تركيا وإيران .. توتر «مكتوم» يطفو على السطح في الوقت «غير المناسب»

الثلاثاء 21 فبراير 2017 11:02 ص

لا يخفى على أحد أن هناك حالة من التوتر المكتوم أو بالأدق الصراع المستور أو الخفي بين تركيا وإيران، منذ سنوات طويلة مضت، وربما كان السبب شديد الوضوح في القدم هو صراع النفوذ بين أنقرة وطهران على المنطقة.

وقبل بضعة سنوات انضم إلى السبب الأول، آخر ثان يتمثل في الأزمة السورية التي تدعم فيها طهران نظام «بشار الأسد» بشكل واضح لتكمل محورها الشيعي الذي يضم أيضا لبنان والعراق، فيما تدعم أنقرة المعارضة السورية ومساعيها في تحقيق حلم الديمقراطية والحرية وهو نفس الأمر الذي تدعمه السعودية الضلع الثاني في المحور السني متعدد الأضلاع.

ولكن الأمر الذي يبدو شديد الغرابة في هذا التوقيت، هو ظهور هذا التوتر على السطح في وقت اعتبره الكثيرون أنه «غير مناسب»، أو «خطأ»، لا سيما أن الدولتين استطاعا مؤخرا إذابة الكثير من الجليد الذي كان يحيط بالملف السوري، وتقاربا بشكل ملحوظ في هذا الملف وساهما في إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بين المعارضة المسلحة التي توصف بـ«المعتدلة» من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى، وذلك في 30 ديسمبر/كانون ثان الماضي.

وتلا ذلك جلوس أنقرة وطهران على مائدة واحدة من النظام والمعارضة السورية في العاصمة الكازخية أستانة للتحاور فيما يتعلق بآليات وقف إطلاق النار وكيفية تثبيته واستمراره.

وما زاد الأمر غرابة هو أن التصريحات جاءت قبل أيام من مؤتمر «جنيف 4» المتعلق بالأزمة السورية والذي من المقرر أن ينطلق غدا الأربعاء بحضور وفود من المعارضة والنظام السوري، وبرضا ودور بارز لكل من تركيا وإيران.

وكان هذا التوتر بدأ بتصريحات لوزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» الأحد، اتهم فيها إيران بالعمل على نشر التشيع في سوريا والعراق، واصفا الدور الإيراني في المنطقة بأنه عامل زعزعة لا استقرار، لاسيما وأن طهران تسعى لنشر التشيّع في سوريا والعراق، ودعا طهران «للكف عن الممارسات التي من شأنها زعزعة استقرار وتقويض أمن المنطقة.

وبعد ذلك بيوم واحد، قال رئيس الوزراء التركي «بن علي يلدريم»، إن بلاده قلقه إزاء «السياسة الطائفية» التي تنتهجها إيران في سوريا والعراق، ومساعيها المحتملة «لتوسيع نطاق نفوذها».

وعلى الفور وفي نفس اليوم، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية «بهرام قاسمي» تحلي بلاده بالصبر على تركيا في سياساتها، مشيرا رغم ذلك أنه للصبر حدود.

وفي حديث أدلى به الإثنين، قال «قاسمي»: «نعتبر تركيا بين جيراننا المهمين وتلقت قدرا كبيرا من دعمنا لها ولاسيما في أعقاب الانقلاب الفاشل الذي تعرضت له».

وأضاف «قاسمي»: «نأمل في أن يتحلوا بالمزيد من الذكاء في تصريحاتهم تجاه إيران كي لا نضطر للرد، وفيما يخص تركيا، فإننا سنتحلى بالصبر الذي قد ينفد».

لم يتوقف رد فعل إيران عنذ هذا الحد، ولكن الخارجية الإيرانية استدعت السفير التركي لدى طهران «رضا هاكان تكين»، احتجاجا على تلك التصريحات.

حرب أهلية إسلامية

وكان موقع «جيوبوليتيكال فيوتشرز»، قال مؤخرا، إن نموذج تركيا وإيران، القوتين الكبريين في قلب العالم الإسلامي بينهما صراع صعوده إلى السطح لا مفر منه.

ولفت إلى تصريحات أدلى بها الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» يوم 12 فبراير/شباط الجاري، بينما كان في زيارة للبحرين اتهم فيها إيران بالسعي للحصول على تفتيت العراق وسوريا.

ولفت «أردوغان» إلى أن «القومية الفارسية» خطرا لا بد من التصدي له.

وآنذاك رفضت إيران تلك التصريحات، واتهمت بشكل غير مباشر تركيا بدعم الجماعات الإرهابية وانتهاك السلامة الإقليمية وسيادة سوريا.

ووفق الموقع فإن هذا التوتر قد يؤدي في نهاية المطاف إلى «حرب أهلية إسلامية»، في إشارة إلى الصراع بين السنة والطوائف الشيعية.

واعتبر أن إيران هو الزعيم الفعلي للشيعة في حين تحاول تركيا أن تتولى قيادة السنة.

وقال إن الدول العربية تحتاج تركيا لمواجهة إيران، لكنها لا تريد بالضبط قبول الهيمنة التركية في العالم العربي.

وبين أن المملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الأكثر نفوذا حاليا بين السنة ولكن تظل ضعيفة وحدها في مواجهة إيران، والتحالف الأخير بينا وبين تركيا مثل عامل قوة كبير لها.

ومع هذا وذاك يرى دبلوماسيون ومحللون يقولون إن الأثر طويل الأمد لهذا التوتر سيكون قليلا إذ أن تركيا تريد الغاز الإيراني كما تحتاج طهران المتأثرة بالعقوبات إلى أسواق تصدير بشدة.

وبلغ حجم الواردات التركية من إيران نحو عشرة مليارات دولار عام 2014 وإجمالي صادراتها بلغ حوالي أربعة مليارات دولار.

ومثلت تجارة الغاز مقابل الذهب شريان حياة ماليا لطهران، وتستخدم تركيا صادرات الذهب كوسيلة للدفع بشكل غير مباشر لإيران مقابل الحصول على غاز طبيعي.

  كلمات مفتاحية

إيران تركيا العلاقات الإيرانية التركية توتر سوريا التشيع نفوذ

لماذا يستمر التصادم بين تركيا وإيران؟