«خليفة حفتر» .. متعهد الانقلابات العسكرية بليبيا في آخر 50 عاما

الجمعة 14 أبريل 2017 06:04 ص

برز اسم «خليفة حفتر» لأول مرة من خلال مشاركته في الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد الليبي الراحل «معمر القذافي» ضد الحكم الملكي في 1969، قبل أن يتحول إلى أسير في الحرب ضد تشاد في 1988، لكنه فشل في الانقلاب على رفيق دربه السابق في 1993، وبقي في منفاه الاختياري في أمريكا إلى أن جاءت ثورة 2011، التي أطاحت بـ«القذافي»، ولكن الثوار رفعوا رتبة «حفتر» العسكرية درجة وأحالوه على التقاعد، وهذا أسوأ ما كان يطمح إليه الرجل.

لم ينس «حفتر» ما فعله به الثوار، وعاد الجنرال المتقاعد إلى واجهة الأحداث فيما سمي واقعة «الانفلاش»، عندما أعلن في فبراير/ شباط 2014، عن انقلاب جديد في التلفزيون دون أن يكون له أثر على الأرض.

وفي الوقت الذي انتشرت النكت في ليبيا حول «انقلاب حفتر» الذي لقب بـ»الانفلاش» (جمع بين كلمتي انقلاب وفلاش، التي تعني ومضة)، رجع الرجل بعد ثلاثة أشهر إلى الواجهة بشكل مختلف بعد أن أعاد ترتيب تحالفاته الداخلية والخارجية ليطلق ما سميت بـ«عملية الكرامة».

ورغم أنه تعرض لهزيمتين كبيرتين عندما تمكن تحالف «فجر ليبيا» من طرد حلفائه (السابقين) «كتائب الزنتان» من العاصمة طرابلس، واقتحام تحالف «مجلس شورى ثوار بنغازي» لمقاتليه من معسكراتهم في مدينة بنغازي (شرق) في 2014، لكنه وبدعم من حلفائه الخارجيين، وقف مجددا على رجليه واستعاد المبادرة في بنغازي ووصلت قواته إلى غاية الهلال النفطي غربا، ليصبح بعد ثلاث سنوات، أبرز شخصية في معادلة الحرب والسلام في البلاد.

فالعسكري الذي عاد من منفى استمر 20 عاما، نجح في أن يكون قائدا للقوات المدعومة من مجلس النواب الليبي في طبرق (شرق) بعد ثورة 17 فبراير/شباط 2011، التي أطاحت بحكم صديقه «القذافي».

من رفيق الزعيم إلى أسير حرب

ينحدر «حفتر»، من قبيلة الفرجان، التي تتمركز في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) في الغرب الليبي، مسقط رأس «القذافي» والمركز السابق لتنظيم «الدولة الإسلامية» الإهاربي، إلا أن «حفتر» من مواليد مدينة «أجدابيا» شرقي ليبيا عام 1943.

وبتاريخ 16 سبتمبر/ أيلول 1964، التحق «حفتر» بالكلية العسكرية الملكية في بنغازي خلال حكم ملك ليبيا الراحل «إدريس السنوسي» ليتخرج منها في 1966، وعين بسلاح المدفعية بمدينة المرج، شرقي بنغازي.

برز نجم «حفتر»، إثر تولي «القذافي» للحكم، والذي كان مقربا منه، كما شارك ضمن قيادات الحرب الليبية في تشاد، التي بدأت في 1980، وأسر خلالها، في معركة وادي الدوم، مع 300 من جنوده، في 22 مارس/آذار 1987، بعد التدخل الفرنسي في الحرب، وتخلي «القذافي» عن دعم جيشه هناك، قائلا أنه «لا توجد لدية قوات في تشاد».

وتسبب تخلي «القذافي» عن «حفتر» في حرب تشاد، إلى انشقاقه وعدد من رفاقه من الضباط والجنود عن نظام القذافي أثناء تواجدهم في السجون التشادية، ليفرج عنهم لاحقا (1987)، ويغادروا إلى الولايات المتحدة عقب وصول «إدريس ديبي» للسلطة في تشاد في 1990.

بعد ذلك انخرط «حفتر»، ورفاقه في صفوف الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا (المعارضة)، وأعلنوا في 21 يونيو/حزيران 1988، عن إنشاء الجيش الوطني الليبي، كجناح عسكري تابع لها تحت قيادة «حفتر»، الذي لم يستمر طويلا بعدها.

واستقر «حفتر»، في الولايات المتحدة بشكل دائم، مستمرا في معارضة نظام القذافي 20 عاماً، وقاد في 1993، محاولة فاشلة للإطاحة بنظام العقيد ليحكم عليه نظام «القذافي» غيابيا بالإعدام.

ما لا يؤخذ بالسياسة يؤخذ بالقوة!

بعد قيام ثورة شعبية في ليبيا بتاريخ 17 فبراير/ شباط 2011، التحق «حفتر» بالثورة في مارس/آذار 2011، وبعد الإطاحة بنظام «القذافي» ومقتله في 20 أكتوبر 2011، طالب عسكريون بإبعاد «حفتر» عن المعركة باعتباره دعم «القذافي» الذي تدور الثورة ضده في وقت سابق.

وبعد انتهاء الحرب التي انتصر فيها الثوار الليبيون أفل نجم «حفتر» مثله مثل العديد من الشخصيات التي عملت في نظام «القذافي» السابق وانضمت للثورة لكنه عاود للظهور علي الساحة صباح الرابع عشر من فبراير 2014 خلال خطاب متلفز أعلن خلاله إيقاف عمل المؤتمر الوطني (البرلمان آنذاك)، مؤكداً أن العاصمة طرابلس تحت سيطرة جنوده ومؤيديه.

وما هي إلا ساعات حتى تبين أن ما قاله «حفتر»، ما هو إلا مجرد خطاب لا حقيقة فيه ولا وجود لجنوده «المزعومين»، لتصدر عقب ذلك السلطات الليبية آنذاك، التي اعتبرت تحركات «حفتر» انقلابا على شرعية الدولة، أمرا بالقبض عليه.

وبعد ذلك أعلن عما يسمى «عملية الكرامة»، وفي يوليو/ تموز 2014، بعد انتخاب مجلس النواب الليبي (البرلمان) المجتمع في مدينة طبرق (أقصى الشرق) أبدى المجلس دعما للعملية العسكرية التي يقودها «حفتر»، الذي أحيل في وقت سابق للتقاعد من قبل المؤتمر، مما أثار جدلا قانونيا وسياسيا بشأن انعقاد مجلس النواب في طبرق بدلا من العاصمة طرابلس، انتهى بقرار قضائي بحل المجلس، اعتبره معارضو «حفتر»، سحبا للشرعية من مجلس النواب ومنحها للمؤتمر الوطني، فيما رفض الطرف الآخر الاعتراف بحكم المحكمة.

ميدانيا، تمكن «حفتر» من العودة يسيطر الآن على معظم بنغازي باستثناء حيين وسط البلد (الصابري وسوق الحوت) إضافة لسيطرته على كامل شرق البلاد عدا مدينة درنة (1340 كلم شرق طرابلس) التي تحاصرها قواته، كما لديه تحالفات مع كتائب وقبائل في غرب البلاد مثل ورشفانة والزنتان، إلا أن هذه التحالفات هشة بالنظر إلى دخول ورشفانة وزنتان في مصالحات مع كتائب مصراته، غير أن حلفه القوي في الجنوب الليبي هم «محمد بن نائل» قائد اللواء المجحفل12 الموالي لنظام «القذافي»، والذي استطاع السيطرة منذ أشهر على قاعد براك الشاطئ الجوية وتقدم نحو قاعدة تمنهنت الجوية في مدينة سبها، إلا أنه فشل للمرة الثانية في اقتحامها بعد وصول تعزيزات للقوة الثالثة التابعة لكتائب مصراته والمسيطرة على القاعدة.

كل ذلك جعل «حفتر» قبلة لزيارات المسؤولين الأوروبيين، حيث زاره في مكتبة بمدينة المرج، خلال الشهرين الأخيرين العديد من الدبلوماسيين الغربيين بينهم السفير الايطالي والسفير البريطاني والسفيرة الفرنسية ومبعوث الجامعة العربية إلى ليبيا، لمحاولة إيجاد حل للأزمة الليبية.

إلا أن زيارة «حفتر» حاملة الطائرات الروسية التي رست قبالة السواحل الليبية، حيث تواصل فيها مع وزير الدفاع الروسي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة كان الحدث الأبرز في خارطة تحالفات الرجل الخارجية، حيث أثار قلقا أمريكيا وأوروبيا.

ناهيك عن الدعم المصري والإمارتي، ويظهر ذلك بعد ذلك الإمارات التي زارها «حفتر» قبل يومين واستقبل بها استقبالا رسميا.

داخليا يعد الدعم الأكبر لـ«حفتر»، هو الدعم القبلي الذي حضي به في شرق ليبيا، والذي تجاوز من خلاله حتى سلطات مجلس النواب الذي يفترض أنه خاضع لرقابته، وتابع لحكومته المؤقتة، لكن العكس هو الحاصل، بدليل أنه سبق وأن رفض مرتين طلب مجلس النواب المثول أمامه، ورد ببساطة «أنا مشغول»، في إشارة واضحة أن شرعية البرلمان لا تعني له شيئا لأنه يعتمد على «الشرعية القبلية» في الداخل، و«منطق القوة» في التعامل مع الخارج الذي لا يعترف إلا بالقوي بغض النظر عن شرعيته.

أما ثاني ركائز القوة لدى «حفتر» داخليا، هي ورقة محاربة الإرهاب، التي لوح بها واستخدمها، الأمر الذي جعلت الكثير من المتضررين من الاغتيالات لا سيما أفراد و ضباط الجيش والشرطة ينضمون له بأعداد كبيرة في شرقي البلاد.

  كلمات مفتاحية

حفتر ليبيا انقلاب القذافي

ولي عهد أبوظبي يستقبل «حفتر» ويعلن دعمه في مكافحة «الإرهاب»

لأول مرة.. «عقيلة صالح» يعترف علنا بالدعم الإماراتي لقوات «حفتر»