لماذا يدفع «السيسي» باتّجاه المصالحة بين «عبّاس» و«دحلان»؟

الخميس 23 مارس 2017 09:03 ص

عُقد اجتماع، في 20 مارس/آذار، في القاهرة، بين الرئيس المصري «عبد الفتّاح السيسي» ورئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس». وبينما وصف «السيسي» من قبل الفلسطينيين بالصديق الدافئ والودود، كان البيان الصحفي الذي تلا الاجتماع مقتضبًا بشدة.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، «عزام الأحمد»، والذي شارك في الاجتماع، لوكالة أخبار صفا الفلسطينية، أنّ الزعيمين قد بحثا تقدّم عملية السلام، والأعمال التحضيرية اللازمة من أجل عقد اجتماع الجامعة العربية نهاية الشهر، واجتماعاتهما المقبلة مع الرئيس «دونالد ترامب». وسيقابل «السيسي» الرئيس «ترامب» أول أبريل/نيسان، ومن المفترض أن يسافر عباس إلى واشنطن منتصف مايو/أيار.

لكن لم يتفق الطرفان على توحيد وجهات النّظر حول عملية السلام أثناء مقابلة كل منهما مع الرئيس الأمريكي. وقال مسؤول مقرّب من «محمد دحلان»، العضو السابق في حركة فتح (المنافس اللدود لـ«عباس»)، في تصريح للمونيتور، أنّ «السيسي» قد وافق أخيرًا على مقابلة الوفد الفلسطيني بعد عامٍ من الانقطاع، بعدما أصبح من الواضح للغاية رغبة «السيسي» في المصالحة بين «عباس» و«دحلان». ووفق ما قاله المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، فإنّ المصريّين يعتبرون الخلاف بين «عبّاس» و«دحلان» عقبة شديدة الخطورة. وبالتالي، يمكن للعلاقات بين القاهرة والسلطة الفلسطينية أن تتحسّن فقط حين يتمّ تجاوز هذه العقبة.

وكان التوتّر بين القاهرة ورام الله قد اشتدّ في الأشهر الأخيرة حين حاولت مصر التوصّل إلى حلٍّ وسط يسمح لـ«دحلان»، المفصول من حركة حماس، بالعودة إلى الضفة الغربية. ومع ذلك، رفض «عباس» بالتأكيد. وكان «دحلان» قد طرد من فتح ومن الضفة الغربية عام 2011. ويخشى «عباس» أنّ «دحلان» وحماس يخططان للسيطرة على مراكز القوى للسلطة الفلسطينية. ويعتقد «عبّاس» أنّهم سينضمّون إلى داعمي «دحلان» في الضفّة الغربية، الذي يكتسب القوّة، للإطاحة به.

وبرزت التوتّرات على السّطح بين مصر والسلطة الفلسطينية حين منعت مصر «جابر الرجوب»، العضو البارز في فتح وعدو «دحلان»، من دخول البلاد في 27 فبراير/شباط. وهذا بالرّغم من أنّ «الرجّوب»، وهو وزير الرياضة الفلسطيني، كان ضيفًا على أمين عام جامعة الدول العربية.

وقال مصدرٌ فلسطيني موالٍ لـ«دحلان» للمونيتور أنّ وزير الخارجية المصري «سامح شكري» قد قام بإطلاع «دحلان» بآخر الأخبار قبل دعوة «عباس» إلى القاهرة، وبعد اجتماع «عباس» مع «السيسي». وحضر الاجتماع عددٌ من المسؤولين، منهم: «صائب عريقات»، المسؤول عن مهمة التفاوض مع (إسرائيل)، و«ماجد فرج»، مدير جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية والرجل الأقوى في فتح بعد «عباس»، و«جمال الشبكي»، سفير فلسطين في القاهرة، و«عزام الأحمد»، عضو اللجنة المركزية في حركة فتح.

ووفقًا للمسؤول المقرّب من «دحلان»، فإنّ الهدف الرئيسي وراء جهود الرئيس المصري هو التوصّل إلى إقرار بأنّ «عبّاس» وأنصاره لا يستطيعون التقدّم في العملية الدبلوماسية مع (إسرائيل) وحدهم. ويعدّ «عباس» في وضعٍ سياسيٍ محفوفٍ بالمخاطر، فهو يفتقر إلى الدعم المطلق من الشعب الفلسطيني، ويبلغ من العمر 81 عامًا. وبالتالي، يخشى الرئيس المصري أنّ «عباس» لن يقدر على تخطّي هذه التحدّيات بنجاح في المفاوضات المستقبلية، وهي المحادثات التي ستشارك بها مصر أيضًا. ووفقًا للمصدر، يرى الرئيس المصري صديقه «دحلان» عنصرًا مهمًا في دفع عملية السلام الدبلوماسية.

وعقد الاجتماع بين «السيسي» و«عباس» بعد يومٍ واحدٍ فقط من اندلاع الاشتباكات بين أنصار «دحلان» والأمن الفلسطيني في مخيم بلاطة للاجئين بالقرب من نابلس. وفي تبادل إطلاق النار، قتل شرطي وجرح آخر. وتحدث هذه الصدامات في نابلس كل ليلة تقريبًا في الأسابيع القليلة الأخيرة. وفي 20 مارس/آذار، عقد رئيس الوزراء الفلسطيني، «رامي الحمد الله»، اجتماعًا أمنيًا عاجلًا في محاولة لإيجاد سبلٍ لتخفيف حدّة التوتّرات بين الجانبين ومنع المزيد من إراقة الدماء. وكان الخوف الحقيقي أن تنتشر تلك الصدامات إلى مخيمات اللاجئين الأخرى في الضفّة الغربية. ويتمتّع «دحلان» بدعم واسع في هذه المخيّمات، نظرًا لدعمه المالي السخّي الذي يغدق به عليها.

ويراقب المسؤولون بالسلطة الفلسطينية مؤيدي «دحلان» منذ عدّة أشهر، حيث يكتسب مؤيدوه القوة يومًا بعد يوم في الضفة الغربية. وأخبر المصدر الفلسطيني المونيتور أنّ أعدادًا من الشباب الفلسطيني ينضمّون إلى معسكر «دحلان» بسبب إحباطهم من «السياسات العمياء» لـ«عباس». وقال أنّ هؤلاء الداعمين غاضبين بسبب إصرار الرئيس على منع زعيمهم الموقر «دحلان» من العودة إلى وطنه وشعبه، لمساعدتهم في كفاحهم من أجل التحرر من الاحتلال.

ويرى النظام الأمني المصري جيّدًا هذه الصراعات في السلطة الفلسطينية. ويلقون باللوم، بشكلٍ رئيسي، على «عباس، الذي يتسبب في إضراباتٍ أمنية داخل الأراضي الفلسطينية برفض السماح بعودة «دحلان» إلى الضفة الغربية.

وقال المصدر أنّ »عباس»، مثل باقي الحضور من الوفد الفلسطيني، أدرك أنّ «السيسي» يرغب في المشاركة بفاعلية في المبادرة الدبلوماسية بين (إسرائيل) والفلسطينيين. ومن أجل زيادة فرص النجاح لمثل هذه المبادرة، يطلب «السيسي» وحدة القوى الفلسطينية على مستويين، بين داعمي السلطة الفلسطينية وداعمي «دحلان»، وكذلك إنجاز خطوات في المصالحة بين فتح وحماس.

ومؤخّرًا، تقاربت القاهرة وحماس قليلًا. وترى القاهرة في حركة حماس الفلسطينية أداة قد تساعد مصر في حربها على «الدولة الإسلامية» في سيناء. ولعب «دحلان» دورا كبيرا في الوساطة بين مصر وقيادات حماس. ومن شأن المصالحة بين جميع الأطراف أن تعزز مصالح جميع الأطراف المشاركة، وكذلك بفائدة كبيرة لحماس ومصر و«دحلان». وترغب حماس في فتح قنوات تواصل مع القاهرة على أمل الوصول إلى تخفيف الحصار على غزّة. وترغب مصر في السيطرة على العناصر «الإرهابية» في سيناء. ويريد «دحلان» تشكيل تحالفات مع جهات معادية لـ«عباس».

وما يتبقى الآن هو الانتظار لمعرفة ما إذا كان الرئيس الفلسطيني سينضمّ إلى صفوف المبادرة المصرية للمصالحة بين «عباس» و«دحلان». وبوضوح، ينظر «عباس» إلى أيّ شخص يكتسب قوّة في الضفّة الغربية كعنصر تخريبي. وبوضوح، في وضعه الحالي، سيجد «عبّاس» أنّه من الصّعب التخلّي عن الدعم المصري. وكما ذكرنا آنفًا، من المتوقّع أن تلعب مصر دورًا كبيرًا في أي عملية دبلوماسية سيتبناها «ترامب». ومع ذلك، أثبت «عباس» في الماضي، بالفعل، أنّ منافسته مع «دحلان» قد دفعته للعمل وفق اعتباراتٍ غير عقلانية.

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

السيسي عباس دحلان غزة حركة فتح ولاية سيناء