خاص: متورط بقتل «ريجيني» يقود تصفية مختفين قسريا بمصر

الخميس 27 يوليو 2017 06:07 ص

حصل «الخليج الجديد» على معلومات تفيد بأن أحد أبرز الضباط المصريين المتهمين بالتورط في قتل طالب الدكتوراه الإيطالي «جوليو ريجيني»، العام الماضي، يقود فرقا لتصفية المختفين قسريا في إحدى المحافظات المصرية.

وتشير المعلومات، إلى أن اللواء «خالد شلبي» مدير أمن محافظة «الفيوم» (وسط مصر)، هو المسؤول عن عمليات التصفية التي تزايدت وتيرتها في المحافظة خلال الأشهر القلائل الأخيرة.

ومنذ أيام، عثر أهالي محافظة الفيوم (وسط مصر)، على جثة ملقاة في الصحراء عليها آثار تعذيب وحشي، تبين لاحقا أنها لمعتقل في مطلع العشرينات من عمره، عليها آثار حرق وضرب وتعذيب، وبعد ساعات، أعلن ذوو الجثة، أنها لابنهم ويدعى «ثروت سامح»، ويبلغ من العمر 19 عاما.

وأعادت صور «سامح» الملقب إعلاميا بـ«ريجيني الفيوم»، للأذهان، واقعة الشاب الإيطالي «جوليو ريجيني»، الذي عثر على جثته الأهالي في منطقة صحراوية بمدينة 6 أكتوبر في فبراير/شباط 2016، وعليها آثار تعذيب، بعد اختفاء دام لأكثر من عشرة أيام.

وكان مصدر إيطالي على صلة بملف القضية، صرح في أبريل/نيسان الماضي، بأن الطرف الإيطالي المعني بالتحقيق قد أعد قائمة تضم 26 اسما اعتبرهم متهمين بقتل «ريجيني»، وفق ما نقله موقع «مدى مصر».

وأضاف المصدر: «قمنا باستبعاد أسماء السياسيين والتابعين لجهات سياسية تنفيذية، وبعضهم وقفت مسؤوليته على معرفتهم بالجريمة بحكم مناصبهم الرسمية، وأيضا قمنا باستبعاد الأسماء التي رأينا أنها تدخلت في الملف بعد مقتل جوليو، وبقي في القائمة عشرة أسماء مسؤولين عن الاختطاف والتعذيب والتخلص من الجثة، وهذا كل ما نستطيع القيام به حرصا على العلاقات مع القاهرة»(طالع المزيد).

و«شلبي»، كان رئيسا للإدارة العامة لمباحث «الجيزة»، قرب العاصمة، وسبق اتهامه في قضية قتل وتعذيب مواطنين والحكم عليه سنة مع إيقاف التنفيذ في القضية «رقم 67909 لسنة 2000 المنتزه»، وهو أحد المشتبه بهم في قتل وتعذيب «ريجيني»، وفق صحف إيطالية.

كان «شلبي» أول مسؤول مصري يخرج على الملأ ليعلن أن «ريجيني» مات في حادث سير ولم يطلق عليه طلقة واحدة، وكان ذلك بعد ساعتين تقريبا من اكتشاف جثة الطالب الإيطالي، قبل انتهاء التحقيقات أو صدور تقرير الطب الشرعي بشأن أسباب الوفاة، ما دفع الإعلامي المصري، «يوسف الحسيني»، أحد أبرز مرافقي الرئيس المصري في جولاته الخارجية، إلى التصريح علنا في برنامجه «السادة المحترمون» على قناة «أون تي في»، قائلا:«الطليان لقطوا خالد شلبي».

«الفيوم» و «شلبي»

في حركة تنقلات داخل وزارة الداخلية المصرية، 13 فبراير/شباط الماضي، تم ترقية «شلبي» مديرا لأمن «الفيوم» إحدى أبرز المحافظات المؤيدة للتيار الإسلامي في مصر، وواحدة من المحافظات التي حصد فيها الرئيس «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، على أغلبية ساحقة من أصوات الناخبين بها، وهي واحدة من أكثر المحافظات التي فقدت الكثير من أبنائها في مجزرتي «رابعة» و«النهضة» 14 أغسطس/آب 2013، وتعرضت لتنكيل وقمع متزايد وحملات اعتقال عشوائي من قبل السلطات المصرية.

وتبرز «الفيوم» على لائحة المحافظات المستهدفة بعمليات التصفية، وتعرضت خلال 5 أشهر فقط من ولاية «شلبي»، المتهم بقتل «ريجيني»، لأكثر من 5 عمليات تصفية واغتيال بدم بارد، راح ضحيتها قرابة 15 شخصا، أغلبهم من الشباب، وتبين لاحقا أن من بينهم مختفين قسريا، وتم الإبلاغ عن اختفائهم.

ويزعم «شلبي»، في تصريحات صحفية، أن العناصر التي يلاحقها تتبع جماعة «الإخوان»، وتتلقى تدريبات قتالية بإحدى المناطق الصحراوية بنطاق محافظة «الفيوم»، التى ترى السلطات المصرية، أنها باتت مركز عمليات وتمركز لعناصر حركة «حسم» المناوئة للانقلاب العسكري.

ويقود «شلبي» عمليات تمشيط الظهير الصحراوي لمدن «الفيوم»، والتي أسفرت في 23 يوليو/تموز الجاري، عن تصفية ثمانية، هم: «نادر أحمد عزت عبدالغفار إبراهيم، محمد عواد محمد حنفى الشلقانى، محمد جمال عدلى رضوان، إسلام أحمد سليمان محمد، وأحمد عبدالفتاح أحمد جمعة، عبدالرحمن عبدالمعطى مصطفى محمد، عمر عادل محمد عبدالباقى، محمد راضى إسماعيل محمد».

وقبلها بيومين، تم تصفية شخصين اثنين بمركز «طامية» بنطاق المحافظة، هما (محمد سعيد عبدالباسط محمود، أحمد إيهاب عبدالعزيز محمد)، وفي 11 يوليو/تموز الجاري، أعلنت وزارة الداخلية تصفية أحد كوادر «حسم»، وتبين أنه دون تحقيق شخصية، وفق بيان الوزارة.

وفي 8 يوليو/تموز الجاري، أنهت قوات أمن «الفيوم»، حياة «ماجد زايد عبد ربه علي»، (22 عاما) و«سامي فهيم الفار»، (28 عاما)، وتبين لاحقا وفق «التنسيقية المصرية للحقوق والحريات»(منظمة حقوقية مستقلة)، عمل بلاغات بإخفائهما قسريا قدمت إلى المحامي العام والنائب العام ووزير الداخلية، يونيو/حزيران الماضي.

خلية التصفية

وتنفذ وزارة الداخلية المصرية، وأجهزة سيادية أخرى، عمليات التصفية والاغتيال بحق مختفين قسريا تحت إشراف رئاسي مباشر، وبعلم من الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، كون الوزارة تخضع لإشراف مباشر من مستشار الرئيس المصري للشؤون الأمنية، اللواء «أحمد جمال الدين»، وسط تعتيم إعلامي كبير.

ويدير خلية التصفية قيادات الصف الأول في الجهاز الأمني المصري، وعلى رأسهم «أحمد جمال الدين»، وزير الداخلية الأسبق الذي أقاله «مرسي» بعد أحداث قصر الاتحادية في 5 ديسمبر/كانون الأول 2012 بداعي التقصير، ووزير الداخلية الحالي «مجدي عبدالغفار»، أحد أبرز مؤيدي سياسة تصفية المعارضين، واللواء «محمود شعراوي» مساعد وزير الداخلية للأمن الوطنى (جهاز استخبارات داخلية)، صاحب أكبر ملف اختفاء وتعذيب وتصفية جسدية في وزارة الداخلية (مقتل 326 شخصا في العام 2015، ومقتل 745 شخصا خلال النصف الأول من عام 2016، خارج القانون)، وفق إحصاءات مركز «النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب».

ويلاحظ بقوة، تزايد وتيرة عمليات التصفية التي تنفذها الوزارة، منذ تولي اللواء «مجدى عبدالغفار» منصب وزير الداخلية في مصر في مارس/آذار 2015، مدعوما بثقة رئاسية، تغاضت عن 4 هجمات دموية، استهدفت تجمعات قبطية في (القاهرة، الإسكندرية، طنطا، المنيا)، وراح ضحيتها قرابة 200 قتيل وجريح، وتعالت المطالبات وقتها بإقالة الوزير للتقصير الأمني، لكن شيئا لم يحدث.

ويتصدر قيادات الصف الثاني، ضمن غرفة عمليات التصفية، اللواء «محمد هشام عباس» مساعد الوزير للأمن المركزي، والمختص بعمليات المداهمات الأمنية وتأهيل ضباط العمليات الخاصة، واللواء «جمال عبدالباري» مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، الحاصل على نوط الامتياز من «السيسي»، في عيد الشرطة، يناير/كانون الثاني 2017.

وتضم غرفة العمليات، مدراء أمن المحافظات، ومسؤولي الأمن الوطني، والعمليات الخاصة، والمباحث الجنائية، والمركز الإعلامي لوزارة الداخلية، المعني بإخراج بيانات عمليات التصفية بالشكل المطلوب.   

وغالبا ما تدعي الأجهزة الأمنية في مصر، أن عناصر تصفهم بـ«الإرهابية» تارة و«التكفيرية» تارة، قتلوا بعد اشتباكات مع قوات الأمن، ومبادرتهم بإطلاق النيران، ويتبين فيما بعد أنه تم تصفيتهم بشكل متعمد، ومن مسافة صفر، دون سقوط قتلى أو جرحى من قوات المداهمة.

وتثار الشكوك دوما حول رواية السلطات الرسمية في مصر بشأن حوادث التصفية والمداهمات، لاسيما في ظل سيطرة سيناريو واحد على بيانات الوزارة، وتضمين أسماء مختفين قسريا في العديد من الوقائع، وتناقض الرواية الرسمية مع رواية أسر الضحايا وتقارير المنظمات الحقوقية.

وفي الأغلب، تنتهي مداهمات الأمن المصري بقتل المطلوبين، دون الإبقاء على جرحى، أو التمكن من القبض على أحدهم للكشف عن مصير باقي الخلايا المسلحة، فضلا عن التعتيم المفروض على تقارير الطب الشرعي بشأن جثث الضحايا، والتي يقول مراقبون للشأن المصري، إنها قد تكشف الأسباب الحقيقية وراء وفاة المستهدف تصفيتهم.

الملاحظ بقوة، تزايد وتيرة عمليات التصفية بشكل كبير، منذ  زيارة «السيسي»، قطاع «الأمن الوطني» مارس /آذار الماضي، معربا عن تقديره لجهود الجهاز، قائلا: «سنقدم كل الدعم للقطاع، لرفع قدراته على مواجهة التحديات، وعلى رأسها الإرهاب»(طالع المزيد).

وكلف «السيسي»، خلال الزيارة، التي تمت بحضور «عبدالغفار» و«شعراوي»، ضباط وقيادات الجهاز بالاستمرار في استهداف البؤر المتطرفة والإجرامية، مطالبا برفع وتحديث قدرات ضباط قطاع الأمن الوطني، الأمر الذي اعتبره مراقبون، وقتها، مكافأة للجهاز المعروف في ذاكرة المصريين بجهاز «أمن الدولة» سيئ السمعة.

وتلاحق جهاز الأمن الوطني «أمن الدولة» سابقا، سمعة سيئة نتيجة وقائع التعذيب للمحتجزين السياسيين والناشطين، وتنفيذ عمليات تصفية واغتيال بدم بارد خارج إطار القانون، وكان الجهاز إحدى شرارات ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وكان الجهاز الأمني وقتها المتهم الرئيسي في قتل الشاب «خالد سعيد».

وفي ما يبدو استجابة لتعليمات الرئيس المصري، سجلت عمليات التصفية في مصر خلال الشهرين الماضيين فقط، ارتفاعا ملحوظا وصل إلى 54 حالة تصفية، طالت في الأغلب معتقلين ومختفين قسريا، في 14 عملية جرت في 7 محافظات هى، «الفيوم»(وسط)، و«الجيزة»(قرب العاصمة) بمعدل 3 وقائع في كل محافظة، و«القاهرة»، و«الإسماعيلية»(شرق)، و«أسيوط»(جنوب) بمعدل واقعتين في كل محافظة،و«الإسكندرية»(شمال)، و«شمال سيناء»(شرق)، بمعدل واقعة واحدة في كل محافظة، وسط توقعات باستمرار نهج التصفية الجسدية للمعارضين، لاسيما في ظل غياب أي رقابة برلمانية، أو مساءلة قضائية، أو تحقيقات دولية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر وزارة الداخلية المصرية مجدي عبدالغفار خالد شلبي الاختفاء القسري جوليو ريجيني