تتواصل ضده، وسط إشارات رئاسية تؤكد عدم الرضا عن أدائه، بل وتلمح إلى تهميشه، وربما التخطيط في إقصائه من المشهد.

 

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسى أحمد الطيب شيخ الأزهر الطلاق عيد الشرطة الخطبة الموحدة