«فورين أفيرز»: الحملة ضد قطر تقوض مجلس التعاون وتدفع الدوحة للتقارب مع إيران

الأربعاء 7 يونيو 2017 06:06 ص

في 5 مايو/أيار، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر، زاعمةً أنّ الدوحة قد انتهكت شرطًا في ميثاق مجلس التعاون الخليجي يحظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء بالمجلس. ويشير القرار، الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ مجلس التعاون الخليجي، إلى تغييراتٍ كبيرة في مجلس التعاون الخليجي وتوازن القوى في الخليج.

خطط متجددة

وكان النزاع بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي يطفو على السطح لفترة من الوقت، وكانت مسألة وقت فقط قبل أن يتفاقم. وطُلب من الأمير «تميم»، البالغ من العمر 33 عامًا، إجراء تعديلاتٍ جدية على سياسة بلاده الخارجية، وأفيد بأنّ الشاب «تميم» قد وافق، لكنّه طلب بعض الوقت لإجراء التغييرات اللازمة.

وتمكن «تميم» في النهاية من الحد من مشاركة الدوحة في الصراع السوري. ولكنه في المقابل ضاعف تواصله مع الإخوان المسلمين وفروعهم في المنطقة، بما في ذلك حماس. وبالإضافة إلى ذلك، واصلت الدوحة جهودها الرامية إلى تعزيز العلاقات تركيا وإيران. كانت الدوحة تلمس كل عصب وتضرب كل جرس إنذار في أبوظبي والرياض، حيث يبذل المسؤولون هناك كل ما في وسعهم للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين.

ولكن كيف تخرج قطر من هذا المأزق؟ لدى «تميم» خياران، كلاهما مر. يمكنه إما أن يمتثل تمامًا لرغبات السعودية والإمارات، الأمر الذي يكلفه علاقته بحرس قطر القديم، بما في ذلك والده، أو أن يعزز دوره من خلال العمل مع حلفاء والده وتحرير بلده مرةً واحدةً وإلى الأبد من أغلال النفوذ السعودي ودول مجلس التعاون الخليجي.

السيناريو المعقد

قد لا يستطيع تميم الاتجاه نحو السيناريو الأول، لكنّ الخيار الثاني لن يكون سهلًا أيضا. وفي هذا السيناريو، ستحظى قطر بعلاقة أكبر مع إيران، التي لها بالفعل معها علاقاتٍ اقتصاديةٍ قوية. كما ستحصل على علاقاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ مع سلطنة عمان، التي لديها علاقات ودية مع طهران. لكنّ ذلك لن يأتي دون تكاليف. فالسلطنة أساسًا في موقفٍ ضعيف في مجلس التعاون الخليجي لرفضها اعتماد خط المجموعة ضد إيران. وإذا انضمت قطر إلى هذا النادي، سيكون من الصعب عليها أن تتراجع عن هذا المسار من جديد مع مجلس التعاون الخليجي.

وإذا ما أصبحت قطر أكثر صداقة مع إيران وسلطنة عمان، سيؤدي ذلك إلى انهيار مجلس التعاون الخليجي، ما يبشر بتصاعد جديد للصراع على السلطة في الخليج. ومن شأن ذلك أيضًا أن يعقد بشدة الخطط الأمريكية في الشرق الأوسط. وقد شجعت الولايات المتحدة، منذ فترة، دول الخليج العربية على التفكير والعمل بشكل جماعي لتعزيز أمن الخليج. ولكن مع تزايد التوترات بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك حالات الانفصال المحتملة، يبدو هذا الهدف غير واقعيٍ على نحوٍ متزايد. وقد تجد واشنطن حلفاءها الخليجيين غير قادرين على توفير الأمن الإقليمي في أي وقتٍ قريب، ونتيجةً لذلك، لابد من التفكير مرتين حول خطط الحد من البصمة السياسية والعسكرية الأمريكية هناك.

كما تخلق أزمة قطر مع جيرانها السعوديين والإماراتيين معضلةً سياسيةً أخرى بالنسبة للولايات المتحدة. فواشنطن لديها علاقاتٍ استراتيجية مع الدول الثلاث، وسوف يصبح من الصعب إدارتها إذا لم تجلس معًا على طاولة واحدة للتحدث. ومن الممكن أن تتمكن الرياض وأبوظبي من الضغط على الإدارة الأمريكية لكنّ واشنطن قد لا تتقبل ذلك. حيث تستضيف قطر قاعدة العديد الجوية والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية الذي ينسق جميع الهجمات الأمريكية ومهام المراقبة للحرب في العراق وأفغانستان. لذلك فإنه حتى لو أظهر «ترامب» استعدادًا للتماشي مع الإجراءات العقابية السعودية والإماراتية ضد الدوحة، فإنّ البنتاغون ربما يضع الفرامل لكبح أيٍ من هذه الخطط.

وفي الأيام القادمة، من المرجح أن يؤدي رحيل السفراء السعوديين والإماراتيين والبحرينيين من قطر إلى إجراء مشاوراتٍ بين دول الخليج العربية. ومن المحتمل أن يؤدي هذا إلى نوعٍ من التسوية السياسية لنزع فتيل الأزمة. ولكن على أي حال، فهذه حقبة سياسية جديدة في الخليج العربي، حيث تقوم الدول وحدها بتخطيط قراراتها الخاصة، وتتلاشى فكرة الوحدة، رغم الجهود الحثيثة من قبل المملكة لتحقيقها.

المصدر | فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

ترامب قطر مقاظعة قطر إيران تفكك مجلس التعاون