3 أسباب تفسر استهداف الكتيبة 103 صاعقة بـ«شمال سيناء»

الجمعة 14 يوليو 2017 12:07 م

يعد هجوم «البرث» واحدا من أكثر الهجمات دموية، التي استهدفت الجيش المصري، في محافظة «شمال سيناء»، شمال شرقي البلاد، متكبدا خسائر فادحة، ربما هي الأكبر خلال العام الجاري، وسط العديد من علامات الاستفهام حول استهداف الوحدة العسكرية الأبرز في المنطقة.

تتعدد التساؤلات حول قدرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على الوصول إلى مقر الكتيبة «103» صاعقة، فيما اعتبر هجوما نوعيا، له دلالاته، ويحمل نذر خطر بشأن مستقبل المواجهة مع التنظيم، والتي يبدو أنها ستطول، ولن تكون في الأغلب لصالح الجيش المصري.

وعلى الرغم من الضربات العسكرية والأمنية المتلاحقة التي تتلقاها خلايا التنظيم في مربع يمتد من جنوب مدينة «رفح» عند الحدود الشرقية حتى جنوب «العريش» في الجهة الغربية للمحافظة، فإن هجوم «رفح»، الجمعة الماضي، الذي قُتل فيه 26 ضابطا وجنديا، وأصيب نحو 33 آخرين، أظهر قدرة التنظيم على شن هجمات كبرى، وموجعة، وداخل معاقل موالية للجيش المصري.

سر «الترابين»

خظورة الهجوم، تمكن في استهداف وحدة عسكرية قوية تقع في نطاق نفوذ قبيلة «الترابين»، التي تقود «تحالف القبائل» المحارب لـ «الدولة الإسلامية».

و«الترابين» من القبائل الموالية للجيش المصري، وتحظى بدعم مالي وتسليحي؛ لمواجهة «الدولة الإسلامية»، وفقدت خلال مايو/آيار الماضي، 23 شابا من أبنائها في حربها مع خلايا التنظيم.

وتصاعدت حدة المواجهة بين مسلحي «ولاية سيناء»، وقبائل بسيناء، بعد أن بدأ «اتحاد القبائل» بقيادة قبيلة «الترابين» مداهمات لمعاقل المسلحين في مناطق القبائل ونصب أكمنة لاصطيادهم، في محاولة من السلطة لإعادة تكرار سيناريو العراق، عبر استنساخ ظاهرة «الصحوات» التي تشكلت لمساندة السلطات، ضد جماعات متشددة.

وقوع الهجوم في نطاق «الترابين»، ربما يشير إلى وجود اختراق ما، أو ثغرة أمنية تم استغلالها في تنفيذ هجوم يحمل تلك الدرجة من الخطورة، دون استبعاد شبهة التقصير الأمني، أو التقاعس، بعد تكبد القبيلة خسائر فادحة طالت عددا من أبرز رموزها، «سالم أبو لافي» نموذجا.

اللافت أن مسلحي «الترابين» لم يسارعوا إلى إغاثة ضحايا الهجوم، ولم يشاركوا في مطادرة المنفذين، الأمر الذي برره  قيادي قبلي، بالقول إن «مسلحي اتحاد القبائل لم يستطيعوا التدخل لصد الهجوم على الوحدة العسكرية في البرث من دون تنسيق مع الجيش». وأضاف أن «الدخول إلى منطقة مواجهات لا يكون عشوائياً، بل يجب التنسيق أولاً، وفي تلك اللحظات لا يمكن الطيران الحربي التمييز بين الإرهابيين وأبناء القبائل»، بحسب ما نقلته عنه صحيفة «الحياة».

تسريب «مكملين»

وفق الناشط الحقوقي المتابع للشأن السيناوي، «هيثم غنيم»، في منشور على صفحته بموقع التواصل «فيسبوك»، فإن «الكتيبة 103 صاعقة التي يعد العقيد أحمد المنسي، أحد أبنائها، متورطة في جرائم قتل مدنيين عزل من أهالي سيناء، وهذه الجرائم مصنفة دولياً على أنها جرائم حرب»، وفق تدوينته.

وإلى حد كبير، يفسر التسريب المصور، الذي أذاعته قناة «مكملين» المصرية التي تبث من تركيا، أبريل/نيسان الماضي، ملابسات استهداف الكتيبة 103، حيث أظهر مقطع فيديو جندي مصري مع عدد من زملائه في سيناء يطلقون النار بشكل مباشر على رأس اثنين من شباب سيناء العزل فيما يشبه الإعدام الميداني بدون محاكمة أو تحقيقات.

كما كشف الفيديو عن قيام منفذي عملية الإعدام، بإلقاء أسلحة آلية بجوار جثث الضحايا، والتقاط صور لهم، لإظهار مصرعهم وكأنه حدث إثر اشتباكات، لم تحدث من الأساس، بحسب التسريب.  

عقب تداول الفيديو المسرب، كشفت صفحة «سيناء 24»، عبر موقع «فيسبوك»، هوية بعض الضحايا، وقالت إن «اثنين من الـ8 الذين ظهروا في #تسريب_سيناء أشقاء واعتقلهم الجيش منذ نحو 9 شهور من منطقة الحرية جنوب رفح».

ما سبق ليس محاولة لتبرير الهجوم، بقدر ما هو تفسير لملابسات وأسباب الهجوم على مقر الكتيبة، التي يبدو أنها تورطت في عمليات تصفية بحق سيناويين عزل، من خلال إسناد عمليات قذرة لـ«صحوات سيناء»، الذين ينشطون بالفعل في «رفح»، حيث وقع الهجوم على كتيبة الصاعقة.

و«صحوات سيناء» يطلق عليهم اسم المجموعة 103 أو «مجموعة الموت»، وهم تنظيم يضم مسلحين ينتمون إلى قبائل سيناوية، ويحملون أسلحة زودهم بها الجيش المصري، ويقيمون نقاطا للتفتيش.

ويعني تورط «الكتيبة 103» في مثل هذه العمليات، صناعة خصوم لها داخل الوسط السيناوي، وإيجاد حاضنة شعبية لـ«الدولة الإسلامية»، الذي اجتذب المزيد من الانتحاريين إلى صفوفه، وبالتالي حصل على دعم لوجستي ومعلوماتي، مكنه من الإقدام على هجوم كبير في «البرث»، علما أن المنطقة تضم الكتلة الأكبر من مسلحي القبائل وتنتشر فيها مكامن الجيش بكثافة.

ثأر قديم

حسب مصادر أمنية وقبلية، فإن الكتيبة «103 صاعقة» تحت قيادة المقدم «رامي حسنين»(قبل مصرعه)، كانت المسؤولة عن ضبط وتصفية عدد كبير من قيادات «ولاية سيناء»، وعلى رأسهم (حسين محرب الشهير باسم «أبو منير»، وكريم أبو ركبة، وأبوحمزة المهاجر، وكمال علام، وأحمد فياض) وغيرهم.

إزاء ذلك، سبق أن وضع التنظيم المقدم «رامي حسنين» كأحد أهم الأهداف بالنسبة له، وفشلت عناصر التنظيم عدة مرات في تصفيته، إلى أن تمكنت منذ أشهر، من النيل منه جنوب «الشيخ زويد»، بعد إقامة كمين بنحو 5 عبوات ناسفة تم زرعها على جانبي طريق فرعي يمتد من قلب مدينة «الشيخ زويد» إلى منطقة «الجورة».

وعناصر القبائل المسلحة التي ترتدي زي القوات المسلحة المصرية، ويقوم الجيش بتسليحهم، يرتبطون بشكل وثيق بالكتيبة 103، وهي كتيبة الصاعقة التي استهدف التنظيم قائدها المقدم «رامي حسنين» في أكتوبر/تشرين أول الماضي، وأعاد استهداف قائدها المقدم «أحمد المنسي» في يوليو/تموز الجاري.

مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط، حذر في تقرير سابق، من أن حملة القمع التي تشتد وطأتها أدت إلى زيادة عدد الهجمات التي تبناها تنظيم «ولاية سيناء»، لتصل إلى 48 هجوما شهريا في الأشهر الستة الأولى من العام 2016، بالمقارنة مع 28 هجوماً شهرياً في الأشهر الستة السابقة.

إذن باتت لغة الثأر، إحدى لغات الوضع الميداني في «شمال سيناء»، وفي الأفق نذر فشل تخيم على التحالف بين قبائل سيناء، والجيش المصري، بعد وقوع الهجوم في منطقة تسيطر عليها «الترابين»، مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع معنويات مقاتلي التنظيم، وتضرر سمعة الجيش المصري جراء الإخفاق المتوالي في حل معضلة المستنقع السيناوي.

وتعيش محافظة شمال سيناء أوضاعا أمنية متدهورة، تحت حكم الطوارئ منذ أكثر من 3 سنوات، ازدادت سوءا في مدينة «العريش»،عاصمة المحافظة، وأبرز مدنها (رفح، الشيخ زويد)، وسط تمدد لـ«الدولة الإسلامية»، من «سيناء» (شرقا)، إلى «الواحات» (غربا)، ومن «الإسكندرية» (شمالا) إلى «طنطا» (وسط الدلتا)، و«المنيا» جنوبا، مرورا بالعاصمة المصرية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

هجوم رفح الكتيبة 103 صاعقة الجيش المصري ولاية سيناء شمال سيناء