خبراء: «الأمن الوطني» السعودي استشاري يحلل المعلومات ويرسم السياسات دون صلاحية تنفيذية

الاثنين 24 أبريل 2017 05:04 ص

«سيساهم في رسم سياسات السعودية، كونه مركزا أمنيا استشاريا لتحليل المعلومات الأمنية وإجراء الدراسات الاستراتيجية».. هكذا تحدث خبراء أمنيون عن «مركز الأمن الوطني»، الذي صدر أمرا ملكيا بإنشائه.

والسبت الماضي، صدر أمر ملكي سعودي، بإنشاء «مركز الأمن الوطني».

ولم ينص القرار الملكي على تعيين رئيس للجهاز، بينما نص على تبعيته للديوان الملكي مباشرة، ما يعني ارتباطه بهرم السلطة في البلاد.

وتضمن القرار، تعيين «محمد الغفيلي» مستشارا للأمن الوطني بالمرتبة الممتازة، على أن يكون عضوا في مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومشرفا على أمانة المجلس.

ويحمل تعيين مسمى «مستشار الأمن الوطني»، أفقا كبيرا يشابه الدول المحورية في العالم، ومنها الولايات المتحدة، التي يتخذ فيها «مستشار الأمن القومي» منصبا ذا أهمية في تسلسل العمل في منظومة الإدارة، بحسب صحيفة «الشرق الأوسط».

وتعد مراكز الأمن في الدول، ذات أهمية حيث تعد مَجمعا يكمل أركان ملفات الشؤون السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية وأيضا الاجتماعية، وهي بمثابة مراكز للدراسات الاستراتيجية التي تقوم على تحليل البيانات وتعزيز حضورها في صناعة القرار على البلد.

ويقصد بـ«الأمن الوطني»، وفق التعريف الشامل الذي يراه خبراء التنمية والاستراتيجيات، هو ما تقوم به الدولة للحفاظ على كيان الدولة المادي والبشري من الأخطار، ويعيد ذلك تعريفا للمصالح والمخاطر، ما يحقق الحماية للتركيبة الاجتماعية وعناصر القوة للكيان الوطني، لما لذلك من دور في تحقيق الرؤية الشاملة للأمن وما يؤثر عليه إقليميا وعالميا.

تحليل استراتجي

الخبراء، اعتبروا إنشاء المركز يمثل خطوة هامة في رسم السياسات والاستراتيجيات الأمنية للمملكة، مشيرين إلى أبعاده السياسية والأمنية والاقتصادية، إضافة إلى الأبعاد الاجتماعية.

وتوقع مختصون أمنيون أن يكون المركز، أمنياً استشارياً لتحليل المعلومات الأمنية وإجراء الدراسات الاستراتيجية.

أستاذ العلاقات الدولية الدكتور «عبد اللطيف السالمي»، قال إن «دور مراكز الأمن الوطني يعمل على التحليل الاستراتيجي وفق العمل المؤسسي، ويأتي ذلك بعد تبيان المواقف من عناصر تشكّل حضور هذا المركز، من أمن ودفاع ومؤسسات اقتصادية واجتماعية وغيرها».

وأضاف: «تعزز هذه المراكز، تحقيق التوازن والهوية الوطنية للبلاد داخليا وخارجيا».

بينما نقلت صحيفة «الحياة»، عن عضو اللجنة الأمنية في مجلس الشورى السعودي اللواء «عبد الهادي العمري»، أن أهمية القرار تكمن في رسم الدراسات الاستراتيجية، والدراسات السياسية الأمنية، والتعاطي مع المستجدات العالمية والداخلية على الصعيد الأمني، ومتابعة تنفيذها.

وأضاف: «بمعنى أشمل؛ توفير وتعزيز الأمن للمواطنين، باستخدام جميع الوسائل الأمنية، ومعالجة الأزمات التي تتسبب في الأضرار، بالتعاون مع عدد من الجهات المختصة بحفظ الأمن».

وتابع «العمري»: «على المستوى السياسي للدولة، تكون أهمية هذا المركز في رسم السياسات والاستراتيجيات، لصد أي عدوان تتعرض له الدولة، آخذين في الاعتبار إشراك جميع القنوات العسكرية في صناعة هذه الاستراتيجيات، وباستخدام جميع الوسائل المتاحة، وبهذا تكون المملكة في حال استعداد وتأهب تام».

وأكد «العمري» أهمية مركز الأمن الوطني من نواحٍ عدة، منها النواحي الاقتصادية السياسية والآيديولوجية، إضافة إلى أهميته في تعزيز الانتماء الوطني والمحافظة على سيادة الدولة وبسط نفوذها على أرضها وحمايتها من التدخل الخارجي.

واتفق معه في الرأي، أستاذ الإعلام السياسي رئيس قسم الإعلام المتخصص بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور «عبدالله العساف»، الذي قال إن قرار إنشاء مركز الأمن الوطني جاء ليكون مركزاً أمنياً استشارياً، يحلل المعلومات الأمنية ويجري الدراسات الاستراتيجية المعمقة لكل ما يمس الوطن وأمنه، من خلال رصد المستجدات على الساحات؛ المحلية والإقليمية والدولية، واستقراء الاحتمالات المستقبلية واقتراح التعامل المناسب معها.

وتابع: «إنشاء مركز الأمن الوطني خطوة في وقتها، وفي الاتجاه الصحيح، بل إنها ضرورة أملتها التحولات والأحداث المحلية والإقليمية والدولية المختلفة».

بدوره، قال الباحث المختص في الشؤون الأمنية «أحمد الموكلي»: «فكرة هذه المراكز تقوم على بناء الاستراتيجيات الأمنية طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى، وفق آلية معينة تعتمد في شكل كبير على جمع المعلومات من القطاعات الأمنية كافة ومن المصادر المفتوحة وآراء الخبراء والتقارير الاستخبارية، ثم يتم تحليل هذه المعلومات، وعلى أساسها يتم تحديد المخاطر والفرص والحلول، وعليها تبنى القرارات وترسم الاستراتيجيات».

وأشار إلى أن ربطه بالديوان الملكي ينطلق من كونه مركزاً تنظيمياً استراتيجياً، وليس جهازاً تنفيذياً، «فهو يعمل على بناء الاستراتيجيات للأجهزة الأمنية المختلفة، وفق آلية محددة وليست عشوائية».

دور مكمل

بينما نقلت صحيفة «الرياض»، عن أستاذ العلاقات الدولية والقانونية الدولي «يحيى مفرح الزهراني»، قوله إن «هذا المركز لن يتقاطع أو يتعارض مع ما ستقوم به وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع، لكن من المؤكد سيكون مكملا».

وأضاف: «النظام الأساسي هو من سيحدد مهامه وصلاحياته وتعريف دوره».

كما لفت المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية ومساعد الأمين العام للأمن الوطني سابقا اللواء ركن «علي الرويلي»، إلى أنه «سيكون للمركز دور في حفظ الأمن الصحي والبيئي والتعليمي والغذائي والسياسي والاقتصادي والفكري، حيث لا يعني الأمن العسكري فقط، بل هو تطوير لصناعة القرار الاستراتيجي لصاحب القرار».

وتابع: «لم يعد مفهوم الأمن الوطني يختص بالإجراءات العسكرية لتحقيقه، وإنما شامل لجميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فحماية الدولة لنفسها داخليا يساعد على حمايتها خارجيا».

وأوضح المحلل السياسي والباحث في شؤون الجماعات الإرهابية «حمود الزيادي»، أنّ إنشاء هذا المركز في ظل وجود وزارة الداخلية ليس بمستغرب، وقال: «ليس من الضروري أن أي مؤسسة هي على حساب مؤسسة أخرى، فهناك أعمال تكاملية، وأحيانا تكون هناك تناغم في الأدوار، وهناك خطوط في التلاقي، وخطوط في المهام التي تقوم بها كل مؤسسة في إطار الرؤية العامة وهي حفظ الأمن الوطني».

وتابع: «وزارة الداخلية نفسها تتكامل مع الوزارات الأخرى للقيام بالمهمة، ولذلك من المتوقع أن يكون دور المركز القيام بالدراسات والبحوث ووضع الرؤيا التي تؤسس لأمن وطني راسخ قادر على قراءات التحديات سواء كان في الإقليم أو العالم».

وسبق أن أعلنت السعودية، قبل عامين، إنشاء مجلسين استراتيجيين، أحدهما للشؤون السياسية والأمنية يرأسه الأمير «محمد بن نايف» ولي العهد وزير الداخلية، وآخر للشؤون الاقتصادية والتنموية يرأسه الأمير «محمد بن سلمان» ولي ولي العهد وزير الدفاع.

وعلى وقع التحولات الشاملة في المنطقة، تعمل مراكز الأمن الوطني ومراكز الدراسات الاستراتيجية الوطنية، في اتجاه تحديد السياسات للتعامل وفق نظرة مستقبلية على تلك التطورات، وفق التوازن الاستراتيجي الذي يحفظ كيان الدولة وتركيبته الاقتصادية والاجتماعية؛ لما في ذلك من تحقيق المواطنة بصيغتها الحاضرة في توجهات العمل التنموية، التي تقوم على ربط الأحداث السابقة والقائمة والمحتملة من خلال الاستقراء والتحليل والاستنتاج.

  كلمات مفتاحية

الأمن الوطني السعودية سياسات استراتيجية تحليل بيانات وزارة الداخلية خبراء