«هآرتس»: السعودية تعود لدعم حلفائها في لبنان وحزب الله يواجه أزمة مالية

الأحد 5 مارس 2017 08:03 ص

يجري التجهيز لموسم التزلّج في كفردبيان على قدمٍ وساق، القرية اللبنانية التي تقع على بعد ساعتين بالسيارة شمال بيروت. ومن المتوقّع أن يكون الموسم الأفضل خلال 5 أعوام. ولمن لا يريد تجربة الطرق الضيّقة لأقدم موقع تزلّج في لبنان، والذي أنشئ عام 1959، هناك دائمًا زعرور.

وقد جذبت زعرور هذا العام متزلّجين جدد من السعودية، الأمر الذي استبشر به الملّاك أملًا في عودة السنوات الذهبية في بداية الألفية الجديدة. وكان هذا تطوّرًا لافتًا، لأنّ العامين الماضيين قد شهدا مقاطعة السعودية ودول الخليج للبنان، مع تجميد التجارة والسياحة والعلاقات الدبلوماسية وتعليق مساعدات عسكرية بقيمة 3 مليار دولار.

ونتجت المقاطعة بسبب تورّط حزب الله في الحرب الأهلية السورية وكذلك رفض لبنان، بضغط من إيران وحزب الله، الانضمام إلى الإدانة العربية للهجوم على السفارة السعودية في طهران في وقت مبكر من العام الماضي. وردّت الرياض الغاضبة بسرعة، حيث أعلنت حزب الله منظمةً إرهابية وقطعت تحالفها التقليدي مع لبنان.

لكنّ السعودية عكست الحال في يناير/كانون الثاني، عندما تلقّى الرئيس اللبناني الجديد «ميشال عون» دعوةً ملكية للزيارة. وفي الشهر الماضي، زار الوزير السعودي لشؤون الخليج العربي، «ثامر السبهان»، بيروت، وأعلنت الرياض بعدها زيادة عدد رحلات الطيران إلى بيروت واستئناف المساعدات المدنية. ويبدو أنّ المساعدات العسكرية ستستأنف كذلك.

من غير الواضح ماذا طلبت السعودية من لبنان في المقابل، لكنّ تلك الخطوات على ما يبدو نابعة من تغيّر في الاستراتيجية السعودية.

وخلال العام الماضي، قاومت الرياض النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط بإنشاء تحالف سني مكون من دول مثل تركيا ومصر ودول الخليج وباكستان والسودان. والآن على الرغم من ذلك، يبدو أنّها في طريقها لتسلك دبلوماسية أكثر عدوانية.

وقد بدأ ذلك بإعادة تأهيل العلاقات الدبلوماسية مع العراق، التي زارها وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير، وهي الزيارة الأولى لوزير خارجية سعودي للعراق منذ عام 1990. والعراق التي تعتبر تابع لإيران، ستستفيد الآن كما هو مرجّح من الاستثمارات والتنمية التجارية السعودية، وبشكلٍ خاص من تأكيد السعودية على عودتها إلى الحظيرة العربية على الرغم من علاقاتها الوثيقة مع إيران.

ويأتي تجديد الرياض لعلاقاتها مع لبنان في سياق نفس الاستراتيجية. لقد أدركت بوضوح أنّ مقاطعة العراق ولبنان لم تنجح، وأنّها إن كانت ترغب في إيقاف النفوذ الإيراني، يجب عليها استئناف استراتيجيتها القديمة بشراء النفوذ بالمال، كما تفعل في مصر وباكستان وأفغانستان.

وبالنسبة لرئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري»، يعدّ هذا إنجازًا سياسيًا هامًا. وسيساعده استئناف الدعم الدبلوماسي والاقتصادي السعودي في الانتخابات القادمة، والذي من المقدّر لها أن تتمّ خلال الشهرين القادمين، بعد تأجيلها لعامين ونصف.

وصحيح أنّه لا يوجد حتّى الآن اتّفاق حول قانون انتخاباتٍ جديد من المفترض أن يكلّف حزب الله مقاعده. لكن حتّى إذا لم يقرّ القانون الجديد، فإنّ الاستثمارات السعودية الجديدة، والتي سيديرها «الحريري»، بجانب المعارضة الشعبية لتدخّل حزب الله في سوريا، على الأرجح ستفرز دعما واسعا للحريري.

إلّا أنّ الدعم السعودي لن يكون العامل الوحيد الذي قد يغيّر التركيبة السياسية للحكومة. فحزب الله يواجه حاليًا أزمة اقتصادية ونفسية خطيرة. فهو لم يفقد فقط آلاف القتلى في الحرب السورية، لكنّه يواجه مشكلة في دفع أجور مقاتليه. وبحسب ما أفادت به تقارير لبنانية، تلقّى بعض المقاتلين نصف رواتبهم فقط، وبالتالي، انسحب الكثيرون منهم.

وقد قطعت إيران المساعدات عن حزب الله نتيجةً للأزمة الاقتصادية الخاصّة بها والتكلفة العالية للحرب السورية. وبالتالي، أجبر حزب الله على تقليص النفقات، والتوقّف عن تمويل المشاريع المدنية وبدأ في جمع التبرعات من الجمهور اللبناني.

وقد بدأ حملة جمع تبرعات منذ 6 أشهر تحت شعار «مشروع تجهيز مجاهد»، يحث الناس من خلالها للتبرّع لشراء الأسلحة والزيّ العسكري والعتاد العسكري الآخر.

وفي الشهر الماضي، أغلقت إيران الفرع اللبناني من قناة العالم الفضائية الناطقة بالعربية، والتي تملكها شركة فلك المملوكة لوزارة الخارجية الإيرانية. وقد حرم ذلك حزب الله من واحد من أهم أبواقه الدعائية. وقد وردت أخبار أيضًا أنّ حزب الله قد طرد العديد من العاملين بمحطّة المنار الفضائية التي يملكها وقلّص البرامج.

وتعاني العديد من وسائل الإعلام اللبنانية من نقص التمويل. وفي ديسمبر/كانون الأول، أغلقت صحيفة السفير، إحدى الصحف الرائدة في لبنان، نتيجة لنقص التمويل. وأصبحت جريدة النهار تبث عبر الإنترنت فقط، كما اضطر مالكوها لإقراضها بـ 1.7 مليون دولار للاستمرار في ذلك حتّى. وقد قلّصت المحطّات التلفزيونية من أعداد موظفيها وبرامجها. وحتّى السعودية، والتي اعتادت تمويل الصحف اللبنانية وخاصةً تلك التي يملكها «الحريري»، قلّصت دعمها، ما أدّى إلى تسريح العمّال.

وحتّى الآن، كانت قناة المنار والعالم تتمتّعان بالاستثناء، بفضل الدعم التي تحصلان عليه من حزب الله وإيران.

وخفّض حزب الله أيضًا من مشاركته في سوريا نظرًا لكثافة الحضور الروسي. ومن بين أشياءٍ أخرى، جلبت روسيا قوّات شيشانية للحفاظ على النظام في حلب. وليس من الواضح إن كانت تلك الخطوة قد قصد بها إخراج حزب الله من سوريا، لكن نظرًا لردّ إيران الغاضب من السيطرة المتزايدة لروسيا على الأرض والتعاون المتنامي بينها وبين تركيا، قد يجد حزب الله نفسه خارج المسرح السوري تمامًا، أو على الأقل خارج المناطق التي يجري بها قتال.

وفي وقتٍ مبكّر من الأسبوع الماضي، أخبر مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال، «هرتسل هاليفي»، لجنة الدفاع والشؤون الخارجية بالكنيست أنّ حزب الله غير مهتمّ حاليًا بالحرب مع (إسرائيل) نتيجةً لمشاركته في سوريا. لكن يبدو أنّ الوضع المالي المتأزم للتنظيم هو أيضًا أحد الاعتبارات الرئيسية.

وفي الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد اللبناني، يعود السعوديّون لدخول البلاد ومنتجعات التزلّج المليئة بالسيّاح، ومن المشكوك فيه أنّ حزب الله قد يستطيع التعويل على الدعم الشعبي لحربٍ أخرى مع (إسرائيل). فصدمة الحرب الأخيرة عام 2006 لا تزال عميقة الجذور.

ولن تتسبّب حربٌ جديدة إلّا في دمار البنية التحتية في لبنان. وقد تطال آثارها أيضًا 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان. ويمثّل هؤلاء اللاجئين عبئًا هائلًا بالفعل على لبنان، ويمكنهم تأزيم الحركة في البلاد بحثًا عن الأمان من الغارات الإسرائيلية، وسيقع اللوم على حزب الله وإيران بسبب إلحاق مأساة جديدة بهم.

وبالنّظر إلى كلٍّ من القدرة والدافع على خوض تلك الحرب، فإنّ حزب الله لديه القدرة التي تتمثّل في آلاف الصواريخ التي قد تسبّب تهديدًا حقيقيًا لـ (إسرائيل)، لكن بالنّظر إلى الدّافع، نجد أنّ معنويات حزب الله حاليًا في الحضيض.

  كلمات مفتاحية

حزب الله لبنان ميشيل عون السعودية «العلاقات العربية الإيرانية»

مصانع إيرانية تحت الأرض لإمداد «حزب الله» بالأسلحة والصواريخ