«واشنطن بوست»: خارطة طريق «ترامب - نتنياهو» إلى العدم

الخميس 16 فبراير 2017 11:02 ص

عقب المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده الرئيس «دونالد ترامب» ورئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» ظهر الأربعاء، لجأ مراقب الشرق الأوسط المخضرم «آرون ديفيد ميلر» إلى استعارة من فيلم ستار تريك لتوضيح ما رآه. وعلى شاشة «سي إن إن»، وصف الدبلوماسي الأمريكي السابق المؤتمر الصحفي بـ «لا شيء سوى تخاطر فولكان العقلي». (فولكان أحد شخصيات الفضاء من سلسلة أفلام ستار تريك)

بدا الزعيمان يعملان في انسجامٍ سلس. ورغم قضاء «نتنياهو» 11 عامًا رئيسًا للوزراء على فترتين، كانت هذه هي الزيارة الأولى له إلى البيت الأبيض في وجود رئيس جمهوري، وقد آتت أكلها.

حصل الزعيم الإسرائيلي اليميني على غرضه من الرحلة، خطاب قاس ضدّ تهديدات إيران، تعهّدات بصداقة وثيقة وتعبير عن العداء لسياسات «أوباما»، ولا حديث عن أهمية حل الدولتين.

ولم يتطرّق أيّ من الزعيمين لذكر مسألة حلّ الدولتين (دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية تعيشان جنبًا إلى جنب)، وعندما أثار أحد الصحفيين الأمر، بدا «ترامب» غير مبال. وقال «ترامب»:«أنظر إلى الدولتين أو دولة واحدة، وأفضّل الدولة الواحدة التي يفضّلها كلا الطرفين»، ضاربًا بعملية السلام في الشرق الأوسط عرض الحائط.

ووجّه «ترامب» لـ«نتنياهو» انتقادًا لطيفًا حول التوسّع الاستيطاني لـ (إسرائيل) في الضفّة الغربية. وقال الرئيس الأمريكي: «أودّ أن أراك بخيلًا قليلًا بشأن المستوطنات»، قال ذلك قبل الدخول معًا في مزاحٍ ودّي حول «فن الصفقة».

لقد كان «نتنياهو» مراقبًا عن كثب من قبل الداخل الإسرائيلي، وقد احتاج استرضاء العناصر اليمينية في الائتلاف الحاكم. وكان «نفتالي بينت»، زعيم أحد الأحزاب في ائتلاف «نتنياهو» الحاكم والداعم للاستيطان، قد حذّر «نتنياهو» من «مجرد ذكر دولة فلسطينية» وأعلن أنّه إذا فعل ذلك، «ستهتز الأرض».

وكان «بينت» مسرورًا للغاية ممّا شاهده، ونشر تغريدة على موقع تويتر ظهر الأربعاء يقول فيها: «هذه نهاية حقبة زمنية. لقد نكّس العلم الفلسطيني ورفع العلم الإسرائيلي مكانه. لقد أظهر رئيس الوزراء القيادة والجرأة وتعزيز أمن (إسرائيل)».

بالطبع، كانت احتمالات حلّ الدولتين على جهاز دعم الحياة لسنوات. ومع الاستمرار في التوسّع الاستيطاني في الضفّة الغربية والقدس الشرقية، العاصمة المفترضة لدولة فلسطينية مستقلّة، جعل ذلك من شبه اليقين أنّه لن تتواجد أبدًا دولة فلسطينية متّصلة. وإصرار «نتنياهو» على الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية على جزء كبير من هذه الأراضي يوضّح أنّ هناك احتلال عسكري دائم. ويوجد الكثير من الشكوك حول نيّته السّماح بقيام دولة فلسطينية مستقلّة أكثر من أيّ وقتٍ مضى.

ووصف «نتنياهو» نظراءه الفلسطينيين بأنّهم «ضعفاء ويميلون للرفض»، وقال أنّه لا يملك «شريكًا للسلام». ويؤمن بأنّ الميليشيات الإسلامية المتشدّدة ستستولي على دولة فلسطين المستقلة في حال قيامها. وفي الوقت نفسه، صعّد الفلسطينيون كفاحهم إلى المحافل الدولية، واكتسبوا الكثير من الدعم الرمزي، لكنّه لا يساوي الكثير على الأرض.

ولن يحدث الكثير من التغييرات على إثر اجتماع «نتنياهو» مع «ترامب»، كما ذكر المراسل الدبلوماسي لصحيفة التايمز الإسرائيلية:

لكنّ منتقدي «نتنياهو»، ومن بينهم شخصيات من إدارة «أوباما»، قلقون من أنّ الوضع الراهن مسمّم.

ونشر البرلماني الإسرائيلي المعارض، «إيريل مرغليت»، تغريدة على موقع تويتر يقول فيها: «لقد فاز اليمين المتطرّف اليوم. يقودنا نتنياهو إلى حالة الدولة المزدوجة، في حين يبتعد عن حل الدولتين، الذي هو في صالح (إسرائيل)».

إذا لم يكن هناك دولة فلسطينية، فالسؤال المباشر هو، إلى متى سيعيش ملايين الفلسطينيين كمواطنين درجة ثانية، تزحف عليهم المستوطنات ودوريات الجيش الإسرائيلي، وهل يمكن أن يتوقّعوا نفس الحقوق التي يحصل عليها الإسرائيليون الذين يعيشون في وسطهم؟ ولم تظهر إدارة «ترامب» أيّ اهتمام لإجابة هذا التساؤل. ولم يتم التلفّظ بكلمة «احتلال» ولا مرّة واحدة خلال المؤتمر الصحفي يوم الأربعاء.

وقال «صائب عريقات»، السياسي الفلسطيني المخضرم: «إلى هؤلاء الذين يعتقدون أنّ النظام الحالي اليوم مقبول، بوجود دولةٍ واحدة بنظامين، يوجد بها فصل عنصري، لا أعتقد أنّهم يمكنهم الحفاظ عليها. ليس في القرن الـ 21».

ومع ذلك، يدفع البيت الأبيض بسفير جديد في (إسرائيل)، هو «ديفيد فريدمان»، المعروف بدعمه للمستوطنات، والذي شبّه قبل ذلك اليهود الأمريكيين الليبراليين بالمتعاونين مع النازية. ويواجه «فريدمان» جلسة استماع صعبة في مجلس الشيوخ يوم الخميس.

ويعمل «نتنياهو» أيضًا على تعزيز موقف «ترامب». وفي الشهر الماضي، نشر تغريدة يحيّي فيها خطّة «ترامب» لبناء جدار على الحدود مع المكسيك، وهو الموقف الذي أوقع (إسرائيل) في مشكلةٍ دبلوماسية غير مبرّرة مع المكسيك.

المؤتمر الصحفي يوم الأربعاء، تهرّب من سؤال صحفي إسرائيلي حول الارتفاع المقلق للخطاب المعادي للسامية خلال الحملة الانتخابية، والذي أعطى صوتًا للقوميين المتطرّفين والنازيين الجدد في اليمين الأمريكي.

وتجاهل «ترامب» التعليق تمامًا، وردّ بدلًا من ذلك بالاحتفاء بالفوز في الانتخابات والإشارة إلى زوج ابنته اليهودي «جاريد كوشنر»، الذي تتمتّع أسرته بعلاقات جيّدة مع «نتنياهو». وكان «دان شابيرو» السفير الأمريكي في (إسرائيل) الذي غادر منصبه مؤخرًّا، مذعورًا.

لكنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي تجاوز ذلك. وإذا خدش «ترامب» ظهره، فعلى ما يبدو، سيردّ «نتنياهو» الجميل.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

نتنياهو ترامب أوباما حل الدولتين