المملكة والقوة والنفط: السعودية تواصل طريقها نحو التغيير

السبت 25 فبراير 2017 09:02 ص

تعيش السعودية الآن في خضم عملية تغيير. فبينما لا تهتم عندما يخبرك المسؤولون السعوديون إن هناك تغييرا فإنك تشعر بجدية الأمر عندما تسمع ذلك من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.

«خطوات طفل»، هو وصف لنشاط امرأة شابة درست في الخارج وأصبحت في الآونة الأخيرة محامية، وهي واحدة من بين نحو 120 امرأة التزمن بالعمل من أجل التغيير في هذا البلد القائم على التمييز بين الجنسين.

يمكن للمحاميات في المملكة العربية السعودية أن يعملن فقط فيما يتعلق بقضايا قانون الأسرة، ويعتقد أنه سوف تفتح مع مرور الوقت أبواب أخرى لهن. وقالت المحامية: «هناك ما لا يقل عن الاعتراف بأننا بحاجة إلى التطوير»، خاصة في ظل اعتماد حكام البلاد لخطة للتحويل والإصلاحات للمملكة لتكون في قلب العالمين العربي والإسلامي.

وتعد المصلحة الذاتية بشكل عام هي الدعامة الأكثر ثباتا للبناء. فالملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» وأفراد آخرين من العائلة المالكة، ولاسيما ولي ولي العهد الذي يتمتع بالشباب والحيوية، «محمد بن سلمان آل سعود»، يفهم أن ثروات المملكة غير دائمة وأن البلاد تعتمد على مصدر واحد: النفط الذي يستخرج ويباع للشعوب في الخارج.

عندما يزيد إنتاج هذا النفط، أو عندما تتنافس الدول لإنتاج الطاقة فإن هذا يقلل من قيمته. وعندها من الذي سيمنع الناس من توجيه اللوم للدولة و من الذي سيدفع رواتب 6 ملايين من السعوديين من الذين يعملون الآن في وظائف حكومية (من أصل ما مجموعه 20 مليون) جنبا إلى جنب مع 10 ملايين أجنبي من العمال الضيوف الذين يعملون مقابل أجر زهيد نسبيا، ويقومون بالعمل في أعمال لا يقبل المواطنون السعوديون بالعمل فيها. كما أن التنافس على الموارد التي تتقلص باستمرار يمكن أن يؤدي إلى أنواع من الصراعات المشتعلة الآن في أماكن أخرى في المنطقة.

لقد تم كشف النقاب عن مخططات لإصلاحات سعودية العام الماضي تحت عنوان رؤية 2030، والتي تتضمن برنامج التحول الوطني. ويشمل ذلك تقليص الإعانات والوظائف الحكومية ومكافحة الفساد والبيروقراطية كمكافحة فعالة. كما أن نمو القطاع الخاص بسرعة من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز الصناعات وتوفير فرص عمل جديدة. أن يكون الناس أحرارا في بلد لا يعني أن عيشهم فيه سيكون مجانيا.

ومن جانب آخر فإن رؤية 2030 للسعودية تتصور أن تصبح «دولة متسامحة دستورها الإسلام ومنهجها الاعتدال وسوف ترحب بالأفراد المؤهلين من جميع أنحاء العالم، وسوف تحترم كل الذين جاءوا للانضمام في رحلة نجاحها». وبعبارة أخرى، فإن المملكة العربية السعودية تريد أن تصبح أمة بدلا من أن تكون مضخة لخارج المملكة.

ولكي يحدث ذلك، في الاقتصاد، والثقافة، وليس آخرا، في دين الدولة، فلابد من تخفيف التفسير المتشدد للإسلام المعروف باسم الوهابية. في العام الماضي، تم تجريد الشرطة الدينية السعودية من صلاحية الضبط القضائي وعملية الفصل بين الجنسين والمراعاة الواجبة لأوقات الصلاة. وهي اليوم تتحفظ فقط وتقدم المعتدين للشرطة النظامية.

يوجد بين العمال الأجانب في البلاد ما لا يقل عن مليون من الروم الكاثوليك الذين يحظر عليهم إقامة الكنائس والصلاة في الأماكن العامة. لكن السلطات تميل الآن إلى غض الطرف عن مجموعات صغيرة من الذين يقومون بالعبادة في منازلهم. ويقول عامل مسيحي أنه لا ينبغي أن يتم الخلط بين إذن المنح وبين ضمان الحقوق. «حتى لو كان 10 أشخاص في بيتي، فهناك خوف من طرق الباب علينا».

وعلى الصعيد الدولي أيضا، فقد حدثت تغيرات. فخلال الثمانينيات والتسعينيات قامت المملكة العربية السعودية بخطوة عملاقة في الاتجاه الخاطئ. فبعد الثورة الإسلامية الإيرانية 1979، وفي العام نفسه، وقعت انتفاضة دامية من قبل ما يمكن تسميته الوهابيين المتشددين. ورأى أعضاء العائلة المالكة أنفسهم مجبرون على الالتزام بالجهاد. وأنفقت المليارات من الدولارات لبناء المساجد والمدارس الدينية في الخارج وتم إرسال رجال الدين للتحريض على الإرهاب والتبغيض في الكفار.

وكان من بين نتائج ذلك ولادة تنظيم القاعدة، وهو بصراحة وحش المدرسة الفكرية السعودية ولم ينس العديد من الأميركيين أن 19 من أصل 22 من «المتطرفين العنيفين» الذين هاجموا الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول 2001 كانوا مواطنين سعوديين. هل يستمر بعض الأثرياء السعوديين في تمويل الجهاديين؟ يكاد يكون هذا من المؤكد. لكن الدبلوماسيين الأمريكيين يعتقدون أن الحكومة الآن قد تجنبت هذه الأعمال.

ورغم أن (إسرائيل) هي جار جغرافي، إلا أن معظم السعوديين غير متعاطفين معها، ويوجد عدد قليل من السعوديين الذين يرون استمرار المذابح في سوريا والعراق واليمن وليبيا وأفغانستان من خلال سياق أن الدولة اليهودية هي أصل كل شر. ولكن المسؤولين في البلدين يدركون تماما أن جمهورية إيران الإسلامية تشكل تهديدا وجوديا لكليهما، وهم يتعاونون بهدوء حول الاستخبارات والأمن.

تقوم العائلة المالكة أيضا بتشجيع المؤسسة الوهابية للتحول إلى مؤسسة معتدلة وتقوم باعتماد تفسير أكثر ليبرالية للشريعة، والقانون الإسلامي. ولم تكن هذه الجهود ناجحة تماما. ولا يزال يتم سب اليهود والمسيحيين من بعض منابر السعودية. وينظر إلى الملحدين على أنهم إرهابيون. كما أن الكتب المدرسية المستخدمة في المدارس السعودية في الداخل وفي الخارج لم يتم تنقيتها تماما من النصوص التي تحرض على العداء تجاه غير المؤمنين. ولكن أفضل ما يمكن أن يقال هو أنه هناك بعض التحسن.

إذا نجح برنامج رؤية 2030، فإن المملكة العربية السعودية ستصبح أكثر ازدهارا، وأكثر استقرارا وأقل قمعية ووحشية بالمقارنة مع معظم الدول الإسلامية في الشرق الأوسط. وسوف يعمل السعوديون بشكل وثيق مع الأميركيين وغيرهم لمعارضة الجهاديين وإحباطهم، وربما هزيمة الإمبريالية الإيرانية.

الإصلاح، هو مثل السياسة، التي هي فن الممكن. في هذه اللحظة المشحونة في التاريخ، ربما لا يكون هناك أي بديل واقعي للسعودية والولايات المتحدة وسائر المنطقة والعالم.

المصدر | واشنطن تايمز

  كلمات مفتاحية

أسعار النفط الإصلاح الاقتصادي التغيير في السعودية