«واشنطن بوست»: قطر تتحول إلى الهجوم بعد شهرين من المقاطعة

الأحد 13 أغسطس 2017 04:08 ص

استطاعت دولة قطر الصغيرة مواجهة المقاطعة التي شنها أربعة من جيرانها في أزمة عميقة هزت المنطقة وهددت المصالح الأمريكية.

وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد فرضت حصارًا اقتصاديًا على قطر في مطلع يونيو/حزيران الماضي، متهمةً إياها بدعم الإرهاب. وقد نفت قطر هذه المزاعم. ومنذ ذلك الحين، تحولت قطر إلى الهجوم.

وبعد شهرين من حملة العزل، استخدمت دولة الخليج العربي الصغيرة الغنية بالطاقة المليارات لتعزيز اقتصادها وأمنها. وأعلنت عن إصلاحات، وعززت العلاقات مع تركيا وإيران، ومن المحتمل أن يعيد ذلك تشكيل المنطقة وتحالفاتها لأعوامٍ قادمة.

ولم تنجح جهود الولايات المتحدة للتوسط بين حلفائها المقربين. وبدلًا من ذلك، تؤثر الأزمة بشكلٍ كبير على الأوضاع الدبلوماسية والقانونية في المنطقة.

وقال «بيري كاماك»، محلل شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: «أصبح الأمر شخصيًا الآن، وهو ما يجعل من الصعب دفع كلا الجانبين للتراجع». وأضاف: «من المحتمل أن يتفاقم هذا الأمر لبعض الوقت».

وكانت الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات، تتعارض مع قطر منذ فترة طويلة بسبب علاقاتها مع إيران ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة إسلامية معتدلة تعتبرها حكومات الكتلة تهديدًا لحكمها. وقد سحبت الدول سفراءها وأمرت القطريين بمغادرة البلاد وأغلقت حدود قطر وأغلقت الطرق الجوية والبحرية أمام الرحلات والسفن القطرية.

وانحاز الرئيس «ترامب» في البداية ضد قطر. لكنّ مسؤولين كبار في وزارة الخارجية والبنتاغون حاولوا نزع فتيل التوترات، لأسبابٍ ليس أقلها أنّ قطر تستضيف 10 آلاف من الأفراد العسكريين الأمريكيين في قاعدة العديد الجوية، وهي منطقة انطلاق رئيسية للعمليات الجوية الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي يونيو/حزيران، قدمت الكتلة 13 مطلبًا من قطر، بما في ذلك خفض العلاقات مع إيران، وقطع صلاتها مع جماعة الإخوان المسلمين، وطرد العديد من الإسلاميين ودفع مبالغ تعويض.

وطالبت الكتلة بأن تغلق قطر قناة الجزيرة، وهي شبكة إعلامية ممولة من الدوحة تغطي المنطقة وحكوماتها بشكلٍ كبير. وترى السعودية وحلفاؤها الشبكة، التي تصر على أنّها تعمل بشكلٍ مستقلٍ، باعتبارها بوق للإسلاميين الذين تدعمهم قطر.

وقد قامت الدول بحجب موقع الجزيرة وإغلاق مكاتبها. وأعلنت (إسرائيل) خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي عزمها إغلاق مكاتب الشبكة وحظرها من المناطق الإسرائيلية.

ورفض المسؤولون القطريون هذه المطالب، واصفين إيّاها بأنّها «غير قابلة للتنفيذ وغير معقولة».

مواجهة العزلة

وبدلًا من ذلك، سعت قطر، وهي واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي، إلى تنويع اقتصادها، وبدأت بتعويض اعتمادها على جيرانها الخليجيين في مسألة الغذاء والإمدادات الأخرى. وقد تم استبدال المواد الغذائية من السعودية والإمارات بالمنتجات من تركيا وإيران.

وفي الأسبوع الماضي، وقعت قطر صفقة قيمتها 262 مليون دولار لشراء واحدٍ من أكبر نجوم كرة القدم، وهو «نيمار»، إلى فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، أبرز الأصول الرياضية في البلاد. وقد اعتُبر المبلغ الفلكي استثمارًا جيدًا قبل كأس العالم 2022، الذي من المقرر أن تستضيفه قطر، فضلًا عن تعزيز العلاقات العامة.

كما كشفت قطر النقاب عن مشروع قانون، الأسبوع الماضي، يسمح لبعض الأجانب بالحصول على إقامةٍ دائمة. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أنّ هؤلاء الأجانب سيحصلون للمرة الأولى على الرعاية الصحية المجانية والتعليم الحكومي، وسيتمكنون من امتلاك الأراضي وتشغيل بعض الشركات بدون «كفيل» قطري.

وفي حالة سن هذه القوانين، ستكون هذه الحقوق غير مسبوقة في الخليج العربي، حيث تعتمد البلدان اعتمادًا كبيرًا على القوى العاملة الأجنبية، لكنّها نادرًا ما تمنح الأجانب الجنسية أو الامتيازات الممنوحة لمواطنيها. ويشكل الأجانب نحو 90% من سكان قطر البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة.

كما يمنح مشروع القانون إقامة دائمة لأبناء الأمهات القطريات من الآباء غير القطريين. وبموجب القوانين الحالية في قطر ودول الخليج الأخرى، يأخذ الأطفال جنسية والدهم.

ويُعتبر هذا التدبير على نطاقٍ واسعٍ وسيلة لقطر لإحباط الحصار الاقتصادي من خلال توفير حوافز للقوة العاملة للبقاء، في حين تجذب المزيد من المستثمرين والشركات لاختيار الدوحة، عاصمتها، كمركزٍ تجاريٍ إقليمي.

وقال «أنتوني كوردسمان»، محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنّ «أحد أسباب (سن هذه القوانين) هو أنّهم يخشون فقدان عدد كبير من الأشخاص، وخاصةً العمال الأجانب، بسبب الأزمة. ويرسلون كذلك إشارة إلى الغرب، والآخرين في الخارج، أنّ قطر أكثر حداثة وأكثر استعدادًا للسعي نحو الإصلاح».

وتجدر الإشارة إلى أنّ قطر قد قاتلت بقوة من خلال تقديم شكاوى إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمة التجارة العالمية. وحثت منظمة الطيران المدنى الدولية، وهي هيئة الطيران التابعة للأمم المتحدة، على بحث ما إذا كانت السعودية وحلفاؤها قد انتهكوا معاهدة السفر الجوي من خلال حظر مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية القطرية.

كما تعزز قطر علاقاتها مع الغرب لمواجهة خسارة حلفائها السابقين في الخليج. وفي الأسبوع الماضي، أعلنت عن شراء 6 سفن حربية إيطالية بقيمة 6 مليارات دولار، وفي يونيو/حزيران، اشترت طائراتٍ مقاتلة من طراز إف-15 بقيمة 12 مليار دولار من الولايات المتحدة.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، نظمت تركيا وقطر تدريباتٍ عسكرية مشتركة، وهي أحدث علامة على تحالفهما المزدهر. وفي يونيو/حزيران الماضي، وضعت تركيا خطة لإرسال عدة آلاف من الجنود الأتراك إلى قاعدة تركية فى قطر، ظاهريًا لدعم جهود مكافحة الإرهاب. ويعد إغلاق هذه القاعدة أحد مطالب الدول الأربعة مقابل رفع الحصار.

ومع استمرار الأزمة، يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق، بشكلٍ متزايد، من أن يعرقل الخلاف الدبلوماسي الجهود المبذولة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. حيث يعد جميع أطراف الأزمة جزءًا من التحالف الذي تعده الولايات المتحدة لقتال المسلحين.

وقال «كوردسمان»: «كلما طال هذا، كلما أضحى الأمر أصعب. وحتى إذا تم اتفاقٌ ما، يصبح من الصعب وثوق كل طرف في الآخر من جديد».

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

قطر حصار قطر الاستثمارات القطرية