«جيف سيشنز» .. الأب الروحي لأفكار «ترامب» المتشدّدة

الثلاثاء 31 يناير 2017 06:01 ص

وقّع الرئيس «دونالد ترامب» في الـ 10 أيام الماضية قائمة من القرارات التي حوّلت أفكار حملته الانتخابية المتشدّدة إلى قرارات تنفيذية وسياسات لحكومته. وقد حمل التوقيع اسم «ترامب»، لكن كان وراء تلك القرارات رجلٌ آخر، وهو «جيف سيشنز»، الذي اختاره «ترامب» وزيرًا للعدل، والمعروف بآرائه المناوئة للهجرة.

وعلى الرغم من بعض الأصوات المعارضة لتعيين «جيف» على خلفية اتهامه بقضايا عنصرية سابقة، والتي نفاها، فإنّ تعيينه لا يجد أي مقاومة تذكر داخل الكونغرس.

ومن المقرر التصويت على ترشيح «سيشنز» اليوم الثلاثاء، لكنّ نفوذه في الإدارة يتخطّى وزارة العدل. فـ«سيشنز» هو عرّاب أفكار الرئيس من الهجرة والرعاية الصحية وحتّى الأمن القومي والتجارة، ويمتدّ نفوذه داخل البيت الأبيض عن طريق حلفائه وأصدقائه، الذين يسرّعون خطوات الرئيس الأكثر درامية، بما في ذلك حظر المهاجرين من 7 دول غالبيتها مسلمة، الأمر الذي أثار مخاوف العالم.

وعلى سبيل المثال، فإنّ من قام بصياغة الكثير من قرارات «ترامب» التنفيذية هو كبير المستشارين السياسيين، «ستيفن ميلر»، وهو أحد المقرّبين من «سيشنز» وهو من قام بتزكيته. وهو أيضا العقل المدبّر وراء الصورة الشعبوية لـ«ترامب»، بالإضافة إلى كبير الاستراتيجيين «ستيفن كي بانون»، والذي روّج لـ«سيشنز» لسنوات من خلال موقع بريتبارت الذي يرأسه.

ثم هناك «جاريد كوشنر»، زوج ابنة الرئيس وكبير مستشاريه، والذي وصف «سيشنز» بأحد أعمدة الإدارة الهامة، والذي نظّم رحلة «ترامب» لمدينة ميكسيكو سيتي أثناء الحملة الانتخابية في أحلك الأيام.

وفي ردّ على بريد إلكتروني من «واشنطن بوست»، وصف «سيشنز» بأنّه «غرفة مقاصّة السياسة والفلسفة» في إدارة «ترامب». وقال أنّه هو والسيناتور مركز «حركة أمريكا أولًا» التي تروّج للبرنامج القومي الشعبوي «الذي يؤيّده غالبية الأمريكيين، لكنّ لا تفهمه النخبة الكوزموبوليتانية في الإعلام، التي تعيش في بعض المدن الكبيرة».

وأضاف: «أثناء الحملة الانتخابية، كان سيشنز هو الأكثر شغفًا وتوافقًا وولاءً في الكونغرس لأجندة ترامب. وما نشهده الآن هو ولادة نظام سياسي جديد، وكلما أصبحت نخبة وسائل الإعلام محمومة، كلما أصبح هذا النظام السياسي الجديد أقوى».

و«ترامب» الذي لا يخجل من الإغداق على الموالين له بعبارات المدح والثناء، يتحدث عن «سيشنز» بحميمية. وفي مأدبة غداء قبل يومٍ من تنصيبه، أشار إلى «سيشنز» بـ «الأسطوري جيف سيشنز».

وفي رسالة بريد إلكتروني لصحيفة «واشنطن بوست»، قال «ترامب»: «سيشنز هو واحد من أقرب المقرّبين لي، ويحظى حقيقةً باحترام كبير من قبل كل من في العاصمة واشنطن وجميع أنحاء البلاد، ولقد كان عونًا وسندًا هامًا لي طوال أيام الحملة».

وساعد «سيشنز» في استراتيجية الرئيس في أسبوعه الأول، وكان وراء توقيع «ترامب» لعاصفة من القرارات التنفيذية للوفاء بوعوده الانتخابية، رغم أنّ «سيشنز» كان يميل إلى أن تكون الأمور أسرع من ذلك.

وضغط «سيشنز» من أجل فترة «صدمة ورعب» من شأنها أن تهز الكونغرس، بشكلٍ يقنع قاعدة «ترامب» ويفقد منتقديه الوعي، وفقًا لاثنين من المسؤولين المشاركين في التخطيط للانتقال.

ويقوم «ترامب» باتّخاذ قراراته الخاصّة بالطبع، لكنّ «سيشنز» يعدّ واحدًا من النوّاب القلائل الذين يشاركون «ترامب» أفكاره. ومع ذلك، توجد حدود لتأثير «سيشنز». فلم يستطع إقناع «ترامب»، حتّى الآن على الأقل، بإلغاء برنامج الإجراء المؤجل للأطفال القادمين، والذي يسمح ببقاء وإقامة الأطفال الذين تمّ جلبهم إلى الولايات المتّحدة بصورة غير شرعية. كما يضغط «سيشنز» من أجل تعيين وليام بريور رئيسًا للمحكمة العليا، بينما يوجد بريور في نهاية قائمة من ثلاث أشخاص لدى «ترامب»، ومن غير الواضح إذا ما كان سيقوم بتعيينه.

الرقم الهام

وأصبح «سيشنز» منذ الأيام الأولى للمرحلة الانتقالية رقمًا هامًا في المعادلة، وكان حريصًا منذ ترشيحه أن يشارك بأفكاره رسميًا في إدارة البيت الأبيض.

وقد استطاع «سيشنز» تنصيب حلفائه المقربين داخل دائرة البيت الأبيض. واستطاع إقناع صديقه «كليف سيمز» ببيع وسيلة إعلامية لديه في ألاباما، والحصول على وظيفة استراتيجية داخل البيت الأبيض. وكان لـ«سيشنز» أيضًا تأثيره في اختيار «بيتر نافارو»، الخبير الاقتصادي، في منصب مدير المجلس التجاري الوطني.

كما وضع «سيشنز» بصمته على غرفة الإعلام بالبيت الأبيض بتعيين «شون سبيسر»، الذي كان صحفيًا في موقع لايفزيت الذي تديره «لورا أنغراهام»، الشعبوية المؤيّدة لـ«ترامب» على غرار «سيشنز».

وتمّ تعيين «جوليا هان»، التي أرّخت لحروب «سيشنز» ضدّ الهجرة على مدى عامين، كمساعدة له في البيت الأبيض.

ويتصاعد القلق بين الجمهوريين أنفسهم من صعود «سيشنز»، ويقول «جون ويفر»، الاستراتيجي المخضرم، والذي كان يومًا ما في حملة «سيشنز» الأولى داخل مجلس الشيوخ، والآن هو ناقد لـ«ترامب»، أنّ «سيشنز» يملك الآن كل السلطة لأنّه يشارك «ترامب» أفكار «وجهة نظر الأربعينات للحصن الأمريكي».

ويقول «ويفر»: «لسوء الحظ، توجد عواقب حقيقية لذلك. فوجهات النظر الصارمة ضد الهجرة، تعزل أمريكا، وتجعلها عضوًا غير فعّال في المجتمع الدولي».

«يوسف» البيت الأبيض

واعتاد الناس في البيت الأبيض وشبكة «سيشنز» الخارجية بدعوة السيناتور بـ «يوسف»، في إشارة إلى قصّة النبي الذي صعد في ظروف غير عادية وكان منبوذًا من قبل عائلته وتمّ بيعه في سوق العبيد ليصبح فيما بعد اليد اليمنى لفرعون والوصي على أراضي مصر.

وفي خلال 20 عامًا من مهام «سيشنز»، تمّ عزل «سيشنز» داخل حزبه، وهي ديناميكية تبلورت منذ عقد من الزمان حين انفصل عن الرئيس «جورج دابليو بوش»، بعد الخلاف حول تغييرات شاملة في قضية الهجرة.

أحب «ترامب» ما رآه في «سيشنز»، الذي كان على علاقات وثيقة باليمين. وقال «سام نونبرغ»، مستشار «ترامب» السياسي: «لقد كان سيشنز دائمًا هدفًا لنا».

لقد كان «سيشنز» مرشّح «ترامب» المثالي، والذي يشاركه أفكاره في قضايا مثل التجارة والهجرة غير الشرعية. وبعد إعلان «ترامب» ترشّحه، انضم له «سيشنز» في أغسطس/آب عام 2015، وارتدى قبّعة «فلنجعل أمريكا عظيمة مرّة أخرى» في أحد الاجتماعات. وبحلول يناير/كانون الثاني عام 2016، كان «ميلر»، مستشار «سيشنز» قد انضمّ رسميًا للحملة، وكان يسافر يوميًا مع «ترامب» المرشّح ويقوم بكتابة الخطابات وصياغة السياسات.

وهكذا، أصبح «ترامب» و«سيشنز» في مسار واحد، كلما ارتفع «ترامب»، ارتفع معه «سيشنز».

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

ترامب جيف سيشنز العنصرية اللاجئين