«نيويورك تايمز»: هل يتحكم الجنرالات في قرارات إدارة «ترامب»؟

الأربعاء 19 أبريل 2017 09:04 ص

وفقا لمعايير الرئاسة الأمريكية الأخيرة، حدث أمران يبدوان طبيعيان جدا في إدارة «ترامب» مؤخرا. تمت إقالة «ستيف بانون»، كبير المخططين الاستراتيجيين، من عضوية مجلس الأمن القومي. وبعدها أمطر الرئيس صواريخ كروز على سوريا.

ويعد هذا مؤشرا على أن السياسة الخارجية في عهد «ترامب» قد تفقد بعضا من شعار وعدها «أمريكا أولا»، ويبدو أن القصف يؤكد ذلك. مثل هذه الضربات يمكن أن تحدث تحت قيادة «بيل كلينتون» أو «رونالد ريغان» أو «جورج دبليو بوش»، حيث يقدم لها السياسيون من كلا الطرفين من الصقور اليبراليين والمحافظين الجدد الدعم، لذا لم تكن مفاجأة أن تحدث نقاد التلفزيون عن مكانة جديدة لـ«ترامب»، وتراجع الذين ينتقدون السياسة الحربية للولايات المتحدة.

هل تم إلغاء الثورة الأيديولوجية في السياسة الخارجية الأمريكية؟ نعم هذا صحيح: إذا كنت تتوقع من «ترامب» أن يحكم فعليا، وأن يتجنب استخدام القوة مغيبا بعض التهديدات المباشرة للوطن الأمريكي، وأنه سيقوم بسحب القوات الأمريكية من جميع قواعدها النائية، وسيترك التحالفات المتشابكة فإن الضربات ضد «بشار الأسد» هي دليل على أنك مخطئ.

ولكن هذا لا يعني أن «ترامب» سيعود فقط إلى نفس الطرق مثل أسلافه. فقد تميز معظم الرؤساء السابقين برؤى مختلفة حول السياسة الخارجية سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين.

ومع ذلك، فإن إدارة «ترامب» ليس لديها بالفعل العديد من خبراء السياسة الخارجية بين مسؤوليها المدنيين. «ريكس تيلرسون» قد يكون من سلسلة الواقعيين و«نيكي هالي» قد تعد من أصحاب الأسلوب الأخلاقي، ولكن لا أحد منهم كان جزءا من هذه المناقشات من قبل. «مايك بينس» ليس لديه تجربة مثل تجربة «ديك تشيني» أو «جو بايدن».

ما لدى «ترامب» حقا هم الجنرالات، جيمس ماتيس و ماكماستر والرجال العسكريين الآخرين في حكومته، وهذا الفريق من الجنرالات، لا ينتمي لأي من مدارس السياسة الخارجية المعتادة، ولهذا يبدو من المرجح أن يوجه هؤلاء الدولة إلى الأمام دائما.

دائما ما يؤثر العسكري علي السياسة الخارجية الأمريكية، والعقول العسكرية بالكاد متجانسة في وجهات نظرها. (فقط أسأل الجنرال مايكل فلين). ولكن السياسة الأمريكية ستكون موجهة بشكل فعال عسكريا، بدلا من مجرد تأثير عسكري، سيكون هذا شيئا جديدا في تاريخ الولايات المتحدة، وهذا سيكون له انعكاسات قوية على كيفية الدفاع عن السلام الأمريكي بين العسكرية والدبلوماسية أو ما يعرف بـ «باكس أمريكانا».

أولا، تعد السياسة الخارجية الموجهة عسكريا، بطرق معينة، أكثر توجها نحو الاستقرار من المناهج الأخرى المتبعة في الشؤون الدولية. فهي ستكون أقل عرضة للطموحات الأيديولوجية الكبرى من صقور الليبرالية أو المحافظين الجدد، وأقل ميلا إلى تخيل الولايات المتحدة كمبشر للثورة الديمقراطية أو ملاك للانتقام الإنساني. ولكنها ستكون أيضا متشككة في تحولات موقفنا الاستراتيجي والانسحاب من الالتزامات القائمة و مضادة للتدخل في بعض الأحيان.

وهكذا، لو كان الجيش الأمريكي يدير البيت الأبيض في عهد «جورج دبليو بوش»، فمن غير المحتمل أننا كنا سنحاول زرع الديمقراطية في العراق. لو كان الجيش يدير إدارة «أوباما»، فمن غير المرجح أننا كنا قد تخلينا عن «حسني مبارك» أو كنا سنسعى إلى إعادة تشكيل المنطقة من خلال انفراجة في العلاقة مع طهران. وحتى الآن، فإن إعادة تركيز «ترامب» على العلاقات العسكرية الطويلة الأمد (مع الدول العربية السنية، خاصة)، مع خطها في حقوق الإنسان، والتراجع عن التحولات الكبيرة الموعودة في موقفنا تجاه روسيا والصين، هو ما يمكن أن تتوقعه من الرئيس ذي الرأس النحاسي.

ولكن حتى في الوقت الذي يحرص فيه الجيش على الاستقرار، فإن لديه تحيزا قويا نحو الحلول العسكرية، كلما ظهرت أزمات أو تحديات. هذه الحلول ليست غزوات ضخمة أو مكلفة، ولكنهم يتعاملون مع القنابل والصواريخ وغارات الطائرات بدون طيار و (بأعداد محدودة).

وبالتالي، فإنك تتوقع أن تكون السياسة الخارجية الموجهة عسكريا ضيقة بحيث لا تسع المشاركة الضخمة في الحرب الأهلية في سوريا، ولكن عندما يحدث شيء مثل استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، فإن أول ردة فعل ستكون ضربة عقابية. وهناك منطق مماثل ينطبق على بقع المتاعب الأخرى في العالم. فالسياسة الخارجية للجنرالات لن تسعى إلى الحرب البرية في آسيا، ولكنها ستكون مفتوحة أمام العديد من التدخلات المحدودة التي قد تأخذنا، إلى ممرات أعمق وأعمق في الصراع.

وعموما، فإن نظرة القوات المسلحة القائمة على التحيز إلى الوضع الراهن بالإضافة إلى جرعات من القوة الصلبة هي بالكاد أسوأ رؤية يمكن تصور تبنيها من قبل «ترامب». ولكن الخطر الكبير يكمن في رئاسة «ترامب» عندما يكون عجز الرئيس عن التراجع عن معركة كبيرة يلبي رغبة الجيش في البدء بالكثير من المعارك الصغيرة خلال رئاسته. ليس الحروب المتعمدة، ولكن التصعيد العرضي هو ما يشجعه الجنرالات، حيث لا يوجد تفكير حول القرار النهائي في كيفية وقف ذلك.

  كلمات مفتاحية

ترامب ماتيس سوريا الأسد الصين