ما تبقى من يهود مصر بعد آلاف السنين.. قلة من العجائز ومعابد خاوية

الأحد 26 مارس 2017 01:03 ص

بعد آلاف السنين من العيش على ضفاف النيل في مصر، لم يتبق من يهود مصر الآن سوى قلة من السيدات العجائز بينما تطرح مشكلة رعاية تراثهم المنسي.

ومنذ اندلاع الصراع العربي الإسرائيلي في 1948، فر آلاف اليهود أو طردوا من مصر. وبقي آخرون بعد أن غيروا ديانتهم غالبا بسبب زيجات مع مسلمين.

في الواحدة والتسعين من عمرها، تعد «مارسيل هارون» واحدة من آخر ستة أعضاء، ست نساء، في الطائفة اليهودية في القاهرة.

في الإسكندرية، لم يبق سوى 12 من أفراد الطائفة اليهودية في الإسكندرية، معظمهم كذلك من السيدات المسنات.

وتنظر «هارون» إلى الماضي بحنين وتبدي قلقا على التراث اليهودي المصري. وتقول «ربما تكون هناك رغبة في محو كل أثر ليهود مصر" ولكنها تردف «وفقا للتاريخ، اليهود موجودون في مصر منذ الفراعنة. كيف تريدون محو قرون من التاريخ؟».

والتراث اليهودي في مصر يضم اليوم قرابة 10 معابد وعددا لا يحصى من المقتنيات الدينية، لكنها مهجورة منذ زمن طويل. ومثلها مثل الآثار المصرية الأخرى، تحتاج الآثار اليهودية إلى ترميم.

ففي الإسكندرية، انهار سطح أحد المعابد جزئيا في 2016، لكن الحكومة تمكنت من الحصول على تمويل لترميمه.

الطائفة اليهودية المصرية التي كان عددها يراوح ما بين 80 ألفا و120 ألف شخص في منتصف القرن العشرين وفق التقديرات المختلفة، توشك اليوم على الانقراض.

وشارك اليهود المصريون في مختلف المجالات الاقتصادية مثل التجارة وصناعة القطن. كما كانوا ممثلين في الحياة الثقافية من خلال نجوم ذائعي الصيت مثل المغنية والممثلة ليلي مراد والسينمائي توجو مزراحي.

وفي شارع مزدحم في وسط القاهرة، يقع أحد رموز هذا الماضي، معبد شعار هاشامايم وهو مبنى حجري بني على الطراز المعماري لمصر القديمة.

وفي وسط قاعة الصلاة الخاوية تتذكر ماجدة هارون (65 عاما) ابنة مارسيل وشحاتة هارون التي تتراس الآن الطائفة اليهودية في القاهرة، المكان الذي كان يشغله والدها المحامي الشهير الراحل، عندما يأتي للصلاة.

والآن هي الوحيدة التي تملك مفتاح قدس الاقداس: الخزانة التي رصت داخلها أوراق ملفوفة من التوراة يعتبرها البعض آثار حقيقية وتتعامل مع هذه الأوراق بحرص بالغ.

وتعد ماجدة هارون اليوم حامي حمى من تبقى من الطائفة اليهودية في العاصمة المصرية وهن خمس سيدات في الإجمالي من بينهن والدتها.

وترعى ماجدة أيضا تراث الطائفة. وتقول «إنه واجبي تجاه الأجيال المقبلة»، موضحة أن التراث اليهودي هو جزء من تاريخ مصر.

وهي تحلم باليوم الذي ترى فيه هذا التراث معروضا أمام الجمهور الواسع.

وقالت هارون إن الوزير (الآثار) وعدني بفتح معبد للحضارات ستمثل فيه كل الحضارات التي عاشت في مصر.

ولا تميز الحكومة المصرية رسميا بين التراث الفرعوني والإسلامي والقبطي واليهودي.

وأوضح وزير الآثار المصري، خالد العناني لوكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب ) أنه شكل لجنة في بداية عام 2016 لجرد كل الآثار اليهودية وكل مجموعات (المعالم) اليهودية الموجودة في المعابد.

غير أن نظرة المصريين إلى يهود بلادهم ليست إيجابية تماما.

وردا على رأيه بهذا الشأن، يؤكد المخرج الشاب أمير رمسيس، مؤلف الفيلم الوثائقي (عن يهود مصر) في 2013، أن هذه مسألة معقدة للغاية.

ويضيف أن مسألة الحديث عن يهود مصر ظلت لزمن طويل في قائمة المحظورات.

واستقبل الجمهور فيلم رمسيس بشكل جيد نسبيا لكنه خرج للنور بعد شد وجذب مع الرقابة التي هددت بعدم عرضه للجمهور.

وفي نهاية المطاف، حصل رمسيس على الترخيص اللازم لعرض الفيلم.

إلا أن وزارة الثقافة طالبته بإضافة رسالة في بداية الفيلم تقول هذا العمل نتاج خيال المؤلف والمخرج.

ولم تقع أي أعمال مناهضة للسامية في مصر أخيرا ولكن في 2010 ألقى شخص حقيبة بها قنبلة محلية الصنع على المعبد اليهودى في وسط القاهرة دون أن يسفر ذلك عن سقوط ضحايا.

ويحاول يوسف جاعون رئيس الطائفة اليهودية في مدينة الاسكندرية عدم إغضاب السلطات المصرية.

ورفض جاعون إجراء مقابلة بالفيديو كما رفض التقاط صور له، معبرا عن ثقته في أن الحكومة المصرية ستقوم بترميم الآثار اليهودية.

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

مصر اليهود

بعد وفاة مارسيل هارون.. اليهود في مصر 5 نساء فقط