«إيكونوميست»: التهور السعودي يفرض على قطر التقارب مع إيران

الجمعة 9 يونيو 2017 07:06 ص

قامت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها بالتشديد على قطر مرارًا وتكرارًا ، ولكن ما حدث مؤخرًا كان غير مسبوق. وفي عام 2014، استدعت الدول الخليجية مؤقتًا سفراءها من قطر. لكن في 5 يونيو/حزيران الحالي، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، إضافةً إلى قطع روابطها الجوية والبحرية والبرية أيضًا، مع إغلاق الحدود. وتوجب على القطريين مغادرة السعودية في غضون أيام، مع منعهم من الدخول منذ وقت الإعلان. ومن جهته، طرد وزير الدفاع السعودي الشاب الطموح وولي ولي العهد «محمد بن سلمان» قوة قطر المكونة من 1000 جندي من التحالف الذي يقوده ضد المتمردين في اليمن.

وتعد قطر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، وتستضيف كأس العالم لكرة القدم عام 2022، وسعت إلى ممارسة نفوذها عبر المنطقة. وتقول وسائل الإعلام السعودية أنّ الإجراءات الأخيرة تأتي ردًا على دعم قطر للإرهاب، بما في ذلك تنظيم القاعدة. وعلى الرغم من ذلك، فعلى دول الخليج الأخرى، وفي مقدمتها السعودية، مواجهة الاتهامات الموجهة لهم بالمساعدة في تمويل الجهاديين.

خلاف حول الإسلام والسياسة

لكن هناك مظالم أوسع وأقدم، متأصلة في الجيوسياسية في المنطقة ووجهات النظر المتعلقة بمكان الإسلام في السياسة. وعلى مدى عقود، ألقى مسؤولون سعوديون وإماراتيون اللوم على قطر، لكسرها إجماع مجلس التعاون الخليجي الذي يضم ستة دول.

وقطر واحدة من ثلاث دول في مجلس التعاون الخليجي لا تزال تحافظ على علاقات ودية مع إيران (إضافة إلى الكويت وعمان). ونُقل عن أميرها تميم بن حمد آل ثاني إعرابه عن تحفظات حول موقف السعودية المتصاعد ضد إيران. كما ترعى قطر جماعة الإخوان المسلمين وتوفر لها ملاذًا آمنًا، وهو ما أغضب الإمارات على وجه الخصوص، والتي تعتبر جماعة الإخوان جماعةً إرهابية. كما أنّها تمول وتستضيف قناة الجزيرة، وهي شبكة تلفزيونية تقدم منبرًا للمعارضين العرب، وقد ساعدت في اندلاع لهيب الثورات خلال الربيع العربي.

ومع كل طموحاتهم، لا يميل آل ثاني للمواجهة. وأعربت وزارة الخارجية القطرية عن «أسفها الشديد» لقطع العلاقات. وفي الأعوام الأخيرة، قلصت قطر دعمها للإخوان المسلمين. ومع تصاعد التوترات في الأيام الأخيرة، طردت أعضاء كبار من فرع الإخوان المسلمين في فلسطين، حماس، وأعادوا المنشقين المطلوبين في السعودية. وتحدثت القناة عن تصريحات تنتقد موقف السعودية من إيران ووصفت الأقوال المنسوبة إلى الأمير بأنّها «أخبار مزيفة».

التطلع إلى الحماية

وتاريخيًا، تطلعت قطر إلى الخارج للحماية من البلطجة السعودية. ومنع البريطانيون السعوديين من بسط نطاق حكمهم إلى محمياتهم الساحلية في العشرينات. وفي الآونة الأخيرة، عمدت قطر إلى تحسين علاقاتها مع إيران وتركيا وأمريكا للحصول على الدعم. لكم مؤخرًا، يبدو أنّ تحالفاتها تتأثر.

وقد يكون الدعم الأمريكي غير مضمون أيضًا. وتستضيف قطر أكبر قاعدة أمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وتقع على الطريق إلى الحدود السعودية، وقد رأى القطريون منذ فترة طويلة أنّها أفضل دفاعٍ ضد الغزو عن طريق البر. لكنّ الكثير من القطريين باتوا يخشون الآن من أنّ أمريكا تحت حكم «دونالد ترامب» قد لا تتحرك سوى في صالح السعوديين. وفي الشهر الماضي، اختار «ترامب» الرياض، العاصمة السعودية، كأول محطةٍ أجنبية في رحلته الخارجية الأولى. وفي المقابل، كان في استقباله في السعودية الاحتفالات الصاخبة وعقود الأسلحة الضخمة. ويُعتقد أنّ مستشاريه في مجال السياسة الخارجية يتمتعون بعلاقاتٍ وثيقة مع «محمد بن زايد»، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات، والذي يحث أمريكا على نقل قواتها من قطر إلى الإمارات منذ أعوام.

يمكن لقطر أن تتطلع إلى تركيا، التي تشاطرها وجهة نظرها الإيجابية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وفتحت قاعدة عسكرية لها في قطر العام الماضي. ومع ذلك، فإن هذا يحتمل دخول الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» من المواجهة مع آل سعود. وهذا يترك إيران كوجهة محتملة. وتدير الدولتان معًا حقل الشمال، أكبر حقل غاز في العالم. وبالإضافة إلى ذلك، يقول رجل دين مقرب من المرشد الأعلى الإيراني «آية الله علي خامنئي»، أنّ إيران لديها اتفاق دفاع مع قطر، يسمح بالدفاع عن الأخيرة في حال وقوع هجومٍ سعودي. وقد عرض المسؤولون الإيرانيون بالفعل إرسال شحنات غذائية عبر الخليج. ومن شأن الإجراءات المتهورة التي تقوم بها السعودية أن تزيد من دفع قطر نحو إيران، وتزيد من خطر المواجهة المسلحة مع الدولة الشيعية.

المصدر | إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

قطر الإمارات السعودية إيران الإسلام السياسي