العالم المجهول لكشافة الكنيسة المصرية.. أهداف روحية ومهام أمنية

الخميس 23 فبراير 2017 03:02 ص

يحيط الغموض بالدور المنوط بفرق الكشافة الكنسية، ومستوى تدريبها، وتسليحها، وما إذا كانت فرق روحية فقط، أم ميلشيات مسلحة، تحت غطاء ديني، قد تسند إليها مهام قتالية في مرحلة ما، لاسيما، بعد دعوات «تنظيم الدولة» لاستهداف الأقباط في مصر، وتنفيذه عمليات تفجير وقتل وحرق بحق أقباط في القاهرة وشمال سيناء.

في الأيام التي أعقبت تفجير الكنيسة البطرسية ديسمبر/كانون أول الماضي، تصاعد الجدل حول المسؤول عن التقصير. المسيحيون يتهمون وزارة الداخلية، لكن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» حذر: «إوعوا تقولوا تفجير الكنيسة خلل أمني». ومع تحذيره، تعالت أصوات، بعضها من داخل البيت القبطي، مؤكدة أن الأمن الإداري للكنيسة وفرق الكشافة، هي المسؤولة عن تأمينها.

وفي يونيو/حزيران 2015، كشفت فرق الكشافة الكنسية، عن تعاظم دورها الأمني، عندما تصدت لمظاهرات المسيحيين المطالبين بالزواج الثاني، واشتبكوا معهم لمنع المظاهرة داخل الكاتدرائية، وفق «محمد الميموني» عضو لجنة الإعلام بالاتحاد العام للكشافة المصرية.

بحسب مصادر مختلفة، فقد نشأت بعض فرق الكشافة الكنسية في عام 1933، أي بعد تأسيس أول مجموعة كشافة مصرية بقرابة 19 عاماً، حيث تأسست أولى مجموعات الكشافة المصرية عام 1914 في الإسكندرية على يد الأمير «عمر طوسون»، انتشرت الكشافة عام 1918 بعد ظهور فرق الكشافة بشكل علني بإحدى حفلات الجاليات الأجنبية.

وفي 1920، تأسست أول جمعية للكشافة المصرية وأُطلق عليها «جمعية الكشافة المصرية»، ومنذ تأسيسها عملت الكشافة الكنسية ضمن جمعية الكشافة المصرية.

لكن تصريحاً لقائد التدريب الدولي بالكشافة «ميخائيل بطرس»، القائد العام للأمانة العامة للكشافة والمرشدات بمطرانية شبرا الخيمة، يعود بتأسيس أول فريق كشفي إلى ما بعد قيام ثورة يوليو/تموز 1952.

أهداف كنسية

يشرح القمص «يوحنا باقي»، الكاهن بكنيسة مارمرقس، في مقال منشور على موقع إلكتروني تابع لفرقة الكشافة بكنيسته: «نحن لا نهدف إلى أن نكون كشافة فحسب؛ بل أن نكون كشافة كنسية».

ويوضح القمص الذي دعم تأسيس الكشافة داخل الكنيسة بشكلها الحالي منذ سبعينات القرن الماضي قائلاً: «الكشافة في فكر كنيستنا، هدفها أن تنشئ إنساناً جماعي النزعة، والكنيسة أصلاً هي جماعة المؤمنين»، ويتابع محاولاً الربط بين القيم الكشفية والقيم الكنسية: «كان آباؤنا الرسل جماعة بالروح القدس، لهم روح الفريق الكشفي».

ورغم الارتباط البنيوي للفرق الكشفية بالكنيسة، فإنه لابد من تسجيلها جميعاً في الجمعية الإقليمية لفتيان الكشافة لتحظى بالاعتراف على المستوى الوطني؛ إذ إن هناك اشتراطات لقبول أى فريق للكشافة، من بينها أن يتكون كل فريق كشفي من عدد معين من الأفراد، ولا تُستثنى فرق الكشافة الكنسية من ذلك.

بالنسبة للكنيسة إذاً، فقد أُنشئ فريق الكشافة على أن يكون الهدف الرئيسي من تأسيسه هو الجانب الروحي، والربط بين النشاط الكشفي ومدارس الأحد، والاهتمام بأوقات فراغ أبناء وبنات الكنيسة، وتوثيق الصلاة والروابط بين بعضهم وبعض وبينهم وبين الكنيسة وخدامها، كذلك تدريبهم علي روح العمل الجماعي والعطاء والتعاون والتضحية.

لكن الجانب الروحي، تطور لاحقا، إلى إسناد مهام أمنية لتلك الفرق، جاء أول إعلان عن ذلك من قبل الأنبا «مرقس» أسقف شبرا الخيمة، شمال القاهرة، ومقرر اللجنة الإعلامية بالمجمع المقدس التابع للكنيسة الأرثوذكسية، قائلا في تصريحات صحفية إن «أجهزة الأمن بدأت بتدريب أفراد من فرق الكشافة على مهام أمنية لمساعدتها في حماية الكنائس»، بحسب صحيفة «اليوم السابع».

ولم يوضح الأنبا «مرقس» طبيعة المهام الأمنية الموكولة إلى الشباب القبطي، لكنه أقر بأن «تدريب شباب من الكنيسة على المهام الأمنية لا يلقى قبولا كبيرا بين الأقباط؛ لأن هذا ليس عملهم، فتأمين الكنائس وتزويدها ببوابات إلكترونية هو مسؤولية الداخلية، وليس مسؤولية الأقباط»، بحسب موقع «عربي 21».

ووفق البروتوكول الأمني الموقع بين أجهزة الأمن والكنائس في مصر، فإن التأمين الداخلى للكنائس يخص الكشافة التابعين لها، فلديهم علم تام بهوية كل الأشخاص المترددين على الكنائس للصلاة، ويساعدون فى تفتيش الحقائب والشنط خاصة شنط السيدات، مؤكدا أنه غير مسموح للشرطة بالتأمين من الداخل، بحسب صحيفة «المصري اليوم».

عمل مستمر

«ريمون عادل» القائد بالكشافة الكنسية، يمارس عملا خاصا في الدعاية والإعلان، فضلا عن عمله الحكومي بالهيئة العامة للاتصالات، بجانب خدمته كقائد في الكشافة الكنسية. وعلى الرغم من الضغط الذي قد يقع عليه، خاصة في فترات الأعياد، فإن «ريمون» يؤكد قدرته على الموازنة بين عمله وخدمته في الكشافة.

ما يفعله «ريمون» في المناسبات والأعياد أو حتى في الجنائز، لا يختلف كثيراً عمّا يفعله «وسيم وحيد»، القائد بالأمانة العامة للكشافة بالكاتدرائية.

في أثناء جنازة «ماجي» أصغر ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية، كان القائد «وسيم» مسؤولاً عن متابعة فرقة العروض الكشفية، بالإضافة إلى قيامه بالعزف على الطبلة.

وفي الوقت الذي كان فيه القائد «ريمون» يتابع عدداً من شباب الكشافة بزيهم المميز وشاراتهم الملونة في أثناء إحضارهم المقاعد وتمهيدهم الطريق لعبور المئات المتوقع مشاركتهم في الجنازة، كان القائد «وسيم» يتابع غيرهم بينما يتدربون في ساحة الكنيسة على المارش الجنائزى الذي سيُستقبل به جثمان «ماجي».

الأعمال التي تشارك بها الكشافة قد تتعدى أسوار الكنيسة؛ إذ يتحدث «ريمون» عن أعمال فرقته وفرق الكشافة الكنسية الأخرى قائلاً: «نقوم بزيارة المستشفيات، مثل مستشفيات السرطان، كما تقوم بعض الفرق بتجميع الملابس القديمة وإعادة تأهيلها وتوزيعها علي المعوزين بالشوارع».

وقال الدكتور «صموئيل متياس»، القائد العام للأمانة العامة للكشافة والمرشدات بأسقفية الشباب، ومسؤول المراسم بالمقر البابوي،: «الكشافة لا تحمي الكنائس!».

وأضاف: «مَن أطلق شائعة مسؤولية الكشافة عن حماية الكنائس لا يعرف طبيعة عمل الكشافة، فهناك فرق كشفية في المدارس والجامعات». وتابع متسائلاً: «هل تقوم هذه الفرق بدور الحماية والتأمين؟، بالقطع لا، فللكشافة أنشطتها الخاصة بها والمعروفة للجميع».

عدد من شباب الكنيسة، أعربوا عن استيائهم من الترويج ذلك، ودشنوا على مواقع التواصل هاشتاغ «الكشافة مش فرد أمن»، بحسب «هافينغتون بوست عربي».

ربما لا توجد إحصائية حديثة بعدد الكنائس المصرية، لكن تقريراً حكومياً صدر عام 2008 حدد بدقة عدد الكنائس في مصر بـ2069 كنيسة، دون أن يوضح أي الكنائس تتبع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأيها تتبع الطائفة الكاثوليكية، لكن جميع تلك الكنائس كانت تُؤمَّن قبل ثورة 25 يناير، بفردي أمن، أحدهما بزيّ رسميّ والآخر بلباس مدنيّ ويتبع وحدة المباحث بالقسم الذي تقع في نطاقه الكنيسة.

لكن هذا التأمين لم يمنع الهجوم على المسيحيين، فمنذ نهاية 2010، تعرضت الكنائس لعشرات الاعتداءات، قُدرت بأكثر من 80 اعتداء، أو شهدت اشتباكات ذات طابع طائفي، ومع ذلك لم يتم توجيه أي تهم بالإهمال أو التقصير لأي من عناصر الشرطة أو قوات الأمن خلال السنوات الست الماضية.

داخل الكنيسة، تقوم فرق الكشافة بتأمين ثانٍ، لكن الخطر يكمن في ضعف الخبرة الأمنية للكشافة، التي قد يقوم أفرادها بالكشف عن هويات الوافدين إلى الكنيسة فقط عبر التحقق من وجود الصليب على أيديهم، بالإضافة إلى اعتماد أفراد الكشافة على التفتيش الذي يُفترض أن يقوم به أفراد الشرطة خارج الكنيسة.

المصدر | الخليج الجديد + هفنجتون بوست عربي

  كلمات مفتاحية

الكشافة الكنسية الأقباط البابا تواضروس الثاني تفجير البطرسية وزارة الداخلية المصرية