«الغارديان»: لماذا تمّ استثناء السعودية ومصر من حظر «ترامب»؟

الثلاثاء 31 يناير 2017 05:01 ص

حين أصدر الرئيس «ترامب» قراراته التنفيذية يوم الجمعة للحدّ من الهجرة، يبدو أنّه على الأقل قد أغفل شيئًا هامًا. لقد فشل في تكليف دائرة الحدائق الوطنية لوضع غطاء على تمثال الحرّية، الرمز الأكثر شهرة في العالم عن الحرية.

وليس هذا هو الإغفال الوحيد. فبينما كان يحدّد البلدان ذات الأغلبية المسلمة التي سيحظر لاجئيها وتأشيراتها بسبب المخاوف حول الإرهاب، استثنى «ترامب» السعودية، رغم أنّها هي الدولة التي انتمى لها العدد الأكبر من منفذي هجوم 11 سبتمبر/أيلول في نيويورك وواشنطن.

هل يخجل «ترامب» من الإساءة للسعودية لأنّ لديه أعمال مع أثرياء سعوديين؟ أم يحاول كسب ودّهم لرعاية فندقه الجديد في واشنطن؟ لا نعرف. ولكن برفضه الكشف عن ضرائبه وبرفضه تجريد نفسه من أعماله التجارية، تثار مثل تلك التساؤلات.

وتمّ استثناء دولة أخرى وهي مصر. رغم أنّ قائد طائرة هجوم 11 سبتمبر/أيلول كان المصري «محمد عطا». هل تمّ إغفال مصر لأن «ترامب» يطوّر علاقة دافئة مع ديكتاتور البلاد الوحشي، الجنرال «عبد الفتاح السيسي»؟ مرّة أخرى، لا نعرف.

بطبيعة الحال، استثناء جميع السعوديين والمصريين من دخول الولايات المتّحدة ستكون فكرة سيئة. لابد أن ينظر إلى طلبات اللجوء والتأشيرات كلٍّ على حدة. وبعد فشله في إقصائهم، يلقي هذا الضوء على التعسّف في منع كل هؤلاء من بعض الدول التي لم يكن مواطنوها جزءًا من الإرهاب ضدّ الولايات المتّحدة.

وخلال حملته الانتخابية، ركّز «ترامب» بشكلٍ خاص على إقصاء اللاجئين السوريين، واصفًا إيّاهم بـ «حصان طروادة». لكن عليه الاعتراف أنّه على الرغم من المعاناة التي يتعرّضون لها، فلم يكن اللاجئون السوريّون مرحّبًا بهم في الولايات المتّحدة قبل وصول «ترامب» حتّى إلى الرئاسة.

وقد سجّلت المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتّحدة أكثر من 4,800,000 لاجئ سوري. استضافت تركيا أغلبية هذا العدد، ومن بعدها لبنان والأردن. واقترحت إدارة «أوباما» استقبال 25 ألف لاجئ سوري بالولايات المتّحدة في العام الذي يبدأ 1 أكتوبر/تشرين الأول.

وقد أوقف «ترامب» الآن هذه العملية. وقد أعلنت كندا في الوقت نفسه أنّها أعادت توطين 39,617 لاجئا سوريا بحلول 2 يناير/كانون الثاني عام 2017. وسارت العملية على أفضل ما يرام. ويساعد العديد من الكنديين بشكل تطوّعي اللاجئين ويساعدون ماليًا في تمكينهم من التكيّف بنجاح في بيئتهم الجديدة.

وقبل قبول اللاجئين السوريين، فحصتهم كندا بعناية. وتأكّدت أنّهم ليس لديهم قضايا أمنية. وكان الفحص من قبل الولايات المتّحدة للاجئين السوريين مماثلًا، واستغرق الأمر عامين. ومثل الحال في كندا، لم يكن اللاجئون السوريّون متورّطون في حوادث أمنية.

لكن الآن، باستثناء الشرط الذي سيبدو أنّه سيتثني المسيحيين من اللاجئين السوريين، والذي يحظى بدعم اليمين المسيحي الذي يدعم «ترامب»، فإن السوريين تمّ حظرهم من دخول الولايات المتّحدة. ويلقي هذا الضوء على احتمال التورّط في التمييز الديني.

في الفترة التي تبعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، ارتكبت الولايات المتّحدة عددًا من الأفعال التي أضرّت بمكانتها العالمية. وتشمل تلك الأفعال غزو العراق بعد ادّعاءاتٍ كاذبة بامتلاك «صدّام حسين» لترسانة من أسلحة الدمار الشامل التي تمثّل خطرًا على الولايات المتّحدة. إضافةً إلى ممارسة «الإيهام بالغرق» وانتهاكات أخرى ضد العديد من المعتقلين من الكثير من البلدان في المواقع السوداء لجهاز الاستخبارات الأمريكية. ناهيك عن الاعتقالات لفترات طويلة دون اتّهام داخل معتقل غوانتانامو. وسوء إدارة العراق أثناء الاحتلال ممّا أغرقها في حالة من الفوضى وساعد في صعود الحركات الإرهابية في المنطقة. والتعذيب والإذلال الجنسي الذي ارتكب بحق المعتقلين بسجن أبو غريب.

والآن، بإقصاء اللاجئين من دول معيّنة ذات أغلبية مسلمة وبرفض كل تأشيرات مواطني هذه الدول، فإنّ «ترامب» ينقص من هيبة الولايات المتّحدة كدولة يعامل فيها الناس بعدل بغض النظر عن العرق أو الدين أو الأصل القومي. وإذا كان يعتقد أنّ ذلك يعزّز من السلامة، فهو مخطئ للأسف.

وإذا نجح حتّى في إبقاء كل هؤلاء، الذين يعتقد أنّهم يهدّدون الولايات المتّحدة، بعيدًا، فسوف يزيد من تعرّض ملايين الأمريكيين، الذين يعيشون ويعملون ويرتحلون خارج الولايات المتّحدة، للخطر. ستكون الولايات المتّحدة أكثر أمانًا، إذا نظر إليها العالم كدولة تعيش على المثل العليا التي يمثّلها تمثال الحريّة.

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

ترامب لاجئين هجرة حظر المسلمين

مراقبة وتهديدات.. مصر والسعودية تتعقبان المعارضين على الأراضي الأمريكية