«الريسوني»: حصار قطر «بغي وعدوان» يجب إنكاره

السبت 1 يوليو 2017 10:07 ص

اعتبر نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن طاعة ولي الأمر الشرعي لا تعني اتباعه في «الحق والباطل». واعتبر الدكتور «أحمد الريسوني» أن الأزهر من جملة المؤسسات المُختطفة بمصر.

ورفض «الريسوني» حصار قطر واعتبره «بغيا وعدوانا يجب إنكاره وتمزيقه». وقال نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن العلماء المسلمين ينقسمون حاليا بين «علماء مرسمين وعلماء مستقلين».

فقدان الاستقلالية

وعن مواقف وفتاوى بعض علماء الدين والهيئات الشرعية في السعودية ومصر حول الحصار على قطر ومحاولة إسباغ الشرعية عليه الكثير من الجدل، وتفسيره لمثل هذه المواقف وهل يمكن تصنيفها في خانة الدين أم السياسة؟ بخاصة أن الكثيرين من هؤلاء الأفراد والمؤسسات كانت لهم مكانتهم الدينية والاعتبارية قال «الريسوني»: «لقد كتبتُ وقلتُ مرارا إن العالم إذا فقد استقلاليته العلمية فقد أصيب في مقتل. والآن المؤسسات الدينية، السابقة الذكر، تابعة وخاضعة ومؤتـمِرةٌ بأمر حكامها».

وأضاف، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: «لقد بات معروفا أن عددا من مؤسسات العلماء مؤممة ومملوكة، تماما مثل الشركات والمرافق الحكومية. ولذلك تجد الشباب والمثقفين وعامة الناس غير عابئين بما تقوله هذه الهيئات وهؤلاء العلماء؛ لأنهم أصبحوا مجرد ببغاوات يرددون ما يقوله الحاكم ووسائل إعلامه. فهم ينطقون بالسياسة ومتطلباتها، لا بالعلم ومقتضياته».

وعن انقسام المؤسسات والهيئات الدينية والمشايخ بشدة تجاه الأحداث الحاصلة سواء في الأزمة الخليجية الراهنة أو قبلها وفي محطات كثيرة، وتأثير ذلك على جمهور المسلمين قال «الريسوني»: «نعم ينقسم العلماء الرسميون المؤمَّـمون أولا بانقسام دولهم وأنظمتهم الحاكمة؛ لأن العالم الرسمي أصبح بمثابة الناطق الديني لدولته ولرئيس دولته. ثم ينقسم العلماء من جهة أخرى ما بين علماء مرسَّمين وعلماء مستقلين. والجمهور عادة ينصت للعلماء المستقلين، ولا يأبه لأبواق السلطة الحاكمة. وما زلت أذكر أحد كبار العلماء المستقلين بمدينة طنجة، قبل ثلاثين عاما أو يزيد، صعد منبر الجمعة وقال للناس: (هذه خطبة جاءتنا من وزارة الأوقاف، وبما أن ما فيها هو نفسه ما تسمعونه في نشرات الأخبار في الإذاعة والتلفزيون، فأنا لن أقرأها عليكم .. ثم أعادها إلى جيبه وألقى خطبته من الذاكرة)».

وأضاف، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: «حين تبادر الدولة إلى تكوين علمائها ومؤسساتها العلمائية الطيعة، وتستعمل لذلك كل إمكاناتها ووسائلها المعروفة، فهذا واقع لا يمكن منعه أو رفعه. وهذا مثلما تنشئ الأنظمة الحاكمة إعلاميين موالين، ومثقفين موالين، فإنها تكوِّن أيضا علماء ومؤسسات دينية موالية وتابعة. أما الحل فهو أن يوجَد مقابل هؤلاء الموالين التابعين، علماء مستقلون ومفكرون مستقلون ومؤسسات إعلامية مستقلة».

وشدَّد «الريسوني» على أن الفتاوى والمواقف الدينية القائمة على قاعدة «طاعة أولي الأمر، المصلحة العليا للمسلمين» تعود بنا إلى الجدل الذي دار بأوقات سابقة حول «الطاعة الواجبة»، وعدم الخروج عن الحاكم ألا تستخدم هذه القاعدة الفقهية المختلف عليها في تبرير و«شرعنة» قرارات سياسية بحتة.

وأكد ، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على أن طاعة ولي الأمر الشرعي لا تعني اتباعه في الحق والباطل، وفي الحديث الشريف (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف). العالم لا بد أن يقول كلمة الحق ويشهد بالحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس، وأسوأ منه الشيطان الناطق بالباطل.

كما أكد «الريسوني» أن الحصار على قطر بغيٌ وعدوان لا توجد فيه ذرة حق، فيجب إنكاره، ويجب إبطاله وتمزيقه. ومن سكت في هذا الموطن فقد خان الأمانة، إلا المضطر المقهور بما لا يطيقه، فهذا قد يعذر إذا سكت، ولكن لا عذر لمن أيد الباطل ونصر العدوان (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).

اختطاف الشعب المصري

 وعن تأيد مؤسسة الأزهر الحصار على قطر واعتبارها أنه جاء لحماية الأمة، وتسخيرها منذ سنوات لخدمة النظام، والسبيل لإخراج هذه المؤسسة العريقة من التوظيف السياسي وإعادتها لدورها الأساسي، قال، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ما هو أعم وأهم هو: «كيف السبيل لإخراج الشعب المصري والدولة المصرية من حالة الاختطاف والاغتصاب بقوة السلاح؟ الأزهر هو من جملة المؤسسات المختطفة المغتصبة. ولن يتحرر الأزهر إلا بتحرير الشعب المصري والدولة المصرية. لكن العلماء بأفرادهم يتحملون مسؤولياتهم كل بحسبه ولكل ذمته مع ربه.

وأسهب: «كيف لعالم الدين أو الفقيه أو الداعية وخاصة المفتي أن يكون -من خلال مواقفه وآرائه- بعيدا عن المناكفات السياسية والتوظيفات السياسية؟ أم أن طبائع العصر ومتغيراته وأسئلته الراهنة تجعله محل جدل مثل رجل السياسة أو الثقافة؟».

ميزة عالم الدين الحقيقي

وأشار إلى أن: «ميزة العالِم الحق هي أنه يتكلم بالعلم ويتبع الدليل ويقول الحق. وقد ألقيتُ مرة محاضرة بإحدى الجامعات، وأثناء المناقشة قال لي أحد المتدخلين: لقد قلتَ كذا وكذا، والسلطات العليا في البلاد تقول كذا وكذا! فقلت له: نحن الآن في حرم الجامعة، والسلطة العليا هنا هي العلم وهي الحجة العلمية».

كا أوضح: «أنا أرى أنه لا حرج على العالِم أن يدلي برأيه حتى في القضايا السياسية الخلافية، متى ما ظهر له رأي راجح شرعا. كما لا حرج عليه أن يسكت إذا لم يظهر له صواب من خطأ، ولم يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود. ولكن ما لا يجوز السكوت فيه هو ما كان الصواب فيه بينا، وكان الخطأ أو الظلم فيه بينا».

 وفي سؤال أخير حول الهيئات والمؤسسات الدينية والعلماء والفقهاء الذين أيدوا وشرعنوا حصار قطر، وقبلهم مؤسسات وعلماء الذين تورطوا في حبائل أزمات وأحداث أخرى، وهل يمكنهم استعادة مكانتهم أو إقناع جمهور المسلمين في أي قضية مستقبلا؟ أجاب «الريسوني»: «الحقيقة أن هؤلاء العلماء التابعين للسياسة والسياسيين يفقدون مع الوقت كل شيء سوى النقود التي يحصلون عليها مقابل خدماتهم الدينية السياسية. بل كثيرا ما تستنفرهم وتعول عليهم أنظمتهم وحكوماتهم وأولياء نعمتهم في بعض القضايا، فإذا بالناس معرضون عنهم لا يقبلون منهم صرفا ولا عدلا».

واختتم كلماته قائلا: «لكن من تاب وأصلح وصحح فالباب دائما مفتوح، سواء عند الله تعالى، أو عند جمهور المسلمين».

المصدر | الخليج الجديد+الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

الريسوني علماء المسلمين انقسام