خبراء: مشروع «القدية» يستقطب أموال سياحة السعوديين بالخارج

الأحد 9 أبريل 2017 03:04 ص

قال مختصون اقتصاديون وسياسيون إن مشروع أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية نوعية في العالم، في منطقة «القدية»، يعد نقلة نوعية في سياسة بناء الحضارات، المرتكزة على الثقافة والرياضة والترفيه والفنون والاقتصاد، لتحويل عاصمة السعودية إلى عدة مدن في مدينة واحدة.

وتوقعوا أن توفر هذه المدينة جزءا كبيرا من عشرات مليارات الدولارات، التي ينفقها ملايين المواطنين السعوديين سنويا في السفر خارج البلاد، فضلا عما ستجذبه من عملات صعبة إضافية من زوار السعودية على مستوى العالم، وسد الحاجة لدى الجيل الحالي وأجيال المستقبل من عناصر المتعة والترفيه والسياحة على أحدث طرز عالمية.

وأوضح الدكتور «خليل آل خليل»، محلل سياسي، أن «تتابع ولادة المشاريع العملاقة في السعودية يؤكد أن النموذج السعودي يجدد نفسه ويبني المستقبل وفق تطلعاته وثقافاته واحتياجاته، وما مشروع القدية العملاق، سوى حلقة في سلسلة هذه المشاريع الحضارية للأجيال الحالية وفي المستقبل»، وفقا لـ«الشرق الأوسط».

وقال إن مثل هذه المشروعات العملاقة، يتم تبنيها وبناؤها بقوة الدولة سياسيا واقتصاديا، بسخاء وتخطيط دون تردد أو مجاملات.

وأكد أن المشروع يجمع أسس بناء الحضارات؛ وهي الثقافة والرياضة والترفيه والفنون والاقتصاد، لتحويل العاصمة الرياض ممثلة في مدينة القدية إلى عدة مدن في مدينة واحدة، فهي دبي وهونغ كونغ وهوليوود وديزني لاند.

وأضاف «المشروع الحضاري الضخم المتكامل منسجم مع تطلعات الأجيال القادمة من خلال الثقافة الحية التي تجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر وتطلعات المستقبل».

وأشار إلى أن مشروع القدية العملاق يمثل نقلة ثقافية واقتصادية واجتماعية نوعية، ليس في تاريخ البلاد السعودية، وعلى مستوى المنطقة، بل في العالم، لضخامته وتكامله وتنوع مجالاته، منوهاً بأن الأهم من ذلك أنه في العاصمة الرياض لتكون عاصمة جاذبة في عالم الرياضة والثقافة والفنون والإبداع، إضافة إلى مكانتها التاريخية والسياسية.

 

تقليل السياحة الخارجية

من جهته، قال الدكتور «ناصر الطيار»، مستثمر سعودي في مجال السياحة والطيران، إن «هذا المشروع الذي أطلقه ولي ولي العهد، سيعزز خطة الاستقرار الاقتصادي، ويقلل هدر السفر إلى خارج البلاد، خصوصاً أن هناك أكثر من 7 ملايين سائح سعودي يغادرون سنوياً إلى خارج السعودية، ويصرفون عشرات مليارات الدولارات سنوياً، سواء من المواطنين أو المقيمين».

وأضاف أن «هذا المشروع من المشاريع العملاقة التي كنا ننتظر ميلادها منذ زمن بعيد، وله بعد اجتماعي واقتصادي، خصوصا أن هذا المشروع قرب مدينة الرياض التي تعتبر وسط السعودية، وبالتالي الوصول إليها والمغادرة منها من جميع مناطق المملكة تتم بيسر وسهولة».

واعتبر أن موقع المدينة الترفيهية العالمية سيسهل الوصول إليها من قبل روادها من مواطني دول الخليج والمنطقة العربية والإسلامية، وغيرها من الدول على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن أن الرياض تحتضن حتى الآن أكثر من 8 ملايين نسمة، وبالتالي هذا المشروع يعتبر مشروعاً استراتيجياً سياحياً ترفيهياً بامتياز.

وتابع «هذه المدينة الترفيهية ستسهم في إيقاف تصدير العملات الصعبة، إذ إن السعوديين الذين يغادرون المملكة لقضاء عطلاتهم أو للسياحة والترفيه، يهدرون عملات صعبة بكميات كبيرة جداً، مشيراً إلى أن مثل هذه المشاريع ستعيد التوازن إلى اقتصادات ومداخيل المملكة».

ويعتقد «الطيار» أن هذا المشروع سيساعد في الاحتفاظ بأكبر قدر من العملة الصعبة، لاستغلالها في الترفيه والسياحة الداخلية، بل جذب عملات صعبة من الخارج من خلال فتح أبوابها للمستثمرين الأجانب والزوار من خارج المملكة.

ووفقا لبيانات البنك الدولي، فإن السعوديين ينفقون في المتوسط أكثر من 20 مليار دولار سنويا على السياحة الخارجية، واحتلت السعودية المرتبة الرابعة عشرة عالميا من حيث إنفاق أبنائها على السياحة بالخارج، بقيمة 25 مليار دولار في عام 2014، قبل انخفاض أسعار النفط.

والجمعة، أعلن ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» إطلاق مشروع أكبر مدينة ترفيهية ورياضية وثقافية في المملكة، وذلك بمنطقة «القدية» جنوب غرب العاصمة الرياض.

يأتي ذلك بعد أقل من عام من إطلاق «بن سلمان» لـ«الهيئة العامة للترفيه» في 7 مايو/أيار 2016، والتي لاقت نشاطاتها من الحفلات الغنائية والراقصة، على مدى الأشهر الأخيرة، انتقادات حادة من التيار المحافظ في المملكة.

المدينة الترفيهية الجديدة ستكون على مساحة 334 كم مربعًا، بما في ذلك منطقة سفاري كبرى، حسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وقال عنها «بن سلمان» إنها «ستصبح مَعلمًا حضاريًّا بارزًا ومركزًا مهمًّا لتلبية رغبات واحتياجات جيل المستقبل الترفيهية والثقافية والاجتماعية في السعودية».

وأوضح أن هذا المشروع «يأتي ضمن الخطط الهادفة إلى دعم (رؤية المملكة العربية السعودية 2030) بابتكار استثمارات نوعية ومتميزة داخل السعودية، تصب في خدمة الوطن والمواطن، وتسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، ودفع مسيرة الاقتصاد السعودي، وإيجاد المزيد من الفرص الوظيفية للشباب». 

وسيوفر مشروع «القدية»، حسب وكالة «واس»، بيئات مثالية ومتنوعة تشمل مغامرات مائية ومغامرات في الهواء الطلق، وتجربة برية ممتعة، إضافة إلى رياضة السيارات، وألعاب الواقع الافتراضي بتقنية الهولوغرام ثلاثي الأبعاد، إلى جانب سلسلة من الفنادق عالمية.

ويقود «بن سلمان» تغييرات حادة في الطبع المحافظ للسعودية، وكان من أبرز مظاهرة إنشاء «هيئة الترفيه».

وخلال الأشهر الأخيرة، فجرت أنشطة تلك الهيئة في مدن سعودية بينها جدة (غرب) والرياض (وسط) والدمام (شرق)، والتي تضمنت حفلات راقصة وغنائية، صراعا محتدما بين التيارين المحافظ والليبرالي.

إذ يرى التيار المحافظ في تلك الأنشطة «تغريباً» و«مسخاً» لهوية المجتمع السعودي المحافظ بطبعه، بينما دافع عن الهيئة التيار الليبرالي بشدة.

ويعكس هذا الصراع جانبا مهما من التحديات التي تواجه ما تطلق عليه الدولة خطط الإصلاح؛ والتي - حسب مراقبين - ستصطدم بأنماط الثقافة والاجتماع السائدة في المملكة منذ عقود، خاصة أنها لا تقتصر على إصلاح الاقتصاد، بل تمس بصورة مباشرة دور رجال الدين الرسميين والمستقلين في المجال العام.

  كلمات مفتاحية

السعودية مدينة القدية السياحة الخارجية هيئة الترفيه

عقب إطلاقه مشروع أكبر مدينة ترفيهية.. مغردون لـ«بن سلمان»: السكن أولى