في «أرض الصومال»: الكل تحت طائلة الاعتقال!

الخميس 11 مايو 2017 11:05 ص

لا يمر يوم في "هرغيسا"، عاصمة جمهورية "أرض الصومال" المعلنة ذاتياً، إلا وتنتشر أخبار قيام قوات الأمن باعتقال قريب أو جار أو سياسي أو مثقف أو حتى مجموعة من المراهقين، بصورة أصبح معها البيات في مخافر المدينة لفترات تطول أو تقصر أمراً معتاداً وجزءاً من تجربة الحياة، ليس في العاصمة فحسب بل في معظم المدن الرئيسية للبلاد.

تتنوع دواعي الاعتقال في "أرض الصومال"، بصورة جعلت فئات المجتمع كلها تتوقع التعرض للتوقيف، دون تفريق بين يافع وشيخ، أو رجل أو امرأة، أو صحيح البدن أو معانٍ من مرض. فكاد التوقيف والاعتقال يفقدان معناهما من كونهما تقيداً للحرية لا يستحقه إلّا من وجهت له تهمة بجنحة أو جناية تستوجب التحفظ عليه ريثما يكون متاحاً للسلطات القانونية أن تخضعه لإجراءاتها.

 

دون اعتذار 

التجاوزات المترافقة مع التوقيف والاعتقال، تبدأ من حلق الشعر والضرب والتعنيف، والإهانات اللفظية والمعنوية، ورداءة ظروف التوقيف، وتعمد التكبيل بالأصفاد دون مراعاة لداع الاعتقال، سواءً كان سياسياً أو مدنياً.. 

ولا يعدم القائمون على تلك الممارسات من الجهات الأمنية والقانونية من وسيلة لتمديد مدد التوقيف، بدواعي النقل من مركز لآخر، ومن جلسات الصلح إلى النيابة العامة إلى محاكم المحافظة ومنها للمحاكم المحلية.. كل ذلك في ظل تأجيلات يعاني منها المواطن، خاصة في حال لم يكن لديه "ظهر" يسنده ويقيه هذا العذاب.. الذي ينتهي غالباً بإطلاق سراحه فجأة بعد تحطيمه معنوياً ومادياً، دون تعويض أو رد اعتبار أو حتى مجرد اعتذار!

 

فلتان حكومي وتبرم شعبي 

لقد شهدت صوماليلاند خلال عام كامل حالة من الفلتان المثيرة للحيرة، في ظل اعتياد مخالفة القانون والدستور نتيجة للفساد والمحسوبية التي استشرت في مفاصل الدولة، بدءاً من اعتقالات صيف 2016 التي طالت المئات بعد الندوات والوقفات الاحتجاجية المطالِبة بمعرفة محتوى التعاقدات بين الحكومة و"دبي للموانئ العالمية" حول ميناء بربرة. 

واستمر الأمر فأصبح من الصعب حصر حالات التوقيف الشبيهة بالاختطاف، الهادفة للقمع والإهانة حيناً والابتزاز والترويع حيناً آخر، والتي ادت الى تفتيت احترام المواطنين للدولة، ونزع شعورهم بالولاء والانتماء لأرضهم، بعد أن أصبحوا يخشون من السلطات وبلطجتها أكثر مما يخشون من اللصوص وعصابات المراهقين.

ومع تصاعد حالة التبرم والضيق من قبل الناس الذين يتعرضون للإذلال تحت شعار المحافظة على أمنهم، فإن سُحب العصيان والتمرد تتكثف في الأفق، وخصوصاً مع اتجاه للثأر من قيادات أمنية بسبب المهانة والرشى والإتاوات التي لا تني تتصاعد.

 

استهتار تام!

توفي موقوف هو نقيب الصيارفة بعيد لقائه مع أعضاء من مجلس الشيوخ في مقرهم، مطالباً بوضع حد للخلل الذي تغض الحكومة الطرف عنه، والعبث الحاصل في رصيد البلد من العملة الصعبة (الدولار). 

واستمر مسلسل السجن والإهانة ليطال طبيب أسنان، صدف أن الشابين الذين اعتديا عليه بالضرب وهو على رأس عمله في عيادته، أقرباء وزيرة مقربة من السيدة الأولى، ليتم تلفيق التهم له بعد أن أصر على حقه، ويتم ضربه من جديد وإذلاله في مخافر الشرطة ومراكز التوقيف بأنحاء العاصمة على مدى شهرين وهو ما زال معتقلاً، وكذلك مهندس جاوز الخمسين، اعتقل في تصفية حساب بين قريبيه المنتمي أحدهما للحزب الحاكم، فتعرضت صحته لتدهور خطير، مع الرفض المستمر لإطلاق سراحه..

ويتم تتويج حالة الجنون الحكومي، بإصدار القضاء حكماً بالسجن عامين على الإعلامي والناشط الاجتماعي عبد المالك موسى علدون، في قضية تمس بحرية الرأي والتعبير. ولا تمر الأيام حتى يتم اعتقال أربع فتيات تلبسن أزياء زرقاء اللون ـ قريبة من العلم الصومالي ـ، بتهمة تهديد أمن ووجود دولة "أرض الصومال" المنفصلة عن الكيان الصومالي ثم  الاعتقال الجماعي لأربعة من قيادات حركة "الصادعون بالحق" لمجرد إعلانهم عن حركتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي.. 

ومع استمرار حملات اعتقال المراهقين بالجملة من الطرقات والأسواق والأحياء بعد كل شجار، بمبرر ودون مبرر، بهدف تحصيل رسوم "شراء القيد"، وهو ما يندرج ضمن عمليات الابتزاز الممنهج من قبل الدولة للمواطنين.

* محمود عبدي كاتب من الصومال

  كلمات مفتاحية

الفساد أرض الصومال الاعتقالات عبد المالك موسى علدون حركة رسوم

الصومال يقطع علاقاته بغينيا لاستقبالها رئيس صوماليلاند