«واشنطن بوست»: تحالف «بن زايد» و«بن سلمان» يهدف إلى إخضاع الدوحة بمباركة «ترامب»

الأربعاء 7 يونيو 2017 08:06 ص

تختبر الدول العربية في الخليج العربي أزمةً إقليميةً لم يسبق لها مثيل. وفي الساعات الأولى من صباح الاثنين، أصدرت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بياناتٍ منسقة أعلنت فيها مقاطعةً دبلوماسية مع دولة شبه الجزيرة العربية الصغيرة والثرية، قطر. حيث قطعوا الروابط الجوية والبحرية والبرية وأمروا المسؤولين والمواطنين القطريين المقيمين في بلدانهم بالعودة إلى ديارهم.

ولعبت قطر، التي تضم فقط حوالي 300 ألف مواطن، دورًا كبيرًا في الساحة العالمية بسبب ثروتها الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي. وتراجعت أسعار النفط العالمية يوم الاثنين بعد تلك الأحداث. وأفيد أنّ الأسواق في قطر قد شهدت حالة ذعر من قبل المواطنين الذين سارعوا لتخزين المواد الغذائية بعد إغلاق الحدود البرية الوحيدة للبلاد مع السعودية.

ويعكس هذا التحرك الإحباطات التي طال أمدها تجاه القطريين من قبل السعوديين والإماراتيين بسبب دعمها للجماعات الإرهابية، فضلًا عن علاقتهم الودية جدًا مع إيران، منافستهم الإقليمية. كما تجري ضغوط معقدة لنقل قاعدة القيادة المركزية الأمريكية خارج قطر. وفيما يلي نحاول التعرف على إطار الأحداث.

ماذا وراء الصراع؟

لسنواتٍ عديدة، كان المسؤولون في الرياض وأبوظبي غاضبين بشأن ما يعتبرونه سياسة خارجية مارقة. وخلافًا للبحرين، على سبيل المثال، التي تتصرف إلى حدٍ كبير وفق الخط السعودي، اختلفت قطر مع الأعضاء الآخرين في مجلس التعاون الخليجي واستخدمت أصولها الواسعة لإبراز نفوذها الخاص على نطاقٍ واسع.

وبعد الاضطرابات السياسية في الربيع العربي، على سبيل المثال، انحازت قطر إلى الأحزاب السياسية الإسلامية مثل الإخوان المسلمين في مصر. وبغض النظر عن غضب جيرانها، تتصدى قناة الجزيرة الإخبارية التي تمولها الدولة، لقضايا هذه الجماعات، وغالبًا ما تدافع عن الديمقراطية والمعارضة في منطقة يحكمها أوتوقراطية علمانية أو ملكية مطلقة. وكانت قطر من بين أكثر الداعمين لنشاط المقاتلين الإسلاميين في عمليات التمرد في سوريا وليبيا.

والآن، يقول منتقدو قطر أنّهم فشلوا في كبح جماح دعمها لبعض الجماعات الإسلامية بما في ذلك حركة حماس. كما تم اتهام القطريين بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن، وهو ادعاءٌ مثير للدهشة، حيث كانت قطر، حتى اليوم السابق، جزءًا من التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران.

وقال «حسن حسن»، الخبير في شؤون الشرق الأوسط أنّ «دول المنطقة يمكن تقسيمها إلى معسكرين، أحدهما يسعى إلى دفع مصالحه الخارجية من خلال دعم الإسلاميين، ووالآخر يعتمد في سياستها الخارجية على معارضة ظهور الإسلاميين». وتقع قطر، في المعسكر الأول، في حين يقع السعوديون والإماراتيون في الأخير.

واعتبرت وزارة الخارجية القطرية في بيانٍ لها أنّ هذه التدابير «غير مبررة»، مؤكدةً أنّ قرار قطع العلاقات «يشكل انتهاكًا لسيادة البلاد»، استنادًا إلى ادعاءاتٍ ومزاعمٍ لا أساس لها في الواقع.

وقد دعمت السعودية، وبدرجةٍ أقل، الإمارات مختلف الجماعات المتمردة والفصائل الإسلامية في نزاعات الشرق الأوسط كذلك. لكنّ الدولتين وقفا ضد الإسلام السياسي في أماكن مثل مصر، ودعما الرئيس الحالي «عبد الفتاح السيسي»، الذي جاء إلى السلطة في انقلابٍ عام 2013، والذي أطاح بحزب الإخوان المسلمين الحاكم، وأعقبه حملة شرسة ودموية ضد الإسلاميين. وقد انضمت الحكومة اليمنية المحاصرة، التي تدعمها الرياض، والقيادة المدعومة من الإمارات في شرق ليبيا، وجزر المالديف في المحيط الهندي، والتي يبدو رئيسها على نحوٍ متزايد وكيلًا سعوديًا، إلى قطع العلاقات مع قطر.

وقد عمدت الإمارات، على وجه الخصوص، إلى الوقوف أمام دور قطر المستمر في دعم الإسلاميين في ليبيا وأماكن أخرى، ويبدو أنّها قد قادت عملية الدفع باتجاه عزل قطر.

نظريات مختلفة

لكنّ هذا لا يفسر لم يحدث هذا الآن.

هناك عددٌ من النظريات حول سبب انجراف الأمور نحو هذا الوضع. وقد سبب حادثان منفصلان محتملان هذا التصعيد المتزايد. أولًا، نُشر بيانٌ على موقعٍ قطريٍ رسميٍ نسب إلى أمير البلاد تعاطفه مع إيران وحزب الله الشيعي المتشدد. وحتى بعد أن أنكر القطريون التقرير وقالوا إنّه نتاج اختراق من قبل قراصنة، واصلت المنافذ الإعلامية السعودية والإماراتية نشره كحقيقة. وفي الوقت نفسه، أظهرت رسائل البريد الإلكتروني المسربة للمبعوث الإماراتي في واشنطن رغبة بلاده منذ وقتٍ طويل في مواجهة النفوذ القطري.

ويعتقد بعض الخبراء أنّ «محمد بن زايد»، ولي عهد إمارة أبوظبي، قد وجد شريكًا مستمرًا وحريصًا في ولي ولي العهد السعودي الشاب «محمد بن سلمان»، الذي يمسك بزمام السياسة الخارجية في المملكة في الأعوام الأخيرة، ويدفع باتجاه تحالفٍ إقليمي مناهض للإسلاميين ولإيران.

بيد أنّ أحد أكبر الدوافع لابد أن يكون الرئيس «ترامب»، الذي قام بزيارة ودية للرياض الشهر الماضي، واحتضن الأجندة السعودية في الشرق الأوسط، ويبدو أنّ ذلك قد شجع المسؤولين هناك.

وقال «أندرو بوين»، وهو زميلٌ زائرٌ في معهد الريادة الأمريكي المحافظ، أنّ السعوديين والإماراتيين قد رأوا هذه «لحظةً مهمةً بعد زيارة ترامب لتركيع قطر». ووفقًا لصحفيٍ إماراتيٍ بارز، يرغب المسؤولون في أبوظبي في الحصول على تنازلاتٍ ضخمةٍ من الدوحة، بما في ذلك إغلاق وسائل الإعلام القطرية في الخارج والتخلي عن سياسة قطر الخارجية المستقلة.

ماذا ننتظر؟

من الصعب قياس ما سيحدث بعد ذلك. وقد يحاول اثنان من دول مجلس التعاون الخليجي، عمان والكويت، أن يمارسا النفوذ المحدود الذي يتعين عليهما في محاولة التوصل إلى حلٍ توفيقي. ويمكن للولايات المتحدة أن تفعل ذلك أيضًا، وعلى الرغم من اضطراب إدارة «ترامب» في التعامل مع الأزمة، قد يكون من الضروري لها أن تتدخل، نظرًا لأنّ قاعدة العديد الجوية المترامية الأطراف على الأراضي القطرية هي نقطة انطلاق محورية لعمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية.

وبعيدًا عن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة، تمتلك قطر احتياطيات مالية كبيرة وتحتفظ بالدعم السياسي من قبل الحكومة التركية، وهي شريكٌ رئيسيٌ للطاقة في بلدان مثل روسيا والصين. وقد يدرك السعوديون والإماراتيون أنّ عزل قطر ليس بالأمر السهل.

وقال «ثيودور كاراسيك»، المحلل البارز في شركة غولف ستات أناليتيكس، لصحيفة «بازفيد نيوز»: «إنّهم يعتقدون أنّهم يستطيعون خنق قطر ودفعها للاستسلام. وقد يؤدي هذا إلى نتائج عكسية. والمشكلة الأولى هي أنّهم سيجبرون قطر على البحث عن شراكات أمنية جديدة مع تركيا. كما يمكن أن تتوجه الدوحة إلى إيران».

وقال «بوين» لـ «وورلد فيو»: «أشعر بالقلق بأن يخطئ كلًا منهم في الحكم على وضع الآخر، الأمر الذي قد يؤدي إلى أن يستغرق هذا الصراع أمدًا أطول».

كما يثير النزاع تعقيدات الانقسامات في الشرق الأوسط، التي غالبًا ما يحاول المعلقون في الولايات المتحدة تقليصها إلى ثنائي بسيط بين كتلة عربية سنية تقودها السعودية وكتلة إيران الشيعية.

وقال «حسن»: «يظهر التوتر بين قطر وجيرانها أنّ الخطوط الجيوسياسية القديمة لم تعد قادرة على التعبير عن الشرق الأوسط».

ويبقى أن نرى كيف يحسب «ترامب» هذا التحدي. وقد أوضح البيت الأبيض أنّ الرئيس يصر على «توحيد العالم الإسلامي برمته، بطريقة لم تكن قائمة في الأعوام الأخيرة». وتظهر أحداث هذا الأسبوع مدى كذب هذه المشاعر بالتأكيد.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

محمد بن زايد محمد بن سلمان ترامب مقاطعة قطر