الحراك الشبابي في القدس.. مفاجأة سارة للفلسطينيين أقلقت (إسرائيل)

الاثنين 24 يوليو 2017 10:07 ص

شكل زخم المشاركة الشبابية اللافتة في الصلوات بمحيط المسجد الأقصى، بمدينة القدس، مفاجأة سارة، لكنه في المقابل، أقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية.

ومبعث المفاجأة بالنسبة للفلسطينيين هو أن هذا الحراك الشبابي كان عفويا، لا فضل فيه للأحزاب السياسية الفلسطينية رغم مشاركة أفرادها فيه.

أما القلق الإسرائيلي، فنابع من صعوبة الخيارات في التعامل معه، حيث لا يوجد عنوان واضح يمكن للسلطات التوجه إليه أو الضغط عليه لوقف الحراك، والتأثير على مجرياته.

كما أنه من الصعوبة بمكان، توجيه الاتهام للحراك، بممارسة الإرهاب، كونه احتجاج سلمي شعبي.

وبدأت صلوات الفلسطينيين المحتجين على البوابات الإسرائيلية على مداخل المسجد الأقصى، بعشرات الشبان، وتوسعت سريعا إلى المئات ثم الآلاف.

واستنادا إلى تقديرات فلسطينية محلية فإن ما بين 4-5 آلاف من الشباب الفلسطيني، من إجمالي 6 آلاف مصل، باتوا يشاركون يوميا في صلوات العشاء التي تقام في منطقة باب الأسباط على بعد أمتار قليلة من سور المسجد الأقصى.

ويعتقد الشبان المرابطون، في باب الأسباط أو باب المجلس، وكلاهما بوابتان تؤديان إلى المسجد الأقصى، أن التقاعس العربي والإسلامي عن نصرة المسجد الأقصى هو السبب في عفوية الحراك.

وقال «أحمد» (19 عاما) من سكان البلدة القديمة، إن الخوف على مصير المسجد، في ظل الصمت العربي والإسلامي، هو الذي دفعهم للتحرك.

وأضاف «كنا ندرك أن التقاعس العربي والإسلامي بلغ مداه، ولكن شعورنا بأن هذا التقاعس وصل إلى درجة الهوان دفعنا للتحرك لإنقاذ المسجد الأقصى».

وأضاف، «أحمد الذي فضل عدم ذكر اسم عائلته، خوفا من الاعتقال على يد الشرطة الإسرائيلية، قبيل استعداده لأداء صلاة المغرب في منطقة باب الأسباط:"الدول العربية والإسلامية، تبدع في بيانات الشجب والاستنكار، ولكن هوانها يمنعها من القيام بأي خطوة تغضب إسرائيل».

وتابع «إسرائيل، لا تنزعج من استنكارات الدول العربية والإسلامية ليل نهار، شريطة ألا يقوموا بأي خطوة مثل سحب السفراء من تل أبيب أو طرد السفراء من عواصمهم».

وبمرور أسبوع، على الصلوات في محيط المسجد الأقصى، فإن الأعداد المتزايدة من المشاركين في الصلوات باتت تشكل مصدر قلق لـ(إسرائيل).

وفي نشرات الأخبار في محطات التليفزيون الإسرائيلية، يتم نشر صور الأعداد الكبيرة من المصلين وغالبا ما يتم طرح سؤال إلى أين تسير الأمور؟».

وفي محل لقص الشعر، في شارع صلاح الدين، الشارع التجاري الأبرز في مدينة القدس، كان نحو 9 شبان على ثقة بأن (إسرائيل) ستضطر في نهاية الأمر إلى إزالة البوابات.

واستمد الشبان التشجيع من تقرير بثته إحدى المحطات الفلسطينية، عن الجدل الدائر بين أجهزة الأمن الإسرائيلية حول مستقبل البوابات.

ونقل التقرير ما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن تأييد جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، والجيش الإسرائيلي لإزالة البوابات وإصرار الشرطة الإسرائيلية على إبقائها.

نفسنا أطول

وقال «رامي» (23 عاما)، وهو من سكان حي رأس العامود في القدس: «في نهاية الأمر ستتم إزالة هذه البوابات، فلا خيار أمامهم، ولا مفر أمامنا سوى مواصلة التحرك حتى إزالتها».

وأضاف: «نَفَسُنا أطول من نَفَسِهم».

ويتابع الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، حراك الشباب الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية بكثير من الإعجاب.

ويتداول الفلسطينيون على شبكات التواصل الاجتماعي صور حشود المصلين في صلاتي المغرب والعشاء، مرفقة بعبارات الدعم والتأييد.

وأقر الشيخ «عكرمة صبري»، رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى، بأن الحشود كانت مفاجِئة.

وقال «نبارك هذه الحشود، وحقيقة لم نتوقعها ولكن سكان القدس يهبون دائما لنصرة المسجد الأقصى والدفاع عنه».

وبدورها، قالت المرجعيات الإسلامية في مدينة القدس في بيان وزعته يوم 16 يوليو/تموز الجاري:«نقدر وحدة أهلنا في القدس وفلسطين بكل فخر واعتزاز في التفافهم حول المسجد الأقصى المبارك».

والمرجعيات الإسلامية هي رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الشيخ عبد العظيم سلهب، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري، ومفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، والقائم بأعمال قاضي القضاة واصف البكري.

وباتت المرجعيات الإسلامية، عنوان الشارع الفلسطيني في احتجاجه على الإجراءات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى.

وكانت المرجعيات هي من دعا إلى عدم الدخول إلى المسجد الأقصى من خلال البوابات قبل أن تدعو، وللمرة الأولى، لإغلاق المساجد الفرعية في القدس من أجل أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى فيما أنها هي من يتخذ القرار بشأن أي خطوات إسرائيلية في المسجد الأقصى.

وبرز دور المرجعيات في غياب فصائل العمل السياسي الفلسطيني.

وتحظى المرجعيات باحترام الفلسطينيين فهم يتقدمون الصفوف في الاحتجاجات، ويقومون بدور بارز في الدفاع عن المسجد الأقصى، حيال الإجراءات الإسرائيلية الساعية لفرض السيطرة عليه.

هبة عفوية

ويعتقد الدكتور «مخيمر أبو سعدة»، المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بمدينة غزة، أن قوة الهبّة الشعبية في مدنية القدس، تكمن في عفويتها وعدم تنظيمها.

وفي الوقت الذي فشلت فيه الدبلوماسية العربية والفلسطينية في إقناع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بإزالة البوابات الإلكترونية، نجحت الهبّة في إجباره على البحث عن خيارات بديلة عن تلك البوابات، كما قال أبو سعدة.

ويضيف «أبو سعدة»«هبة القدس، عفوية وشعبية، ولم تحرّكها قيادة فصائلية أو رسمية، وهذا مصدر قوتها، ومصدر قلق إسرائيل أيضا».

ويتابع: «لو كانت الهبّة بقيادة جهة معينة، تعرف إسرائيل عنوانها لمواجهة تلك الهبة، وقد تلجأ لسياسة الاغتيال لقيادات تلك الجهة أو تنفيذ اعتقالات في صفوف منظميها».

وأكمل: «يُفقد غياب قيادة فصائلية أو فلسطينية لهبة القدس، الجهات الأمنية الإسرائيلية العنوان في مواجهتها والسيطرة على ردود الأفعال الفلسطينية».

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن حالة الغضب المتراكم على مدار سنوات طويلة، في صفوف الشعب الفلسطيني، تغذي هذه الهبّة وتمنحها زخما كبيرا.

ويضيف قائلاً: «بدأت الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية بالبحث عن خيارات أخرى كوضع كاميرات أو التفتيش اليدوي، بعد هبّة يوم الجمعة الماضية، والمظاهرات التي شهدتها المدن الفلسطينية، وسقوط شهداء، وقتلى إسرائيليين بعملية عملية حلميش (عملية طعن وقعت الجمعة الماضي)».

ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني في هبّته تجمّع حول فكرة تتمثل في أن البوابات الإلكترونية لن تمر، وقد حققوا إنجازاً في سبيل تحقيق غايته، على حدّ قول أبو سعدة.

وقال: «حالة غضب تتراكم يوماً بعد يوم، بسبب التوسع الإسرائيلي في سياسية الاستيطان، والانتهاكات المرتكبة بحق سكان مدينة القدس، واستمرار سياسة الاعتقالات وسحب الهويّات».

وتطلق (إسرائيل)، بحسب  «أبو سعدة»، على الفلسطينيين الذين ينفّذون عمليات فردية (طعن)، ضد الإسرائيليين، بالذئاب المنفردة.

ويستكمل: «هذه العمليات، وتوسّع نطاقها، أكثر ما يخيف إسرائيل، كونها لا تعرف من يحرّك الجماهير، ولا تعرف من أين الضربة القادمة ستأتي».

ومنذ أكثر من أسبوع تشهد القدس والضفة الغربية مظاهرات ومواجهات بين قوات إسرائيلية وفلسطينيين يحتجون على نصب (إسرائيل) بوابات تفتيش إلكترونية أمام مداخل المسجد الأقصى ليمر عبرها المصلون، وهو ما يعتبره الفلسطينيون محاولة من إسرائيل لفرض سيادتها على المسجد.

ولا يبدو في الأفق أن الأزمة المحتدمة على وشك الانتهاء، لا سيما بعد أن أعلنت (إسرائيل) الأحد أنها لن ترفع بوابات الكشف عن المعادن، لكنها قد تقلل استخدامها في نهاية الأمر.

 وأدى نصب البوابات الإلكترونية خارج الحرم القدسي إلى إطلاق شرارة أسوأ مصادمات بين الأمن الإسرائيلي والفلسطينيين منذ سنوات.

ويوم الجمعة الماضي، شهدت القدس وكافة المدن الفلسطينية الرئيسية الأخرى، مظاهرات غاضبة نصرة للمسجد الأقصى، تخللتها مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية، أسفرت عن استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة المئات.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

القدس إسرائيل الأقصى الشباب