«الغارديان»: كل مرة نركب أوبر فإننا ننشر «سمها» الاجتماعي

الاثنين 6 مارس 2017 08:03 ص

بعد تسريب فيديو لمدير أوبر وهو يتحدث بلغة مسيئة للغاية لأحد سائقيه، الكثيرون رأوا أن هذا انعكاس للسياسة المؤسسية في أوبر، وأن الشركة تنظر إلى المسئولية الاجتماعية كقطعة إكسسوار انتهى تاريخ صلاحيتها، الصحفية «لوري بيني»، كتبت في مقال رأي على الغارديان نظرتها للأمر، وهنا ترِد ترجمته بتصرف بسيط:

هناك أشياء قليلة لا تستطيع 5 مليارات دولار أن تشتريها، واحدة منها: الأخلاق.

هذا الأسبوع ظهر فيديو للمدير التنفيذي والمؤسس لشركة أوبر «ترافيس كالانيك»، وهو يستعلي ويستخدم لغة مسيئة مع أحد سائقيه الخاصين، الذي اشتكى أن سياسات الشركة القاسية قد دفعته إلى الإفلاس. «كالانيك» سخر قائلاً: «بعض الناس لا يتحملون المسئولية عن فضلاتهم الخاصة».

لا يوجد رجل أعمال كبير قال كلمة أكثر صدقاً من قبل، فأوبر مثلها مثل الشركات العدوانية الأخرى، لا تتحمل المسئولية عن «فضلاتها» الخاصة، هذه ليست فلسفة فحسب، وإنما نموذج أعمال.

أوبر لم تخرج كثيراً من الأخبار هذه السنة، خاصة بعد سلسلة من الفضائح، تهمة كسر الإضراب أثناء الاحتجاجات ضد «دونالد ترامب» أوقدت ضدها حملة مشتعلة لجعل المستخدمين يمسحون التطبيق، بعد ذلك بأسبوع خرجت موظفة سابقة باتهامات بالتحرش الجنسي في الشركة، إضافة إلى كراهية المؤسسة للنساء.

«كالانيك» الذي تم الضغط عليه كي ينسحب من منصبه كمستشار أعمال لـ«ترامب»، يواجه الآن دعاوى قانونية في جميع أنحاء العالم، من سائقين يصرون على إنهم كانوا ليصبحوا قادرين على «تحمل مسئولية» حياتهم، لو كانوا يكسبون أدنى حد يمكنهم من سد احتياجاتهم الأساسية.

طراز جديد من الأوغاد

لطالما ووجه صعود أوبر غير المتوقف بغضب ليبرالي، لكن ذلك لم يمنع تمددها أبداً، فالشركة تستمر في التوسع، حتى وإن سجلت خسارة غير مسبوقة في الإيرادات عالمياً، وهي ما تعزو الشركة معظمها إلى اضطرارها للاستمرار في الدفع لسائقيها.

وبالنظر إلى ما نعرفه بالفعل عن الرداءة المؤسسية لأوبر، فلماذا يبدو الفيديو المسرب صادماً هكذا؟

 لأنه يكشف لنا حقيقة غير مريحة عن شخصية نخبنا السلطوية الحديثة، فبعضنا يفضل أن يتخيل الرجال الأقوياء أصحاب الشركات الاستغلالية، أوغاد عباقرة لامعين، غير ملتزمين بالأخلاقيات قديمة الطراز. بعد «ترامب»، هؤلاء الرجال يفضلون أن نصورهم على إنهم مقتدرين وأقوياء ومتهورين بعض الشيء ربما، هذا جزء من كيفية إعلان هذه الشركات عن نفسها، ولهذا فإنه من المهم أن هذا الفيديو كشف أن «كالانيك»، الذي يعد من أغنى رجال العالم، هو شخص غير مريح.

هناك انطباع قبيح في الطريقة التي يكلم بها السائق، أو «شريكه»، حتى وإن لم يكن يحتل مقعداً في مجلس إدارة الشركة، فهو لا يعطي الانطباع بأنه عديم الرحمة، إنه يعطي انطباع الوقاحة.

إنهم لا يشبهون البارونات السارقين في القرن التاسع عشر، فعلى الأقل هؤلاء كان لديهم بعض الاهتمام بمنظرهم، كان عليهم أن يسلموا سيناريو الصفقات التجارية ويبرموا شواربهم، في الوقت الذي يفتتحون فيه دور أيتام لأطفال عمال شركاتهم الذين ماتوا من الإنهاك.

ما نتعامل معه هنا، هو طراز جديد من الأوغاد: لقد أصبحوا محترفين، أشخاص قليلو التحلي بالأخلاق، أصبح إحساسهم بالاستحقاق ركيزة شركاتهم التجارية.

سياسة شركة تعادي النساء؟

هذا الاستحقاق هو مفتاح الفهم، اتهامات التحيز الجنسي ضد أوبر ليست شيئاً عرضياً على طريقة عمل الشركة، إنها أحد السمات المميزة. طريقة تصرف أي مؤسسة تجاه النساء، هي مؤشر تنبؤي لطريقة تعاملها مع العمال فيها، واحد من المديرين كان قد هدد بكشف التفاصيل الشخصية لصحفية أنثى شككت في الطريقة التي تعمل بها الشركة. «كالانيك» نفسه قد سبق ومزح أن شركته كان يجب أن تسمى «Boob-er» بدلاً من أوبر، وهي تعني «صدور»، كما إن الشركة كانت قد أغرت الركاب الفرنسيين من قبل بأن نساء جذابات سوف يقمن بإيصالهم.

أوبر لديها بوضوح قلة اهتمام بكرامة عملائها أو موافقتهم، والعاملين لديها الذين يكسبون قليلاً، والمجتمعات التي يعيشون فيها، مثل قلة اهتمامها بكرامة وموافقة جنس النساء، وهذا شئ مهم لأن أوبر أكثر من مجرد شركة تكنولوجية، إنها شركة هندسة اجتماعية تتنكر بشكل شركة تقنية، ويبدو أنها تنظر إلى المسئولية الاجتماعية بوصفها قطعة من جهاز انتهى تاريخ صلاحيتها.

أوبر.. سم اجتماعي بطئ

هنا الحقيقة المفزعة: لقد عهدنا بإعادة هندسة بنيتنا التحتية الاجتماعية إلى هذا النوع من الناس الذي يصرخ في مرؤوسيه وسائقيه. نحن لا ندين لهؤلاء الناس، لا بإعجاب ولا مال.

سوف نرى ما إن كانت دعوات الناشطين بمقاطعة أوبر ستعمل أم لا، لكن الكثير من الناس يشعرون أنه ليست لديهم خيارات إلا أن يكونوا متواطئين، أوبر نمت في ظروف اجتماعية من المدن الأمريكية التي كانت تعاني من وسائل نقل عامة غير مكتملة ولا مستقرة، مع وجود معدلات عالية من البطالة.

وفي المناطق التي يوجد فيها قطارات قليلة تعمل في وقت متأخر وسيارات أجرة، يبدو طلب سيارة أوبر لتوصلك إلى البيت، بنفس أخلاقية عدم مقاومة أكل وجبة دهنية ثقيلة آخر الليل: أنت تعرف أن هذا سيء لك، لكن هناك متعة قذرة في تلبية حاجاتك الحيوانية الفورية، بالرغم من ذلك عليك أن تعرف أن عدم إجابة نداء معدتك آخر الليل، هو شيء لن يقتلك.

لكن استخدام خدمة مثل أوبر، هو سم اجتماعي بطئ.

نحن نعيش في واقع اجتماعي اقتصادي، أفضل من يصف فلسفة القيادة فيه، هو شخص بائس مترنح محبوس في مؤخرة سيارة أجرة، لا زلنا نحتفي بأصحابها. ما مدى التواطؤ الذي سنتسامح معه قبل أن نقرر القفز من هذه الرحلة المريبة؟

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

أوبر ترافيس كلانيك مقاطعة أوبر