«القدس العربي»: هل يمكن أن يستمر حصار قطر؟

الخميس 13 يوليو 2017 07:07 ص

اجتمع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في جدة أمس مع وزراء دول حصار قطر وذلك بعد أن زار قبلها الكويت والدوحة والتقى المسؤولين فيهما، وكان لافتاً إعلان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حول شعوره بـ«المرارة» بسبب تطوّرات «البيت الخليجي».

الدوحة، من جهتها، انتزعت ورقة «مكافحة الإرهاب» التي ترفعها دول الحصار وذلك بتوقيعها مذكرة تفاهم مشتركة مع واشنطن «لمكافحة تمويل الإرهاب» خلال زيارة الوزير، وهي النقطة الأساسية التي استخدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حين أدلى بدلوه في الأزمة الراهنة، كما أنها النقطة التي أشار إليها وزراء أوروبيون زاروا المنطقة لمعالجة النزاع الراهن، وانتهى الاجتماع بإقرار تيلرسون أن مطالب قطر واقعية وعقلانية.

جاء الردّ على الدوحة من جهتين، الأولى مصر، التي طالبت الولايات المتحدة، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد، بإخراج الدول «التي تدعم الإرهاب أو تروج له في إعلامها» من التحالف الذي تقوده ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، ومن السعودية على لسان سعود القحطاني، الوزير والمستشار في الديوان الملكي، وقدّم اتهامات للدوحة بتجنيس عسكريين بحرينيين واستضافة إماراتيين من تنظيم «الإخوان المسلمين» وبتمويل «عناصر إرهابية في العوامية» السعودية!

وتبع ذلك سجال شارك فيه وزراء إعلام دول الحصار خلال الدورة 48 لوزراء الإعلام العرب أمس حول قناة «الجزيرة» حيث اتهمها وزيرا الإعلام السعودي والبحريني بأنها قناة «للشر والفتنة» وحين حاول رئيس وفد قطر الردّ قام رئيس الجلسة، وزير الإعلام التونسي، برفض إعطائه الفرصة للكلام (ونحن هنا نتحدّث عن وزراء إعلام وليس وزراء داخلية!).

الملحوظة الأولى في هذه الجولات الدبلوماسية والسجالية أن الموقف الأمريكي رسا على ضرورة إدارة عناصر الأزمة عبر تفكيك المطالب التعجيزية لدول الحصار وحصرها بموضوع «تمويل الإرهاب» المزعوم، بعد أن ساهمت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابقة في إعطاء انطباع لهذه الدول بأنها قادرة على افتراس قطر وتجريدها من سيادتها وعناصر حمايتها العسكرية («القاعدة التركيّة»)، وسياستها الخارجية (موقفها المؤيد للثورات العربية)، ووزنها الإعلامي الكبير (شبكة «الجزيرة» ووسائل إعلامية أخرى)، بل وحتى التدخّل في اقتراح مسؤولين لبعض المؤسسات القطرية أو إعفاء البعض من المسؤولية.

الملحوظة الثانية تتعلّق بغياب الموضوع الإيراني عن سجالات مسؤولي دول الحصار (بل وإلحاق التدخّلات الإيرانية في السعودية والبحرين بقطر نفسها) وتركيزه على الأجندة المصرية التي تتعلّق باستئصال أي معارضة للحكم العسكري، وفي رأس ذلك، بالطبع، موضوع الإخوان المسلمين، وهي الأجندة الإماراتية نفسها والتي ترتبط بالدور الإقليمي الذي ارتأته أبو ظبي لنفسها في الزلزال السياسي العربي المتصاعد منذ عام 2011.

الملحوظة الثالثة هي أن التصعيد السعودي ـ الإماراتي ـ البحريني يستدعي بالضرورة ردود فعل من جانب الكويت، التي ترفض، وهي الدولة الغنيّة وذات التجربة السياسية الليبرالية والإعلامية المميزة، أن تكون تابعاً يدور في فلك الرياض (أو أبو ظبي)، وعُمان التي زار وزير خارجيتها يوسف بن علوي إيران أمس وطالب «بتطوير العلاقات معها»، وهي إشارة واضحة إلى أن تصعيد الثلاثي الخليجي ضد قطر سيفكك مجلس التعاون وسيؤدي إلى توازنات إقليمية جديدة.

الملحوظة الرابعة هي أن هناك اختلافات بنيوية وسياسية واضحة بين الرياض، التي عملت لعقود طويلة على الاستفادة من اعتبارها الجغرافيا التي ظهر فيها الإسلام، مما جعلها في صراع أيديولوجي كبير مع مصر عبد الناصر، لا تستطيع فجأة أن ترمي عباءة الإسلام الفضفاضة وأن تتحالف مع دولة عسكرية لا تجد تعريفا لنفسها إلا عبر العداء للتيار الإسلامي، كما أن التحاقها بأجندة الإمارات (التي توازن مكاسب «الحداثة» بالليبرالية الاقتصادية بخسائر التضييق الشديد على أي حريات سياسية وإعلامية) لا يمكن أن يستمر، بالمعادلات الداخلية المعروفة، إلى وقت طويل.

والخلاصة من كل ذلك أن الحصار على قطر غير مؤهل للاستمرار.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الأزمة الخليجية حصار قطر ريكس تيلرسون دول الحصار الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح تطوّرات «البيت الخليجي» ورقة «مكافحة الإرهاب» «مكافحة تمويل الإرهاب» دونالد ترامب مصر تنظيم «الدولة الإسلامية» السعودية سعود القحطاني