فيديو.. 3 أسباب وراء تكرار «الأحد الدامي» ضد الأقباط في مصر

الأحد 9 أبريل 2017 04:04 ص

الأحد الدامي.. بات عنوانا وذكرى أليمة ترافق الأقباط في مصر، خلال احتفالاتهم ومناسباتهم الدينية، بعد تكرار استهدافهم في نفس الزمان، والمكان، وبذات الأسلوب، متكبدين خسائر فادحة في الأرواح، ووعود كاذبة من رأس السلطة بتوفير الأمن لهم.

11 ديسمبر/ كانون أول الماضي، انتحاري بحزام ناسف، ضرب الكنيسة البطرسية الملحقة بمجمع كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في حي العباسية (شرقي القاهرة)، ما أسفر عن سقوط 29 قتيلا، بينهم منفذ العملية، بخلاف عشرات الإصابات.

9 إبريل/نيسان الجاري، انتحاريان بأحزمة ناسفة، استهدفا كنيستين في مصر، بمحافظتي «الغربية»، وسط الدلتا، و«الإسكندرية» شمال البلاد، موقعين أكثر من 41 قتيلا، و118 جريحا.

أقل من 4 أشهر تفصل بين الانفجارين، والمفارقة أن موعد التنفيذ واحد، يوم الأحد، الذي يرتبط لدى المسيحيين بـ«صلاة القداس» في هذا اليوم تحديدا، الذي يعد أول أيام الصلاة في الكنائس، ويعرف بـ«حدوث قيامة يسوع في يوم الأحد»، وفقا للمعتقدات المسيحية.

الدلالة أن «تنظيم الدولة»، الذي أعلن تبنيه الهجومين، نجح للمرة الثانية في تنفيذ عملياته في نفس التوقيت، وبذات الكيفية، مستغلا الاحتفال بـ«أحد الشعانين» وهي مناسبة دينية، يحتفل بها المسيحيين الأرثوذكس، الذين يمثلون العدد الأكبر من المسيحيين في مصر، وهو ما يفسر تزايد عدد الضحايا جراء التفجير.

الفشل الاستخباراتي الفادح، بدا جليا في عدم توقع عمليات التنظيم، وطريقة تنفيذها، واستباق «الأحد الدامي»، بإجراءات أمنية مشددة، كان يمكن أن تجهض مثل هذه الهجمات قبل حدوثها، مع الأخذ في الاعتبار صدور تحذيرات دولية قبل أيام تشير إلى احتمالية حدوث عمل إرهابي ضد مصر.

وكانت السلطات (الإسرائيلية) طالبت مواطنيها بمغادرة مدينة «شرم الشيخ» فوراً وعدم التوجه اليها خلال فترة عيد الفصح بسبب مخاوف أمنية ذات درجة عالية تهدد حياتهم.

وأكد مركز مكافحة الإرهاب (الإسرائيلي)، أواخر مارس/آذار الماضي، وجود تهديدات جدية بعمليات إرهابية ضد السياح وعلى الأخص (الإسرائيليين) قد تحدث قريبا، وفق صحيفة «الديلي ميل».

ثغرات أمنية

نفس تكتيكات هجوم 11 ديسمبر/ كانون أول الماضي، تكررت بشكل طبق الأصل في نسخة ثانية من هجوم البطرسية، الهدف ذاته، كنيسة مكتظة بالأقباط، منفذ يرتدي حزاما ناسفا، حالة من التراخي والترهل والقصور الأمني، كاميرات مراقبة خارج الخدمة، أساليب تفتيش بدائية، نتائج مروعة للهجوم جراء مجمل تلك المعطيات، الضحايا 27 قتيلا و78 مصابا(فيديو).

الانفجار الذي وقع في تمام الساعة التاسعة وخمس دقائق، صباح اليوم الأحد، داخل كنيسة «مارجرجس» بمدينة «طنطا»، بمحافظة الغربية، أثبت فشل الأمن المصري في مواكبة تهديدات «تنظيم الدولة»، والقدرة على سد ثغرات هجوم البطرسية الواقع منذ 4 أشهر فقط.

ويبلغ عدد الكنائس في مصر 2626 كنيسة على مستوى الجمهورية، وتحظى بحماية شرطية على مدار الساعة، بالإضافة إلى تأمين داخلي من فرق الكشافة الكنسية.

ويبدو أن حالة الترهل الأمني الذي بدا جليا في حادث الكنيسة البطرسية، أغرى «تنظيم الدولة» بتكرار مثل هذه الهجمات، في وقت قصير نسبيا، وبذات الكيفية، في تحد واضح للأمن المصري، وهو ما حدث اليوم باستهداف كنيستين في محافظتين مختلفتين.

وكانت وكالة «أعماق» الإخبارية المحسوبة على التنظيم، أعلنت إن «مفرزة أمنية تابعة للدولة الإسلامية نفذت هجومي الكنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية».

وفي بيان للتنظيم نشرته حسابات متشددة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن التنظيم تبنيه للتفجيرين، مشيرا إلى أنهما «أوقعا 190 من النصارى»، متوعدا بعمليات أخرى ضد الأقباط في مصر.

وكشف بيان التنظيم أن التفجير الذي وقع في طنطا، نفذه «أبو إسحاق المصري»، عبر سترته الناسفة، وسط تجمع في كنيسة مارجرجس في مدينة طنطا، في الوقت الذي نفذ «أبو البراء المصري»، تفجيرا آخر بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية، عبر سترة ناسفة أيضا، بحسب البيان.

وتوعد البيان بمزيد من العمليات، حين قال: «ليعلم الصليبون وأذنابهم من المرتدين بان الفاتورة بيننا وبينهم كبيرة جدا، وسيدفعونها من دماء ابنائهم أنهارا، فانتظروا إنا معكم منتظرون».

تحول نسبي شهده الهجوم الثاني، والذي وقع بعد أقل من 3 ساعات من وقوع الهجوم الأول، مستهدفا كنيسة «مارمرقس» بمحطة الرمل بمحافظة الاسكندرية، شمال البلاد، تمثل في إصرار الأمن على خضوع المارة للتفتيش عبر البوابات الإلكترونية، ما دفع الانتحاري إلى تفجير نفسه على أبواب الكنيسة، موقعا 16 قتيلا و41 جريحا فقط.

الحصيلة كان يمكن أن تتجاوز المئات، حال تمكن الانتحاري من الدخول إلى قاعة الصلاة بالكنيسة، وتفجير نفسه وسط القداس الذي كان يؤمه البابا «تواضروس الثاني» بابا الأقباط الأرثوذكس(فيديو).

ووفق بيان وزارة الداخلية المصرية، فإنه «حال ضبط القوات للإرهابي قام بتفجير نفسه بأفراد الخدمة الأمنية المعينة خارج الكنيسة مما أسفر عن استشهاد ضابط وضابطة وأمين شرطة من قوة مديرية أمن الإسكندرية»، دون أن يصب البابا بسوء.

ولأول مرة يستهدف انفجار كاتدرائية يوجد بها بابا الأقباط الأرثوذكس، بحسب بيان الداخلية المصرية.

الذئاب المنفردة

النسخة الثانية من «الأحد الدامي»، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، تزايد معدلات الالتحاق بتنظيمات العنف، والتحول إلى استراتيجية «الذئاب المنفردة» أو «القنابل البشرية المتحركة».

بمعنى آخر فإن هجومي طنطا والإسكندرية، يؤكدان أن مصر دخلت بقوة إلى حزام العمليات الانتحارية، وأن استهداف الأقباط بات استراتيجية واضحة لـ«تنظيم الدولة»، تدفع بالعلاقة بين مسيحيي مصر، والرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» إلى مزيد من التأزم والتوتر، بعد إخفاقه في توفير معادلة الأمن لهم مقابل استمرار الدعم السياسي له ضد خصومه من الإسلاميين.

كان المستقر والمتواتر في العقلية الأمنية المصرية، أنه منذ ثمانينيات القرن الماضى وحتى عام ٢٠١٥ ، لم تكن مصر ضمن 40 دولة حول العالم ضربتها العمليات الانتحارية، لكن إزاء سياسات قمعية، وحملات تهجير مستمرة ضد سكان مدن (رفح والعريش والشيخ زويد)، شمال سيناء، وتواصل عمليات التصفية بحق معارضين خارج إطار القانون، وتفشي ظاهرة الاخفاء القسري، من الوارد بقوة أن تتجه مصر إلى نمط أكثر دموية من العنف والعنف المضاد.

يقول تقرير أمريكي، إن «التعذيب في السجون هو السبب الرئيس في تزايد التطرف والعمليات الإرهابية في مصر»، مضيفا «تتجاهل السلطات أن تعذيب عشرات المعارضين في السجون هو السبب الحقيقي في لجوء بعض الشباب المصري للتطرف والانضمام للجماعات الإرهابية»، وفق صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

وينشط «تنظيم الدولة»، في محافظة شمال سيناء المتاخمة لـ«إسرائيل» وغزة، لكنه مدعوما بسياسات أمنية قمعية، وانتهاكات متزايدة لوزارة الداخلية المصرية، طالت محافظات الجمهورية، وإخفاق ذريع على المستوى الاقتصادي والخدمي، وغلق سبل المصالحة الوطنية مع التنظيمات المعتدلة، نجح في أن ينقل معركته إلى العاصمة المصرية القاهرة (تفجير البطرسية نموذجا)، وووسط الدلتا (تفجير كنيسة طنطا نموذجا)، وشمال البلاد (هجوم كنيسة مارمرقس نموذجا).

المعطيات المتوافرة على أرض الواقع تؤدي إلى النتائج، واتساع خارطة العنف الرسمي، بات بالفعل يغذي مفرخة ما يمكن تسميته بــ«الانتحاريون الجدد»، ما يعني أن نظام «السيسي» دفع بالبلاد إلى أتون «كنائس الموت» وخلايا «الأحزمة الناسفة»، وأوجد مناخا من الموالاة للأقباط، وزاد من تعويضات ضحاياهم مقارنة بنظرائهم من المسلمين، ما يمكن أن يبرر تسارع وتيرة الاعتداءات على الكنائس في أكبر الدول العربية سكانا.

الهجوم قابل للتكرار، مع استمرار الثغرات الأمنية، وتوظيف كافة قدرات الأمن المصري لاستئصال جماعة الإخوان التي أطاح «السيسي» برئيسها «محمد مرسي»، من الحكم في 3 يوليو/تموز 2013، فضلا عن تصدير الأقباط باعتبارهم الحاضنة الشعبية والجماهيرية للرئيس المصري رغم فشله الذريع، وبالتالي الزج بهم في مرمى نيران الخصم باعتبارهم حلفاء النظام وأكثر المستفيدين منه.

تفجيرات انتحارية، وعمليات ذبح، وتهجير قسري، استهدفت الأقباط في الأشهر الأخيرة، تحمل ربما في مجملها رسالة واحدة تقول للأقباط من ناحية، إن «السيسي لن يحميكم»، ورسالة ثانية للشارع المصري، إن «الدكر(لفظ دأب إعلاميون موالون للانقلاب العسكري على وصف الرئيس المصري به للإشادة بقدراته) لن يجلب لكم الرخاء والأمان»، لكن الرسالة الثالثة وهي الأهم والأخطر، وفق العديد من المراقبين، أن الجنرال الساكن قصر الاتحادية يدفع بسياساته القمعية، البلاد، إلى نفق مظلم، وأنه لم يقدم شيئا خلال 3 سنوات من الحكم، سوى التكسب سياسيا عبر اللعب على وتر الإرهاب؛ لنيل التعاطف الشعبي، وحصد الدعم الدولي، والبقاء في الحكم لفترة ثانية، تحت لافتة «مواجهة الإرهاب».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كنيسة طنطا الكنيسة المرقسية بالإسكندرية الأقباط البابا تواضروس الثاني تنظيم الدولة عبدالفتاح السيسي