هل تقود أزمة قطر الدبلوماسية إلى حرب عظمى جديدة؟

الأربعاء 7 يونيو 2017 09:06 ص

ما وجه الشبه بين سراييفو 1914 والدوحة 2017؟ قد نكون في لحظة تاريخية أقرب إلى اغتيال الوريث المفترض للإمبراطورية النمساوية المجرية، الأمر الذي أدى إلى ما أصبح يعرف بالحرب العظمى. لكن هذه المرة، فإنّ الاشتباك محتمل بين السعودية والإمارات من جانب وإيران من جانبٍ آخر. وسيتعين على واشنطن أن تعمل بسرعة لوقف الطريق إلى الحرب، بدلًا من انتظار بدء المذبحة.

وتعد قطر هي الهدف الأهم للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بدعوى خروجها عن إجماع الخليج العربي على إيران. وكانت الرياض وقائمة متزايدة من الدول العربية، قد قطعت علاقاتها يوم الاثنين مع الإمارة الغنية بالنفط، كما أعلنت السعودية وقف الرحلات الجوية القطرية وأغلقت الحدود البرية وحظرت السفن المتجهة إلى قطر من عبور مياهها. وكانت حرب الأيام الستة، التي وقعت قبل 50 عامًا من هذا الأسبوع، مدفوعة بإغلاق مصر لمضيق تيران، الأمر الذي أدى إلى عزل (إسرائيل) عن البحر الأحمر.

وردًا على ذلك، أفيد أنّ إيران أعلنت أنها ستسمح لقطر باستخدام ثلاثة من موانئها لجمع الواردات الغذائية التي تعتمد عليها البلاد، وهي بادرة من المرجح أن تؤكد شكوك الرياض وأبوظبي في علاقات الدوحة الغادرة مع طهران.

وبدأ الأمر باختراق مزعوم لوكالة الأنباء القطرية الرسمية يوم 24 مايو/أيار، تسبب في نشر تصريحات مزيفة نقلًا عن الأمير «تميم بن حمد آل ثاني» مؤيدة لإيران وداعمة للإخوان وحركة حماس. وفي الوقت نفسه، تبنت وسائل الإعلام المؤثرة والتابعة للحكومة السعودية والإماراتية سردًا بديلًا، حيث تعاملت مع القصة الإخبارية على أنها صحيحة وردت بسرعة بموجة من الغضب. وأخذت تعيد نشر تعليق الأمير إلى ما لا نهاية، وبسبب غضب الدوحة، تم منع الوصول إلى وسائل الإعلام القطرية حتى لا يمكن قراءة الإنكار الرسمي.

وهناك احتمال أن تكون القرصنة مدبرة من قبل طهران، التي أزعجها الموقف المناهض لإيران في قمة 20-21 مايو/أيار في الرياض، عندما التقى الرئيس «دونالد ترامب» الملك «سلمان» بن عبد العزيز آل سعود وممثلين عن العشرات من الدول المسلمة. وفي 3 يونيو/حزيران، تم اختراق حساب تويتر الخاص بوزير الخارجية البحريني الشيخ «خالد بن أحمد آل خليفة» لعدة ساعات، في حادثٍ حملت حكومته مسؤوليته لناشطي المعارضة الشيعية، بدلًا من الإشارة إلى إيران. وقد يكون الدافع الإيراني هو إظهار الانقسام الخليجي، فضلًا عن تصعيده مع تأييد «ترامب» لموقف مجلس التعاون الخليجي ضد طهران.

من جانبها، ترى قطر نفسها ضحية مؤامرة من قبل الرياض وأبوظبي، التي كانت لهما علاقة متوترة تقليدية مع الدوحة على الرغم من العضوية المشتركة في مجلس التعاون الخليجي.

وترى الرياض قطر، التي، مثل المملكة، تعطي الإسلام الوهابي دورًا محوريًا، كمشكلة إقليمية. وقامت الدوحة، التي تتيح للنساء القيادة، بدورها بإلقاء اللوم على السعوديين للتسبب في وصم الوهابية بسمعة سيئة. وفي الوقت نفسه، ترفض أبوظبي دعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في الإمارات.

وعلى الرغم من حدوث أزمة دبلوماسية لمدة ثمانية أشهر عام 2014، تعود جذور مشاكل اليوم إلى عام 1995، عندما استولى والد الأمير «تميم» على السلطة في الدوحة. وقال دبلوماسي مقيم في الدوحة في ذلك الوقت أنّ الجارتين نظمتا عدة مئات من رجال القبائل للقيام بمهمة لقتل «حمد» واثنين من إخوته، بالإضافة إلى وزراء الخارجية والطاقة. حتى أنّ الإمارات قد وضعت طائرات هليكوبتر هجومية وطائرات مقاتلة في حالة تأهب لدعم المحاولة، التي لم تحدث فعلًا لأنّ أحد رجال القبائل خان المؤامرة قبل ساعاتٍ من موعدها. وبهذا فالعداء والخصومة تاريخية.

مع تعداد من 200 ألف مواطن أو نحو ذلك، قد يكون من الصعب شرح أهمية قطر. ويهيمن على أفق الدوحة ليلًا ناطحات السحاب التي غالبًا ما تكون مضاءة، لكنّ قطر لديها أعلى دخل للفرد في العالم. وبعد إيران، تفتخر الإمارة بأكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، وهي مصدر ضخم للأسواق الممتدة من بريطانيا إلى اليابان. كما تستضيف قاعدة العديد الجوية العملاقة، حيث قامت الطائرات الأمريكية بعملياتها القتالية خلال الحروب في أفغانستان والعراق، وهي مركز قيادة الحملة الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وبالنسبة للأمير «تميم»، البالغ من العمر 37 عامًا، تبقى الأولويات الرئيسية للدوحة أن تظل حليفًا جيدًا للولايات المتحدة، في حين لا تفعل أي شيء لإزعاج إيران. وتعد البلاد حقلًا ضخمًا للغاز الطبيعي مشترك مع إيران. وحتى الآن، تسير الأمور المتعلقة بالغاز على ما يرام مع إيران.

ويمكن لواشنطن أن تلعب دورًا هامًا في نزع فتيل هذا الوضع المتفجر المحتمل. وقد يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنّ قطر كان دورها ضعيفًا في الموازنة بين الولايات المتحدة وإيران، بيد أنّ الصراع بين الرياض والدوحة، أو الصراع الذي يدفع قطر إلى أسلحة طهران، لن يفيد أحدًا. وفي هذا الصدد، يمكن القول أنّ وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» يمكن أن يلعب دورا هاما. وتعد إكسون موبيل، الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي بها «ريكس تيلرسون» قبل انضمامه إلى الحكومة الأمريكية، أكبر لاعبٍ أجنبيٍ في قطاع الطاقة في قطر، ولذلك يفترض به أنّه يعرف صناع القرار الرئيسيين بشكلٍ جيد.

ويبدو أنّ الرياض وأبوظبي يقدمان أوراق اعتمادهما كمواقع بديلة للقوات الأمريكية بدلًا من العديد. لكنّ تلك الأوراق ليست جيدة كما يجادلون. ففي عام 2003، دفعت السعودية القوات الأمريكية إلى الخروج من قاعدة الأمير سلطان الجوية، في حين حاولت الرياض التعامل مع التطرف الإسلامي الخاص بها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وتستضيف أبوظبي بالفعل طائرة ناقلة وطائرة استطلاع أمريكية، لكنّ الأمر سيستغرق بعض الوقت لإنشاء مركز قيادة مجهز تجهيزًا كاملًا ليحل محل العديد.

وتمثل المواجهة اختبارًا لإدارة «ترامب» الشابة. وقبل أسابيع فقط، في الرياض، قام ولي العهد الإماراتي «محمد بن زايد آل نهيان» بمزاحمة الأمير «تميم» حتى يكون على يمين الرئيس الأمريكي. والآن، تحاول السعودية والإمارات فعل الشيء نفسه على الساحة الدولية. ومن بين جميع الأزمات المحتملة في الشرق الأوسط، ربما لم يتوقع مستشارو «ترامب» هذا أبدًا.

المصدر | سايمون هندرسون- فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

قطر الإمارات السعودية ترامب مقاطعة قطر